طلاب نيجيريا الدارسين بالأزهر: زيارة شيخ الأزهر لبلدنا أسعدت الجميع وتاج على رءوسنا

زيارة شيخ الأزهر لنيجيريا
زيارة شيخ الأزهر لنيجيريا

‭ ‬تحقيق‭ ‬ــ‭ ‬عامر‭ ‬نفادى

انتشر‭ ‬الإسلام‭ ‬فى‭ ‬غرب‭ ‬أفريقيا‭ ‬فى‭ ‬القرن‭ ‬الثامن،‭ ‬بعدة‭ ‬طرق‭ ‬انتشار‭ ‬سلمى‭ ‬لأول‭ ‬مرة،‭ ‬جلبه‭ ‬التجار‭ ‬من‭ ‬المغرب‭ ‬الكبير،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تحول‭ ‬القصور‭ ‬الملكية،‭ ‬ثم‭ ‬السكان‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الدين‭ ‬الجديد‭ ‬واعتناقه،‭ ‬وانتشار‭ ‬ثانى‭ ‬عسكرى‭ (‬الفتوحات‭)‬،‭ ‬بما‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬الجهاد‭ ‬فى‭ ‬القرن‭ ‬الثامن‭ ‬عشر،‭ ‬والذى‭ ‬أسهم‭ ‬وساعد‭ ‬فى‭ ‬ظهور‭ ‬دول‭ ‬دينية‭ ‬إسلامية،‭ ‬كما‭ ‬أسهم‭ ‬التدخل‭ ‬الاستعمارى‭ ‬الفرنسى‭ ‬والبريطانى‭ ‬فى‭ ‬انتشار‭ ‬الإسلام‭ ‬فى‭ ‬غرب‭ ‬أفريقيا‭. ‬واليوم،‭ ‬يعتبر‭ ‬الإسلام‭ ‬هو‭ ‬الدين‭ ‬السائد‭ ‬عدديا‭ ‬فى‭ ‬غرب‭ ‬أفريقيا،‭ ‬متراوحا‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬20٪‭ ‬من‭ ‬المسلمين‭ ‬فى‭ ‬غانا‭ ‬أو‭ ‬فى‭ ‬ليبيريا،‭ ‬و90٪‭ ‬فى‭ ‬غامبيا،‭ ‬ومالي،‭ ‬والنيجر‭ ‬والسنغال‭.‬

وتعتبر‭ ‬نيجيريا‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬الدول‭ ‬الأفريقية‭ ‬التى‭ ‬عرف‭ ‬الإسلام‭ ‬طريقه‭ ‬إليها‭.‬

وكان‭ ‬فضيلة‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬الدكتور‭ ‬أحمد‭ ‬الطيب‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬قد‭ ‬استهل‭ ‬جولة‭ ‬لة‭ ‬فى‭ ‬أفريقيا‭ ‬بزيارة‭ ‬تاريخية‭ ‬إلى‭ ‬نيجيريا‭ ‬وأعرب‭ ‬عن‭ ‬سعادته‭ ‬بالتجربة‭ ‬النيجيرية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬التوافق‭ ‬بين‭ ‬كافة‭ ‬الطوائف‭ ‬على‭ ‬تعددها‭ ‬وتنوعها‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬له‭ ‬ثقل‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬الافريقى‭ ‬والإسلامى‭.. ‬واضاف‭ ‬أن‭ ‬أنطلاق‭ ‬الجولة‭ ‬الافريقية‭ ‬من‭ ‬نيجيريا‭ ‬يرجع‭ ‬إلى‭ ‬مكانة‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬وتأثيره‭ ‬الاقليمى‭ ‬والدولى‭ ‬معربا‭ ‬عن‭ ‬أمله‭ ‬فى‭ ‬أن‭ ‬تشهد‭ ‬الفترة‭ ‬المقبلة‭ ‬تعاونا‭ ‬مكثفا‭ ‬بين‭ ‬الأزهر‭ ‬والحكومة‭ ‬النيجيرية‭.‬

وترأس‭ ‬فضيلة‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضى‭ ‬اجتماع‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬منظمة‭ ‬خريجى‭ ‬الأزهر‭ ‬ووافق‭ ‬المجلس‭ ‬على‭ ‬افتتاح‭ ‬فرعين‭ ‬جديدين‭ ‬للمنظمة‭ ‬فى‭ ‬نيجيريا‭ ‬مؤكدا‭ ‬ضرورة‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬الكامل‭ ‬لفروع‭ ‬المنظمة‭ ‬بالخارج‭ ‬لقيامها‭ ‬بدور‭ ‬تنويرى‭ ‬يهدف‭ ‬لربط‭ ‬الازهريين‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬انحاء‭ ‬العالم‭ ‬والتأكيد‭ ‬على‭ ‬اهمية‭ ‬توعية‭ ‬المسلمين‭ ‬بأن‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامى‭ ‬هو‭ ‬دين‭ ‬الوسطية‭ ‬والإعتدال‭ ‬وينبذ‭ ‬كافة‭ ‬اشكال‭ ‬العنف‭ ‬والتطرف‭.  ‬

اللواء‭ ‬الإسلامى‭ ‬التقت‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬الطلاب‭ ‬النيجيريين‭ ‬الدارسين‭ ‬بالأزهر‭ ‬الشريف،‭ ‬والمقيمين‭ ‬بجمعية‭ ‬سفراء‭ ‬الهداية،‭ ‬للتعرف‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭ ‬على‭ ‬أحوال‭ ‬المسلمين‭ ‬هناك،‭ ‬وكيف‭ ‬دخل‭ ‬الإسلام‭ ‬بلادهم؟

يقول‭ ‬يوسف‭ ‬بالو،‭ ‬طالب‭ ‬بجامعة‭ ‬الأزهر،‭ ‬إن‭ ‬دولة‭ ‬نيجيريا‭ ‬تقع‭ ‬فى‭ ‬الجهة‭ ‬الغربية‭ ‬لقارة‭ ‬أفريقيا،‭ ‬وتتميز‭ ‬بأنها‭ ‬أكبر‭ ‬دولة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬أفريقيا،‭ ‬حيث‭ ‬يقدر‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭ ‬بما‭ ‬يصل‭ ‬حوالى‭ ‬154‭ ‬مليون‭ ‬نسمة،‭ ‬وتتميز‭ ‬بوجود‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الموارد‭ ‬المهمة‭ ‬كالنفط‭ ‬الخام‭ ‬والكاسافا،‭ ‬كما‭ ‬تعتبر‭ ‬النايرا‭ ‬العملة‭ ‬الرسمية‭ ‬لها‭ ‬وتحدها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الجهات‭  ‬كتشاد‭ ‬والكاميرون‭ ‬والنيجر‭ ‬وخليج‭ ‬غينيا،‭ ‬و‭ ‬تعتبر‭ ‬أبوجا‭ ‬العاصمة‭ ‬الرسمية‭ ‬لنيجيريا،‭ ‬كما‭ ‬سميت‭ ‬نيجيريا‭ ‬بهذا‭ ‬الاسم‭ ‬نسبة‭ ‬إلى‭ ‬نهر‭ ‬النيجر‭ ‬الذى‭ ‬يعبر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬البلاد،‭ ‬وتعتبر‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬الدول‭ ‬الأفريقية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬السكان،‭ ‬وتبلغ‭ ‬الكثافة‭ ‬السكانية‭ ‬بها‭ ‬167‭.‬5‭ ‬نسمة‭ ‬لكل‭ ‬كيلومتر‭ ‬مربع،‭ ‬كما‭ ‬يتكون‭ ‬سكان‭ ‬نيجيريا‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مئتين‭ ‬وخمسين‭ ‬مجموعة‭ ‬عرقية،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬أرباع‭ ‬السكان‭ ‬يعيشون‭ ‬فى‭ ‬المناطق‭ ‬الريفية،‭ ‬فإنها‭ ‬تضم‭ ‬عدة‭ ‬مدن‭ ‬كبرى‭ ‬مزدحمة،‭ ‬وتمتاز‭ ‬بحبها‭ ‬للمسلمين‭ ‬والعرب‭ ‬وإكرامهم‭ ‬والتودد‭ ‬لهم،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬سيطرت‭ ‬على‭ ‬عقول‭ ‬وثقافات‭ ‬أهلها‭ ‬فى‭ ‬جوانب‭ ‬كثيرة‭ ‬فى‭ ‬حياتهم،‭ ‬سواء‭ ‬دينية‭ ‬أو‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬واجتماعية،‭ ‬وفى‭ ‬تاريخ‭ ‬نيجيريا‭ ‬المسطور‭ ‬كانت‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬فى‭ ‬زمن‭ ‬ما‭ ‬لغة‭ ‬المراسلات‭ ‬والمساجلات،‭ ‬وقد‭ ‬تركت‭ ‬أثرها‭ ‬القوى‭ ‬فى‭ ‬اللغات‭ ‬النيجيرية‭ ‬المحلية‭ ‬خاصة‭ ‬لغة‭ ‬الهوسا‭ ‬والفلانى،‭ ‬واستخدمت‭ ‬العربية‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬التاريخ‭ ‬فى‭ ‬كتابة‭ ‬معظم‭ ‬لغاتها‭ ‬وإلى‭ ‬الآن‭.‬

عرب‭ ‬نيجيريا

وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نيجيريا‭ ‬تسكنها‭ ‬قبائل‭ ‬عربية،‭ ‬مثل‭ ‬قبائل‭ ‬عرب‭ ‬الشوا،‭ ‬وهى‭ ‬من‭ ‬القبائل‭ ‬العربية‭ ‬العريقة،‭ ‬التى‭ ‬هاجرت‭ ‬من‭ ‬المغرب‭ ‬العربى‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬غرب‭ ‬أفريقيا،‭ ‬وتعود‭ ‬أصولهم‭ ‬إلى‭ ‬قبائل‭ ‬الغوالم‭ ‬والثوابت‭ ‬والحميدية‭ ‬والشوافع،‭ ‬ويعمل‭ ‬أغلبهم‭ ‬فى‭ ‬الزراعة‭ ‬وما‭ ‬زالوا‭ ‬يحافظون‭ ‬على‭ ‬لغتهم‭ ‬وعاداتهم‭ ‬العربية‭ ‬الأصيلة،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬اندماج‭ ‬العديد‭ ‬منهم‭ ‬فى‭ ‬الحياة‭ ‬النيجيرية‭ ‬داخل‭ ‬المدن‭ ‬الكبرى‭ ‬مثل‭ ‬لاجوس‭ ‬و‭ ‬كانو‭ ‬و‭ ‬أبوجا،‭ ‬كما‭ ‬يعمل‭ ‬البعض‭ ‬منهم‭ ‬فى‭ ‬رعى‭ ‬المواشي،‭ ‬ويتنقلون‭ ‬موسميا‭ ‬بين‭ ‬المراعى‭ ‬خلال‭ ‬الفصول،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬القبائل‭ ‬نجحت‭ ‬فى‭ ‬تحسين‭ ‬أوضاعها‭ ‬بفضل‭ ‬إنشاء‭ ‬المدارس‭ ‬العربية‭ ‬فى‭ ‬جنوب‭ ‬نيجيريا‭ ‬مثل‭ ‬المعهد‭ ‬العربى‭ ‬النيجيري،‭ ‬ومدرسة‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬بكانو،‭ ‬وقد‭ ‬ساعدهم‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬العرب‭ ‬التجار‭ ‬الوافدين‭ ‬إلى‭ ‬نيجيريا،‭ ‬والجاليات‭ ‬العربية‭ ‬هناك‭.‬

وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬الجالية‭ ‬العربية‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬اللبنانين‭ ‬والسوريين‭ ‬والمصريين‭ ‬وغيرهم،‭ ‬وتقدر‭ ‬نسبتهم‭ ‬بـ‭ ‬25‭ ‬ألف‭ ‬نسمة‭ ‬تقريبا،‭ ‬وليس‭ ‬لهم‭ ‬أى‭ ‬نشاط‭ ‬سياسي،‭ ‬لذلك‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬يشار‭ ‬إلى‭ ‬نيجيريا‭ ‬باسم‭ ‬“عملاق‭ ‬أفريقيا”،‭ ‬بسبب‭ ‬اقتصادها‭ ‬و‭ ‬عدد‭ ‬سكانها‭ ‬الكبير‭.‬

دولة‭ ‬المرابطين

فيما‭ ‬قال‭ ‬أبو‭ ‬بكر‭ ‬لول،‭ ‬طالب‭ ‬بجامعة‭ ‬الأزهر‭ ‬إن‭ ‬المقصود‭ ‬بغرب‭ ‬أفريقيا‭ ‬المنطقة‭ ‬الواسعة‭ ‬التى‭ ‬تمتد‭ ‬من‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسى‭ ‬فى‭ ‬الغرب‭ ‬حتى‭ ‬سودان‭ ‬وادى‭ ‬النيل‭ ‬فى‭ ‬الشرق،‭ ‬وتقع‭ ‬بين‭ ‬المناطق‭ ‬الصحراوية‭ ‬أو‭ ‬شبه‭ ‬الصحراوية‭ ‬فى‭ ‬الشمال‭ ‬وبين‭ ‬نطاق‭ ‬الغابات‭ ‬الاستوائية‭ ‬فى‭ ‬الجنوب‭ ‬وكانت‭ ‬بدايات‭ ‬انتشار‭ ‬الإسلام‭ ‬فى‭ ‬غرب‭ ‬أفريقيا‭ ‬بفضل‭ ‬هجرات‭ ‬القبائل‭ ‬العربية‭ ‬وقبائل‭ ‬البربر‭ ‬التى‭ ‬أخذت‭ ‬تهاجر‭ ‬إلى‭ ‬غرب‭ ‬أفريقيا‭ ‬وتبسط‭ ‬نفوذها‭ ‬هناك‭ ‬خاصة‭ ‬قبائل‭ ‬بنى‭ ‬هلال‭  ‬وبنى‭ ‬سليم‭ ‬مما‭ ‬دفع‭ ‬القبائل‭ ‬المحلية‭ ‬من‭ ‬البربر‭ ‬بالتحرك‭ ‬جنوبا‭ ‬بعد‭ ‬اعتناقها‭ ‬الإسلام،‭ ‬وقد‭ ‬تحركت‭ ‬قبيلة‭ ‬جدالة‭ ‬جنوبا‭ ‬وعبرت‭ ‬نهر‭ ‬النيجر‭ ‬فى‭ ‬طريقها‭ ‬إلى‭ ‬السودان‭ ‬الغربى‭ ‬فكانت‭ ‬هذه‭ ‬القبائل‭ ‬حلقة‭ ‬الاتصال‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬بشعوبه‭ ‬وثقافته‭ ‬والمحيط‭ ‬الأفريقى‭ ‬الذى‭ ‬يمتد‭ ‬حتى‭ ‬بحيرة‭ ‬تشاد‭.‬

وأشار‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬لدولة‭ ‬المرابطين‭ ‬ومؤسسها‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬بن‭ ‬ياسين‭ ‬موحد‭ ‬الصحراء‭ ‬فى‭ ‬المغرب‭ ‬الأقصى‭ ‬بداية‭ ‬مهمة‭ ‬فى‭ ‬سنة‭ ‬430هـ‭ ‬حيث‭ ‬امتدت‭ ‬نفوذها‭ ‬من‭ ‬تونس‭ ‬شرقا‭ ‬إلى‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسى‭ ‬غربا‭ ‬ومن‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭ ‬شمالا‭ ‬حتى‭ ‬حدود‭ ‬السودان‭ ‬جنوبا‭ ‬على‭ ‬عهد‭ ‬قائدها‭ ‬يوسف‭ ‬بن‭ ‬تاشفين‭ ‬وكان‭ ‬لهذه‭ ‬الدولة‭ ‬أسطول‭ ‬ضخم‭ ‬مسيطر‭ ‬على‭ ‬مياه‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬فضل‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬قيام‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬التى‭ ‬أخرت‭ ‬سقوط‭ ‬الدولة‭ ‬الإسلامية‭ ‬فى‭ ‬الأندلس‭ ‬طوال‭ ‬أربعة‭ ‬قرون‭ ‬من‭ ‬الزمان،‭ ‬ومن‭ ‬مؤشرات‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة‭ ‬التاريخية‭ ‬بملابساتها‭ ‬الدينية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والسياسية‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬المرابطين‭ ‬التى‭ ‬تأسست‭ ‬على‭ ‬مبادئ‭ ‬ثلاثة‭ ‬كما‭ ‬يلي‭: ‬رسوخ‭ ‬مبادئ‭ ‬الإيمان‭ ‬وتقويتها‭ ‬فى‭ ‬النفوس،‭ ‬وإقامة‭ ‬شعائر‭ ‬الإسلام‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬ت‭ ‬به‭ ‬السنة،‭ ‬والرجوع‭ ‬بالقانون‭ ‬الدينى‭ ‬والمدنى‭ ‬إلى‭ ‬مذهب‭ ‬مالك‭ ‬وذلك‭ ‬لخلق‭ ‬عاطفة‭ ‬دينية‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬القبائل‭ ‬الصحراوية‭ ‬تكون‭ ‬أكثر‭ ‬ملائمة‭ ‬للحضارة‭ ‬الإسلامية‭ ‬والمجتمع‭ ‬العربي‭.‬

مملكة‭ ‬إسلامية

وتابع‭ ‬أن‭ ‬دولة‭ ‬المرابطين‭ ‬قد‭ ‬أخذت‭ ‬من‭ ‬الجهاد‭ ‬ونشر‭ ‬الإسلام‭ ‬هدفا‭ ‬أساسيا‭ ‬حيث‭ ‬جندت‭ ‬له‭ ‬كل‭ ‬إمكانياتها‭ ‬و‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬أبوبكر‭ ‬بن‭ ‬عمر‭ ‬سقطت‭ ‬إمبراطورية‭ ‬غانا‭ ‬القديمة‭ ‬وتحولت‭ ‬للإسلام‭ ‬واستغرقت‭ ‬جهود‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬بن‭ ‬عمر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خمسة‭ ‬عشر‭ ‬عاما‭ ‬ثم‭ ‬بعدها‭ ‬أسلم‭ ‬ملوك‭ ‬غانا‭ ‬والذين‭ ‬بدورهم‭ ‬قاموا‭ ‬بالجهاد‭ ‬ونشر‭ ‬الإسلام،‭ ‬وترك‭ ‬المرابطون‭ ‬أثارا‭ ‬عميقة‭ ‬فى‭ ‬ثقافة‭ ‬وحضارة‭ ‬غرب‭ ‬أفر‭ ‬يقيا‭ ‬ومن‭ ‬أعظم‭ ‬الآثار‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬فى‭ ‬عهدهم‭ ‬تأسيس‭ ‬مدينة‭ ‬تمبوكتو‭ ‬فى‭ ‬أواخر‭ ‬القرن‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬الهجرة‭ ‬التى‭ ‬أصبحت‭ ‬أعظم‭ ‬الحواضر‭ ‬الإسلامية‭ ‬فى‭ ‬غرب‭ ‬أفريقيا،‭ ‬وسارت‭ ‬مملكة‭ ‬غانا‭ ‬مع‭ ‬بدايات‭ ‬فى‭ ‬القرن‭ ‬الرابع‭ ‬حتى‭ ‬القرن‭ ‬الحادى‭ ‬عشر‭ ‬الهجرى‭ ‬مملكة‭ ‬إسلامية‭ ‬ذات‭ ‬حضارة‭ ‬مزدهرة‭ ‬وقد‭ ‬امتد‭ ‬نفوذ‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬إلى‭ ‬شمال‭ ‬النيجر‭ ‬الأعلى‭ ‬وشماله‭ ‬الغربي،‭ ‬وحدودها‭ ‬الشرقية‭ ‬نهر‭ ‬النيجر،‭ ‬والغربية‭ ‬نهر‭ ‬السنغال،‭ ‬والشمالية‭ ‬الصحراء،‭ ‬وقد‭ ‬سماها‭ ‬القزازى‭ ‬الذى‭ ‬زارها‭ ‬عام‭ ‬200هـ،‭ ‬أرض‭ ‬الذهب‭ ‬ولم‭ ‬تدون‭ ‬أخبارها‭ ‬إلا‭ ‬فى‭ ‬القرن‭ ‬الثانى‭ ‬الهجرى‭ ‬عندما‭ ‬زارها‭ ‬الرحالة‭ ‬وهب‭ ‬ابن‭ ‬منبه‭ ‬عام،‭ ‬وقد‭ ‬زارها‭ ‬المسعودي،‭ ‬ثم‭ ‬الزهرى‭ ‬والبري،‭ ‬وذكروا‭ ‬أن‭ ‬غانا‭ ‬عرفت‭ ‬الحديد‭ ‬وصناعة‭ ‬الأسلحة‭ ‬كما‭ ‬عرفت‭ ‬الذهب‭ ‬الذى‭ ‬يتاجرون‭ ‬به‭ ‬مع‭ ‬أهل‭ ‬الشمال‭ ‬ومبادلته‭ ‬بالملح‭ ‬والسلع‭ ‬الأخرى،‭ ‬ولفت‭ ‬أنه‭ ‬فى‭ ‬موضع‭ ‬أخر‭ ‬قال‭ ‬عنها‭ ‬المسعودي‭: ‬كانت‭ ‬دولة‭ ‬قوية‭ ‬اعتمدت‭ ‬على‭ ‬التجارة‭ ‬المنظمة،‭ ‬بل‭ ‬أهلها‭ ‬لم‭ ‬يتعلموا‭ ‬التجارة‭ ‬فقط‭ ‬بل‭ ‬مارسوا‭ ‬فنونها‭ ‬ووضعوا‭ ‬قواعد‭ ‬للضرائب‭ ‬والرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬فمثلا‭ ‬كانت‭ ‬الحكومة‭ ‬تفرض‭ ‬دينارا‭ ‬من‭ ‬ذهب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬حمل‭ ‬حمار‭ ‬من‭ ‬الملح‭ ‬يدخل‭ ‬المدينة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذى‭ ‬يعكس‭ ‬حالة‭ ‬الثراء‭ ‬ونعمة‭ ‬الأمن‭ ‬والطمأنينة‭ ‬التى‭ ‬كان‭ ‬ينعم‭ ‬المسلمون‭ ‬بها‭ ‬فى‭ ‬أفريقيا‭ ‬كما‭ ‬يعكس‭ ‬مدى‭ ‬التقدم‭ ‬الحضارى‭ ‬الذى‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬حياتهم،‭ ‬موضحا‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬انتهاء‭ ‬إمبراطورية‭ ‬غانا‭ ‬الإسلامية‭ ‬قامت‭ ‬على‭ ‬آثارها‭ ‬مملكة‭ ‬مالى‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الثالث‭ ‬عشر‭ ‬إلى‭ ‬القرن‭ ‬الخامس‭ ‬عشر‭ ‬الميلادى‭ ‬أى‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬640هـ،‭ ‬وذلك‭ ‬قبل‭ ‬انهيار‭ ‬الخلافة‭ ‬العباسية‭ ‬بقليل‭ ‬وقد‭ ‬اتسعت‭ ‬حدودها‭ ‬اتساعا‭ ‬كبيرا‭ ‬نحو‭ ‬الشرق‭  ‬حتى‭ ‬النيجر‭ ‬الأوسط‭ ‬كما‭ ‬اتسعت‭ ‬نحو‭ ‬الغرب‭ ‬فشملت‭ ‬أراضى‭ ‬السنغال‭ ‬الحالية‭ ‬عدا‭ ‬الأجزاء‭ ‬الممتدة‭ ‬فى‭ ‬الصحراء‭.‬

ملوكها

وأضاف‭ ‬حفيظ‭ ‬محمد‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬أشهر‭ ‬الملوك‭ ‬الذين‭ ‬حكموها‭ ‬منسى‭  ‬موسى‭ ‬الذى‭ ‬سافر‭ ‬لحج‭ ‬بيت‭ ‬الله‭ ‬الحرام‭ ‬ومعه‭ ‬قافلة‭ ‬من‭ ‬أتباعه‭ ‬وحاشيته‭ ‬وجواريه‭ ‬قدروا‭ ‬بالمئات‭ ‬مروا‭ ‬بالقاهرة‭ ‬عام‭ ‬724هـ،‭ ‬حيث‭ ‬استقبلهم‭ ‬سلطانها‭ ‬الملك‭ ‬الناصر‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬قلاوون‭ ‬وانزلهم‭ ‬القلعة‭ ‬وأكرم‭ ‬قادتهم‭ ‬وقد‭ ‬سجل‭ ‬العمرى‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬وأخبارها‭ ‬وكتب‭ ‬حسن‭ ‬بن‭ ‬الوازن‭ ‬يصف‭ ‬الحياة‭ ‬العقلية‭ ‬فى‭ ‬تمبوكتو‭ ‬أنها‭ ‬احتضنت‭ ‬عددا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬القضاة‭ ‬والأطباء‭ ‬ورجال‭ ‬الدين‭ ‬ينعم‭ ‬جميعهم‭ ‬بمرتبات‭ ‬حسنة‭ ‬يدفعها‭ ‬لهم‭ ‬الملك‭ ‬وفى‭ ‬البلاد‭ ‬إقبال‭ ‬عظيم‭ ‬على‭ ‬الكتب‭ ‬المنسوخة‭ ‬التى‭ ‬ترد‭ ‬من‭ ‬الشمال‭ ‬الإفريقى‭ ‬وتجار‭ ‬الكتب‭ ‬يربحون‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أى‭ ‬تجار‭ ‬صنعة‭ ‬أخرى‭.‬

مملكة‭ ‬مالى

ثم‭ ‬قامت‭ ‬على‭ ‬أنقاض‭ ‬مملكة‭ ‬مالى‭ ‬مملكة‭ ‬صنغى‭ ‬الإسلامية‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الخامس‭ ‬عشر‭ ‬إلى‭ ‬القرن‭ ‬السابع‭ ‬عشر‭ ‬الميلادى‭ ‬يرجع‭ ‬قيامها‭ ‬إلى‭ ‬النصف‭  ‬الأول‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬السادس‭ ‬الهجرى‭ ‬وقد‭ ‬قامت‭ ‬على‭ ‬نهر‭ ‬النيجر‭ ‬الأوسط‭ ‬واتخذ‭ ‬زعماؤها‭ ‬مدينة‭ ‬جو‭ ‬فى‭ ‬مالى‭ ‬حاليا‭ ‬عاصمة‭ ‬لهم‭ ‬وأول‭ ‬زعمائها‭ ‬ضياء‭ ‬بن‭ ‬قس‭ ‬تقريبا‭  ‬وقد‭ ‬اهتم‭ ‬شعبها‭ ‬بالأدب‭ ‬والعلوم‭ ‬والتدوين‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اعتنقوا‭ ‬الإسلام‭ ‬وتعلموا‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬وبعد‭ ‬إسلامهم‭ ‬امتدت‭ ‬حدودها‭ ‬لتشمل‭ ‬دولتى‭ ‬غانا‭ ‬ومالى‭ ‬واتسعت‭ ‬نحو‭ ‬الشرق‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭  ‬النيجر،‭ ‬ومن‭ ‬ملوكها‭ ‬سنى‭ ‬علي،‭ ‬واسكى‭ ‬العظيم‭ ‬واسمه‭ ‬محمد‭ ‬توري،‭ ‬الذى‭ ‬مد‭ ‬مملكته‭ ‬فى‭ ‬الغرب‭ ‬والشمال‭ ‬ونظم‭ ‬إدارتها‭ ‬تنظيما‭ ‬لم‭ ‬يسبقه‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬قبله‭ ‬ووجد‭ ‬كلمتها‭ ‬فى‭ ‬ظل‭  ‬الدين‭ ‬الإسلامى‭ ‬الذى‭ ‬قضى‭ ‬على‭ ‬العصبيات‭ ‬وبدأ‭ ‬حكم‭ ‬هذه‭ ‬المملكة‭ ‬يتدهور‭ ‬مع‭ ‬الهجمة‭ ‬البرتغالية‭.‬

مملكة‭ ‬كانم

وكانت‭ ‬مملكة‭ ‬كانم‭ ‬قد‭ ‬قامت‭ ‬فى‭ ‬أقصى‭ ‬الشرق‭ ‬حول‭ ‬بحيرة‭ ‬تشاد‭ ‬وامتد‭ ‬سلطانها‭ ‬إلى‭ ‬أراضى‭ ‬غانا‭ ‬ومالى‭ ‬فى‭ ‬الغرب،‭ ‬وقال‭ ‬عنها‭ ‬أحد‭ ‬الغربيين‭ ‬كانت‭ ‬فى‭ ‬القرون‭ ‬الوسطى‭ ‬أستاذة‭ ‬الحضارة‭ ‬السودانية‭ ‬وكانت‭ ‬تدين‭ ‬بالإسلام‭ ‬وتكتب‭ ‬بالحروف‭ ‬العربية‭ ‬وتسيطر‭ ‬على‭ ‬أهم‭ ‬الطرق‭ ‬التجارية‭ ‬التى‭ ‬تربط‭ ‬المنطقة‭ ‬بساحل‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط‭ ‬عند‭ ‬قزان‭ ‬وبوادى‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬دارفور،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬قمة‭ ‬التقدم‭.‬

وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التجارة‭ ‬قد‭ ‬لعبت‭ ‬دورا‭ ‬مهما‭ ‬فى‭ ‬نشر‭ ‬الإسلام‭ ‬والثقافة‭ ‬العربية‭ ‬فى‭ ‬غرب‭ ‬أفريقيا‭ ‬فكانت‭ ‬أخلاق‭ ‬التجار‭ ‬المسلمين‭ ‬وما‭ ‬عرف‭ ‬عنهم‭ ‬من‭ ‬الأمانة‭ ‬والنظافة‭ ‬وحسن‭ ‬الخلق‭ ‬سببا‭ ‬فى‭ ‬دخول‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأفارقة‭ ‬فى‭ ‬الإسلام،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬بعض‭ ‬التجار‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬التجارة‭ ‬والعلم،‭ ‬وينشئون‭ ‬حلقات‭ ‬تعليم‭ ‬القرآن،‭ ‬ومن‭ ‬القبائل‭ ‬التى‭ ‬لعبت‭ ‬دورا‭ ‬هاما‭ ‬فى‭ ‬التجارة‭ ‬عبر‭ ‬الصحراء‭ ‬قبائل‭ ‬صنهاجة‭ ‬ولمتونة‭ ‬و‭ ‬جدالة‭ ‬فكان‭ ‬لهم‭ ‬دور‭ ‬هام‭ ‬فى‭ ‬نشر‭ ‬الإسلام‭ ‬فى‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬عبر‭ ‬المراكز‭ ‬التجارية‭ ‬التى‭ ‬أقاموها‭ ‬فى‭ ‬أودغشت،‭ ‬وصارت‭ ‬مصدر‭ ‬إشعاع‭ ‬دينى‭ ‬وثقافي،‭ ‬لافتا‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬لفريضة‭ ‬الحج‭ ‬أيضا‭ ‬دور‭ ‬مهم‭ ‬فى‭ ‬نشر‭ ‬الإسلام‭ ‬حيث‭ ‬حرص‭ ‬سلاطين‭ ‬الدول‭ ‬الإسلامية‭ ‬فى‭ ‬غرب‭ ‬أفريقيا‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬هذه‭ ‬الفريضة‭ ‬وكانت‭ ‬قبائل‭ ‬الهوسا‭ ‬من‭ ‬أحرص‭ ‬القبائل‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬هذه‭ ‬الفريضة‭.‬

وتابع‭ ‬أن‭ ‬الطرق‭ ‬الصوفية‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬كذلك‭ ‬دور‭ ‬بالغ‭ ‬الأهمية‭ ‬فى‭ ‬انتشار‭ ‬الدعوة‭ ‬الإسلامية‭ ‬به‭ ‬خاصة‭ ‬الطريقة‭ ‬القادرية‭ ‬والتيجانية،‭ ‬وقد‭ ‬توافد‭ ‬على‭ ‬غرب‭ ‬أفريقيا‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬ورجال‭ ‬الدين‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الأقطار‭ ‬الاسلامية‭ ‬للتدريس‭ ‬فى‭ ‬مدارس‭ ‬ومساجد‭ ‬تمبوكتو‭ ‬وجنى‭ ‬ومالى‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬حواضر‭ ‬غرب‭ ‬أفريقيا‭ ‬إحساسا‭ ‬منهم‭ ‬بواجبهم‭ ‬تجاه‭ ‬إخوانهم‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬البلاد،‭ ‬الأمر‭ ‬الذى‭ ‬أسهم‭ ‬فى‭ ‬نشر‭ ‬الثقافة‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬انتشار‭ ‬الإسلام‭ ‬فى‭ ‬بلادهم‭ ‬قد‭ ‬ارتبط‭ ‬بالحركات‭ ‬الإصلاحية‭ ‬التى‭ ‬قامت‭ ‬بغرض‭ ‬تخليص‭ ‬الدين‭ ‬مما‭ ‬علق‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬شوائب‭ ‬واستطاع‭ ‬هؤلاء‭ ‬الزعماء‭ ‬أن‭ ‬يجمعوا‭ ‬حولهم‭ ‬عدداً‭ ‬من‭ ‬الأتباع‭ ‬والمريدين‭ ‬لما‭ ‬رأوا‭ ‬فيهم‭ ‬من‭ ‬التقوى‭ ‬والصلاح‭ ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬الحركات‭ ‬حركة‭ ‬الشيخ‭ ‬عثمان‭ ‬بن‭ ‬فودى‭ ‬الذى‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يقود‭ ‬قبائل‭ ‬الفولانى‭ ‬ويؤسس‭ ‬سلطنة‭ ‬سوكوتو‭ ‬التى‭ ‬لعبت‭ ‬دورا‭ ‬مهما‭ ‬فى‭ ‬نشر‭ ‬الإسلام‭ ‬فى‭ ‬غرب‭ ‬أفريقيا،‭ ‬وقام‭ ‬دوره‭ ‬على‭ ‬الوعظ‭ ‬والإرشاد‭ ‬وتأليف‭ ‬الكتب‭ ‬الإسلامية‭ ‬وكذلك‭ ‬على‭ ‬الجهاد‭ ‬من‭ ‬إمارة‭ ‬جوبير،‭ ‬واستمر‭ ‬كفاحه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نجح‭ ‬فى‭ ‬إقامة‭ ‬دولة‭ ‬إسلامية‭ ‬حملت‭ ‬لقب‭ ‬الخلافة‭ ‬الإسلامية‭ ‬فى‭ ‬سوكوتو‭ ‬وظل‭ ‬أبناؤه‭ ‬يحكمون‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬الواسعة‭ ‬طوال‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬وكان‭ ‬لأحفاده‭ ‬شرف‭ ‬النضال‭ ‬والكفاح‭ ‬ضد‭ ‬الأوروبيين‭  ‬وشهداء‭ ‬العقيدة‭ ‬الإسلامية‭ ‬فى‭ ‬أوائل‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬وكان‭ ‬نتيجة‭ ‬الجهود‭ ‬السابقة‭ ‬للمرابطين‭ ‬القبائل‭ ‬العربية‭ ‬والمصلحين‭ ‬والدعاة‭ ‬والتجار‭ ‬المسلمين‭ ‬أن‭ ‬انتشر‭ ‬الإسلام‭ ‬فى‭ ‬غرب‭ ‬أفريقيا‭  ‬وأصبحت‭ ‬دولا‭ ‬ذات‭ ‬أغلبية‭ ‬مسلمة‭ ‬فى‭ ‬غرب‭ ‬أفريقيا‭ ‬مثل‭ ‬نيجيريا‭ ‬وجامبيا‭ ‬وكان‭ ‬الإسلام‭ ‬راسخا‭ ‬فيهم‭ ‬وفى‭ ‬سيراليون‭ ‬وغانا‭ ‬فعندما‭ ‬واجهت‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬التحدى‭ ‬التنصيرى‭ ‬البريطانى‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى‭ ‬لم‭ ‬ترضخ‭ ‬لهذا‭ ‬التحدى‭ ‬بل‭ ‬عرفت‭ ‬أغراضه‭ ‬ووقفت‭ ‬له‭ ‬بالمرصاد‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬البعثات‭ ‬التنصيرية‭ ‬عملت‭ ‬فى‭ ‬المناطق‭ ‬الوثنية‭.‬

اللغة‭ ‬العربية

وأشار‭ ‬إبراهيم‭ ‬محمد،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬فى‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬لغة‭ ‬قديمة‭ ‬العهد،‭ ‬وقد‭ ‬ساهم‭ ‬فى‭ ‬انتشارها‭ ‬العلاقة‭ ‬التجارية‭ ‬التى‭ ‬بدأت‭ ‬فى‭ ‬القرن‭ ‬السابع‭ ‬الميلادى‭ ‬وازدهرت‭ ‬بعد‭ ‬القرن‭ ‬الحادى‭ ‬عشر،‭ ‬وهى‭ ‬موجودة‭ ‬فى‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬أفريقيا‭ ‬بدون‭ ‬استثناء‭ ‬والشعوب‭ ‬المسلمة‭ ‬فيها‭ ‬يحبون‭ ‬العربية‭ ‬ويهتمون‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬بينهم‭ ‬من‭ ‬تفاوت‭ ‬لا‭ ‬يصعب‭ ‬تفسيره،‭ ‬ويلاحظ‭ ‬أن‭ ‬العربية‭ ‬دخلت‭ ‬أفريقيا‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تستنير‭ ‬المدينة‭ ‬بهجرة‭ ‬الرسول‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم،‭ ‬وذلك‭ ‬حين‭ ‬وجه‭ ‬سيد‭ ‬الخلق‭ ‬أصحابه‭ ‬ببطن‭ ‬مكة‭ ‬فى‭ ‬فخر‭ ‬الإسلام،‭ ‬أن‭ ‬يهاجروا‭ ‬إلى‭ ‬الحبشة‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬الأقطار‭ ‬الإفريقية،‭ ‬ثم‭ ‬أنشرت‭ ‬منها‭ ‬إلى‭ ‬إرجاء‭ ‬الإفريقية‭ ‬الغربية‭ ‬وكانت‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬فيها‭ ‬لغة‭ ‬كلاسيكية‭ ‬وذلك‭ ‬لإسهاماتها‭ ‬المميزة‭ ‬فى‭ ‬فهم‭ ‬تاريخ‭ ‬الغرب‭ ‬الإفريقى‭ ‬وثقافته‭ ‬المتعددة،‭ ‬وقد‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬ديفدسن‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬الإنجاز‭ ‬الأكبر‭ ‬الذى‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬فى‭ ‬الانفتاح‭ ‬على‭ ‬التراث‭ ‬التاريخى‭ ‬الأفريقى‭ ‬الغربى‭ ‬حيث‭ ‬قال‭: ‬إن‭ ‬وهب‭ ‬بن‭ ‬منبه‭ ‬هو‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تاريخ‭ ‬منطقة‭ ‬جنوب،‭ ‬الصحراء‭ ‬سنة‭ ‬738م‭ ‬باللغة‭ ‬العربية،‭ ‬مما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬ارتباط‭ ‬تاريخ‭ ‬أفريقيا‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭.‬