علي فتحي يكتب: «نكسة يونيو» في ميادين الرماية

علي فتحي
علي فتحي

الأصابع المرتعشة لا تقوى على الضغط على الزناد العقول المرتبكة هي التي يزوغ منها الهدف.. برغم أن الأرنب يعدو سريعا ولكن أحيانا تسبقه السلاحف متى اطمأن للنصر والفوز وقرر السبات والغرق في الأحلام كي يفيق على كابوس الهزيمة وصفعة الخذلان، ربما هذا هو الوصف الذي يليق "بنكسة يونيو" في البطولة العربية للرماية التي تقام فعالياتها حاليا حين عجزت مسدسات وبنادق الرماة المصريين عن ملاحقة الهدف وكأنها صفقة أسلحة فاسدة كالتي ذكرها التاريخ في حرب اليمن ولكن هذه المرة برعاية الاتحاد المصري للرماية ورئيسه الذي يغفو في ردهات الماضي وتوقف عن السباق، فخرجنا بخزي وخذلان وأداء باهت من بطولة تحتضنها مصر ويتابعها شعبها في لعبة كنا نحن أسيادها في المنطقة العربية ومراكزنا متقدمة عالميا.

 

 فشل الرماة في كسر "الطبق الطائر" عن بعد وتمرغوا في مسابقات "التراب" عبثا بينما الأشقاء العرب يحصدون الأهداف والنجاحات، رماة دول لا يتوفر لها الحد الأدنى من الاهتمام والميزانيات وميادين الرماية وتعاني من حروب وهزات اقتصادية كفلسطين وموريتانيا والعراق وسوريا نجحت سواعد لاعبيهم وعيونهم في اقتناص ما فشل وتراخى فيه منتخبنا  على ملاعبنا.

 

لا أحد يعلم على وجه الدقة ماذا كان يفعل اللواء حازم حسني رئيس اتحاد الرماية قبل البطولة، فهل اكتفي بالحديث والوعود الفشنك، وأم تصديع رؤوسنا بتصريحاته العنترية عن أن "كل شيء تمام" وعن روعة الإعدادات ومساندة القيادة السياسية وإشادة الاتحاد الدولي بقدرات مصر في تنظيم البطولات الكبرى وإسناد بطولة العالم المقبلة لمصر وغفل عن إعداد الرماة وتنمية مهاراتهم وتوفير سبل النجاح وإرادة الفوز وعقيدة البطولات؟ هل تهاون ومعاونوه ومجلسه في مراقبة وقياس قوة نظر وثبات سواعد الأبطال فأصابهم الوهن وتصلب الزناد وزاغ البصر؟ ماذا يفعل هذا الرجل بنا وإلى أين يأخذ تلك الرياضة التي برعنا فيها وأسس اتحادها أمراء ونبلاء الحقبة الملكية في أربعينيات القرن الماضي، ثم توارثها أبناء الثورة وعامة الشعب حتى أن لعبة "النيشان" انتشرت وصارت دليل بطولة و"جدعنة" للرجال والشباب في الحارات والموالد الشعبية وميادين الأعياد حتى أن الشاعر العظيم صلاح جاهين احتفى بها في أوبريت الليلة الكبيرة الشهير فكتب: " فتح عينك تاكل ملبن.. فينك فينك تاكل ملبن.. أوعى لجيبك.. لا العيب عيبك، قرب... جرب... نشن... وسطن إيدك وسطن. إضرب.. يحميك يا ابني تبقى غالبني. قرب خد لك حتة ملبن" ولكن حازم ولاعبيه فشلوا في التنشين وبخلوا علينا بالملبن وأهدوه للمنافسين وتركوا لنا مضغ المر.

 

لم تبخل القيادة السياسة عن دعم الرياضة المصرية في كل المجالات هكذا نعلم ونشاهد منذ سنوات، منذ أسابيع قلائل شهد العالم لنا بروعة تنظيم بطولة كأس العالم لكرة اليد والأداء الرجولى لأبطال "الهاند بول " السمر الشداد ، فلما لم تصب العدوى حازم حسني ورفاقه ولاعبيه؟ ولماذا ارتخت جفون وسواعد وأصابع رماة مصر؟ أين ذهب وبرونز "الأخوين محيلبة" الذي تحقق في بطولات سابقة وأخرها إيطاليا؟ هل أصابهما وزملائهم في الفريق الزهد في البطولات؟  التحقيق هنا فرض عين والمحاسبة على رؤوس الأشهاد مطلب شرعي والأعذار الواهية لا مكان لها حين يكون اسم مصر على المحك.

 

لابد للجميع أن يعلم حقيقة الأمر هل بخلت الدولة على المنتخب المصري للرماية؟ لا أظن فالقيادة المصرية التى لا تنام ووعدت أن تكون مصر "قد الدنيا " وتواصل الانجازات ليلا ونهارا مؤكد كان يشغلها النجاح في بطولة عربية على أرض مصرية تتوافر لها كا الإمكانات والدعم ولكن خذلها المتخاذلون بالفطرة، من لا تعرف قواميسهم كلمة اجتهاد ومتابعة وانجاز.


إذن أين ذهبت معسكرات الإعداد وأموالها العامة طالما تلك هي النتائج المخجلة؟ من وراء تراجع المستوى لدرجة التخاذل؟ من أغمض عينه وقرون استشعاره عن الخلل قبل الحدث؟  فلا شيء يأتي بالصدفة إلا نادرا والمقدمات تنبئ بالنهايات.

 

ماذا سنفعل في بطولة للعالم نستعد لاستقبالها في ٢٠٢٢ المقبل هل سنواصل مشوار الفشل؟ هل سنحزم خيبتنا في شنط سفر اللاعبين إلي أولمبياد طوكيو إذا استمر هذا الرجل على مقعده؟ هل تمر الفضيحة دون محاسبة؟ ماذا سيفعل أشرف صبحي وزير الرياضة ومعه هشام حطب القابع على رئاسة اللجنة  الأوليمبية المصرية فيما حدث في ميادين رماية أندية الصيد والمعادي من خروج مهين لرماة مصر على أرض تعلم منها العالم كيف تكون الرماية وقنص الأهداف منذ عهد الفراعنة مرورا بالحروب وختاما بنصر أكتوبر الذي أبهر العالم بقدرات المصريين ومهارتهم في التصويب، أليس هؤلاء الرماة من طين هذا الوطن ومهاراتهم جينات تجري في الدماء؟ 


البعض لا يشغله سمعة مصر وتلك جريمة لا ينبغي الصمت معها، لا نستطيع أن "نكفي على الخبر ماجور" بينما مجلس إدارة اتحاد الرماية يستمتع بالسفر والنزهات برا وبحرا وجوا حول العالم وفي المنتجعات المصرية طوال العام وغالبا فإعداد وتدريب اللاعبين سقط سهوا من حقائب رحلاتهم . ننتظر إجابات وزير الشباب ومكاشفة ومصارحة من اللجنة الأوليمبية على تلك المهزلة  التي لم نبلغ فيها حتى درجة الأداء المشرف.. القرارات الحاسمة والإدارة الناجحة تعرف تهجئة كلمة "إقالة"، في الطب يعلمون فائدة البتر والكي إذا فسد عضو في الجسد،ويدركون أهمية تنشيط القلب وتسليك الشرايين،أما في اليابان ينتحر المسؤول لو أخفق، ولا يكتفي بحمرة الخجل ونظر العيون إلي الأرض هذا لو حدث أصلا عندنا.. فآفة حارتنا التبلد.