رمسيس مرزوق.. فارس الظل والنور

رمسيس مرزوق
رمسيس مرزوق

كتب: محمد الشماع

- والده أسماه «رعمسيس» حباً في الحضارة الفرعونية.. ودراسة «الذرة» كانت حلمه الأول
- عمل كمصور فوتوغرافي لكسب قوت يومه.. وحصل على الدكتوراة من السوربون
- وصف محمد مرسي بـ»هتلر».. وتعرض لمحاولة اغتيال من الإخوان المسلمين فى فرنسا
- إيناس عبد الدايم: بصماته ستبقى علامة بارزة فى تاريخ الإبداع السينمائى
- الباسوسى: كان واحدًا من أهم رموز التصوير الذين وصلت أعمالهم للعالمية

توفي ظهر أمس الجمعة مدير التصوير الكبير رمسيس مرزوق، عن عمر81 عامًا، إثر مضاعفات ومتاعب صحية بالقلب. ومرزوق هو «ساحر الصورة السينمائية» وقدم خلال مشواره الفني عشرات الأعمال السينمائية والتليفزيونية، ومن بينها «معالي الوزير، حين ميسرة، توت توت، المهاجر، الصعود إلى الهاوية»، ومسلسل «وجه القمر» آخر أعمال فاتن حمامة على الشاشة الفضية.

ولد رمسيس في الأول من مايو 1940، بمحافظة بني سويف، وقد سماه والده، رعمسيس، حبًا في التاريخ الفرعوني، وتسهيلًا على الجميع تحول الإسم لرمسيس. لم يكن التصوير والفن بشكل عام حلمًا يراوده، إذ كان يحلم بأن يصبح عالم في الذرة يعيش في الجبل وسط أبحاثه ونجاحاته، وبالفعل حصل في الثانوية على مجموع 75%، والتحق بكلية الفنون التطبيقية.

اختار دراسة التصوير السينمائي بالكلية، وبدأ الانخراط في عالمه الجديد وشارك في المسابقات، ليحصد أول جائزة في حياته متفوقًا على أساتذة كبار سبقوه إلى هذا المجال. بمجرد معرفته بتأسيس معهد للسينما يضم قسم تصوير سينمائي، ضحى بثلاثة أعوام دراسية ليبدأ من جديد في المعهد الوليد، وتم فصله من الفنون التطبيقية لعدم انتظامه بالدراسة.

وفي عامه الدراسي الأول بالمعهد، منحه وزير الثقافة –آنذاك- ثروت عكاشة، متحف الفن الحديث في قصر هدى شعراوي بميدان التحرير ليقيم فيه معرض يضم صوره وحده دون أن تزاحمه صور فنانين آخرين.

كما استأجر استوديو للتصوير الفوتوغرافي، حتى يستطيع الإنفاق على دراسته، وقسّم وقته بين الدراسة صباحًا والعمل حتى الثانية عشرة بعد منتصف الليل، حتى أنقذه تفوقه وحصوله على امتياز في عامه الدراسي الأول، إذ كانت تمنح الدولة الطالب المتفوق 8 أو 12 جنيه شهريًا، فلم يعد بحاجة لاستمراره في العمل.

وحصل على 4 شهادات فنية وهى بكالوريوس كلية الفنون التطبيقية قسم تصوير جامعة حلوان عام 1959، بكالوريوس المعهد العالى للفنون المسرحية أكاديمية الفنون تخصص تصوير عام 1963، ودرس لمدة عام بمعهد السينما بروما عام 1964، ودكتوراة في السينما من جامعة السوربون بباريس تخصص إخراج عام 1983. وحصل على العديد من الجوائز وشارك بتصوير مجموعة أفلام إيطالية، وأقام العديد من المعارض الخاصة به بمصر وروما وباريس حصل على حوالي 20 جائزة تقديرية، وكرّمه الرئيس جمال عبدالناصر، لتبدأ رحلته مع العمل الأكاديمي بعد تعيينه معيدًا بالمعهد. من أشهر الأعمال التي شارك فيها رمسيس مرزوق كمدير تصوير: «زائر الفجر»، «وسقطت في بحر العسل»، «عصر الحب»، «مرسيدس»، «ليه يا بنفسج»، «المهاجر»، «اضحك الصورة تطلع حلوة»، «معالي الوزير»، «إسكندرية نيويورك»، «الريس عمر حرب» و»عصافير النيل».

رمسيس كانت له قصص سياسية مهمة، حيث تعرض لمحاولة اغتيال على يد جماعة الإخوان المسلمين في فرنسا، حيث حكى أن شعور بالخوف لم ينكره وقد سيطر عليه أثناء محاولة أفراد ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين اقتحام القاعة التي اختارها ليعرض فيها فيلمه التسجيلي عن الرئيس المخلوع محمد مرسي، إلا أن قوات الأمن الفرنسية طمأنته وطلبت منه أن يتحرك بشكل طبيعي بعد إلقائها القبض على عدد كبير منهم، وبعدها بالفعل عرض الفيلم ولم يتعرض له أحد.

قال رمسيس حينها: «كنت قد أعددت فيلمًا تسجيليًا بعنوان (المصريون ينقذون العالم من الإرهاب)، وذهبت لعرضه في فرنسا، فخطط عدد من الإخوان المقيمين هناك لاغتيالي، وحصل هجوم على القاعة، وكان العمل الوحيد الذي تعرضت بسببه لمثل هذا الموقف». وتابع «لا يمكنني أن أنكر أنني شعرت بالخوف، لكن البوليس الفرنسي طمأنني، وطلب مني التعامل بشكل طبيعي، بعدما قبضوا على 15 شخصًا من الإخوان، وقالوا لي: الجدع يقربلك منهم».

وعن السبب الذي دفع للإقدام على هذه المحاولة، أوضح في الحوار «شبهت مرسي بالزعيم النازي هتلر، فكلاهما وعد الشعب بالرخاء، هتلر تسبب في خراب ألمانيا، بينما نحن ثُرنا على مرسي قبل أن يتسبب في خراب مصر، الفيلم استفزهم، وعرضته أكثر من مرة في فرنسا، ولم يستطع أي فرد منهم الاقتراب مني بعد ذلك».

من جهتها، نعت الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، الدكتور رمسيس مرزوق، وقالت عبد الدايم، في بيان لها، إن الراحل أحد رواد فن التصوير السينمائى المصرى، مؤكدة أنه لقب بفارس الظل والنور، حيث تميز برؤية فنية عبقرية برزت من خلال زوايا التصوير التى كانت مفتاح سر نجاح الكثير من الأعمال. وأشارت إلى أن بصماته ستبقى علامة بارزة فى تاريخ الإبداع السينمائى، وقدمت العزاء لأسرته وأصدقائه وتلاميذه داعية الله أن يتغمد الفقيد برحمته.

كما نعاه السيناريست محمد الباسوسي، رئيس المركز القومي للسينما، وذكر الباسوسي أن رمسيس مرزوق كان واحدآ من أهم رموز التصوير السينمائي الذين وصلت أعمالهم للعالمية، وكان الراحل بمثابة معلم للأجيال واستطاع بأعماله العظيمة أن يصنع لمصر صورة مشرفة أمام العالم أجمع. وتقدم الباسوسي بخالص التعازى لأسرة الراحل متمنيآ من الله أن يلهمهم جميعهم الصبر والسلوان وأن يتغمد الفقيد برحمته الواسعه ويسكنه فسيح جناته.

ونعاه أيضاً الفنان هاني رمزي، ونشر رمزي، صورة معه، عبر حسابه على فيسبوك، وعلق: «رحل عن عالمنا الفنان العالمي مدير التصوير الدكتور رمسيس مرزوق.. أحد رموز فن التصوير في مصر و العالم». وأضاف: «شرفت بالعمل معه كثيراً، سافتقدك يا أستاذي فنياً وشخصياً، وأعزي نفسي وكل تلاميذك ومحبيك».

ونشر مدير التصوير الكبير كمال عبدالعزيز، صورة له معه عبر حسابه على فيسبوك، وعلق: «وداعًا أخر عمالقة التصوير دكتور رمسيس مرزوق.. صاحب التاريخ المشرف، هتوحشني».