أوبرا الإسكندرية ..100 عام من الفن

أوبرا الإسكندرية ..100 عام من الفن
أوبرا الإسكندرية ..100 عام من الفن

كتب "محمد‭ ‬القليوبى

تحظى‭ ‬مدينة‭ ‬الإسكندرية‭ ‬بسحر‭ ‬خاص،‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البنايات‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬تاريخ‭ ‬طويل‭ ‬من‭ ‬الثقافة‭ ‬والفن،‭ ‬لكن‭ ‬تبقى‭ ‬حكاية‭ ‬دار‭ ‬أوبرا‭ ‬الإسكندرية‭ ‬هي‭ ‬أجملهم‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬حكاية‭ ‬مستمرة‭ ‬منذ‭ ‬100‭ ‬عام،‭ ‬حينما‭ ‬افتتح‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬هذا‭ ‬المبنى‭ ‬تحت‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬مسرح‭ ‬محمد‭ ‬علي‮»‬‭.. ‬

شارع‭ ‬النبي‭ ‬دانيال‭ ‬هو‭ ‬أقدم‭ ‬شوارع‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬والطريق‭ ‬الرابط‭ ‬بين‭ ‬محطة‭ ‬مصر‭ ‬وحي‭ ‬محطة‭ ‬الرمل‭ ‬الذي‭ ‬يحتضن‭ ‬في‭ ‬جزء‭ ‬منه‭ ‬دار‭ ‬أوبرا‭ ‬الإسكندرية‭ ‬ومسرح‭ ‬سيد‭ ‬درويش،‭ ‬وتحديداً‭ ‬في‭ ‬شارع‭ ‬فؤاد،‭ ‬و‭ ‬بعد‭ ‬عدة‭ ‬تقاطعات‭ ‬قليلة‭ ‬سيقابلك‭ ‬مدخل‭ ‬ضخم‭ ‬مزين‭ ‬على‭ ‬الطراز‭ ‬الأوروبي،‭ ‬يتوسط‭ ‬المشهد‭ ‬تمثال‭ ‬ضخم‭ ‬لنوبار‭ ‬باشا‭ ‬أول‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬لحكومة‭ ‬مصرية،‭ ‬وفي‭ ‬خلفية‭ ‬التمثال‭ ‬يقع‭ ‬مدخل‭ ‬مسرح‭ ‬سيد‭ ‬درويش‭ ‬بزخارفه‭ ‬المتنوعة،‭ ‬التي‭ ‬مزجت‭ ‬بين‭ ‬الشرقي‭ ‬من‭ ‬الفن،‭ ‬والغربي،‭ ‬والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬أوبرا‭ ‬الإسكندرية‭ ‬هي‭ ‬ثاني‭ ‬دار‭ ‬أوبرا‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬بعد‭ ‬دار‭ ‬الأوبرا‭ ‬الخديوية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬مقرها‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬الأوبرا‭ ‬بالقاهرة،‭ ‬وكانت‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬مسرح‭ ‬زيزينيا‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يستضيف‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬فقرات‭ ‬الترفيه‭ ‬أواخر‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر،‭ ‬وتحول‭ ‬لمنبر‭ ‬لرموز‭ ‬النضال‭ ‬الوطني‭ ‬أمثال‭ ‬الزعيم‭ ‬مصطفى‭ ‬كامل،‭ ‬ومع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬تحولت‭ ‬ملكية‭ ‬مسرح‭ ‬زيزينيا‭ ‬لعائلة‭ ‬آل‭ ‬قرداحي‭ ‬التي‭ ‬أتت‭ ‬من‭ ‬الشام،‭ ‬وقرروا‭ ‬تحويل‭ ‬زيزينيا‭ ‬إلى‭ ‬تياترو‭ ‬محمد‭ ‬علي‭ ‬باشا،‭ ‬وبدأ‭ ‬بنائه‭ ‬عام‭ ‬1918‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬المعماري‭ ‬الفرنسي‭ ‬الشهير‭ ‬جورج‭ ‬بارك،‭ ‬ليصممه‭ ‬على‭ ‬الطراز‭ ‬الأيوني‭ ‬الغربي‭ ‬الذي‭ ‬يشبه‭ ‬لحد‭ ‬كبير‭ ‬تصميم‭ ‬أوبرا‭ ‬فيينا،‭ ‬ومسرح‭ ‬أوديون‭ ‬في‭ ‬باريس،‭ ‬وتم‭ ‬افتتاحه‭ ‬رسمياً‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1921‭ ‬ليكون‭ ‬أول‭ ‬عرض‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬مسرحه‭ ‬هو‭ ‬عرض‭ ‬شهرزاد‭ ‬في‭ ‬30‭ ‬يونيو‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬العام‭.‬

بعد‭ ‬قيام‭ ‬ثورة‭ ‬يوليو،‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬1962‭ ‬تم‭ ‬تغيير‭ ‬إسم‭ ‬تياترو‭ ‬محمد‭ ‬علي‭ ‬إلى‭ ‬مسرح‭ ‬سيد‭ ‬درويش‭ ‬بإعتباره‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬فناني‭ ‬مصر،‭ ‬والإسكندرية،‭ ‬والغريب‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬الجهة‭ ‬المجاورة‭ ‬لبهو‭ ‬المسرح‭ ‬يقع‭ ‬الأوتيل‭ ‬الذي‭ ‬أستقر‭ ‬فيه‭ ‬درويش‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬حياته،‭ ‬والذي‭ ‬تطل‭ ‬شرفته‭ ‬على‭ ‬مدخل‭ ‬المسرح‭ ‬الذي‭ ‬حمل‭ ‬اسمه‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬طوال،‭ ‬وفي‭ ‬فترة‭ ‬الستينيات‭ ‬احتضنت‭ ‬أوبرا‭ ‬الإسكندرية‭ ‬أهم‭ ‬العروض‭ ‬المسرحية‭ ‬المصرية‭ ‬والعالمية‭ ‬بإعتبارها‭ ‬المسرح‭ ‬الرئيسي‭ ‬بالمحافظة،‭ ‬ليتم‭ ‬إدراج‭ ‬المبنى‭ ‬الخاصة‭ ‬بالمسرح‭ ‬كأثر‭ ‬عام‭ ‬1999،‭ ‬ويتم‭ ‬تطويره‭ ‬وإعادة‭ ‬بناء‭ ‬الدار‭ ‬لمدة‭ ‬عام‭ ‬ونصف،‭ ‬حتى‭ ‬إفتتاحها‭ ‬عام‭ ‬2004‭ ‬بشكلها‭ ‬الحالي‭ ‬بسعة‭ ‬ألف‭ ‬كرسي‭.‬

وبمناسبة‭ ‬مرور‭ ‬100‭ ‬عام‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ ‬هذا‭ ‬الصرح‭ ‬الفني‭ ‬قال‭ ‬د‭. ‬مجدي‭ ‬صابر‭ - ‬رئيس‭ ‬دار‭ ‬الأوبرا‭ ‬المصرية‭ - ‬أن‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬تعد‭ ‬إحتفالية‭ ‬كبيرة‭ ‬بهذه‭ ‬المناسبة‭ ‬في‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬يوليو‭ ‬المقبل،‭ ‬ولعدة‭ ‬أيام‭ ‬بحضور‭ ‬وزيرة‭ ‬الثقافة‭ ‬د‭. ‬إيناس‭ ‬عبد‭ ‬الدايم،‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬رموز‭ ‬الفن،‭ ‬والثقافة‭ ‬المصرية،‭ ‬وسيتم‭ ‬تنظيم‭ ‬حفلات‭ ‬فنية‭ ‬موسيقية‭ ‬ومسرحية‭ ‬للاحتفاء‭ ‬بمئوية‭ ‬دار‭ ‬الأوبرا‭ ‬بالإسكندرية،‭ ‬وأضاف‭ ‬صابر‭ ‬أن‭ ‬أوبرا‭ ‬الإسكندرية‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬المدن‭ ‬الثقافية‭ ‬المصرية،‭ ‬ولها‭ ‬ذكريات‭ ‬كثيرة‭ ‬معه‭ ‬هو‭ ‬شخصياً‭ ‬وقت‭ ‬دراسته‭ ‬في‭ ‬أكاديمية‭ ‬الفنون،‭ ‬ويذكر‭ ‬كيف‭ ‬كان‭ ‬يطلق‭ ‬على‭ ‬المكان‭ ‬إسم‭ ‬مسرح‭ ‬سيد‭ ‬درويش،‭ ‬ثم‭ ‬تم‭ ‬ربط‭ ‬دار‭ ‬أوبرا‭ ‬الإسكندرية‭ ‬بإسم‭ ‬المسرح،‭ ‬وقال‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬إعتزاز‭ ‬بإسم‭ ‬سيد‭ ‬درويش،‭ ‬وأنه‭ ‬من‭ ‬المسارح‭ ‬الجميلة‭ ‬التي‭ ‬تحوي‭ ‬رسومات‭ ‬فريدة‭ ‬على‭ ‬أسقفه،‭ ‬وأيضاً‭ ‬تميز‭ ‬الطراز‭ ‬المعماري‭ ‬الذي‭ ‬تأسس‭ ‬عليه،‭ ‬وأكمل‭ ‬صابر‭ ‬أن‭ ‬دار‭ ‬الأوبرا‭ ‬المصرية‭ ‬تقدم‭ ‬الدعم‭ ‬الدائم‭ ‬للفرق‭ ‬التي‭ ‬تعرض‭ ‬أعمالها‭ ‬على‭ ‬مسرح‭ ‬أوبرا‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬وأن‭ ‬معظم‭ ‬الحفلات‭ ‬المميزة‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬عرضها‭ ‬في‭ ‬دار‭ ‬الأوبرا‭ ‬المصرية‭ ‬بالقاهرة‭ ‬يتم‭ ‬إعادة‭ ‬عرضها‭ ‬على‭ ‬مسرح‭ ‬سيد‭ ‬درويش‭ ‬لتحقيق‭ ‬التكامل‭ ‬بين‭ ‬الدارين،‭ ‬وذلك‭ ‬يتم‭ ‬بشكل‭ ‬سنوي‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬عروض‭ ‬مصرية‭ ‬أو‭ ‬أجنبية،‭ ‬وهناك‭ ‬فرق‭ ‬خاصة‭ ‬بأوبرا‭ ‬الإسكندرية‭ ‬مثل‭ ‬فرقة‭ ‬الوتريات،‭ ‬وفرقة‭ ‬الموسيقى‭ ‬العربية‭ ‬بالإسكندرية‭.‬