رائد فن الكاريكاتير «عبدالسميع عبدالله».. لماذا يخفي لوحاته؟

عبدالسميع عبدالله
عبدالسميع عبدالله

الفنان «عبدالسميع عبدالله» رائد المدرسة الحديثة في الكاريكاتير المصري، بدأ العمل عام 1945 في الكثير من الصحف والمجلات وهي "الشعلة، وروز اليوسف، وأخبار اليوم، والجمهورية، ودار الهلال".

 وكانت ريشته جديدة تمامًا على الصحافة المصرية وأبرز ما يميزها الحركة فتكاد تشعر وأنت تنظر إلى الرسم أن الأشخاص يتحركون وأنك تسمع صوتهم، كما كان له دور في الحملة ضد الفساد السياسي والاجتماعي قبل ثورة يوليو.

وكان أول رسام كاريكاتير في تاريخ الصحافة المصرية الذي يفكر لنفسه، ففي البدء كان هناك رؤساء التحرير والمحررون الذين يضعون الفكرة التي يرسمها الرسام، ولكن عبدالسميع كان هو صانع شخصياته وصاحب أفكاره.

وكان الرسم هوايته ونشرت مجلة "أخبار اليوم" تفاصيل تحوله إلى رسام لوحات حيث صدر يوم 30 يناير 1963، أن رسام الكاريكاتير عبدالسميع الذي ملأ صفحات الجرائد اليومية والمجلات الأسبوعية بخطوطه الساخرة تحول في صمت إلى رسام لوحات وتبلوهات بألوان الزيت، إنه يواصل تقديم خطوط الكاريكاتير بينما يتعمد إخفاء كل لوحة يرسمها بالزيت والسبب في ذلك أنه لا يزال يواصل الاستمرار في اتجاهه الجديد باحثا عن نفسه.

اقرأ أيضا| مفيد فوزي: «هيكل» أمير الصياغة في الصحافة المصرية.. ولن يتكرر

ويجتاز عبدالسميع مرحلتين في عالم الرسم:

المرحلة الأولى خاصة بتطوير الكاريكاتير وقال: أنه كان يعتقد أن الخط القوي هو الخط العريض أما بعد تجارب طويلة في التصوير الفوتوغرافي بالكاميرا اكتشف أن الخط القوي هو الخط الرفيع جدًا والذي يعطيه القوة هو التوتر الموجود فيه.

المرحلة الثانية هي مرحلة الرسم بألوان الزيت: فقد بدأت في عام 1957 عندما خطر بباله الرسم بالزيت وتحولت رغبته إلى شيء عملي حينما اقترحت عليه زميلته بجريدة الشعب الرسامة "عطيات سيد أحمد" الاشتراك معها في مرسم وأستأجر الاثنان غرفة في إمبابة إيجارها الشهري مائتين وخمسين قرشًا.

وقال عبدالسميع: عندما بدأت خطوطي الأولى في عالم الرسم بالزيت تعلمت من زميلتي عطيات أشياء كثيرة جدا.

وعندما انتقل إلى مرسم آخر في عمارات شريف وكان إيجاره 16 جنيهًا قال أنه كان حافزًا على زيادة إنتاجه واستغلال كل أوقات فراغه.

اقرأ أيضا| 

وحتى أوائل الستينيات كان لا يزال عبدالسميع يبحث عن نفسه بعد أن عاش مع الذين وجدوا أنفسهم، قرأ لتوفيق الحكيم في كتاب "زهرة العمر" أنه ظل يبحث عن الأسلوب الذي سيكتب به للناس وهو في فرنسا أعوامًا وأمضى 5 سنوات باحثا ثم بدأ يكتب.

وعبدالسميع عاش الفترة التي عاشها توفيق الحكيم قبل ظهور إنتاجه فهو كفنان تشكيلي يعبر عن أسلوبه الذي سيقدم به إنتاجه فهو يحاول بهذا الإنتاج أن يقول شيئًا جديدًا.

وقال عبدالسميع: منذ أيام عصر النهضة حتى الآن ليس لدينا غير الفن الفرعوني والفن القبطي وأخيرًا الفن الإسلامي، والفنان المصري قبل أن يقول شيئًا جديدًا لابد له من دراسة كل هذه المدارس, فإننا نسير في شارع طويل اسمه شارع التقدم على جانبيه مدارس فنية مختلفة، كل مدرسة خرجت بمضمون لابد من دراسته والاستفادة منه.

قال المحرر للفنان الذي يبحث عن نفسه: أريد أن تشرح لي ما توصلت إليه من تجاربك الجديدة؟

هذه مجرد أبحاث متواضعة أحاول أن أخذ فيها الكلمة التي قالها الفن المصري القديم وهي كلمة "الكتلة" في النحت وكلمة اسمها "التجريد" في التصوير، ومن هذه الكلمات وبعد دراسة فنون مصر الشعبية أقوم بمحاولة لربط هذه المدارس في إنتاجي الفني.

ماذا تسمي هذا اللون من الفن؟

إننا لا نستطيع أن ندرس الرياضة دون أن نعرف ماذا قال "أرشميدس" ان نسمع ماذا قال "فيثاغورث" ولو لم يكن قد جاء أينشتاين لحرمنا من شيء جديد.

والمسألة أن الثقافة حجر فوق حجر لتكوين بناء شامخ وكذلك الحال في التصوير فإننا لا نستطيع أن نتجاهل الفنون الأخرى والمدارس المختلفة لنخرج فنانًا جديدًا.

واللوحات الجديدة التي رسمها عبد السميع رسم بعضها بألوان الزيت ونفذ بعضها بسكين "الباليت"، مما يعكس غرضه في ذلك وهو إظهار الكتلة بشكل واضح كما تفعل المدرسة التكعيبية وإيجاد حركة شبه حقيقية في الصورة.

وهناك شيء أخر يحاول تحقيقه وهو الحزم الضوئية الموجودة بين الرسام والشيء الذي يرسمه وبذلك يمكنه وضع الشيء المرسوم في مكانه.

عبدالسميع عبدالله ولد عام 1916 بحي السيدة زينب، وظهرت موهبته منذ كان في المدرسة الابتدائية، عمل في بداية حياته مصممًا ورسامًا في هيئة الطرق والكباري والأنفاق، ثم بدأ في رسم الكاريكاتير وبعد ذلك ظهرت موهبته في رسم اللوحات وعندما منعه مرض السكر عن أداء جهد الرسم انصرف بكل طاقاته إلى "الكتابة" وقد أثمرت تلك الهواية مجموعات من القصص القصيرة، وتوفي عام 1986.

المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم