يكرمه مهرجان الإسكندرية السينمائى.. المخرج علي بدرخان: حاربت الاحتكار

جانب من الحوار
جانب من الحوار

» فيلمى الجديد ينتظر قراراً.. والتدريس رسالة لن أتأخر عن أدائها 

» غامرت بوجوه جديدة صاروا نجوما أبرزهم زكى ونسرين وشيرين 


مرفت عمر

المخرج الكبير علي بدرخان يتم تكريمه فى مهرجان الإسكندرية السينمائى لدول البحر المتوسط  هذا العام، وتحمل دورته السابعة والثلاثين اسمه، احتفالاً بمناسبة عيد ميلاده وتاريخه السينمائى والأكاديمى الطويل، حيث يتسلم علم الدورة فى حفل افتتاحه فى سبتمبر المقبل، وتقام ضمن الفعاليات ندوة احتفالية يحضرها زملاءه وتلامذته، وتوزيع كتاب يتضمن أهم المحطات فى حياته، فلم يكن على بدرخان مخرجاً عادياً خلال مسيرته، بل مفكراً وصاحب رؤية ورسالة، قدم 9 أفلام خلال ما يقارب الأربعين عاما فقط، وهو عدد قليل إلى حد ما بالنسبة لأقرانه، إلا أنه استطاع من خلالهم أن يؤرخ لأحداث مفصلية فى تاريخنا المعاصر، ويتنبأ بأخرى لم تكن معالمها قد اتضحت بعد كالانفتاح الاقتصادي، انتصر للأعمال الأدبية لكبار الكتاب فى أفلامه وأبرزهم نجيب محفوظ، أفلامه هى «الحب اللى كان»، «شيلنى وأشيلك»، «أهل القمة»، «الجوع»، «الرجل الثالث»، «نزوة»، «الراعى والنساء»، «شفيقة ومتولي»، و»الكرنك»، فى حوارنا التالى مع المخرج الكبير على بدرخان نسلط الضوء على أبرز مواقفه وأراءه ورسالته التى لا زال يعمل عليها. 

» كيف استقبلت خبر التكريم من المهرجان؟ 
التكريم أكثر شيء يسعد أى فنان ويشعره أنه قدم ما جعله مستحقا له، ويعد تكليلا لمشوار طويل ومدعاة للفخر والبهجة، وإدارة المهرجان هم مجموعة من الأصدقاء السينمائيين الذين تربطنى بهم علاقات طيبة، احترم جهدهم ودأبهم لاستمرار إقامة هذا المهرجان فى ظل الظروف الصعبة التى تشهدها البلاد ماديا، وعلى مستوى العالم المتمثل فى وباء أوقف الحياة لفترة نتمنى ألا تعود، وسعادتى كبيرة بالتكريم والتواجد وكل الدعم منى لاستمرارهم. 
تتلمذت على يد الكبار أحمد بدرخان وأحمد ضياء الدين وفطين عبدالوهاب وشادى عبدالسلام ويوسف شاهين، فهل استشعرت النقاط التى اتفقوا فيها؟ 
الأساتذة كانوا عشاقاً للسينما وهو ما ورثته عنهم، لكل منهم مدرسته الخاصة ورؤيته فى إدارة عمله، تعلمت منهم أن المخرج هو مدير منظومة العمل، وهو ما أصبح شبه منعدم فى الفترة الحالية، وأن العمل لابد أن يحمل متعة ورسالة، وربما متعة فقط دون رسالة، أما غياب العنصرين عن العمل السينمائى يخرجه عن المنظومة  تماماً. 

عدد قليل من الأعمال السينمائية المميزة حفرت اسم على بدرخان وأثارت الجدل فى الأوساط السينمائية فما الأسباب؟ 
قلة أفلامى ليست مسئوليتى وحدي، فالمخرج يعمل حينما يتوفر له النص الجيد والإنتاج، كنت أتحرك بحثا عن إنتاج إذا عثرت على النص الأدبى الذى يتملكنى تماماً، وكثيراً هى المشاريع التى دارت حولها جلسات عمل ولم تنفذ لأسباب خارجة عن إرادتي، والجدل كان سببه أن غيرى من المخرجين كان لهم حصيلة من الأفلام تتخطاني، وموضوعاتى شهدت تنبؤات واكتشاف وجوه جديدة مثل نسرين فى فيلم «شيلنى وأشيلك» وشيرين رضا فى «نزوة»، وأحمد زكى طبعا فى عدد من أفلامى وقت أن كان فى بدايته. 


أثرت جدلاً فى تصريحاتك الصحفية ومواقفك الثورية ودوما كنت فى المقدمة فكيف ترى ذلك الآن؟ 
لم آخذ موقفا دون تفكير واقتناع لن يختلف الآن عن وقتها، الفرق الوحيد أن المواقف مرهونة بظرف ما، فحينما تحدثت عن أزمات السينمائيين الذين لا يعملون، كنت أسعى لإيصال صوتهم وإيجاد حلولا عملية تنأى بهم عن الحاجة للغير، وتوفر لهم حياة اجتماعية لائقة، ورفض الشللية التى لم تكن قد وصلت لما هو عليه الحال الآن، فالوضع اليوم أسوأ بمراحل، والمواقف لم تعد مجدية، فئة صغيرة تعمل وأخرى مكتسحة تعانى البطالة، فى غياب مؤسسى تام، ظللت لسنوات أحاول تحريك المياه الراكدة دون يأس، وأتمنى أن يظل هذا الحراك موجوداً ليتحقق المطلب مع الوقت. 

هل تفرغت للتدريس ولا ترغب فى إخراج عمل جديد؟ 
سأظل حتى يومى الأخير فى الحياة أبحث عن فرصة مناسبة لإخراج فيلمى العاشر، إلا أننى لن انتظرها دون عمل، فالعمل الأكاديمى يسرى فى عروقي، ونجاحات أبنائى وتلامذتى يعوض توقفي، وتشجيعى لتلامذتى بتنفيذ أعمالهم هو جزء من تشجيعى لذاتي، إلا أن حماسى لتقديم عمل لم يتحقق فعليا بسبب عدم وجود الفكرة التى أتحمس لها، وخاصة فى ظروف احتكارية تعم المناخ السينمائى والتليفزيوني، وأجد بديلاً عظيماً لهذا الركود من خلال التدريس. 

هل تتابع الأفلام والمسلسلات حتى اليوم؟ 
طبعا أتابع بكل حزن وأسى على ما آلت إليه أوضاعهما، إلا أننى أجد بين الحين والآخر عملاً يسعدنى وينسينى حزنى مما سبقه، وكلى يقين فى أن الوسط السينمائى ليس بهذا السوء، ونسبة منهم لا زالت تقاوم وتكشف امكانياتها وقدراتها، ولا تتهاون فى سبيل أكل العيش، وهو ما لا أرفضه إطلاقا، البحث عن الرزق حق مكفول للجميع، ومن يعمل أفضل ممن لا يعمل واستسلم للواقع، وهو ما أقوله لتلامذتى دوما، أن تجد فرصة للعمل أفضل من الابتعاد تماماً، فإن كنت فى بدايتى قد رفضت تقديم ما يضاد لمواقفي، فهذا لا يعنى أن أطلب من الجميع ذلك، أو أغضب ممن تأتيه فرص للعمل، ربما ظروفى كانت أفضل حالاً من ظروف غيري.