عاجل

صلاح جاهين أشهر رسامي الكاريكاتير.. كان يكره الرسم!

صلاح جاهين
صلاح جاهين

صلاح جاهين فنان متعدد الهوايات فقد نجح في الرسم والشعر والتمثيل والإنتاج وكتابة السيناريو، فكان له أسلوب يمتاز بالخفة والعمق معا من خلال التعبير عن الروح المصرية المرحة.

أنا اللي بالأمر المحال إغتوى .. شفت القمر نطيت لفوق فى الهوا
طلته ماطلتوش إيه أنا يهمني .. وليه مادام بالنشوة قلبي ارتوى

"الصدق" كان هو سر صلاح جاهين، فكان يعبر بصدق عن أفكاره وخلجات نفسه ومن هنا كانت قدرته على التغلغل إلى أعماق المشاعر سواء عن طريق تعبيره بالريشة أو بالقلم، وكان يمتاز بجانب موهبته وصدقه وحساسيته وتجاوبه مع الأحداث، بعمق التفكير والتعبير بسخرية لا تؤثر في إصراره على أن يبتسم للحياة.

طالع عرقان م المنجم .. كانت والله ع الباب
الشمس قالت لي تبسم .. أنا وأنت بقينا أصحاب

بدأت قصته في مدرسة أسيوط الثانوية حيث كان لا يعرف أي مستقبل ينتظره وكان الرسم أبعد ما يخطر على باله فقد كانت مادة الرسم سبب تأخر ترتيبه في الدراسة، وعن طريق الصدفة طلب المدرس من الطلبة أن يرسموا "عاصفة في غابة"، ويبدو أن اللوحة التي قدمها وهو الضعيف في الرسم امتازت عن غيرها بالخيال والصدق مما أثار إعجاب أستاذه الذي لم يتردد في إبداء شعوره لتلميذه.

ومن هنا اتجه الطالب بكل جوارحه إلى الرسم الذي كان ينفر منه، وبعد الثانوية عزم أن يلتحق بكلية الفنون الجميلة وهنا ثارت العائلة والأب المستشار لأنه لا يرضى أن يكون ابنه فنانا ويريده أن يكون قانونيا، وحاولت العائلة في هذا بكل الطرق حتى أنها لجأت إلى فتاة عرفوا منزلتها في قلبه لترغمه على قبول رأي العائلة، وفعلا امتثل وقدم أوراقه بكلية الحقوق جامعة القاهرة، ولم يحضر محاضرة واحدة بل أنه في نفس الوقت قدم بالقسم المسائي لكلية الفنون الجميلة. 

أنا شاب لكن عمري ألف عام .. وحيد لكن بين ضلوعي زحام
خايف و لكن خوفي مني أنا .. أخرس و لكن قلبي مليان كلام

وانتهى العام الدراسي ولم يحضر امتحان الحقوق ودخل العام الذي يليه, وعرف والده أنه لا فائدة من التحاقه بالحقوق فوافق على مضض على التحاقه بالفنون الجميلة ولكنه حرمه من رعايته فمنعه من كل شيء، لا نقود ولا ملابس ولا كلمة حلوة، وهنا وجد صلاح من الشعر متنفسا لكل هذا التعنت والحرمان.

يا باب يا مقفول … أمتى الدخول .. صبرت ياما واللي يصبر ينول
دقيت سنين،، و الرد يرجع لي: مين ؟ .. لو كنت عارف مين أنا كنت أقول

وبعد فترة قصيرة بلغ الضيق المادي مداه فسلم وذهب إلى والده وأبلغه أنه لا يملك لرأيه مخالفة فهو يريد العودة لكلية الحقوق، واستطاع صلاح أن يتأقلم على الوضع ونجح بتفوق في الدور الأول وما كان هذا النجاح ليصرفه عن هواية الرسم والشعر.

وكان بعض أصدقائه يلجئون إليه ليضع الرسوم لقصصهم وبدأ اسمه يظهر صغيرا ثم أكبر في الجرائد والمجلات ففرح لذلك ثم انتهى به الأمر إلى قبول العمل كرسام في مجلة "بنت النيل"، ثم جاءت ثورة 1952 فأخذت أحاسيسه جميعا وكان يجوب الشوارع ليلا نهارا ويرسم كل ما يشاهد ثم انتقل إلى العمل بالكاريكاتير السياسي.

ولاحت له الفرصة عندما صدرت جريدة "الجمهورية" وعمل بقسمها الفني، وقبل بعدها عرضا للعمل بالمملكة العربية السعودية وعاد منها بمبلغ لا بأس به ولكنه نفذ بعد شهرين، وبحث عن عمل بعد أن تأكد أن دراسته للحقوق لن تكتمل وبالفعل وجد عملا مناسبا بجريدة القاهرة وأضاف إليها عملا بمجلة الإذاعة وبعد ذلك ذهب إلى روز اليوسف واستمتع بالعمل بها حيث رأى فيها المجال المناسب لرسوماته.

أحب أعيش ولو فى الغابات .. أصحى كما ولدتني أمي و أبات
طائر، حوان، حشرة، بشر، بس أعيش .. محلا الحياة حتى في هيئة نبات

وحرصا من صلاح على أن يضع نفسه أمام الأمر الواقع بعد أن أصبح محترفا فعلا، فذهب وخطب من أحب وفي ساعة رضى وافق الوالدان على الخطبة ثم كتب الكتاب، وكان هذا إعلانا بقبول الجميع بعده النهائي عن الحقوق كما كان له أثر في بذله الجهد لرفع شأن الكاريكاتير، بحسب ما ورد في جريدة المساء في 11 أكتوبر 1960.

وفي عام 1966 ، أصبح صلاح شاهين الشاعر والرسام الكاريكاتيري البالغ من العمر الخامسة والثلاثين أول رسام كاريكاتير في العالم العربي وربما العالم كله يتولى رئاسة تحرير مجلة أسبوعيه بالتعيين فيها وليس لأنه يملكها وهي مجلة "صباح الخير".

ولم يمنعه هذا من كتابة الشعر فكتب لنفسه ثم لأصدقائه ثم للجمهور ثم للمطربين المتواضعين ثم لأم كلثوم، وعاش لفترة سعيدا بزوجته وابنه وفرشاته وقلمه. 

انشد يا قلبي غنوتك للجمال .. وارقص في صدري من اليمين للشمال 
ماهوش بعيد تفضل لبكرة سعيد .. ده كل يوم فيه ألف ألف احتمال

ولد محمد صلاح الدين بهجت أحمد حلمي يوم 25 ديسمبر 1930 في شارع جميل باشا في شبرا، قمة أعماله كانت الرباعيات والتي تجاوزت مبيعات إحدى طباعات الهيئة المصرية العامة للكتاب لها أكثر من 125 ألف نسخة في غضون بضعة أيام، قام بتأليف ما يزيد عن 161 قصيدة، وكان مؤلف أوبريت "الليلة الكبيرة" أشهر أوبريت للعرائس في مصر.

ينظر البعض إلى جاهين على أنه متبني علي الحجار وأحمد زكي وشريف منير، كما أرتبط بعلاقة قوية مع الفنانة سعاد حسني، وقد أصيب بالاكتئاب أكثر من مرة.

تزوج صلاح جاهين مرتين، زوجته الأولى "سوسن محمد زكي" الرسامة بمؤسسة الهلال عام 1955 وأنجب منها أمينة جاهين وابنه الشاعر بهاء، ثم تزوج من الفنانة "منى جان قطان" عام 1967 وأنجب منها أصغر أبنائه سامية جاهين عضو فرقة إسكندريلا الموسيقية، توفى 21 أبريل 1986 عن عمر 55 عاما.

خرج ابن آدم من العدم قلت : ياه .. رجع ابن آدم للعدم قلت : ياه
تراب بيحيا … وحي بيصير تراب .. الأصل هو الموت ولا الحياة ؟

المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم