صاحب الـ1000 أغنية..

«الأخبار» تحتفى بمئوية مرسى جميل عزيز «شاعر الحب والرومانسية»

مرسى جميل عزيز
مرسى جميل عزيز

فى التاسع من يونيو 1921 جاء إلى الدنيا شاعر غنائى هبة من الله لعالم الكلمات والأنغام والألحان، هبة سوف تغير من مسار الأغنية المصرية وتحدث بها نقلة نوعية تولد على كلماتها مواهب صوتية كبيرة، فتتفتح أزهار شجية فى حديقة الغناء العربى.


عن الشاعر الراحل مرسى جميل عزيز نتحدث بمناسبة مرور 100 عام على ميلاده، 100 شمعة مازالت مضيئة تطرب الوجدان وتسمو بالمشاعر الإنسانية والعاطفية فمن كلماته التى جرت على أنغام الملحنين وأصوات المطربين والمطربات تعلمنا الحب والرومانسية، ومازالت روائعه الغنائية تطربنا حتى الآن وتطرب أجيالا وراء أجيال.


ولد مرسى جميل عزيز صاحب أكثر من ( 1000 أغنية ) فى مدينة الزقازيق لأب ثرى كان يعمل فى مجال الفاكهة، وورث مرسى جميل عزيز مهنة تجارة الفاكهة عن أبيه فى بداية حياته، واتسمت شخصيته بحب القراءة والاطلاع والتحصيل الثقافى، حفظ القرآن الكريم فى طفولته وصباه، وحفظ المعلقات السبع والتهم الكثير من الدواوين الشعرية التى منحته ثراء فى الأفكار والمفردات الشعرية الغنائية الجديدة التى جعلته يتميز بخط جديد عن كل كتاب الأغنية.


المساحة لا تكفى لتناول مشوار مرسى جميل عزيز وتأثيره فى عالم الأغنية كما يجب، لكننا سوف نقوم بتجميع ما جاء على لسانه عن حياته وارتباطه بعدد كبير من الملحنين والمطربين والمطربات من أحاديثه التى أدلى بها للصحافة والإذاعة والتليفزيون، ونعرف قصته مع عبد الحليم حافظ، وسيدة الغناء أم كلثوم التى هرب منها ثلاث مرات لأسباب سوف نعرفها.


يقول مرسى جميل عزيز " أنا أحب كل شيء.. وأعتقد أن أى فنان لابد أن يكون بداخله طفل برىء براءة الطفولة التى هى السن الوحيد اللى مفيهوش أحقاد ومفيهوش شرخ، وإذا عجز أو شاخ الطفل اللى داخله يجب أن يتوقف فوراً.. مش مهم عمر الفنان كام المهم الطفل اللى جواه عايش ولا عجز ولا كرمش "، وعن بداياته مع عالم الشعر والغناء يقول : " بدأت بكتابة الشعر الفصيح وبعدها كتبت الأغانى عندما وقعت فى حب بنت الجيران اللى أهلها منعوها من الخروج، فمسكت العود وقعدت أألف أى كلام كرسالة لها.. وده كان أول كلام أنا لحنته لبنت الجيران، وبصراحة أنا دخلت الشعر الغنائى زى الفتوة اللى ماسك شومة وداخل فرح يثبت وجوده.. فبدأت أعمل أغانى تتقرى من اليمين للشمال ومن فوق لتحت زى أغنية عبدالعزيز محمود "يا أسمر يا جميل يا أبو الخلاخيل ياللى المنديل يأكل من خدك حتة ساعة ما بشوف العود ملفوف لوما مكسوف كنت أجرى وراك حتة بحتة".


ويضيف مرسى جميل عزيز شارحا المناخ الذى بدأ فيه كتابة الأغنية قائلا : " لما بدأت كتابة الأغانى كان فى نوع متأثر باللغة الفصحى زى أغنيات أحمد رامى والنوع الثانى الأغانى المصرية اللى موجودة فى الشوارع والغيط وعند السواقى لكن فى الإذاعة والاسطوانات مش موجودة.. فحبيت أعمل أغانى وسط بين النوعين، ودخل فى حياتى صديقين هما الرجل المثقف موسيقيا محمد حسن الشجاعى، وحلمى حليم أستاذ الدراما والسيناريو فى معهد السينما الذى وجهنى لدراسة الدراما التى عرفت من خلال دراستها أن أى عمل فنى له بداية ووسط ونهاية، زى أى كائن حى مثل الإنسان والوردة أو الفراشة.. لها ميلاد وحياة ونهاية ".
- ويقول : " فى الزمن الذى بدأت فيه كانت الأغنية عمل ثلاثى بين مؤلف وملحن ومطرب، وكل الغناء فى هذه الفترة كان يسعى للتطريب، والمختلف فى هذه الفترة كان صوت ليلى مراد والشيخ محمد رفعت وإلقاؤه الناعم السهل اللى يدخل قلبك قبل ودنك وجمع عبد الحليم حافظ بعد ظهوره كل هذه الأشياء فى صوته ".


وعن مشواره مع العندليب عبد الحليم حافظ يقول : " بداية عبد الحليم الفعلية كانت مع محمد الموجى اللى جابه عندى فى البيت وطلب انى اسمعه وقال لى انه بلدياتى من الزقازيق، وقال لى عبد الحليم "أنت عارف خالى كويس وكنت بتيجى بيتنا كتير، أنا أخو إسماعيل شبانة"، فقلت له " كده وماله.. ومسمعتهوش يومها "، وبعدها لقيت الموجى جايب عبد الحليم لبيتى فى الزقازيق، وقالولى " هنبات معاك.. قلت أهلا وسهلاً "، وقال الموجى " وعاوزين نسهر ونسمع عبد الحليم.. قولت " حاضر "، وكان فى بيتى شلة من السميعة التقال، وفوجئنا بعبد الحليم بيغنى "ولد الهدى" لأم كلثوم، وأول ما ابتدى بصوا لبعض وضحكوا.. لأن أم كلثوم عظيمة ومحدش يحصلها طبعاً.. لكن المفاجأة الغريبة إننا سمعنا لحن ولد الهدى سليم ١٠٠٪، وعلى ما وصلنا لآخر الأغنية أصبنا بذهول وأنا منمتش ليلتها، وقلت للموجى " ده شيء مش معقول ".. فقال لى " مش قولتلك، طب تكتب له " قلت " أنا أتمنى"، وفعلاً ابتديت أكتب لهم أغنية وابتدى الموجى يلحنها ما عدا الكوبليه الأخير سلمته لهم وأنا بوصلهم لمحطة السكة الحديد والموجى لحنه فى مصر وسجلوا أغنية " مالك ومالى يا أبو قلب خالى" على اسطوانة، وجانى بعدها حلمى حليم وكان وقتها عايز يعمل فيلم " أيامنا الحلوة " ورشحت له عبد الحليم حافظ وكان معترض فى البداية، لكنه سهر معانا وسمع عبدالحليم وفجأة غير رأيه وقال لى صوت الولد ده خلّى كل إحساسى اتغيرت، عبد الحليم أحدث بالفعل نقلة فى شكل الغناء والمزيكا ببساطة مطلقة والجملة وأداء سلس من نوعية السهل الممتنع، ولم يكن امتدادا لأحد، وقد كتبت له أكثر من 35 أغنية.


وعن تعامله مع أم كلثوم يقول : " لقائى بأم كلثوم كان عجيب جدا.. بعتت لى وأنا كنت متأثر منها شوية لأنها اختلفت مع صديقى الملحن أحمد صدقى بعد ما طلبت منه يلحن لها، واختلفوا وسابها صدقى وهو راجل بيعتز بكرامته، ولما قعدنا واتفقنا روحت ما رجعتش لأن جايز اللى عملته مع صدقى تعمله معايا، وبعتت لى تانى بعد ما محمد الموجى قال لها " لوعاوزة تشتغلى معايا هاتى لى مرسى جميل "، وقعدنا اشتغلنا مطلع لحنه الموجى وبعدين روحت وما رجعتش لها تانى بعد ما سيطرت على فكرة شريرة عطلتنى عن أم كلثوم مدة كبيرة، لأنى بصيت حواليا لقيت جميع إخوانى اللى فى مهنتى كل واحد منهم اشتهر بمطرب معين، يعنى لولا أم كلثوم يمكن مكنش اشتهر أحمد رامى، ولولا فريد الأطرش يمكن مكنش اتعرف مأمون الشناوى، ولولا عبدالوهاب يمكن مكنش اتعرف حسين السيد، وأنا حاولت أكون عكسهم.. مفيش مطرب اشتغلت معاه كبير أبداً، أنا بشتغل مع الصغيرين وبيكبروا بالأغانى اللى بكتبها لهم، زى عبد العزيز محمود وعبدالحليم وفايزة أحمد ومحرم فؤاد وصباح نفسها قالت إن لولا أغنية "مال الهوا يامّا " كنت فضلت مطربة درجة ثالثة، ومرة تالته طلبت أم كلثوم نقعد مع بعض ولما قابلتها قالت لى إنت عيان ولازم تروح لدكتور أمراض نفسية، يعنى إيه تقعد معايا مرة واثنين وتهرب، مين بيهرب من أم كلثوم ؟ فشرحت لها فكرتى الشريرة فقالت جايز من ١٠ سنين كان الكلام ده صح، دلوقتى اسمك كبير، اسمك خلاص خد حقه وفعلاً أنا اقتنعت بكلامها، وعرضت عليها ٣ أغانى وقالت الثلاثة حلوين وهغنيهم، وابتدينا بأغنية " سيرة الحب " اللى ها يلحنها الموجى وفوجئت إن الدنيا اتقلبت وحصلت لخبطة بينها وبين الموجى ولقيت بليغ بيلحنها وطبعاً كان اللحن موفق جداً، وكتبت لها " فات الميعاد - وألف ليلة وليلة".


 وكان لمرسى جميل عزيز دور كبير فى نجاح فايزة أحمد التى كتب لها أشهر وأجمل أغانيها ومنها « تمر حنة - يامه القمر ع الباب - ليه يا قلبى ليه - حيران - بيت العز"، وهو الشاعر المصرى الوحيد الذى غنت له فيروز " سوف أحيا "، ولا ننسى الروائع التى كتبها لنجاة وشادية ومحمد قنديل ووردة ومحرم فؤاد..والطابور طويل.


" كنوز "