3 يوليو عناية الله جندي| خارطة طريق.. أرست قواعد الديمقراطية

بيان ٣ يوليو وضع خارطة الطريق للجمهورية الجديدة
بيان ٣ يوليو وضع خارطة الطريق للجمهورية الجديدة

قد يكون عام ليس بالفترة الزمنية الطويلة فى عمر الأوطان.. ولكن كان العام الذى استولت فيه جماعة الإخوان الإرهابية على الحكم فى مصر كبيسا ثقيلا على صدور المصريين.. الذين سرعان ما استشعر جهاز المناعة لديهم خطورة الفيروس الذي تمكن من رأس السلطة في مصر.. فهبوا فى ميادين المحروسة من أقصاها إلى أقصاها مقسمين على عدم العودة إلا بعد اجتثاث تلك الجماعة من جذورها ونبذها خارج السياق الوطني. 

ثورة الأمة المصرية في الثلاثين من يونيو 2013 لم تكن لحظة عابرة بل كانت غضبا عارما نابعا من تراث حضارى متأصل فى وجدان هذه الأمة عبر التاريخ.. ذلك الغضب وتلك الحالة من الإصرار التى تملكت العقل الجمعى المصرى للخلاص من جماعة إرهابية أقصت الجميع بعد استيلائها على الحكم.. فاحتكرت العمل السياسى.. ورفضت أي حوار مع القوى السياسية..

ووضعت مشروعا لأخونة الدولة.. وأصدرت إعلانا دستوريا فى 22 نوفمبر 2012 عن طريق المعزول محمد مرسى ممثلها على كرسى الرئاسة يحصن به قراراته، ويحظر على أى جهة قضائية حل مجلس الشورى أو الجمعية التأسيسية لوضع الدستور واللذين كانا تحت السيطرة الكاملة للجماعة.. ثم ما تبع ذلك من أعمال العنف والإرهاب التى مارسها عناصر الجماعة ضد أبناء الشعب المصرى الرافضين لممارساتهم الديكتاتورية والإقصائية.. وفى هذا الشأن تتعدد مشاهد الإرهاب التى مارستها الجماعة وأنصارها بين حصار المحكمة الدستورية.. وأحداث الاتحادية.. وحصار مدينة الإنتاج الإعلامى..

وتهديداتهم المستمرة من منصة تجمع رابعة الإرهابى بسحق المشاركين في مظاهرات 30 يونيو.. وهى التهديدات الموثقة إعلاميا على لسان قيادات وأعضاء الجماعة وغيرهم من الحركات والقوى المؤيدة للجماعة الإرهابية بارتكاب العنف ضد مؤسسات الدولة، وكل من يشارك من أفراد الشعب فى مظاهرات 30 يونيو. 

كل هذه التهديدات لم تثن الأمة المصرية عن قرارها بوضع نهاية لتلك الجماعة الإقصائية.. التى لا تعرف سوى لغة التهديد والدم.. فاستمر الشعب المصرى فى الميادين حتى جاءت لحظة الخلاص.. تلك اللحظة التى تنفس بعدها المصريون الصعداء وعادت إليهم الروح من جديد.. تلك اللحظة المضيئة فى تاريخ الأمة المصرية عندما تم إعلان خارطة الطريق فى 3 يوليو 2013 على لسان الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع آنذاك.. فى البيان الذى جاء بعد اجتماع مع مختلف رموز القوى الوطنية والسياسية والشباب ودون استبعاد أو إقصاء لأحد.. إلا جماعة الإخوان التى رفضت الحضور لتؤكد استعلاءها واستعداءها للوطن وأبنائه. 

خارطة الطريق وضعت أسسا لدولة تقوم على الديمقراطية والمشاركة من جميع أبناء الوطن.. إلا من استعلى وأرهب المصريين.. وهدد أمن الوطن بالعمليات الإرهابية وحمل السلاح فى وجه الشعب المصرى.. فمنذ ثورة 30 يونيو وبعد بيان 3 يوليو سقطت كل الأقنعة التى طالما حاولت الجماعة الإرهابية تجميل وجهها القبيح بها.. ودأبت الجماعة وعناصرها على فعل ما لا يعرفون سواه من جرائم إرهابية كبدت الوطن أرواح أبنائه من أبطال القوات المسلحة والشرطة ولم يسلم المدنيون من إرهابهم الذى طال المساجد والكنائس.. فتلك الجماعة الإرهابية لا تؤمن بالوطن ولا تعترف بأبنائه.

وأرست خارطة الطريق التى جاءت ببيان 3 يوليو قواعد الديمقراطية والمشاركة لجميع أبناء وأطياف الشعب المصرى والتى تحولت إلى واقع ملموس.. بداية من تشكيل لجنة ضمت كل الأطياف والخبرات لمراجعة التعديلات الدستورية المقترحة على الدستور الذى تم تعطيله مؤقتا بناء على بيان 3 يوليو.. مرورا بانتخابات مجلس النواب التى جرت فى 2015 والذى شهد تمثيلا لـ 19 حزبا من مختلف التوجهات السياسية بالإضافة إلى 325 نائبا مستقلا من شتى التوجهات الفكرية والسياسية.. كما شهد المجلس زيادة فى تمثيل الشباب والأقباط والمصريين فى الخارج وذوى الإعاقة والمرأة.. وأعقبه انتخابات مجلس النواب 2021 والذى تضمن تشكيله كوادر سياسية وحزبية من جميع الأحزاب، بالإضافة لكوكبة من المستقلين بنسبة كبيرة مما ينعكس على إثراء الحياة السياسية والحزبية لصالح الوطن والمواطن ليضم 13 حزبا من مختلف التيارات السياسية.. ويشهد لأول مرة فى تاريخ الحياة النيابية فى مصر تمثيلا لـ 163 نائبة. 

وتعد تنسيقية شباب الأحزاب تجسيدا حيا لقواعد الديمقراطية والمشاركة السياسية لجميع القوى والتيارات السياسية والفكرية منذ تأسيسها فى أبريل 2018 حيث تضم التنسيقية أعضاء من 25 حزبا سياسيا بينها أحزاب معارضة مثل المصرى الديمقراطى الاجتماعى، والتجمع، والناصرى، وحزب النور السلفى.. وغيرها، بالإضافة إلى الشباب غير الحزبيين.. لتمثل بذلك حالة متفردة من العمل السياسى الجماعى الذى نجح فى أن يجمع ألوان الطيف السياسى على طاولة واحدة.. 

آليات العمل والمناقشات لمختلف القضايا داخل التنسيقية والتى تنبع من وعى وإرادة لتحقيق تقدم ديمقراطى واقعى يؤمن بوجود صوت المعارضة البناءة التى تقدم رؤيتها لحل مختلف القضايا.. وليست معارضة لمجرد المعارضة.. ونجحت التنسيقية فى تقديم نخبة جديدة تم ضخها فى شرايين الحياة السياسية والتنفيذية في مصر.