خطوط فاصلة

د. محمد إبراهيم العشماوى أستاذ الحديث في جامعة الأزهر
د. محمد إبراهيم العشماوى أستاذ الحديث في جامعة الأزهر

نعم، يجب ألا تكون نظرة الرجل إلى المرأة نظرة جنسية بحتة، فى عموم الأحوال؛ لاقتضاء ذلك أن يتحول المجتمع الإنسانى إلى مجتمع حيواني، لا تحكمه إلا الغريزة، مع أن طبيعة تكوين المرأة الإثارة أو الاستثارة، شاءت أم أبت، احتشمت أم تبرجت؛ لأن الإثارة لا تعتمد على ملابس المرأة بقدر اعتمادها على تكوينها الجسدى اللين الرقيق، فهى تثير بصوتها ومشيتها وحركتها، فهذه فطرة أودعها الله فيها؛ لتكون مرغوبة من الرجال؛ لتعمر الحياة بالتزاوج والتناسل، حتى إن من الرجال من تثيره المرأة المنتقبة أكثر من المتبرجة، وليست هذه الإثارة أو الاستثارة - مقصودة أم غير مقصودة - عيبا فى المرأة، ولا عيبا فى الرجل، وإنما العيب أن تكون هذه العلاقة خارج دائرة الحلال المباح، على نحو ما يكون فى عالم الحيوان.

ولكن هل يعنى هذا أن تلبس المرأة ما شاءت؛ ما دامت الإثارة فيها على كل حال؟! كلا فليس من المعقول أن نضع البنزين أمام النار، ثم نقول للنار: إياك أن تشتعلي!..هذا مصادم لطبيعة الأشياء.

وإنما يجب اتخاذ الإجراءات الوقائية قدر الإمكان؛ ليبقى المجتمع آمنا نظيفا، لا سيما مع كثرة المغريات والأسباب المهيجة. ولو استقام هذا التصور - وهو أن تلبس المرأة ما شاءت ما دامت عفيفة - لما كان لدعوة الشريعة الإسلامية المرأة إلى الحشمة، والستر، والصيانة، وعدم التبرج بزينة، والقرار فى البيوت، وعدم مزاحمة الرجال إلا لضرورة أو حاجة، ولا لدعوتها الجنسين إلى غض البصر - رغم الاحتشام - أى معنى، وقد يكون الحكم الشرعى المتعلق بالمرأة لأجل الرجل، لا لأجلها، أو لأجلهما معا، وتعالى الله عن أن يكون تشريعه عبثا، خاليا من الحكمة.