في عيد ميلاده الـ 81 .. عادل إمام: أنا الزعيم

نحتفل بعيد ميلاده الـ 81 ..
نحتفل بعيد ميلاده الـ 81 ..

كتب: محمد كمال 

لم يبالغ عندما قال «اللي عايز يعرف تاريخ مصر يشوف أعمالي» .. من يقوم بمراجعة وقراءة تاريخه الطويل الممتد منذ 6 عقود، تلك المدة متربع فى نصفها على عرش الدراما المصرية، مهما حدث في معادلات توازنات الأسواق أو الظروف الإنتاجية يظل هو على قمة النجاح، أعاد للتليفزيون بريقه وللمسرح رونقه وظل لأعوام طويلة حامل لواء السينما، وأحيانا بمفرده، أنه «الناقد الإجتماعي» كما أطلق عليه محمود حميدة في إحدى المقابلات التليفزيونية.. ومن الصعب أن نجد دورا لم يلعبه، أو شخصية لم يقدمها خلال مسيرته الطويلة، حتى عندما يكرر تقديم دور معين - مثل المحامي - نجد اختلافا كليا بين الدورين.. فـ»فتحي نوفل» في «طيور الظلام» له أسلوبه وقناعاته التي تختلف تمام عن «حسن سبانخ» في «الأفوكاتو« المحامي ذو الفلسفة الخاصة والساخرة.. ومن الصعب أن نقوم بتصنيفه.. فهو فنان شامل.. رغم أن الكثيرين يحسبونه على الكوميديا.. لكن حتى الضحك عنده غير.. وأعماله بالفعل تعد تأريخ للمجتمع المصري والتحولات الكبيرة والمهمة التي شهدها إجتماعيا وثقافيا وسياسيا.. أنه «الزعيم».. عادل إمام.

البداية

عادل محمد إمام محمد .. المولود في 17 مايو 1940 بقرية شها المنصورة بمحافظة الدقهلية.. وانتقل الى حي السيدة زينب في مرحلة عمرية مبكرة.. حيث كان والده موظفا بأحد المصانع الحكومية.. حصل على بكالوريوس الزراعة من جامعة القاهرة.. لكن وضع كامل تركيزه في تنمية موهبته وعشقه الأول وهو التمثيل.. وأنضم لفريق المسرح في الكلية الذي كان نقطة الانطلاق إلى فرقة التليفزيون المسرحية والتي ساعدته في الحصول على العديد من الأدوار في أعمال مسرحية وسهرات تليفزيونية مثل «ثورة قرية» و«الساكن الجديد» وسري جدا» والمسلسل الإذاعي «الإنسان يعيش مرة» الذي لم يكن يعرف وقتها أنه سيقوم بعد ما يقرب بـ20 عاما ببطولة فيلم يحمل نفس الاسم والقصة.

الانطلاقة الأولى لعادل إمام بعد أن لفت الأنظار من خلال دوره الكوميدي «دسوقي أفندي» سكرتير المحامي «حمدي عطية» في مسرحية «أنا وهو وهي» مع فؤاد المهندس وشويكار عام 1964.. وأيضا عند تقديم نفس العمل في السينما.. بعد ذلك بعام بنفس الاسم والأبطال وقدم إمام نفس الدور لكن ظل إرتباط الجاهير بـ«دسوقي أفندي» الذي قدمه على خشبة المسرح، والنجاح الملفت الذي حققه عادل إمام مع «دسوقي» جعل المهندس يتمسك به في مسرحيته الجديدة التي حملت اسم «أنا فين وإنتي فين» وذلك عام 1965.. وفي نفس العام بدأت السينما في فتح ذراعيها لعادل إمام ليقدم فيلمين هما «العقلاء الثلاثة» مع المخرج محمود فريد، و«المدير الفني» مع فطين عبد الوهاب.

 

في عام 1968 جاءت الفرصة الأكبر لعادل إمام في السينما، وذلك من خلال مشاركته في بطولة فيلم «لصوص لكن ظرفاء» مع أحمد مظهر والمخرج إبراهيم لطفي عندما قدم دور اللص «إسماعيل» خفيف الظل، ومن بعد هذا الفيلم بدأ يتحول إلى الدور الثاني خلف البطل وصديقه المباشر، وذلك على غرار أدوار «شكري» الصحفي في «7 أيام في الجنة»، و«فهمي» في «فتاة الاستعراض»، و«سامح» في «نص ساعة جواز».

لم تكن الفترة منذ عام 1969 إلى عام 1973 مميزة بالنسبة لعادل إمام، وتعد الأقل في مسيرته التمثيلية من حيث مستوى الأعمال التي قدمها خلالها، ويبدو أن انشغال الدولة بالحرب أثر بالسلب على صناعة السينما، فخلال هذه الفترة قدم مجموعة من الأعمال المتواضعة جدا.

في هذه الفترة يستثنى من هذه الأعمال ثلاثة فقط الأول فيلم «أضواء المدينة» الذي يعد من أشهر الأعمال الاستعراضية للسينما المصرية، والذي شارك خلاله إمام في دور «شرشر» بجانب شادية وأحمد مظهر وسمير غانم، والفيلم أخرجه فطين عبد الوهاب، أما العمل الثاني فهو فيلم «المراية» الذي شارك عادل إمام في بطولته مع نجلاء فتحي ونور الشريف وسمير صبري وإخراج أحمد ضياء الدين، أما العمل الثالث فهو سهرة تليفزيونية بعنوان «ساحرة» وهو العمل الوحيد الذي شارك فيه «الزعيم» بجانب «سيدة الشاشة العربية» فاتن حمامة، والسهرة مأخوذة من إحدى مسرحيات توفيق الحكيم وكتب لها السيناريو والحوار أحمد صالح وأخرجها هنري بركات.

البطولة الأولى 

جاء عام 1973 ليكون نقطة التحول الكبيرة في مشوار عادل إمام الفني، فقد قدم خلال هذا العام مسرحية «مدرسة المشاغبين» التي تعتبر من أهم الأعمال المسرحية في تاريخ مصر وأقربها للجماهير تلك المسرحية التي رسخت لجيل جديد بجانب عادل، وهم سعيد صالح وأحمد زكي ويونس شلبي وهادي الجيار، وهي المسرحية التي قام بتأليفها علي سالم وأخرجها جلال الشرقاوي، واستمر عرضها 4 أعوام في سابقة تعد الأولى للمسرح المصري، وقدم «الزعيم» خلالها دوره الشهير «بهجت الأباصيري» الذي كان يلقب بـ»الزعيم»، ليطلق عليه هذا اللقب في بداية مشواره، لكنه لم يكن يعرف أن «الزعيم» سيظل مرتبطا به طوال العمر.

في نفس العام قدم عادل إمام بطولته المطلقة الأولى في السينما من خلال فيلم «البحث عن فضيحة» الذي قدم خلاله دور «مجدي» المهندس القادم للعاصمة من الأرياف، والذي يقع في حب فتاة من القاهرة ويحاول لفت نظرها بمساعدة صديقه «سامي»، وشارك في بطولة الفيلم سمير صبري وميرفت أمين ويوسف وهبي مع عدد كبير من ضيوف الشرف الذين شاركوا ليدعموا «الزعيم» في بطولته الأولى، مثل عماد حمدي وأحمد رمزي وزيزي البداروي وجورج سيدهم وتوفيق الدقن ومحمد عوض، والفيلم إخراج نيازي مصطفى.

السبعينيات.. الضحك للضحك 

بعد أن رسخ عادل إمام قدمه كأحد فرسان الكوميديا الجدد، دخلت السينما المصرية في النصف الثاني من السبعينيات فترة عرفت باسم «أفلام المقاولات»، التي جذبت معظم نجوم تلك المرحلة رغم عنهم، وكان عادل إمام واحدا منهم، لكن الميزة عند «الزعيم» بأنه لم ينجذب مثل غيره بشكل كامل في هذه الموجة، لكن تجربته في هذه الفترة جمعت بين «المقاولات» ومصطلح «الضحك للضحك»، فخلال سيطرة «أفلام المقاولات»، قدم إمام مجموعة من الأفلام الضاحكة التي كان يحاول من خلالها النجاة من الإنزلاق في حفرة «المقاولات» مثل غيره، ومن أهم الأفلام الكوميدية التي تحمل شعار «الضحك للضحك» التي قدمها «الزعيم» في النصف الثاني من السبعينيات «الخدعة الخفية» عام 1975 مع المخرج يحيى العلمي، والذي شارك في بطولته فريد شوقي، وكانت المرة الأولى التي يأتي اسم «الزعيم» موازيا لاسم «ملك الترسو«، بعد أن العكس هو ما يحدث دائما، وهذا كان أكبر دليل على النجاح الجماهيري الذي وصل له «الزعيم»، وأيضا أفلام عام 1978 مثل «رجب فوق صفيح ساخن» مع المخرج أحمد فؤاد، و«عيب يا لولو عيب» مع المخرج سيد طنطاوي، و«البعض يذهب للمأذون مرتين» مع المخرج محمد عبد العزيز والذي يعتبر من أشهر الكلاسيكيات الكوميدية في تلك الفترة، والذي جمع «الزعيم» مع الثنائي نور الشريف وسمير غانم، ومع المخرج محمد عبد العزيز قدم أيضا فيلم «خالي بالك من جيرانك» عام 1979، وكانت تلك المرة الأولى التي يأتي اسم عادل إمام موازيا لفؤاد المهندس.

 

عام 1976 بدأ عادل إمام في عرض مسرحيته الشهيرة «شاهد ماشفش حاجة» التي تعد من أهم المسرحيات في تاريخ المسرح المصري، وقدم خلالها دور «سرحان عبد البصير»، الممثل في التليفزيون الذي يجد نفسه متهما في جريمة قتل قبل أن يتحول إلى شاهد رئيسي.. أحب الجمهور شخصية «سرحان» وبساطته وطيبيته بل وسذاجته أيضا، ذلك المواطن الذي لا يهتم ولا يكترث بكل الصراعات التي تحدث حوله، والمسرحية أخرجها هاني مطاوع، وشارك في بطولتها عمر الحريري.. وفي عام 1978 قدم «الزعيم» أول مسلسل تليفزيوني يحقق نجاح جماهيري كبير بعنوان «أحلام الفتى الطاير» مع المؤلف وحيد حامد والمخرج يحيى العلمي.

في تلك الفترة قدم «الزعيم» تجربة مغايرة تماما عن فكرة «الضحك للضحك»، وكانت من خلال اشتراكه في بطولة فيلم «صابرين» مع نجلاء فتحي ونور الشريف، وهو الفيلم المأخوذ عن رواية لجاذبية صدقي، وكتب له السيناريو والحوار أحمد صالح، وأخرجه حسام الدين مصطفى.

الثمانينيات.. كوميديا و تراجيديا

 انتهت فترة التجريب بالنسبة لعادل إمام، والتي استمرت أعوام بعد البطولة المطلقة الأولى، ليدخل حقبة الثمانينيات بمعطيات واختيارات مختلفة، فقد شهدت تلك المرحلة حرص أكثر في الاختيارات وليس الاختيار فقط، بل في الإصرار على التنوع، فقد أراد «الزعيم» أن يثبت أنه ممثل يستطيع تقديم كل الأدوار حتى لا يتم حصره في الكوميديا فقط، ففترتي الثمانينيات حتى منتصف التسعينيات كانت الأهم في صناعة الفن المصري من حيث المواهب الذين قدموا إبداعتهم في تلك الفترة، مشبعين بتجارب حياتية سابقة منذ ثورة يوليو، مرورا بالإشتراكية، والهزيمة، ثم النصر، فالانفتاح ثم الركود، وهي المرحلة الأهم والتي تحمل زخم في مسيرة «الزعيم» من حيث عدد الأعمال وجودتها، والتي عكست تلك التجربة الحياتية على الشاشة في تلك المرحلة التي أراد فيها أن يثبت أنه ممثل شامل وليس كوميديان.

في الثمانينيات سار «الزعيم» في طريقين متوازين بين الكوميديا والتراجيديا في أفلامه وأدواره، فقد جعل شخصياته تكون أكثر التماسا مع المجتمع والواقع الذي نعيشه، وكانت البداية عام 1980 من خلال فيلم «إحنا بتوع الأتوبيس» للمخرج حسين كمال، وهي تجربة سياسية بالدرجة الأولى دارت حول ضحايا السجون في فترة نهاية الستينيات، وكانت المفاجأة التي وجدتها الجماهير أن من يتصدر البطولة أثنين من أشهر الكوميديانات في مصر.. وهما عادل إمام وعبد المنعم مدبولي، وقدم إمام في نفس العام أيضا تجربة ثانية كانت فيها تحول بالنسبة للجماهير من خلال فيلم «الجحيم» مع المخرج محمد راضي، وهو المأخوذ عن رواية أمريكية طرحت في الأربعينيات تحت عنوان «ساعي البريد دائما يدق مرتين»، والتي قدمتها السينما الأمريكية في مناسبتين، الأولى عام 1946، والثانية قدمها النجم جاك نيكلسون عام 1981، ويبدو أن «الزعيم» كان يريد أن يؤكد لجماهيره أن مرحلة الثمانينيات ستكون مختلفة تماما.

سار قطار عادل إمام في مرحلة الثمانينات يتأرجح ويتنقل بين النوعين، فقد قدم تجارب تغلف عليها الطبعة الكوميديا الخالصة أغلبها كانت مع المخرج محمد عبد العزيز، على غرار «غاوي مشاكل» و«رجل فقد عقله» و«أنتخبوا الدكتور سليمان عبد الباسط» و«عصابة حمادة وتوتو« و«مين فينا الحرامي»، ومع سمير سيف «احترس من الخط» و«الهلفوت»، ومع أحمد السبعاوي «عنتر شايل سيفه» و«المتسول» و«أنا اللي قتلت الحنش» و«رمضان فوق البركان»، لكن تظل تجربة فيلم «سلام يا صاحبي» مع المخرج نادر جلال من أهم التجارب الكوميدية لـ»الزعيم» في الثمانينات، خاصة الثنائي الذي شكله مع صديق عمره ورفيق دربه سعيد صالح، من خلال دوري «مرزوق» و«بركات».

على التوازي قدم «الزعيم» في الثمانينات أيضا أفلام بها لمحات كوميدية، لكن لا يمكن تصنيفها بأنها كوميدية خالصة، فقد كان هناك عدد كبير منها يطرح قضية شائكة، ففي عام 1980 قدم مسلسل «دموع في عيون وقحة» مع المخرج يحيى العلمي والمؤلف صالح مرسي، والذي يعد أول مسلسل طويل يتم إنتاجه مأخوذ من ملفات المخابرات العامة المصرية، وقدم إمام فيه دور «جمعة الشوان»، وهو بطل مصري حقيقي يدعى «أحمد الهوان»، تم تجنيده من قبل جهاز المخابرات للحصول على معلومات من الجانب الإسرائيلي أثناء فترة الحرب، والنجاح الذي حققه هذا المسلسل فتح الطريق أمام تواجد أعمال أخرى في التليفزيون تنتمي لدراما الجاسوسية، بعد أن كانت هذه النوعية مقتصرة على السينما فقط.

أما على مستوى الخط الموازي لأعمال «الضحك للضحك» بالنسبة لـ»الزعيم» في فترة الثمانينيات، كان هناك مجموعة من الأعمال في ظاهرها كوميدية لكن في طياتها تحمل أفكار شديدة العمق، مثل «خمسة باب» عام 1983 مع المخرج نادر جلال، والذي شارك في بطولته مع نادية الجندي وفؤاد المهندس، ونفس الحال بالنسبة لفيلم «الأفوكاتو« الذي قدمه «الزعيم» في نفس العام مع المخرج رأفت الميهي، حول المحامي «حسن سبانخ» عاشق «الحياة الطبيعية»، الذي له فلسفته الخاصة في حياته وعمله، وأيضا فيلم «واحدة بواحدة» عام 1984 مع المخرج نادر جلال والصراع الخفي والغير شريف بين شركات الدعاية والإعلان، ويعد هذا الفيلم من أوائل الأفلام المصرية التي طرحت تلك القضية الشائكة من خلال دور «صلاح فؤاد» الذي قدمه «الزعيم»، والذي يتلاعب بكل قواعد المهنة ويستخدم أساليب غير شرعية للحصول على ما يريد، ومواجهته المستمرة مع «مايسة توفيق» التي تعمل في شركة منافسة وتحمل قدر من الشرف في التعامل، وفيلم «زوج تحت الطلب» مع المخرج عادل صادق والذي طرح «الزعيم» من خلاله فكرة المحلل في حالات الطلاق المتكرر، ويعتبر الفيلم الوحيد الذي تطرق لهذه المشكلة بمساحة كبيرة من خلال شخصية «ممدوح فتيحة»، الموظف البسيط الذي يستعين به مديره «زهدي» ليكون محلل له ولأصدقائه الأثرياء، وفي نفس العام أيضا فيلم «خالي بالك من عقلك» الذي أقتحم من خلاله «الزعيم» قضية المرضى النفسيين والتعامل معهم الذي يفقد قدر من الإنسانية، وكان من إخراج محمد عبد العزيز، وهناك أفلام أخرى طرحت قضايا اجتماعية وإنسانية مثل «الإنسان يعيش مرة واحدة» عام 1981 للمخرج سيمون صالح، والذي يجمع قصة حب بين «هاني» و«أمل» اللذان أجبرتهما الظروف على العزلة والعمل في السلوم، وفيلم «على باب الوزير» عام 1982 الذي يشارك في بطولته مع يسرا أيضا ويرتبطا بقصة حب أيضا بين «كمال» و«نورا» لكن الفوارق الإجتماعية تصعب الأمور عليهما.

 

وفيلم «حب في الزنزانة» للمخرج محمد فاضل حول قصة الحب التي جمعت بين سجينين هما «صلاح الغرباوي» و«فايزة حسن»، و«الغول» مع المخرج سمير سيف الذي قدم فيه «الزعيم» دور الصحفي «عادل عيسى» الذي يحاول مقاومة «فهمي الكاشف» أحد أهم مراكز القوى والذي يتلاعب بالقانون، وهو الفيلم الذي قدمه المؤلف وحيد حامد عن فكرة «قانون ساكسونيا»، وفيلم «حتى لا يطير الدخان» عام 1984 مع المخرج أحمد يحيى، الذي يعتبر أحد فيلمين لم يقدم فيهما «الزعيم» أي لمحات كوميدية، لدرجة جعلت الجماهير وقتها في استغراب حول فكرة إقدام إمام على هذه الخطوة، وهو الفيلم الذي قدم فيه دور «فهمي عبد الهادي» الطالب القادم من الريف المتصالح مع نفسه ومع التغيير الذي حدث له بعد التواجد في العاصمة وأصدقائه المنتمين للطبقة الأرستقراطية الذين لم يقدموا المساعدة له أثناء مرض والدته، أما الفيلم الثاني الذي قدمه «الزعيم» دون أي لمحات كوميدية كان مع المخرج محمد راضي، وهو «الإنس والجن» الذي يعتبر من أهم كلاسيكيات السينما المصرية في دراما الرعب، وفي نفس العام قدم «الزعيم» تجربته الوحيدة مع المخرج الراحل محمد خان من خلال فيلم «الحريف» حول «فارس» المهووس بكرة القدم في الشوارع والمحب للمراهنات، و الفيلم من القلائل الذين أقتحموا تلك القضية المتعلقة بعشق البسطاء لكرة القدم وحياتهم الصعبة داخل العاصمة، وأيضا فيلم «كراكون في الشارع» مع المخرج أحمد يحيى الذي فتح فيه «الزعيم» أزمة الإسكان في مصر، وافتقاد المواطن المصري لأبسط حقوقه في إيجاد مسكن آدمي له ولأسرته، من خلال شخصية «المهندس شريف المصري»، الذي ينهار العقار الذي يسكن به ويظل يتنقل مع أسرته من مكان إلى آخر.. وهناك أفلام أخرى تنتمي لنوعية الحركة «الأكشن»، على غرار «المشبوه» عام 1981 مع المخرج سمير سيف، والذي طرح من خلاله قضية اللص الذي يبحث عن التوبة لكن ظروف الحياة تصعب عليه الأمر، وهو الفيلم الذي شارك في بطولته سعاد حسني وفاروق الفيشاوي، وكانت المرة الأولى التي يجتمع خلالها الثنائي عادل إمام وسعيد صالح في أدوار غير كوميدية، وهناك فيلم «النمر والأنثى» عام 1987 مع المخرج سمير سيف، والذي ينتمي للدراما البوليسية، حيث قدم «الزعيم» دور «الضابط وحيد» الذي يتم زرعه في عصابة تاجر المخدرات «عبده القماش» بهدف الإيقاع به، وفي عام 1989 قدم «الزعيم» فيلم «المولد» مع سمير سيف أيضا.

 

في عام 1985 قدم «الزعيم» مسرحيته الشهيرة «الواد سيد الشغال»، والتي استمر عرضها 8 أعوام، وحققت نجاحا جماهيريا كبيرا، ولاتزال تحقق هذا النجاح أثناء العرض التليفزيوني، وقدم فيها دور «سيد الكواوي» الذي يضطر للعمل كخادم في منزل أسرة من الطبقة الأرستقراطية قبل أن يجد نفسه مجبرا على الزواج من الإبنة حتى يكون المحلل لزوجها، وكانت هذه المرة الثانية التي يقدم فيها «الزعيم» دور «المحلل» في الدراما المصرية.

التسعينيات ..

سياسة  وكوميديا سوداء 

في عقد التسعينيات كانت تلك الفترة التي حصل فيها عادل إمام على لقب «الزعيم»، ولم يكن تقديمه لمسرحية تحمل نفس الاسم عام 1993 هو السبب، بل كان السبب الرئيسي أنه الممثل الوحيد الذي استمرت نجاحاته رغم التراجع الإنتاجي الذي حدث للسينما في نهاية الثمانينات واستمر لنهاية التسعينيات، ففي هذه الفترة ظل عادل إمام «فارس السينما الوحيد»، وأحد أهم نجوم شباك التذاكر، وظل «الزعيم» محافظا على مكانته رغم ظهور جيل جديد بقيادة تلميذه محمد هنيدي الذي قاد زمام الأمور بعد ذلك، وظلت المنافسة بينهما شديدة، لكن ظل «الزعيم» يسير في اتجاه وحيدا منفردا قد لا يحقق أحد أفلامه الصدارة، لكنه ظل متواجداومنافسا وبل كثيرا متفوقا.

في مرحلة التسعينيات اتجه «الزعيم» إلى السياسة بشكل علني وصريح، وانحاز للمواطن البسيط، وقدم تجارب تعرض معاناتهم في المقام الأول، وانتقادات مباشرة وصريحة للحكومات والمسئولين في إطار غلفته الكوميديا السوداء التي كانت إحدى سمات تلك المرحلة، وكسر كل التابوهات، حيث قدم رسائل شديدة اللهجة لتيارات الإسلام السياسي وتجار الدين ودخل معهم في معركة شرسة.

تنقسم معظم أعمال «الزعيم» في هذه الفترة بين الرباعي وحيد حامد وشريف عرفة من جهة، ولينين الرملي ونادر جلال من جهة أخرى، فقد حمل الرباعي مع «الزعيم» على عاتقهم تقديم تلك التجارب السياسية، فمع الثنائي حامد وعرفة قدم «الزعيم» أفضل 5 أفلام في مسيرته، وكانت البداية من «اللعب مع الكبار» عام 1991 من خلال شخصية «حسن بهنسي بهلول» الذي يساعد جهاز أمن الدولة في القضاء على الجريمة قبل وقوعها، ذلك الفيلم الذي أظهر ضرورة وجود علاقة إنسانية بين الحاكم والمحكوم من خلال علاقة «حسن» البديعة مع «المقدم معتصم الألفي»، الشخصية التي قدمها بإقتدار حسين فهمي، وفي عام 1992 كان فيلم «الإرهاب والكباب» تلك الكوميديا السوداء التي دارت أحداثها في مجمع التحرير بعد قيام أحد المواطنين بالاستيلاء على المجمع عن طريق الخطأ، تلك التجربة الإنسانية التي حولت موظف بسيط قانع يبحث عن أبسط حقوقه إلى إرهابي يواجه وزير الداخلية بنفسه، التجربة الثالثة كانت «المنسي» عام 1993 حول «يوسف المنسي» عامل التحويلة الذي لا يعيش حياته إلا في الأحلام، والذي فاتته كل القطارات، ليجد نفسه في ليلة واحدة مع إمرأة جميلة عليه مساعدتها في مواجهة رجل الأعمال «أسعد بيه»، والذي يتمتع بالسلطة والنفوذ، أما الفيلم الرابع فهو «النوم في العسل» الذي ينتمي للكوميديا السوداء حول مرض جنسي غامض يصاب به الرجال في مصر نتيجة الإحباط والفقر والمعاناة الإنسانية، ويكتشف الأزمة «العميد مجدي نور» رئيس مباحث العاصمة، والذي يتابع الأمر بدقة وسط محاولات مضنية من المسئولين للتعتيم على الأمر، والفيلم الخامس «طيور الظلام» الذي تنبأ مبكرا بالصراع السياسي بين السلطة وتيارات الإسلام السياسي، وأن المواطن البسيط يقع فريسة بينهما من خلال صديقيين من المحاميين «فتحي نوفل» و«علي الزناتي».

أما تجربة الثنائي لينين الرملي ونادر جلال فقد انحصرت في4  أفلام، وكانت البداية مع «الإرهابي» عام 1994، ذلك الفيلم الذي جعل الجماعات المتطرفة تعادي «الزعيم» علنا بشكل واضح وصريح بعد أن قدم شخصية إرهابي تضطره ظروف الإصابة الإقامة في منزل أسرة مصرية عادية، ثم جاءت تجربة «بخيت وعديلة» حيث قدما جزئين آخرين هما «الجردل والكنكة» و«هاللو أمريكا»، وخلالهما نتابع التطور الذي حدث لشخصيتي «بخيت حنيدق الميهطل» و«عديلة علي صندوق» من إيجادهم لحقيبة مليئة بالأموال، ثم دخولهم انتخابات البرلمان من أجل الحصول على شقة للزواج، ثم السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية في الجزء الثالث.

مع نادر جلال قدم «الزعيم» أيضا في تلك الفترة 3 أفلام أخرى، هم «جزيرة الشيطان» عام 1990، و«رسالة إلى الوالي» في 1998، ثم «الواد محروس بتاع الوزير» عام 1999، وفي بداية التسعينيات أيضا قدم «الزعيم» فيلم «حنفي الأبهة» مع محمد عبد العزيز، ومع سمير سيف قدم فيلمان هما «مسجل خطر» و«شمس الزناتي» ذلك الفيلم المأخوذ عن الفيلم الياباني «رجال الساموراي السبعة» الذي أخرجه أكيرا كوروساوا ونقلته السينما الأمريكية في فيلم عام 1960 تحت عنوان «العظماء السبعة» ةقام ببطولته يول براينر وستيف ماكوين، وقام بتقديم النسخة المصرية السيناريست مجدي هداية.

في عام 1999 قدم «الزعيم» مسرحية «بودي جارد» التي ظلت تعرض لمدة 11 عاما، وشارك في بطولتها شيرين سيف النصر، والتي عرضت هذا العام على إحدى المنصات بعد ما يقرب من 12 عاما حبيسة الأدراج دون أن يراها الجميع.

الناقد الإجتماعي 

تحول عادل إمام في العقد الأول من الألفية الجديدة إلى «الناقد الاجتماعي الأول في الدراما المصرية»، فبرغم عوامل الزمن وتقدم العمر لم يفقد «الزعيم» بريقه ولم يتراجع إلى المرتبة الثانية رغم ظهور أجيال جديدة بعده حققت نجومية وجماهيرية وأفلام جيدة، لكنه ظل محافظا على مكانته ولم يتراجع اسمه على الأفيشات مثلما حدث مع الجيل الذي ظهر قبله بمجرد بزوغ موهبة عادل إمام وجيله مثل نور الشريف وحسين فهمي ومحمود عبد العزيز، حيث أصبحت أسمائهم تتقدم على النجوم الكبار مثل فؤاد المهندس وشكري سرحان وكمال الشناوي وغيرهم، لكن لم يحدث حتى يومنا هذا أن جاء عادل إمام بعد أحد من النجوم الذين ظهروا بعده.

مع الألفية الجديدة أيقن «الزعيم» أن عليه التفكير في تقديم أدوار تتماشى مع مكانته ومرحلته العمرية دون أن يتخلى عن كونه البطل الرئيسي والمحوري للعمل، أصبح يقدم موضوعات تخص المجتمع والأسرة المصرية مغلفة بإطار سياسي من الخارج، لهذا كانت تجاربه في تلك الحقبة مقترنة مع مشاركة العديد من النجوم الشباب من الممثلين ومع الكاتب يوسف معاطي على غرار «أمير الظلام» و«التجربة الدانمركية» و«مرجان أحمد مرجان» و«بوبوس»، لكن ظلت علاقة «الزعيم» بالقضايا السياسية والتحولات الإجتماعية تشغله، لهذا قدم في 2004 فيلم «عريس من جهة امنية» الذي تطرق به مرة أخرى حول علاقة المواطن بالسلطة من خلال خط كوميدي قدمته شخصية «خطاب النجاري».

وفي 2005 قدم «السفارة في العمارة» الذي اشتبك فيه صراحة مع الكيان الصهيوني من خلال «المهندس شريف خيري» الذي يسكن بجوار السفارة الإسرائيلية حيث كان الأمر في البداية يقف حائلا بينه وبين نزواته، قبل أن يتحول إلى داعم كبير للقضية الفلسطينية، وفي 2008 قدم «حسن ومرقص» الذي شاركه في البطولة للمرة الأولى عمر الشريف، ويبدو أنه كان حلم يداعب «الزعيم» من قديم الأزل أن يشارك في عمل مع عمر الشريف، إلى أن تحقق في الفيلم الذي فتح خلاله الثنائي الأزمة الطائفية في مصر.

يعود «الزعيم» خلال تلك الفترة مرة أخرى إلى السيناريست وحيد حامد، ليقدما معا فيلم «عمارة يعقوبيان»، بعد أن تحمسا لتحويل الرواية التي كتبها د. علاء الأسواني إلى فيلم سينمائي ضخم إنتاجيا، وأخرجه مروان حامد، ذلك الفيلم الذي سرد التحولات الإجتماعية التي شهدها المجتمع المصري، والحالة التي وصل إليها حاليا، وفي عام 2010 كان التواجد الأخير لـ»الزعيم» عادل إمام على «الشاشة الفضية»، من خلال فيلم «زهايمر» الذي اخترق خلاله هذا المرض.

التحول إلى التليفزيون

في العقد الثاني من الألفية الجديدة غاب نجم «الزعيم» تماما عن السينما، ووضع كامل تركيزه في الدراما التليفزيونية، حيث شكل فريق مع السيناريست يوسف معاطي والمخرج رامي إمام، وكانت البداية مع «فرقة ناجي عطالله» عام 2012، الذي اشتبك خلالها مرة أخرى مع العدو الصهيوني من خلال شخصية «ناجي» الذي يعمل ملحق بالسفارة المصرية في تل أبيب، وقامت الحكومة الإسرائيلية بتجميد أرصدته في البنك، فيقرر تشكيل فريق وسرقة هذا البنك، وفي عام 2013 قدم «الزعيم» أفضل مسلسل له في تلك الفترة، والذي يعتبر واحد من أفضل المسلسلات في تاريخ الدراما المصرية، وهو «العراف»، والذي قدم خلاله العديد من الشخصيات التي جاءت مواكبة لحالة الحراك السياسي الموجود في مصر وقتها، وفي العام التالي قدم «الزعيم» مسلسل «صاحب السعادة» من خلال شخصية «بهجت أبو الخير»، القبطان البحري المتقاعد، وعلاقته بأسرته وأحفاده، وكان المسلسل اسم على مسمى، فـ «بهجت» كان مسئول السعادة للجميع، ثم يقدم «الزعيم» 3 تجارب متتالية تعد الأقل من حيث المستوى في مشواره مع التليفزيون، وفي مسيرته بشكل عام، هم على الترتيب «أستاذ ورئيس قسم» و«مأمون وشركاه» و«عفاريت عدلي علام».

في عام 2018 أيقن «الزعيم» ضرورة الاكتفاء بتجربته مع السيناريست يوسف معاطي، وأن عليه البحث عن أفكار من الجيل الجديد، وبالفعل يعود «الزعيم» لتألقه من جديد مع الدراما التليفزيونية من خلال مسلسل «عوالم خفية»، حيث قدم شخصية «الصحفي هلال كامل»، الذي يحاول السير وراء خيوط مذكرات ممثلة قيل أنها انتحرت منذ أعوام، ليكشف حقيقة موتها، والمسلسل شارك في تأليفه أمين جمال ومحمد محرز ومحمود حمدان، وفي العام الماضي قدم «الزعيم» مسلسل «فلانتينو« الذي كتبه أيمن بهجت قمر والذي اخترق من خلاله أزمة التعليم الخاص في مصر.