رحلة سارة فى عالم ذوي الاحتياجات الخاصة

سارة شحاتة
سارة شحاتة

محمد سرساوي

واجهت الأديبة د.سارة شحاتة تحديا من نوع خاص حيث احتاجت ابنتها هى لم تزل رضيعة بعد إلى علاج طبيعى مكثف لمشكلة فى ساقها، مما أضطرها حينها إلى التنقل بين عدة مراكز متخصصة لعلاج الأطفال على مدار عامين، مما أكسب سارة كثيرا من التجارب والاحتكاك بالعديد من الأمهات على تنوع ثقافتهن وأعمارهن وشرائحهن الاجتماعية، الأمر الذى أضاف إلى رصيدها تجارب قيمة غيرت فى شخصيتها كثيراً وألهمتها فى فترة قصيرة ما كنت تحتاج حتى تدركه إلى عقود، وهنا جاءت روايتها الأحدث «ألوان ثانوية»، وجاءت الفكرة فى البداية على شكل يوميات لتوعية المجتمع بضرورة التدخل المبكر الذى قد يحدث فارقا كبيرا فى تقدم حالة الأطفال وبمشاعر أسرهم الذين يتعرضون إلى ضغوط مجتمعية كل يوم تزيد من أعبائهم النفسية، ثم وجدت أن الشكل الروائى هو الأفضل لهذه التجربة، وتحدثنا مع سارة عن تجربتها الرواية الجديدة ـ الصادرة عن دار ابن رشد - عبر السطور التالية:

 ما سبب اختيارك لأمهات الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة ليكن بطلات روايتك؟
تعاملى مع الكثير منهم فتح لى عوالم لم أكن أبدا لأدرك عنها شيئاً ووجدت أنهن من أقوى الشخصيات التى قد تقابلها يوماً، ومعاناة مواصلة الحياة اليومية. تصير تحديا لهن كل يوم يمر على أكثرنا بيسر، ويبدو يومهن عيدا طالما كان ابنهم بخير أو تشهد حالته تحسنا، وتلك الصلابة فى ابتلاع كم هائل من المشاعر حتى يتسنى لهن مواصلة الركض فى «الماراثون» الخاص بهن، والذى لا يدرى عنه أحد أى شيء إلا من كان فى مثل «دوامتهن». هن شخصيات أدبية درامية تحكى نفسها وتحتاج لإبرازها وإلقاء الضوء على صلابتهن المتفردة.
 لماذا استخدمت تقنية تعدد الأصوات فى الرواية؟
- بدأت الرواية بشخصية واحدة تحكى تجربتها وحياتها الشخصية وتروى تعاملها مع باقى الأبطال، ورؤيتها لهن ثم وجدت أن كل شخص يستحق أن يروى تجربته والعالم الخفى وراء المظهر الجامد الذى يظهر فى الوقت القصير من العلاج وبطريقة تبين الجوانب النفسية والدوافع والمشاعر المختلجة التى لا تشرحها التصرفات الظاهرة، والتى قد تكون قاصرة من وجهة نظر البطل الأوحد او حتى تقنية الراوى العليم، فكل شخصية شعرت أنها تستحق «الميكروفون» لتروى كامل قصتها من واقع خلجاتها النفسية الدقيقة.
 كيف جاء اختيارك للشخصيات حتى تكون معبرة عن تلك الحالة؟
- الشخصيات ليست كلها حقيقية ممن تعاملت معها فى الواقع، بالطبع هناك الخيال والعامل الأدبى الذى شكل ملامح كل شخصية، لكن جانبا كبيرا فى كل شخصية كان تجميعة لشخصيات عدة من الأمهات أو الأخصائيين.
 دائما يبدو مسرح أحداث رواياتك مكانا واحدا مثل رواية «خمس نجوم» كان «المول» والعيادة فى أحداث روايتك، فما سر انجذابك لهذه التقنية؟
- ليس دائما، ففى روايتى الثانية «إبصار» كان مسرح الأحداث متغيرا، وليس ثابتا كرواية «خمس نجوم»، حيث كان المكان هو البطل الأول لأن بدونه لم تكن الشخصيات لتتجمع، أما روايتى الأخيرة «ألوان ثانوية» فى المركز العلاجى ليس محور الحدث، بل هو مجرد مكان التقاء تعرفت فيه على الشخصيات، ثم انطلقت كل منهن لتروى قصتها، ومنهن من لم تعد تتردد عليه من الأساس.
 وكيف استطعت التعامل مع موضوع «الأطفال من ذوى الاحتياجات الخاصة» خاصة أنه موضوع حساس؟
هو بالفعل موضوع حساس لدرجة أنه لا يتم تناوله، ويجرى التعامل معه بأسلوب مبالغ فى الشفقة أو بأسلوب النعامة الشهير، أردت أن أزيل القشرة لأبين ما تحت هذا العالم الثرى بتفاصيل لا يعلمها إلا من خاض التجربة وما يحتاجون منا وما يزعجهم من تصرفات الآخرين فهم بشر مثلنا وينبغى ألا يتم قولبتهم ولا إعطاء صورة نمطية عنهم ولا عن الأطفال.. فهم ليسوا أطفالا ذوى احتياجات خاصة فحسب بل هم فى المقام الأول أطفال.
 وما هو مشروعك الإبداعى الجديد؟
انتهيت من مجموعة قصصية وسأبدأ فى مراجعتها وبعض الأعمال للأطفال.