علاج مرضي الاكتئاب استثمار يعود بالنفع على اقتصاد الدول

مصاب به 300 مليون شخص.. طرح علاج حديث لمرضى «الاكتئاب المقاوم» 

جانب من المؤتمر
جانب من المؤتمر

أكدت منظمة الصحة العالمية في تقريرها لعام 2020، أن مرض الاكتئاب من أكثر الاضطرابات النفسية شيوعًا، حيث يصيب أكثر من 300 مليون شخص حول العالم، منهم ما يقرب من 2.5 مليون مواطن مصري حسب الاحصائات العالمية، كما أنه قد يؤدي إلى العجز بل أنه في أسوأ حالاته، يمكن أن يفضي إلى الانتحار.

جدير بالذكر أن نسبة 20 : 30% من مرضي الاكتئاب يعانون من مرض الاكتئاب المقاوم للعلاج، ولذلك إحدى شركات الدواء حديث سريع الفاعلية ويأخذ عن طريق بخاخة الأنف تحت إشراف طبي، وهو عقار اسمه العلمي «إسكيتامين» والذي حصل على توصيف دلالة الإنجاز من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية والتي تمنح هذا التوصيف للأدويه التي تعالج أمراض خطيرة أو مهدده للحياة والتي أثبتت الدراسات الأكلينيكية الأولية أنها قد تؤدي إلى تحسن جوهري مقارنة بالعلاجات المتوفرة.

اقرأ أيضاً| نصائح لعلاج اكتئاب ما بعد كورونا.. «المشي» أسهل وسيلة 

مرض الاكتئاب طبقًا لمنظمة الصحة العالمية يختلف عن التقلبات المزاجية العادية والانفعالات العاطفية التي لا تدوم طويلاً، وقد يصبح الاكتئاب حالة صحية حرجة، فسنويًا يموت ما يقارب 800000 شخص من جراء الانتحار والذي يمثل ثاني سبب رئيسي للوفيات بين الفئة العمرية 15: 29 عامًا، والاكتئاب المقاوم للعلاج ليس نادرًا بل يعاني منه ثلث المصابين بالاكتئاب.
 
ولكل ما سبق يتضح ضرورة علاج مرضى الاكتئاب والاهتمام بهم بشكل جاد، بل واعتبار توفير الرعاية الصحية والأدوية الحديثة استثمارًا يعود بنفع بالغ على اقتصاد الدول، ولذلك اجتمع اليوم عدد من خبراء الطب النفسي لتسليط الضوء على المرض والعبء الذي يسببه للدول من خلال مؤتمر طبي متخصص.

وأوضح الدكتور طارق كمال أستاذ ورئيس وحدة الطب النفسي بكلية الطب جامعة الإسكندرية، عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للطب النفسي وعضو مجلس إدارة نقابة أطباء مصر أن أعراض الاكتئاب تشمل تعكير المزاج، والشعور بالضيق، وعدم القدرة على الاستمتاع بمباهج الحياة، وفقدان الرغبة الجنسية، والثقة بالنفس، والإنعزالية وعدم الرغبة في مخالطة الأخرين، كما يعاني المريض من الكثير من الأفكار السلبية، ويمكن ان يكون المرض مصاحب للرغبة في إنهاء الحياة.

وأضاف أن الاكتئاب المقاوم للعلاج يعني خضوع المريض للعلاج لفترتين - تمتد كل منهما من 6 إلى 8 أسابيع - باستخدام أنواع مختلفة من مجموعات الأدوية المضادة للاكتئاب، وبالرغم من ذلك تستمر أعراض المرض وهنا يعتبرالمرض مقاوم للعلاج، ويستوجب خطط علاجيه بأدوية حديثة مخصصة لذلك، وبالفعل توفر العقار الجديد والذي حصل على توصيف دلالة الانجاز من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية نظرًا لفاعليته الغيرمسبوقة. 

ومن جانبها، أوضحت الدكتورة حنان الشناوي أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة أهمية تسليط الضوء على مرض الاكتئاب والاكتئاب المقاوم للعلاج نظرًا لما يعاني منه هؤلاء المرضى من وصمة وتداول العديد من المعلومات المغلوطة، مشيرة إلى أن الصحة النفسية أمر غاية في الأهمية للشخص وأسرته والمجتمع ككل، لافتة إلى أن المرض النفسي يعطل الحياة تمامًا، وقد يصيب الإنسان في مراحل عمرية مختلفة.

وأضافت أن كثير من المرضى النفسيين لا يتمكنوا من الحصول على التشخيص الصحيح في الوقت المناسب، حيث يتأخروا كثيرا في الذهاب إلى الطبيب بسبب المعتقدات المغلوطة بأن المرض النفسي قد يرجع إلى ضعف الإيمان وما شابه، ولكن الحقيقة انه مرض مثل السكر والضغط، ويستوجب العلاج حتى يعود الأداء الوظيفي للمخ إلى طبيعته.

وحذرت من النظرة المغلوطة لأدوية المرض النفسي من كونها تسبب الاعتمادية أو انها تسبب الضعف الجنسي، أو تغير كيمياء المخ، وأكدت أن ذلك غيرعلمي ويتسبب في زيادة الوصمة حول المرض النفسي ويؤخر شفاء، لافتة إلى أن الأدوية عامل رئيسي في علاج المرض النفسي، مثله كمثل باقي الأمراض.

كما أضافت أن الاكتئاب سيصبح السبب الرئيسي للعجز والإعاقة بحلول عام 2030 متجاوزًا بأكثر من 6% إجمالي العجز نتيجة أسباب أخرى، كما أن عدد الوفيات بسبب الاكتئاب أكثر بمرة ونصف من تلك المتصلة بسرطان الثدى، ولذلك يجب زيادة الإنفاق على المرض النفسي خصوصًا الاكتئاب والعلاجات الحديثة لمواجهة العبء المتزايد للمرض، كما أكدت أن هذا الإنفاق يعتبر استثمارًا يصب في مصلحة الدول بشريًا واقتصاديًا.

كما أشادت بالدور الفعال الذي تلعبه الدولة المصرية والهيئات الصحية في الاهتمام بالأمراض النفسية وتوفير العلاجات الحديثة للمواطن المصري.

كما أضافت الدكتورة هالة حماد عضو الكلية الملكية للطب النفسي بإنجلترا أن مرض الاكتئاب يزيد من إحتمالية إصابة الشخص بمضاعفات أخرى مثل زيادة نسبة الإصابة بأمراض القلب بالإضافة إلى أن حوالي 15٪؜ من الحالات الشديدة قد يؤدي إلى الانتحار إذا لم يتم علاجه. 

وأوضحت أن معظم حالات الاكتئاب تستجيب للعلاجات التقليدية من مضادات الاكتئاب والعلاجات النفسية، ولكن المشكلة الحقيقية هي أن «20: 30٪؜» من مرضيىالاكتئاب لا يستجيبون لتلك العلاجات ويعرف هذا المرض بالاكتئاب المقاوم للعلاج. 

وأكدت أنه في الأعوام الأخيرة ظهرت علاجات حديثة للتعامل مع هؤلاء المرضى كالعقار الذي نتحدث عنه اليوم والذي يعمل بطريقة متطورة حيث أنه ينظم عمل مادة الجلوتامات في المخ وهي أحد أهم الموصلات العصبية التي تساعد المرضى على التحسن السريع والفعال كما أنه يؤخذ عن طريق بخاخة الأنف مما يسهل على المرضى استخدامه بالإضافة إلى سرعة امتصاصه وبالتالي سرعة واستمرارية فاعليته.

جدير بالذكر، أن توافر هذه العلاجات الحديثة وبالأخص «سبراڤاتو» سيعود بفائدة كبيرة على 30٪؜ من المرضى الذين كانوا يحتاجون إلى دخول المستشفى أكثر من مرة، واستخدام جلسات  الكهرباء وجلسات تنبيه المخ المغناطيسي، هذا بالإضافة إلى تكلفة الإقامة في المستشفيات وتغيب المريض من العمل «التكلفة الغير مباشرة» ولكن مع العلاجات الحديثة تكون الاستجابة سريعة، وتساعدهم في التغلب على المرض والعودة إلى حياتهم الطبيعية في وقت سريع.

ومن جانبه، أكد الدكتور رامز محسن، المدير التنفيذي لإحدى الشركات بمصر وشمال شرق إفريقيا والأردن، أن رفاهية الشعوب لم تعد تقاس بمقدار الثروات أو النمو الاقتصادي فقط؛ بل أيضًا باهتمامها بتقديم أفضل رعاية صحية لمواطنيها؛ ولا سيما الصحة النفسية، لما لها من تأثير واضح على الإنتاجية علمًا بأن العبء التي تشكله الأمراض النفسية على إنتاجية الفرد وميزانية الدولة عبء جمّ وأثبت أنها على رأس الأمراض التي تسبب تدهور للحالة الصحية والاقتصادية للمجتمع.

وأضاف أن الاكتئاب من الأمراض التي قد يساء فهمها، وقد يعتقد أنها ليست أمراض ذات وطأة شديدة؛ ولكن العلم الحديث يأكد أن الاكتئاب مرض منتشر وفتاك، يضرب المجتمع في رأس ماله الحقيقي المتمثل في الشباب، وانتاجيته، ويقلل من قدرة المواطن على لعب دور فعّال في ازدهار مجتمعه وتقدمه.

وأكد أن توجه الحكومة المصرية محمودًا، حيث إنه في الآونة الأخيرة قامت هيئة التأمين الصحي في مصر بتوفير العلاجات الحديثة للأمراض النفسية، مما يدل على أننا نسير في الاتجاه الصحيح للحاق بالدول المتقدمة، والحقيقة أنه لم يتم التركيز على 100 مليون صحة بدنية فقط؛ ولكن أيضًا شملت الصحة النفسية والتي تشكل أساس تقدم الدول.