المخلفات الزراعية.. كنز مصر المفقود| صور

إعادة تدوير مخلفات النخيل والموز
إعادة تدوير مخلفات النخيل والموز

هاجر زين العابدين


«بوابة أخبار اليوم» ترصد نماذج عالمية من إعادة تدوير مخلفات النخيل والموز ونبات الحلفاديكورات الإضاءه تستخرج من مخلفات النخيل.. وإنتاج الإكسسوار من نواة البلح

تلوث هواء واختناقات، وسحابة سوداء، ومناخ غير صحى، نتائج كثيرة ودائمة لموسم الحصاد للزراعات المختلفة بجميع المحافظات، ولكن هناك من حول العتمة لطاقة إنتاجية، واستطاع رسم البهجة وسط الاختناقات من خلال تدوير المخلفات الزراعية.
 «بوابةأخبار اليوم» ترصد نماذج مضيئة للتخلص الآمن من المخلفات الزراعية بإعادة تدويرها لصناعات وحرف يدوية أصبحت ماركات شهيرة «براندات» لتنافس منتجات عالمية وتحظي بالمشاركة في معارض دولية.
«سحابة سوداء تحلق فوق مركز دهشور، تخنق الأنفاس وتشق الهواء النقي» لذا قرر محمد منسي، رئيس مجلس إدارة جمعية تنمية السياحة، من قرية دهشور التابعة لمحافظة الجيزة، أن يأخذ علي عاتقه ترك بصمة مشرفة في قريته بإعادة تدوير المخلفات الزراعية التي تعاني منها القرية لتستنشق الهواء مجدداً حفاظاً علي صحة أهلها، بعدما كان تشق أصوات سعالهم


«بنعيد تدوير مخلفات النخل ونبات الحلفا».. هذا ما قاله منسى، إذ يقوم بإعادة تدوير المخلفات الناتجة عن النخل مثل نواة البلح، والأغصان السميكة التي تحمل التمر «العرجون»، وكذلك المخلفات الناتجة عن النخيل «إرجولة النخل»، شارحاً أنه أولاً يتم استخلاص نواة البلح، ويحولها لستائر لتدخل في صناعة الإكسسوارات؛ ليضفي شكلاً مميزاً بجانب الفضة والنحاس، وكذلك التابلوهات المستخدمة كهدايا.
أما عن «العرجون» يتم التعامل معه لإنتاج منتجات صديقة للبيئة بدلاً من حرقها وإلقائها في المصارف مسببة انسدادها، فيتم تجميعه وتركه في الشمس لتبخير الرطوبة التي تحتويها الأغصان، ثم تأتي بعدها مرحلة (التنسيل)، وهي التي يتم فيها تقسيمه لخيوط رفيعة، بعد ذلك يتم وضعه علي نول ليتم غزله ونسجه.. وهناك مقاسات مختلفة من الأنوال وفقاً للحجم والمقاس المراد تصميمه من العرجون.
وأضاف: يدخل العرجون «سيقان النخل» في تشكيل صناعة المنسوجات والجلد الطبيعي وكذلك في التطريز اليدوي بأشكال مستوحاة من الطبيعة، وهناك ما نسميه (برجولة النخل) من مخلفات النخيل كالجريد وبعض الأخشاب المهدرة من موسم الحصاد، يتم استغلالها في صناعة «الأباچورات» ووحدات الإضاءة المستخدمة في الديكورات.
ورد النيل
ينمو نبات الحلفا علي الترع والمصارف والمجاري المائية وهو نبات عُرف قديماً عند المصري القديم بـ (ورد النيل)، ومنذ العصور القديمة اعتمدت عليه صناعات بدائية وتلاشت مع تقدم العصور.
يوضح منسي أن الجمعية تقوم بجمع النبات لإعادة تدويره في صناعات مختلفة، فيتم غمر النبات كلياً بالماء بعد الانتهاء من عملية الجمع، ويتم تنسيله بعد ذلك باليد لإدخاله في عالم الصناعات اليدوية فيصنع منه حبال سميكة وعمل المفارش التي يوضع عليها الأواني الساخنة، وسجاد للأرضيات وسلات للقمامة.
يشير أن الجمعية ما هي إلا جمعية أهلية غير هادفة للربح تقوم بعمل مشروعات صغيرة تستهدف فئات بعينها وبالأخص السيدات لتشجيعهن علي العمل وبعد إتقان أي حرفة يتم إمدادهم بأدوات تساعدهم في العمل اليدوي، وقد نجحت الجمعية في تخريج مئات السيدات اللاتي قدن مسيرتهن بأنفسهن بعد ذلك، وتسهم الجمعية في إشراكهن بمعارض للحرف اليدوية.
معارض الحرف
سبعة أعوام متتالية وتكمل الجمعية مسيرتها بإعادة تدوير المخلفات الزراعية، لتشارك في معارض كبري للحرف اليدوية كمعرض «تراثنا» و«ديارنا» المقام سنوياً برعاية وزارة التضامن، ليس هذا فحسب بل شاركت الجمعية بإنتاج أكثر من 7 آلاف حقيبة من مخلفات الزراعة «العرجون»، أثناء مؤتمر التنوع البيولوچي المقام من قبل وزارة البيئة، وكذلك أغلب الهدايا التي كانت توزع من إعادة تدوير المخلفات.
من المخلفات لبراند
أسهمت الجمعية في تخريج أول دفعة للسيدات ويصل عددهن لما يقرب من 200 سيدة بشكل مباشر، فضلاً عن نشر هذه السيدات الحرف بين جيرانهن وأقاربهن ودائرة الأصدقاء، وأسهمت تلك الحرف في تحسن أحوالهن المادية بعدما كن منعدمي الدخل، فكانت هناك صعوبة بالغة في كسر العادات والتقاليد باعتبارهن يقطن إحدي القري الريفية، وقبل تعليمهن حرفة أقامت لهن الجمعية مجموعة من الورش التدريبية لتنمية مهاراتهن الحياتية وإدارة الوقت والتسويق ومهارات التواصل وتعزيز شعور الثقة بالنفس. ظهرت روحهن وشغفهن في كل منتج يقدمنه ليصل المنتج لبراند في إسبانيا وإيطاليا وألمانيا، وحصلت الجمعية علي برنامج المنح الصغيرة التابع لإحدي المؤسسات العالمية لتستمر في دورها العظيم.
مخلفات الموز
سعي محمد يسري من قرية (ساقتُلة) إحدي قري محافظة سوهاج في خلق فرصة عمل له كأي شاب ولكنه لم يشعر أنه خُلق ليؤدي وظيفة روتينية فقرر أن يعمل يبتكر عملاً يحدث اختلافًا لينسب له هذا الابتكار، وأن يشعر الجميع بتحسن وحدث إيجابي جراء هذا العمل، وبالتمعن أكثر حوله وجد أن قريته تشتهر بزراعة الموز لكن مع نهاية الموسم تمتلئ القرية بمخلفات شجر الموز. «56» ألف طن سنوياً من مخلفات شجر الموز جراء موسم حصاده تتسبب في مشاكل عديدة يجد الشاب الثلاثيني أنه رغم تميز قريته في زراعة شجر الموز وأن هذا يعد موسم الرزق إلا أنه بمجرد نهاية الموسم تمتلئ القرية بمخلفات الموز، ليقوم جزء من المزارعين بحرقها للتخلص منها، والبعض الآخر يلقي بها في الترع والمصارف المائية لتتسبب في انسداد وإتلاف شبكات الصرف، ومن يقع تحت مقصلة القانون يدفع غرامة تصل لـ5000 جنيه.  ابتكر ماكينة بدائية بالجهود الذاتية وأخذ علي عاتقه تجميع المخلفات من مزارعي القرية، حظيت الفكرة بترحاب وتعاون كبير من المزارعين، وكذلك المتطوعين من أجل خلق قرية نظيفة، وأخيراً نجحت تجربته «الماكينة طلعت ألياف»، فعند إدخال مخلفات الموز بالماكينة تخرجها «ألياف نباتية» ليتم استخدامها في صناعة الحقائب والإكسسوارات، وهناك محاولة لصناعة الورق المقوى. عملنا براند من منتجات الموز باسم «بانانا أرت»، شارك في العديد من المعارض بمصر والوطن العربي وخارج الوطن العربي قائلاً: «فزنا بالمركز الأول ضمن المبادرة التي نظمتها الكويت بعنوان مبادرة الشباب التطوعية للإنسانية»، وكذلك سافرت المنتجات للمملكة الهاشمية الأردنية وكذلك كنا نعد منتجاتنا للمشاركة في أحد المعارض بإيطاليا ولظروف تفشي الجائحة توقف المعرض.