حكايات| في قاع محيط مصري.. اصطياد «حفريات» أسماك بالصحراء الشرقية

في قاع محيط مصري.. اصطياد «حفريات» أسماك بالصحراء الشرقية
في قاع محيط مصري.. اصطياد «حفريات» أسماك بالصحراء الشرقية

ربما لا يختلف الباحثون على أن الأسماك من الكائنات الحساسة لأي تغير في المناخ، لكن ما قدمه فريق مصري أمريكي مشترك عن "اصطياد" حفرية لسمكة القمر في الصحراء الشرقية يعد إنجازا تاريخيا غير مسبوق.

 

ببساطة نجح فريق البحث الدولي من جامعات المنصورة وطنطا وميتشجان والجامعة الأمريكية بالقاهرة في في توثيق اكتشاف بقايا لحفريات فقارية من رواسب يرجع عمرها إلى 56 مليون سنة أي من فترة PETM؛ حيث تم تسجيل حفرية سمكة القمر (Mene).

 

الدكتورة سناء السيد نائب مدير مركز الحفريات الفقارية بكلية العلوم جامعة المنصورة، وهي المؤلف الرئيس لهذه الدراسة، تحدثت عن أن هذا الاكتشاف يعد حدثاً علمياً فريداً من نوعه، فلأول مرة يتم توثيق أنواع مختلفة من أسماك تلك الفترة الهامة في التاريخ الجيولوجي من قارات الجزء الجنوبي (أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية وأستراليا وقارة القطب الجنوبي).  

 

 

ليس هذا فحسب بل نجح الباحثون في التعرف على حفرية سمكة القمر (Mene) للمرة الأولى التي يتم تسجيل حفريات هذا النوع من الأسماك في قارة أفريقيا؛ إذ تشير الدراسات العلمية إلى وصول درجة حرارة المحيطات في ذلك الوقت إلى ما يقارب الـ40 درجة مئوية في المناطق الاستوائية وهي درجة حرارة مميتة لكثير من مجموعات الأسماك، وفقا للدكتورة سناء.

 

ويعني تعريف أنواع الأسماك الجديدة من مصر (القريبة نسبياً من خط الاستواء)، ودراسة استجابتها للتغيرات المناخية الناتجة عن الاحتباس الحراري القديم، إعطاء تصور أوضح لفهم سلوك تلك الأسماك إزاء التغيرات المناخية السريعة التي يشهدها كوكب الأرض حاليا.

 

اقرأ أيضًا| هنا بلاد العسل.. رحلة نجع حمادي "الحلوة" في 125 عاما

 

أما الدكتور طارق عنان أستاذ الصخور الرسوبية بكلية العلوم جامعة المنصورة والباحث المشارك في الدراسة فأوضح أن حفريات الأسماك وجدت في صخور تكونت في قاع المحيط التيثي القديم، الذي غطى شمال مصر آنذاك، كما تبين من دراسة تلك الصخور أنها تكونت في بيئة تعاني من نقص حاد في كمية الأكسجين".

 

 

الدراسة نفسها تقدم حفريات تم استخراجها من الحد الفاصل PETM، اعتماداً على دراسة الحفريات الدقيقة من صخور المنطقة الواقعة في الصحراء الشرقية، كما تم تحديد عمر هذه الحفريات بنحو 56 مليون سنة، وهو ما أكده الدكتور محمود فارس أستاذ الحفريات الدقيقة بكلية العلوم جامعة طنطا والباحث المشارك في الدراسة.

 

ويعلق الدكتور هشام سلام أستاذ الحفريات بالجامعة الأمريكية ومؤسس مركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية وقائد الفريق المصري بقوله إن "هذا الاكتشاف فتح الباب للإجابة على أسئلة هامة تضيف لمصر وللعالم معلومات مهمة في فهم الاحتباس الحراري الحالي بالنظر للتجارب السابقة التي خاضتها الأرض عبر تاريخها الماضي العتيق. 

 

ورغم ذلك فإن هذه الورقة العلمية مجرد بداية ضمن سلسلة من الاكتشافات التي ستسفر عنها الرحلات الاستكشافية لجمع مزيد من المعلومات والدلائل عن تلك الحقبة التاريخية الهامة للحاضر ومستقبل كوكب الأرض.

 

ويهتم علماء الجيولوجيا والبيولوجيا القديمة بدراسة الاحتباسات الحرارية القديمة وتأثيرها على الكائنات الحية ليس فقط من أجل تكوين صورة علمية لفهم سلوك الاحتباس الحراري الذي يشهده كوكب الأرض حالياً، ولكن أيضاً لتوقع تأثيره المستقبلي على التنوع البيولوجي المعاصر بما يشمل مستقبل جنسنا البشري على الكوكب.