عم حسن زرع الخير فى أرضه وحصده فى أبنائه

«محلالها عيشة الفلاح»

عم حسن زرع الخير
عم حسن زرع الخير

عمر يوسف

«الأرض أمانى وراحتى، شَرفى وعَرضى.. اتربيت من خيرها ورزق العيال من طينها.. عمرى ما اتكبرت عليها ولا فى يوم قلت تَعبتنى».. هذا هو لسان حال الحاج حسن مع كل صباح وهو ذاهبٌ إلى حَقله، والفأس تزين كتفه، ويزج حماره بعصاه إلى أن يرسوا على رأس «غيطه» ليعمل تحت أشعة الشمس الحارقة ويضرب الطين ليخرج محصول الخير والبركة.
منحه الله قدرة فائقة على العمل تحت الحرارة الشديدة، «يعزق» الذرة ويُسقى البرسيم، ويُحضر طعام بهائمه، دون أن يكل أو يمل.. وبعد صلاة الظهر ينادى الحاج سلامة الذى يؤتيه بالحطب ليؤانس جلسته أسفل شجرة التوت ويقومان بعمل الشاى بالنعناع الذى يعشقه كل فلاح بعد انتهاء يوم عمله الشاق.
وبعد تناول ثلاثة أدوار من الشاى يحزم أمتعته فوق حماره ويضع عليها طعام أغنامه التى يربيها فى المنزل، ويعود لزوجته التى تستقبله كالمنتصر العائد من الحرب، وبمجرد أن يضع قدمه داخل عتبة البيت تُمطره بكلمات الثناء والغزل فى عمره الذى يزداد شبابًا كلما شَاب أو انفرطت سنة جديدة من عقد حياته.
أبناؤه الدكتور عزت والمهندس خالد، وفاطمة مدرسة الانجليزي، جميعهم بلغوا أعلى الدرجات العلمية بفضل عَرق والدهم الذى سَقى كل بذرة ألقاها فى الأرض ليحصد النجاح والخير، ويجازيه الله خير اللقمة الحلال التى لم يُدخل سواها فى جوف أبنائه طوال عمرهم.. نصحه الأبناء بالراحة وتأجير الأرض والجلوس فى المنزل حتى يردوا ولو جزءا بسيطا من جِميله عليهم، إلا أنه رفض مؤكدًا أنه لا يستطيع العيش بعيدًا عن أرضه.
ولا تتوقف نصائحه كلما جلس مع أبنائه على «طبلية» الغداء يوم الجمعة على أرضه التى ورثها عن والده وحافظ عليها، ليعلموا قيمتها، وألا يلجأوا لبيعها حتى وإن تساوت كل ذرة من ترابها بأوقية من الذهب.