مصر دخلت عصر القواعد البحرية العسكرية بالمواصفات العالمية

«٣ يوليو» .. أحدث قاعدة بحرية في مصر

القاعدة البحرية بمنطقة «جرجوب»
القاعدة البحرية بمنطقة «جرجوب»

كتب/ أحمد السرساوي

 

إذا انطلقنا من القاعدة البحرية الأحدث بالقرب من أطراف سواحلنا الغربية، وهى قاعدة ٣ يوليو عند منطقة «جرجوب» التى تبعد عن الحدود المصرية الليبية نحو١٤٠ كيلومترا ساحليا فقط.. فسنجدها تمثل قاعدة ذات موقع دفاعى مثالى من الناحية الاستراتيجية للدفاع عن بلادنا «برا وبحرا وجوا» فى هذا الاتجاه، كما تعتبر نطاقا عسكريا متكاملا، هوبمثابة مركز انطلاق لحماية المقدرات الأمنية المصرية بطول الاتجاهين الاستراتيچيين الشمالى والغربي، والتى ستنفذ بها واحدة من أهم وأقوى وأشمل المناورات العسكرية المصرية المخططة، وهى المناورة «قادر ٢٠٢١».

 

وتشكل القاعدة البحرية العسكرية «الأحدث فى مصر» أهمية إضافية خاصة نظرا إلى أنها تُعد الامتداد الاستراتيچى للمسرح البحري فى الاتجاه الغربي، مع قدرتها على مجابهة كافة التهديدات المحتملة فى الاتجاهات الاستراتيجية الشمالية والغربية، كما تعكس فلسفة القيادة السياسية والقيادة العامة للقوات المسلحة فى بناء قواعد عسكرية تكون مرتكزاً لانطلاق «القوات» لتنفيذ أى مهام توكل إليها بنجاح، وهى إنجاز جديد يضاف إلى إنجازات القوات المسلحة المصرية، حيث تم إنشاؤها فى إطار استراتيجية التطوير والتحديث الشامل للجيش المصرى، كما أن «القاعدة الجديدة» تؤكد جاهزية قواتنا المسلحة لكل التكليفات والأوامر الدفاعية على الاتجاه الاستراتيجى الشمالى الغربي.. كما تساهم القاعدة أيضا فى تغيير وجه الحياة بالمنطقة وتنميتها، خاصة بعد إنشاء الميناء التجارى ليكون مركزا لإعمار هذا الجزء الغالى من الوطن.

 

وإذا غادرنا «٣ يوليو» ثم أبحرنا شرقا نحوالإسكندرية ، سنصل بعد ١٧٠ ميلا بحريا إلى قاعدة الإسكندرية البحرية غرب المدينة عند «رأس التين»، وهى القاعدة الأقدم التى تتواجد بها قيادة القوات البحرية المصرية أحد الأفرع الرئيسية لقواتنا المسلحة.

 

فإذا واصلنا الإبحار بعد ذلك باتجاه شرق المدينة على سواحل البحر المتوسط فسنجد «قاعدة أبوقير» البحرية ، واذا أكملنا الإبحار منها شرقا سنصل إلى مداخل قناة السويس وسنجد قاعدة «بور سعيد البحرية»، وعندما نغادرها لنمر بالقناة جنوبا دخولا إلى البحر الأحمر نحوالطرف الشرقى الجنوبى من سواحلنا سنتجه إلى قاعدة قُرب أقصى حدودنا الجنوبية الشرقية على البحر الأحمر حيث قاعدة برنيس البحرية التى افتتحها الرئيس السيسى ورفع العلم المصرى عليها منتصف يناير من العام الماضى.

 

وتقع «برنيس» على ساحل البحر الأحمر بالقرب من الحدود الدولية الجنوبية شرق مدينة أسوان، وتبلغ مساحتها ١٥٠ ألف فدان، وتضم قاعدة بحرية، وقاعدة جوية، ومستشفى عسكرياً، وعدداً من الوحدات القتالية، والإدارية، وميادين للرماية والتدريب لجميع الأسلحة، كما تضم القاعدة رصيفاً تجارياً، ومحطة لاستقبال الركاب، وأرصفة متعددة الأغراض، وأرصفة لتخزين البضائع العامة، وأرصفة، وساحات تخزين الحاويات، بالإضافة إلى مطار برنيس الدولى ومحطة لتحلية مياه البحر.

 

ويُعد الهدف الاستراتيجى لإنشاء «برنيس» هوحماية وتأمين السواحل المصرية الجنوبية، وحماية الاستثمارات الاقتصادية والثروات الطبيعية، ومواجهة التحديات الأمنية فى نطاق البحر الأحمر، فضلاً عن تأمين حركة الملاحة العالمية عبر محور الحركة من البحر الأحمر وحتى قناة السويس والمناطق الاقتصادية المرتبطة بها، وذلك ضمن رؤية مصر المستقبلية ٢٠٣٠.

 

وبهذه القواعد تدخل مصر عصر القواعد البحرية العسكرية المتوافقة مع المواصفات القياسية العالمية، سواء من حيث القدرة على استقبال كل أنواع السفن الحربية بكل تجهيزاتها، أو وجود ميادين حديثة للتدريبات على أعلى مستوى دولى لإعداد الفرد المقاتل، أوتقديم كل الخدمات اللازمة للقطع الحربية.

 

 وتتضح أهمية وجود قواعد بحرية حديثة فى مصر فى إطار قوات بحرية قادرة فى عدة عناصر مهمة منها أن مصر تتوسط خطوط حركة التجارة العالمية، وتوجد «قناتها أوقناة السويس» فى منتصف المسافة تقريبا بين مراكز الإنتاج بالصين ودول جنوب شرق آسيا، وبين مراكز الاستهلاك فى أوروبا، وخاصة فى الشمال والغرب، أوالعكس.. كما أنها توفر على الخطوط الملاحية أكثر من ٢٥١ ساعة إبحار مقارنة بطريق رأس الرجاء الصالح.

 

ولأن قناة السويس وتأمينها الذى تتولاه قواتنا المسلحة، وفى القلب منها قواتنا البحرية.. فإنها تحظى بثقة العالم وتمر من خلالها أكثر من ١٠٪ من حجم تجارة الحاويات العالمية، وهى ثقة ما كانت تتمتع بها لو لم يوجد هذا المستوى من الحماية والتأمين لمجراها الملاحي.

إلا أن اكتشاف الثروات البحرية فى المياه الاقتصادية المصرية فى البحرين الأحمر والأبيض المتوسط، وبصفة خاصة اكتشافات الغاز فى الجزء الشرقى منه.. زادت من أهمية وحتمية وجود قواعد بحرية عسكرية قياسية تستطيع بقوة ردعها حماية المصالح والثروات المصرية بتلك المناطق.

 

زِد على ذلك ضرورة حماية مسارات كابلات الألياف الضوئية الناقلة لخدمات الانترنت والتى تمر عبر البحرين الأحمر والأبيض مرورا بقناة السويس


من هنا تتضح الأهمية القصوى لامتلاك مصر قواعد بحرية عسكرية حديثة لحماية مقدرات الأمن القومى المصرى والعربي.