100 عام على مولد الشاعر اليهودي «إريش فْرِيد» الذي فضح إسرائيل

إريش فْرِيد وحرية «فتح الفم»  فى المسألة الإسرائيلية
إريش فْرِيد وحرية «فتح الفم» فى المسألة الإسرائيلية

 كتب: سمير جريس

منذ أن مارست فاشية هتلر جرائم القتل بحق اليهود، تولد فى أوروبا الغربية شعور جماعى بالذنب له أسبابه المفهومة ذ وكثيراً ما أدى هذا الشعور إلى امتناع المرء عن توجيه أى نقد لليهود، وفى الوقت ذاته ساوى الناس بلا أدنى تفكير بين اليهود والصهاينة"

قائل أو كاتب هذه الكلمات هو الشاعر النمساوى، اليهودى، إريش فريد Erich Fried، الذى يضيف فى هذا السياق: إننى لا أشعر بالتضامن مع كل المشردين والمضطهدين الأبرياء فحسب، وإنما أيضا بشىء من الاشتراك فى المسئولية تجاه ما يرتكبه يهود إسرائيل ضد الفلسطينيين وباقى العربب.

هكذا كان إريش فريد، واضحا، حادا، لا يخشى توجيه النقد إلى الآخرين، ولا يخشى أن توجه التهم إليه. كان فريد من القلائل فى المنطقة الألمانية الذين تجرأوا على انتقاد إسرائيل بكل وضوح، بل وتبدو بعض قصائده وكأنها تعليق على ما يحدث الآن فى فلسطين، رغم أنه كتبها قبل نحو خمسين عاما.

فى السادس من مايو احتفت الأوساط الأدبية فى المنطقة الألمانية بذكرى ميلاده قبل مئة عام، وهو الذى كان أحد أبرز الأصوات الشعرية فى سنوات الحركة الطلابية فى ألمانيا. ومثلما كان الطلبة فى مصر يرددون أشعار أمل دنقل المتمردة فى السبعينيات، لم تكن تخلو مظاهرة طلابية ألمانية فى ستينيات القرن الماضى من أبيات لإريش فريد يرددها الطلبة أو يكتبونها على المنشورات السياسية، لاسيما من ديوانه الشهير "وفيتنام و..." المنتقد للسياسة الأمريكية فى فيتنام.

أثارت أشعار إريش فْرِيد السياسية جدل النقاد والقراء فى ألمانيا، لخروجه عن البلاغيات المألوفة للشعر من ناحية، ولانتهاكه المحرمات السياسية من ناحية أخرى، وخاصة عندما تحول إلى انتقاد إسرائيل انتقادا مباشرا، لاذعا وحاد اللهجة بعد حرب 1967، متهما الحكومة الإسرائيلية بأنها تحولت تدريجيا من "حكومة قمع" إلى "حكومة مجرمين"، كما قال فى إحدى قصائده. كتب إريش فْرِيد آنذاك قصيدة طويلة عنوانها: "اسمعى يا إسرائيل"، حذر فيها الإسرائيليين من الأيديولوجية الصهيونية التى بدّلت الأدوار، وحولت ضحايا النازية بالأمس إلى قتلة اليوم.

وفى عام 1974 أصدر كتاباً يحمل العنوان ذاته، ضمنه إلى جانب "اسمعى يا إسرائيل" قصائد أخرى تتابع جرائم دولة إسرائيل منذ إنشائها، بالإضافة إلى قصيدة مترجمة للشاعر العبرى موردخاى آفى شاول.

 يضم الكتاب أيضاً نصوصاً لبعض الصهاينة، تركها فريد كما هى، مثل نصوص هرتزل؛ كل ما فعله - كى يبرز ما بها من عنصرية - أن قطّع سطورها لتبدو كأبيات قصائد، وذلك حتى يقف القارئ أمام الكلمات متأملاً.

يقول الشاعر في مقطع من قصيدة اسمعي يا إسرائيل:

"راقبتم جلاديكم وتعلمتم منهم

الحرب الخاطفة والجرائم الوحشية الفعالة  

عندما كنتم مُضَطهَدين كنتُ واحداً منكم

كيف أظل جزءاً منكم  عندما تضطهدون الآخرين؟"

أما فى قصيدة "الخلفاء" فيقول:

لأن قتلة فاشيين طردوا يهوداً

ينبغى الآن على قتلة فاشيين أن يَغتالوا فلسطينيين أبرياء

من مقتل يهود أوروبا  بالطريقة نفسها