ليست أسيرة

 د.محمد العشماوى
 د.محمد العشماوى

 د.محمد إبراهيم العشماوى
أستاذ الحديث الشريف فى جامعة الأزهر

الزوجة فى الإسلام ليست أمة للزوج، ولا أسيرة عنده، وكل ما ورد من الأحاديث والآثار التى تشبهها بالأمة والأسيرة ونحو ذلك؛ ليس المقصود منه إهانتها وتحقيرها، ولا قهرها وإذلالها، كيف والإسلام قد كرم المرأة، ورد إليها اعتبارها المسلوب، على نحو لا يوجد مثله فى أى تشريع سماوى أو أرضى، بل المقصود من هذا التشبيه أمران-كما يفهم البلاغيون:
الأول: الرفق بها كما يرفق بالأمة والأسيرة؛ لأنهما فى غاية الضعف، فهو حث للزوج على الرفق بها، بأبلغ وجه، وآكده، والثانى: حثها على طاعة زوجها فى المعروف، والخضوع له كخضوع الأمة والأسيرة، بأبلغ وجه، وآكده!
وفى ضوء هذا الفهم يجب أن تفهم الأحاديث التى تحث المرأة على طاعة زوجها إذا دعاها إلى الفراش، وأنها إن امتنعت عنه كانت عاصية آثمة، وباتت تلعنها الملائكة حتى تصبح، فمعناها أنها إن امتنعت عنه تأبيا عليه، أو إذلالا له، أو مكايدة، أو إرغاما له على فعل شيء أو تركه، فلا شك فى تحريم ذلك عليها، وأنها تكون عاصية، آثمة، ملعونة، وتستحق وصف النشوز إن استمرت على ذلك، وإسقاط النفقة؛ لأنها فوتت عليه أعظم مقاصد النكاح، وأما إن امتنعت لضرورة من مرض، أو تعب، أو إرهاق بدنى أو نفسى، أو انشغال بأهم؛ فلا تكون عاصية بذلك، ولا تأثم، ولا تستحق اللعن، وقد جاء فى حديث عبد الله بن زمعة رضى الله عنه؛ ما يؤكد على مراعاة مشاعر المرأة فى مسألة الفراش، وهو ما رواه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «يعمد أحدكم إلى امرأته، فيجلدها جلد العبد، ثم يضاجعها آخر اليوم!».. والحديث-كما ترى-جاء بصيغة الإنكار لهذا الفعل المتناقض، وكأنه يريد أن يقول: إن هذه العلاقة الخاصة ينبغى أن تتم بالتراضى، وفى جو من الحب والوئام، والتفاهم والانسجام. فإن أجبرها على ذلك وهى كذلك؛ فقد أساء، وارتكب أمرا مكروها، وخرج عن حد المعاشرة بالمعروف، لكن لا ينبغى تسمية فعله اغتصابا، مجاراة للنسويين والحقوقيين؛ فإن هذا المصطلح (الاغتصاب الزوجى) مصطلح غربى، وافد على بلاد الإسلام، القصد منه تهييج النساء على الرجال، وإفساد الأسر، وتخريب المجتمعات!
ومن المعلوم اليوم أن المجتمعات الغربية-باستثناء المجتمع الانجليزى إلى حد ما-لا تعرف مفهوم الأسرة، كما يعرفه المسلمون، ولا يوجد عندهم دفء العلاقات الأسرية، كما عند المسلمين، فهم يحسدون المجتمعات الإسلامية على بقاء تلك الرابطة الاجتماعية التى حرموا منها، وفى اعترافات نساء غربيات أنهن يحسدن المرأة المسلمة على مكانتها الأدبية التى منحها إياها الإسلام، حيث المرأة فى الإسلام كالملكة، لا تطالب بأية التزامات مالية، فهى معززة مكرمة مخدومة من الرجال، أما المرأة الغربية فإنها كالرجل سواء بسواء، فهى تعمل فى جميع المهن الحقيرة والوضيعة، وتكدح فى الحياة؛ لتنفق على نفسها، وإلا ماتت جوعا!. ولقد ظلمت المرأة المسلمة نفسها حين خلعت ربقة التكريم الإسلامى لها من عنقها، ولبست قلادة الإهانة الغربية، اقتداء بالنساء الغربيات، وهى تظن بذلك أنها حصلت على حقوقها، واستردت كرامتها، والحق أنها لم تزدد إلا إهانة ومذلة!