إظهار الفرح والسرور وشعائر الإسلام من سُنن عيد الفطر المبارك

ارشيفية
ارشيفية

جعل الله- تعالى- للعباد أيّاماً مخصوصةً من السنّة؛ لإظهار الفرح والسرور وشعائر الإسلام؛ إظهاراً لسماحة الإسلام، وتيسيره على العباد، ومن تلك الأيّام: أيّام عيد الفِطر، وعيد الأضحى، وللعيد في الإسلام مكانةٌ عظيمةٌ؛ إذ يبدأ المسلم يوم عيده بتطهير بَدنه، وارتداء النظيف والجديد من الثياب، ثمّ يَشرع في التكبير، وأداء صلاة العيد؛ إيذاناً باستكمال العمل الصالح الذي بدأه المسلم في رمضان، وتأكيداً على استمراريّة العبادة بتوالي الليالي والأيّام، كما أنّ في صلاة العيد شُكراً لله- تعالى- على توفيقه عباده إلى صيام الشهر الفضيل الذي تتحقّق به مغفرة ذنوب العباد، والعِتق من النار، وتتجدّد في أيّام العيد روح الوحدة الاجتماعية بين المسلمين؛ فيكون في دَفع صدقة الفِطر سَدّاً لحاجات الفقراء في ذلك اليوم، كما تتجدّد الصِّلات الاجتماعية بين المسلمين حينما يتزاور أولو الأرحام فيطمئنّون على بعضهم، ويتبادلون عبارات المَودّة والتهاني، وتظهر روح الأُخوّة الإسلاميّة بينهم في أسمى صُورها وأجملها، فيُغيّر الله حالهم بتغيير أحوالهم، وتتحقّق فضيلة الإخلاص في نفوس الأمّة حينما يطّلع الله على قلوبهم التي تنبذ في تلك الأيّام كلّ حِقدٍ وغِلّ؛ بإظهارها معاني التكافل والرحمة الإنسانيّة، وليكون المسلمون بعودة تلك الأيّام مجتمعاً إنسانيّاً مُوحّداً في تعاضُد أفراده، وعطائه تسمية عيد الفِطْر بهذا الاسم العيد لفظٌ مفردٌ، وجمعه: أعيادٌ، وهو: اسمٌ لكلّ يومٍ يجتمع فيه المسلمون، كما أنّه لفظٌ مُشتَقٌّ من العَود؛ وكأنّ المسلمين يعودون إلى ذلك العيد كلّ عامٍ، وقِيل إنّ اللفظ مُشتَقٌّ من العادة؛ لأنّ المسلمين اعتادوا شهود العيد كلّ سنةٍ، وقد ذكر ابن الأعرابيّ أنّ العيد سُمِّي بذلك؛ لتجدُّد الفرح كلّ عامٍ بحلوله وعَوده، وعن ابن عابدين أنّه سُمِّي بذلك؛ لأنّ الله- تعالى- يُعيد في تلك الأيّام عوائد الإحسان على عباده، فيكون في تلك الأيّام عَودٌ لمظاهر الفرح والسرور، ومن تلك العوائد: إفطار المسلمين بعد إمساكهم عن الطعام، ونعمة الاستمتاع بلحوم الأضاحي، وأداء طواف الزيارة بعد تأدية مناسك الحجّ، وغيرها كيفيّة ثبوت عيد الفِطْر أجمع أهل العلم على أنّ ثبوت موعد عيد الفِطْر يكون بثبوت الرؤية الشرعيّة لهلال شهر شوّال، فإذا لم تثبت رؤية الهلال في ليلة الثلاثين من رمضان، أكمل المسلمون صيام شهر رمضان ثلاثين يوماً؛ استدلالاً بما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن عبدالله بن عمر- رضي الله عنهما- أنّ النبيّ- عليه الصلاة والسلام- قال: (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فإنْ أُغْمِيَ علَيْكُم فاقْدِرُوا له ثَلاثِينَ). عدد أيّام عيد الفِطْر عيد الفِطْر يومٌ واحدٌ يُصادف الأوّل من شهر شوّال، أمّا ما جرى في العُرف والعادة من اعتبار العيد ثلاثة أيّامٍ، فهو ممّا اشتُهِر بين الناس، إلّا أنّ ما جاءت به الشريعة الإسلاميّة هو تحديد عيد الفِطْر وعيد الأضحى بيومٍ واحدٍ لكلٍّ منهما؛ ودليل ذلك إباحة صيام اليومَين: الثاني، والثالث من شهر شوّال دون كراهةٍ. حُكم زكاة الفِطْر فُرِضت زكاة الفِطر على كلّ مسلمٍ؛ حرّاً كان أو عبداً، ذكراً أو أنثى، صغيراً أو كبيراً؛ فهي زكاةٌ واجبةٌ يُخرجها المسلم عن نفسه، وعن كلّ مَن تلزمه نفقتهم من الأقارب، بينما لا تجب زكاة الفِطر على مَن لا يملك طعاماً يزيد عن كفاية نفسه وأهله، ولا تجب على الجنين في بطن أمّه إلّا تطوُّعاً؛ استدلالاً بفِعل الخليفة عثمان بن عفّان- رضي الله عنه-؛ إذ كان يدفع زكاة الفِطر عن الأجنّة في بطون أمّهاتهم، ويُستدَلّ على وجوب زكاة الفِطْر بما ورد في السنّة النبويّة من حديث عبدالله بن عمر- رضي الله عنهما- أنّه قال: (فَرَضَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَدَقَةَ الفِطْرِ- أوْ قالَ: رَمَضَانَ- علَى الذَّكَرِ، والأُنْثَى، والحُرِّ، والمَمْلُوكِ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ فَعَدَلَ النَّاسُ به نِصْفَ صَاعٍ مِن بُرّ). صِفة صلاة عيد الفِطْر أجمعَ علماء الأمّة الإسلاميّة على أنّ صلاة العيد تُؤدّى ركعتَين، يدعو الإمام المسلمين إلى شهودهما دون أذانٍ ولا إقامةٍ، فيستهلُّ الصلاةَ بتكبيرة الإحرام، ثمّ يُكبّر سبع تكبيراتٍ، أو ستّ، ويرفع يدَيه عند كلّ تكبيرةٍ، وإن لم يرفع فلا حرج، ويُسَنّ له أن يذكر الله بين التكبيرات؛ بالتهليل، والتكبير، والصلاة على النبيّ- عليه الصلاة والسلام-، ومِمّا يُشرع ترديده بين التكبيرات قول: «الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بُكرة وأصيلاً، وصلّى الله على محمّدٍ وآله وصحبه وسلّم، تسليماً كثيراً»، وإن لم يردّد بين التكبيرات فلا حرج، ثمّ يقرأ الفاتحة، وسورةً أخرى، ويُسَنّ أن تكون سورة الأعلى أو سورة ق في الركعة الأولى، ثمّ يركع، ويُكمل صلاته كسائر الصلوات، ثمّ يقوم للركعة الثانية مُكبّراً، ثمّ يُكبّر خمس تكبيراتٍ غير تكبيرة الانتقال، ويقرأ الفاتحة، ثمّ يقرأ سورةً من القرآن، ويُسَنّ أن تكون سورة الغاشية أو سورة القمر، ثمّ يركع، ويُكمل صلاته كسائر الصلوات،ثمّ يخطب بالمُصلّين بعد الانتهاء من الصلاة خطبَتَين يجلس بينهما؛ قياساً على خُطبتَي الجُمعة، ويذكّر فيهما المسلمين بأحكام العيد، ويحثُّهم على الاستقامة إلى أمر الله، وامتثال أمره، والأمر بالمعروف، والنَّهي عن المُنكَر.