مدحت العدل يكتب لـ«العهد»: صورة للشعب الفرحان تحت الراية المنصورة

مدحت العدل
مدحت العدل

أعطى وزير الدفاع حينئذ عبد الفتاح السيسى مهلة ٤٨ ساعة للرئيس الإخوانى محمد مرسى - وأقول الإخوانى - لأنه لم يكن رئيساً لكل مصر بل لعشيرته وحزبه الحرية والعدالة كى يصدر قراراً بانتخابات رئاسية جديدة بعد خروج ملايين المصريين فى يوم ٣٠-٦ رفضاً لحكم جماعة الإخوان وممثلها محمد مرسى.. الساعة اقتربت من الثالثة عصراً وتقصيت عن الأعداد الموجودة فى ميدان الاتحادية حيث نصبنا قبلها بـ ٣ أيام مسرحاً كبيراً كى نوجه المعتصمين فى الميدان واتفقنا مع فنانين كبار كعلى الحجار ومحمد منير كى يغنوا للمتظاهرين للمؤازرة والتحفيز .
بلغنى أن الميدان شبه خالٍ.. كنا فى أول شهر ٧ ودرجة الحرارة تزيد عن ٤٢ درجة وأعلم علم اليقين أن الناس سوف تتوافد عند الغروب بمئات الألوف ولكنى لا أعرف لماذا تخوفت من أن يحدث أى شيء يعوق نزول المصريين.. كانت محطة سى بى سى ونجمتها الأولى الصديقة لميس الحديدى تبث برنامجها على الهواء طوال اليوم وتحظى بنسبة مشاهدة مليونية فى كل مصر فما كان منى إلا أن طلبت المحطة وتواصلت مع لميس على الهواء وفى صوتٍ لا أدرى كيف خرج منى كنت تقريباً أصرخ وأنبه كل من يسمعنى أن تلك لحظة تاريخية وأن النار التى تنتظرنا لو ظل هـؤلاء فى الحكم أفظع مليون مرة من ذلك الجو الخانق.. تقريباً اختنق صوتى وأنا أدعو الناس للنزول وأغلقت الخط ونزلت بسيارتى فوراً متجهاً للاتحادية القريب من منزلى وما هى إلا ساعة وكان الميدان على آخره.. بدأت الأغانى والأهازيج انتظاراً للحظة البيان والتى سيتحدد فيها تاريخ وطن

     وجاءتنى دعوة للظهور على الهواء مع الصديقة منى الشاذلى.. تركت سيارتى واستقللت تاكسياً فمررت بشوارع جانبية لأجد سيدات عجائز يجلسن أمام عمارة فى الكوربة وسألتهن لماذا يتظاهرن فكان ردهن الفورى كى لا نخسر ذكرياتنا عن مصر الجميلة.. وصلنا ميدان چهينة ليعلن راديو السيارة عن بيان يلقيه وزير الدفاع طلبت aa السائق التوقف وتقريباً توقف الزمن وسمعت دقات قلبى تخفق انتظاراً ليأتينى صوت مصر والوطن والعزة ممثلاً فى صوت السيسى معلناً وقف العمل بالدستور والدعوة لانتخابات رئاسية جديدة فجأة علت الزغاريد حولنا ووجدت البشر يحتضنوننى فى فرحة غامرة وعندما ظهرت على الهواء سألتنى منى عن شعورى فكان ردى دون تفكير: حاسس أن هوا مصر بقى خفيف وعارف اتنفسه.. عندما يكون جيش مصر العظيم هو جيش الشعب فإن النصر آتٍ لا ريب فيه.. كتبت كثيراً من المشاهد فى أفلامى ولكن يظل مشهد المصريين فى ذلك اليوم هو أعظم ما رأيت. صورة صورة صورة كلنا كدة عايزين صورة
صورة للشعب الفرحان تحت الراية المنصورة.

النهاية