كتب :محمد عدوى
كاد الأمل أن يختنق، الإحساس بندرة المواهب وضحالة الأرض حولك مخيف، عشنا فترات فى فلك الصراع بين منى زكى وحنان ترك، كنا ننحاز لإحداهما وكأنها مباراة ونحن لا ندرى أن الانتماء لكلاهما فرض عين.. كنا نفضل واحدة منهما ونحن لا ندرى أنهما سوف تكونان آخر عناقيد المواهب.. ليتنا عشقناهما معا، ليتنا رضينا بهما معا.
فترات طويلة كان الضوء يقودنا لمنى وحنان، ثم اعتزلت حنان، شعرنا باليأس والحسرة، هل هذه الأرض الطيبة التى قدمت لنا أجيالا من الموهوبات؟، هل جفت منابع البهجة وانطفأت أنوار مدارس التمثيل الفطرية؟، هل هذه النهاية؟!.
الحقيقة أن التاريخ دائما أكثر تفاؤلا من البشر، الإيمان بهذه الأرض يؤكد حتمية خصوبتها، وإنباتها مرة أخرى، العتمة لا تدوم.. هذه حقيقة مؤكدة أيضا.
كان لابد أن يأتى من يضيء النور.. كان لابد أن نشهد وجود منة شلبي.. «منة» فاصل جديد ومبهر من فصول هذه الأرض الطيبة، دليل جديد على سلامتها واستمرارها، «منة» روح بعثت للطمأنينة.
منذ طلتها الأولى وفى مرحلة التكوين فى فيلم «الساحر» للمخرج الراحل رضوان الكاشف، أصدر العقل أحكاما ربما فى اللاوعى بسرعة وتلقائية، وصنع توقعات مستقبلية.. هذه الفتاة موهوبة ربما تملأ فراغا شعرنا به، كان هناك قوى لا شعورية تحركنا تجاهها، كان ينقصها فقط أن تثبت ذلك.
لكنها ربما لقواعد اللعبة المعتادة فضلت أن تصل للناس بطريقة أخرى، فانخرطت فى عدة أعمال ثبتت أقدامها كممثلة على الساحة، لكنها لم تبوح بأسرار تألقها ونبوغها حتى ضبطت بوصلتها، أدركت «منة» أن العمل الجيد أهم بكثير من الرواج التجارى، أدركنا وقتها أننا أمام موهبة حقيقية، عملت مع الكبار واستفادت من وجودها معهم وخبراتهم، كانت بطلة يوسف شاهين ومحمد خان وأسامة فوزى ويسرى نصر الله وخالد يوسف، وعملت مع الشباب واستفادت من حماسهم وطزاجتهم فكانت مشعة مع هالة خليل ومروان حامد ومحمد على وخالد مرعى وكاملة أبو ذكرى.
وفى الدراما التليفزيونية، اقتحمت دون استئذان، عرفت مسارها وطريقها.. أصبحت تختار الصعب وتحوله إلى سهل حقيقي.. تشعر أنها خلقت لتكون شاكيرا فى «حديث الصباح والمساء» ونانسي فى «سكة الهلالى»، وتوحة فى «أين قلبي».. هى نفسها سامية فهمى فى «حرب الجواسيس» وليلى «حارة اليهود».. هى وحدها كاثرين فى «واحة الغروب» ولا تتخيل غيرها أميرة فى «نيران صديقة» ونور فى «كل أسبوع يوم جمعة»، وندى فى «ليه لأ».
نضجت «منة» وأثمرت، أينعت وتفتحت، صارت نجمة تضيء من بعيد.. حفرت لنفسها مكانا وفى قلوبنا مكانا وفى عقولنا حجزت مكانا، نستطيع الآن أن نفرح بها.. نستطيع الآن أن نفخر بها وبموهبتها.. ليه لأ؟.