12 وزيراً تعاقبوا على الوزارة والنتيجة «لم ينجح أحد»

50 سنة تطوير.. ومنظومة التعليم كانت «محلك سر»

الطلاب
الطلاب

 

التطوير كلمة مطاطة استمرت أكثر من 50 عاماً يستغلها العديد من الوزراء للبقاء على مقعد وزير التربية والتعليم أطول فترة ممكنة رافعاً شعار التطوير وخطة خمسية وثمانية حسب تقبل الرأى العام..

اقرا ايضا|مشروع تطوير الثانوية العامة الجديد «حقل تجارب للحكومات» منذ 47 عامًا

وعاش التلاميذ وأولياء الأمور مأساة التطوير مع أكثر من 12 وزيراً رفعوا هذا الشعار منذ حرب أكتوبر وفى هذا الملف نستعرض بعض تجارب التطوير والوزراء الذين تعاقبوا على حقيبة وزارة التربية والتعليم ومكثوا فى مناصبهم سنوات متعددة استناداً علي تنفيذ خططهم.
البداية من الجمهورية الثالثة فى عهد الرئيس السيسى التى رفعت شعار بناء الإنسان المصرى والتخلص من الدروس الخصوصية ورغم كثرة الانتقادات إلى تجربة الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم على مدى 4 سنوات إلا أن التجربة تستحق الدعم لما تقدمه من تطوير لفكر وقدرات الطالب والمعلم رغم مقاومة أصحاب المصالح فى الوزارة والمدارس والذين يحاولون إفشال التجربة.
وكانت أشهر التجارب فى وزارة مصطفي كمال حلمي الذى تولى وزارة التعليم فى أول حكومة تم تشكيلها بعد نصر أكتوبر، وبدأ عمله منذ أبريل 1974 وظل فى الوزارة لمدة 10 سنوات، وأنهاه فى نوفمبر 1986.
فقد كان يعمل معلما ثم أصبح نقيباً للمعلمين، وبالتالى فهو يعرف مطالبهم ويدرك كيفية حلها، لكنه ترك وزارة التعليم ليظل نقيبًا للمعلمين فقط.
فتحي سقوط
خلفه الدكتور أحمد فتحي سرور، التي اعتبرت وزارته وزارة مؤقتة لمدة 4 سنوات، أهم إنجازاتها إلغاء الصف السادس الابتدائي، فهو فقيه دستوري وكانت وزارة التعليم بالنسبة له مجرد استراحة حتى تولى منصب رئيس مجلس الشعب، له مؤلفات كثيرة في المجال القانوني، كما أسهم بكتب في مجال التعليم مثل: استراتيجية تطوير التعليم، وتطوير التعليم في مصر (سياسته - استراتيجيته - وخطة تنفيذه) وأطلق الرأى العام وقتها عليه لقب «فتحى سقوط».
دروس خصوصية 
وبعد أن تولى « سرور»، مجلس الشعب، تولى الدكتور حسين كامل بهاء الدين وزارة التعليم سنة 1991، وهو أكثر وزراء التعليم الذين استمروا على هذا المقعد أطول مدة فى عصر مبارك، فقد استطاع أن يستمر فى منصبه لمدة 13 سنة كاملة، قام فيها بتغيير نظام التعليم، وهو من قرر نظام العامين فى الثانوية العامة، بعد أن كانت سنة واحدة فقط، لتنتشر فى عهده الدروس الخصوصية بشكل غير مسبوق، وانتشرت ظاهرة مراكز الدروس الخصوصية لأول مرة فى تاريخ مصر. وخصص «كامل»، مكافأة لواضعى امتحانات الثانوية العامة الذين لا يشكو الطلاب من امتحاناتهم، ونقل من يضع امتحانًا صعبًا خارج محافظته ليكون عبرة لزملائه، لذلك ظهرت المجاميع الخرافية التى تجاوزت المائة فى المائة، أثناء ولايته، وهناك طلاب حصلوا على 105. وقرر الدكتور بهاء الدين، نظام تحسين المجموع الذى كان يجعل الطلاب يدخلون الامتحان فى المادة الوشاحدة 5 مرات، وبالتالى يحصدون الدرجات النهائية لتتفشى ظاهرة المتفوقين من دون معايير.
اهتم الوزير بزيادة أعداد المدارس والبدء فى سياسة خصخصة التعليم وجعله سلعة من خلال مجموعات الدروس الخصوصية التى تقوم بها المدارس الحكومية لزيادة رواتب المدرسين دون تدخل من الوزارة. 
قريب إخوان
وفي عام 2004، تولي الدكتور أحمد جمال الدين الأستاذ بكلية الحقوق، وزارة التربية والتعليم، خلفًا لبهاء الدين، ولم يستمر فيها أكثر من عام واحد فقط، وتردد أن السبب فى خروجه السريع هو انتماء أحد أقاربه لجماعة الإخوان المسلمين ليخرج من الوزارة سريعًا قبل أن يستطيع تغيير أى شيء.
جزر  مبارك  المنعزلة
وفي عام 2005 اختار الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء حين ذاك الدكتور يسرى الجمل وظل فى منصبه بدءًا من ديسمبر 2005 حتي يناير 2010، ومن أبرز قراراته، إعادة السنة السادسة التى ألغيت إلى الابتدائية وقام بعمل كادر خاص للمعلمين، ووضع قواعد تغيير نظام الثانوية العامة. وفي خلال فترة الرئيس الأسبق حسني مبارك على مدار 30 عاماً قضاها على رأس السلطة منذ عام 1981 وحتى 2011 وقت أن تنحى عن السلطة إثر أحداث ثورة 25 يناير، شهد قطاع التعليم قبل الجامعي، والذي تولاه 4 وزراء، العديد من الإنجازات خلال سنوات حكم الرئيس الأسبق، فقد تولى مبارك المسؤولية، وكان عدد المدارس الحكومية بضعة آلاف وتوسع في إنشاء المدارس حتى أنهى حكمه وهناك أكثر من 30 ألف مدرسة عاملة في جميع المراحل التعليمية، إضافة إلى أن التعليم قبل الجامعي في عهد «مبارك»، كان يعاني من مشكلات عدم وجود إطار قانوني واحد لمنظومة التعليم وكان هناك قانون لكل منظومة فالتعليم الخاص كان له قانون والتعليم العام كان له قانون، فصدر في عام 1981 القانون رقم 139 الحاكم لمنظومة التعليم قبل الجامعي حتى الآن، ومن المنجزات أيضا تأسيس شهادة النيل الدولية من خلال مدارس النيل التابعة لوحدة شهادة النيل بمجلس الوزراء، وكذلك وضع الأساس لمدارس المتفوقين في العلوم والتكنولوجيا، ورفع موازنة التعليم أكثر من مرة وإن كانت تلك الميزانيات ظلت ضعيفة قياسا بالاحتياجات الفعلية للعملية التعليمية. وفي عام2011 وقت أن كان جمال العربي وزيراً للتربية والتعليم، اعتمد مجلس الشعب المنحل، نظاماً جديداً للثانوية العامة، كخطوة أولى نحو إحياء مشروع الحزب الوطني المنحل، الذي سوقته الجماعة الإرهابية باعتباره مشروعها للارتقاء بالتعليم، وتطويره، وغيّر مجلس الشعب المنحل نظام الثانوية العامة من نظام العامين إلى شهادة العام، وكان عام 2014، آخر عام يؤدي فيه الطلاب امتحان الشهادة الثانوية بنظام العامين وطلاب يؤدون الامتحانات بنظام العام الواحد، وفي عام 2015 أدي جميع طلاب الثانوية العامة الامتحانات بنظام العام الواحد، عدا الطلاب الراسبين  والمقيدين على النظام القديم. ورغم أن مشروع الثانوية العامة الجديد كان شبه جاهز منذ أعوام ولّت، إلا أن الحكومة الإخوانية، لم تنفذه وأخذت تقدم نفسها على أنها هي منتج المشروع الفعلي، وشكلت عدة لجان بين التربية والتعليم والتعليم العالي بحجة إعداد مشروع للثانوية العامة، وهي اللجان التي كان يشرف عليها القيادي الإخواني المهندس عدلي القزاز مستشار وزير التربية والتعليم الأسبق إبراهيم غنيم، وأنفقت تلك اللجان أكثر من ثلاثة ملايين جنيه على اجتماعاتها، دون أن تقدم شيئاً جديداً غير اختصار أو تحديث بعض الأفكار القديمة التي وضعت من قبل، وكان الدكتور محمود أبوالنصر وزير التربية والتعليم الأسبق، واحداً من الذين شاركوا في إعداد مشروع الثانوية العامة الجديد وقت أن كان رئيساً لقطاع التعليم الفني بالوزارة، وذلك قبل محاولات الجماعة الإرهابية السطو على المشروع. وفي 16 يوليو عام 2013، حينما تولي الدكتور محمود أبوالنصر مقاليد الوزارة خلفاً لوزير التعليم الإخواني، قطع على نفسه وعدا بعدم تحول التلاميذ إلى فئران تجارب مرة أخرى، فى إشارة إلى عدم تطبيق أنظمة تعليمية جديدة دون دراسة عليهم، مشيراً إلى أنه سيبدأ في تطوير المناهج من رياض الأطفال حتى الثانوية العامة، فضلا عن أن «أبوالنصر» استطاع خلال فترته تعميم مشروع القرائية بجميع المحافظات لطلاب الصفوف الابتدائية، وحقق إنجازاً هائلاً به، كما أنه تبني وضع خطة استراتيجية للتعليم 2014/2030، والتي تم عرضها للحوار المجتمعي حينها حوالي 17 مرة؛ حيث كانت تهدف الخطة إلى تقديم تعليم جيد لكل مواطن في سن التعليم، وإتاحة فرص متكافئة للسكان في سن التعليم للالتحاق به، والتأكد من إتاحة الفرصة الثانية للأطفال خارج التعليم، والقضاء علي مشكلة الكثافات الطلابية، والقضاء علي نظام الفترات . وخلال فترة تولي «أبوالنصر» مقاليد وزارة التعليم والتي بدأت في 16 يوليو 2013، وحتي 5 مارس2015،  وحدد تكلفة مبدائية لتطبيق المشروع 900 مليون جنيه ، إلا أن هذا المشروع ظل حبيس الأدراج بعد أن خرج أبوالنصر من الوزارة، كما أن «أبوالنصر»، كان صاحب فكرة التابليت التعليمي حيث كان قد بدأ تجربته في المدرسة الصناعية بشبرا الخيمة، بإعداد خط إنتاج لأجهزة التابلت، إلا أن ذلك المشروع لم يستكمل بعد نتيجة لتعاقب الحكومات والوزارات عقب ثورة 30 يونيو 2013، كما أنه صاحب مشروع إصلاح التعليم الفني وإنشاء وزارة مستقله له تختص بشؤون المدارس الفنية؛ حيث نجح في وضع استراتيجية محكمة للتعليم الفني وتطويره وأبرم العديد من الاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي والمنحة الأمريكية لتطوير التعليم الفني في مصر، كما أنه صاحب فكرة الهيئة القومية للتعليم الفني التي كان قد نسبها قيادات الإخوان لأنفسهم بالكذب في عهد إبراهيم غنيم الوزير الأسبق, إلي أن تولي الدكتور طارق شوقي، المنصب الوزاري لحقيبة التربية والتعليم في 14 فبراير 2017، وحمل شوقي المشروع الضخم الذي اهتمت به الجمهورية الثالثة بقيادة المشير عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية،  لبناء الإنسان المصري والذي أقرته خطة ورؤية واستراتيجية الدولة 2030، والتطوير الشامل للمنظومة التعليمة بداية من مرحلة رياض الأطفال وحتي مرحلة الثانوية العامة، إضافة لتطوير منظومة التعليم الفني لتواكب سوق العمل المحلي والدولي، وربط المناهج بسوق العمل، والعمل علي التوسع في إنشاء المدارس وفتح أنماط التعلم الجديدة كالمدارس اليابانية والمدارس الحكومية الدولية والتوسع في مدارس المتفوقين . وعلي مدار 4 سنوات لرحلة طارق شوقي، في وزارة التربية، ومنذ أن اعتلى طارق شوقي كرسي الوزارة منذ عام 2017، وهو شغله الشاغل السعي الدائم من أجل تنفيذ خطة الدولة لتطوير منظومة العملية التعليمية وذلك بفضل وجود إرادة سياسية قوية وحقيقية للتطوير الشامل لمنظومة التعلم المصري؛ حيث بدأ «شوقي» يخطو علي نفس منوال رؤية الرئيس لتطوير التعليم، فوضع نصب أعينه حديث الرئيس عبدالفتاح السيسي في أول الفترة الرئاسية له حينما قال أثناء احتفالية عيد العلم في ديسمبر، «نسعى لمجتمع مصري يتعلم ويفكر ويبتكر»، ليكن من هنا انطلاقة «شوقي» في تنفيذ رؤية واستراتيجية الدولة لتطوير التعليم؛ حيث نجح «شوقي» في بناء منظومة مناهج جديدة بداية من مرحلة رياض الأطفال وحتى الصف الثالث الابتدائي، تعتمد علي الفكر والإبداع وقياس مهارات الطلاب، فيما تنتهي الوزارة حاليا من إعداد المنهج الجديد الصف الرابع الابتدائي وفقاً لمنظومة التعلم الجديدة والذي سيطبق بداية من العام الدراسي القادم 2021/2022. على مدار 4 سنوات، استطاع الوزير طارق شوقي، تحقيق العديد من الإنجازات في ملف تطوير التعليم إلى أن طالب عدد كبير من دول العالم الاستعانة بتجربة مصر التي وصفتها بالرائدة في مجال التعليم؛ حيث طالبت بعض الدول الأفريقية وزير التربية والتعليم المصري بالاستفادة من التجربة التي طبقتها مصر في بعض المدارس للقضاء على كثافة الفصول، وهناك دول أخرى طلبت المساعدة المصرية في بناء المدارس، وتزويدها بالمناهج الدراسية. ونجح وزير التعليم، في تطبيق منظومة التابلت المدرسي في مرحلة التعليم الثانوي، وطبقت منظومة الامتحانات الإلكترونية منذ عام 2018، إلى أن وصل تطبيقها حالياً لدفعة الصف الثالث الثانوي العام؛ حيث من المقرر أن يؤدي طلاب الثانوية العامة هذا العام لأول مرة امتحانات الثانوية العامة وفقاً للمنظومة الإلكترونية لتجري الامتحانات عبر أجهزة التابلت المدرسي وبنظام الكتاب المفتوح ووفقاً لأسئلة النظام الجديد التي تعتمد على قياس مهارات التفكير والإبداع لدى الطلاب بعيداً عن الحفظ والتلقين .