الحجار: نعيش فرحة العيد بطقوس تتغير وشعارنا «نلتزم لننتصر»

  د.أيمن الحجار
د.أيمن الحجار

تنقضى أيام وليالى شهر رمضان المبارك بين ألوان من العبادات والطاعات رجاء رحمة الله ومغفرته لتشرق بعدها شمس عيد الفطر المبارك يوم الجائزة لإتمام عدة الشهر الفضيل وفضلا من الله للتوسعة على عباده الذين تغلبوا على شهواتهم وجاهدوا فى تحقيق التقوى لقبول الأعمال يقول الله تعالى (إنما يتقبل الله من المتقين)، ومثل كل المناسبات التى تمر بنا منذ جائحة كورونا يجيئ عيد الفطر المبارك استثنائيا تنقصه عادات تغيب وطقوس تتغير بنكهة جديدة وكثير من الناس يتفهمون أن هذا واقع فرضه معايشة تفشى الوباء، وعلى الجانب الآخر يتساهل أو يستخف آخرون بهذا الواقع، وفى حوار مع د.أيمن الحجار الباحث الشرعى بالأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف يجسد مظاهر الفرح والسرور المشروعة فى الأعياد وقدوتنا آداب وأحكام سلوك الرسول صلى الله عليه وسلم، ودور كل فرد ليعيش فرحة العيد فى ظل أزمة كورونا، فالأعياد عبادة وليست عادة يحصد خيرها الفائز بالطاعة الحريص على عدم إفساد فرحتة بالعيد

يقول د.أيمن الحجار: الأعياد فى الإسلام مقاصدها عظيمة فهى مصدر للفرح والسرور والطهر النفسى والتقارب والترابط بين الناس، وتلك المقاصد تحمل الأمة على بناء مجتمعى قوى يقول تعالى (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون)، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا)، ومظاهر الفرح والسرور المشروعة التى ينبغى أن يكون عليها المسلم فى الأعياد نلتمسها من بعض أحكام وعادات حافظ عليها الرسول صلى الله عليه وسلم فى يوم العيد فكان يغتسل ويتجمل بأفضل ما عنده من ثياب وقبل خروجه لصلاة العيد يطعم ببضع تمرات عددها وترا ثم يمشى إلى المصلى مكبرا ومهللا شاكرا الله على أنعمه متمثلا قوله تعالى (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون)، ويبدأ التكبير فى عيد الفطر من غروب شمس ليلة العيد إلى خروج الإمام لصلاة العيد، ولا يمنع عن الصلاة أحد ولكن فى أزمة كورونا على المصلين الالتزام بالإجراءات الاحترازية الواجبة التى اتخذتها الدولة لمنع انتشار الوباء بعدم اصطحاب الأطفال وعلى الأم أو الأخوات تعويض ذلك بالصلاة معهم جماعة فى المنزل ليتجنبوا الأماكن المزدحمة فالحفاظ على الأرواح ضرورة قال تعالى (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)، وتجنب الضرر أمر جاءت به الشريعة قال الرسول صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضرار).


ويتابع: من مظاهر الاحتفال بالعيد التحلى بثلاث خصال وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها «النجاة» (تصل من قطعك وتعطى من حرمك وتعفو عمن ظلمك)، وعملا بالإجراءات الاحترازية وحتى لا نفسد فرحة العيد سيطبق كثير من الناس شعار «عيدنا فى بيتنا» ويحتفلون بالعيد عن بعد مع الأقارب والأصدقاء والجيران بالتواصل عن طريق مكالمات الفيديو ومواقع التواصل الاجتماعى لأداء طقوس التهانى والتمسك بفرحة العيد ويتواصل الأطفال مع أقرانهم فى العائلة من خلال الألعاب الإليكترونية والمسابقات المحملة على أجهزة الكمبيوتر حتى لا يخلو العيد لديهم من البهجة فى إطار الضوابط الشرعية للهو المباح، وفى حديث أبى جحيفة أن سلمان قال لأخيه أبى الدرداء (إن لربك عليك حقا وإن لنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فاعط كل ذى حق حقه) والضابط فى الترويح ألا يكون سببا فى تأخير طاعة أو ارتكاب معصية فكل يوم لم تعص الله فيه فهو يوم عيد، ويضيف: وإن كان لابد من التزاور فلا نتساهل فى استخدام الكمامة وعدم المصافحة والتقبيل والالتزام بالتباعد الجسدى ولتكن هذه التجمعات فى أماكن غير مغلقة لتجديد الهواء مثل أسطح المنازل أوالأفنية إن وجدت، ولا ننسى تقديم التهانى بالعيد عبر مكالمات الفيديو ومواقع التواصل الاجتماعى للمرضى المصابين بالفيروس أو أمراض أخرى وهم بعيدون عن ذويهم فى المستشفيات أو العزل المنزلى لإيصال طاقة إيجابية لهم فى هذه الظروف الصحية السلبية التى يمرون بها فلا يخفى على أحد خطورة الفيروس المستجد وسرعة انتشاره وحجم الضرر المترتب عليه قال الرسول صلى الله عليه وسلم (لا يوردن ممرض على مصح).


ويؤكد: يسعى العالم لتجاوز وباء كورونا وأول ما ينبغى على الفرد التحلى بالوعى رأس الحربة فى القضاء على انتقال العدوى، أما من يتناسى خطر الوباء أو يتأثر بتقليد من يتهاون فهو مسئول أمام الله عن وقاية نفسه من المهلكات وعن إلحاق الأذى بغيره وأمام القانون ووطنه بأنه سبب تعطيل مسيرة التعافى والتطوير وهذا يستوجب غرس روح المسئولية فى الأسرة فيكون الآباء قدوة للأبناء بالتقيد بإجراءات الوقاية فى كل المناسبات والأماكن وإذا التزمت كل أسرة لانتصر المجتمع وشعاره «نلتزم لننتصر»، ويضيف: التساهل فى الإجراءات الوقائية يعرض النفس والغير لمواطن الضرر والهلاك وفى ذلك حرمه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (لا ينبغى للمؤمن أن يذل نفسه، قالوا: وكيف يذل نفسه؟ قال: يتعرض من البلاء لما لا يطيق).