الجمعية الجغرافية .. فخر وكنز الدولة المصرية

ذاكرة الشعب تحتــاج لـترميـم عـاجـل

القاعة الرئيسية للجمعية الجغرافية تتميز بتصميمها العربى البديع
القاعة الرئيسية للجمعية الجغرافية تتميز بتصميمها العربى البديع

 كتب :حسن حافظ    

أثناء مرورك من شارع قصر العيني، قرب ميدان التحرير، قد يشد أنظارك مبنى المجمع الضخم، أو مقر الجامعة الأمريكية الجميل، أو حتى مبنى البرلمان التاريخي، لكن وسط انشغالك بكل هذه المعالم تأكد أنك فاتتك جوهرة مكنونة، ومبنى يضم داخله من التراث والكنوز والروائع قلما تجدها مجموعة تحت سقف واحد، لكنك فى مصر بلد العجائب، لذا ليس غريبا أن تجد فى مبنى الجمعية الجغرافية أفيالاً وتماسيح من قلب القارة الأفريقية، وخرائط قادمة من مدن أوروبا الشمالية، وكنوز رحالة يستحقون أن تخلد رحلاتهم الاستكشافية فى أفلام سينمائية، وصفحات كتب نادرة وخرائط فريدة، ففى الجمعية الجغرافية التى مر على تأسيسها 146 عاما ما هو أكثر قيمة من الذهب، ففيها تاريخ أمة وذاكرة شعب.

تجولت "آخرساعة" فى أروقة الجمعية لاكتشاف الكنوز المنسية، وإعادة تسليط الضوء على المركز الحضارى الذى يواصل دوره فى صمت، ويتحدى التجاهل والأزمات التى تعصف بالمكان الذى تحتاج عملية صيانته وصيانة كنوزه لملايين الجنيهات، وهو أمر يحتاج إلى تدخل لتكاتف حكومى ومجتمعى عاجل، فما يتواجد فى الجمعية الجغرافية تتفاخر به مصر على دول العالم، ولا يقارن إلا بأكبر المتاحف المتخصصة على المستوى الدولي، وهى كنوز لا يعلم بوجودها الكثير من المصريين، ولو علموا لزاروا المكان الذى يضمن لهم جولة لا تنسى فى متاحفه ومقتنياته التى تحتفى بتقاليد وعادات المصريين، وتقدم لمحة عن عوالم أفريقيا المدهشة، وزيارة خاطفة لافتتاح قناة السويس قبل 150 عاما، وغيرها من الكنوز المنسية.

 

 

ويفتخر الدكتور السيد السيد الحسيني، رئيس الجمعية الجغرافية والعميد السابق لكلية الآداب بجامعة القاهرة، بدور الجمعية التاريخى كحافظة لذاكرة مصر وخرائطها، ويؤكد لـ"آخرساعة"، أن الهدف من إنشاء الجمعية فى عهد الخديو إسماعيل، كان الكشف عن منابع النيل، وقلب أفريقيا، وهو ما نجحت فيه الجمعية عن طريق العديد من الرحالة والمستكشفين الذين حملوا العلم المصرى فى كشوفهم الجغرافية فى وسط أفريقيا، ما تجلى فى التراث الذى تركه الرحالة فى متاحف الجمعية ومكتبتها، كما أسهمت الجمعية فى حماية الحدود المصرية إذ استطاع الدكتور يوسف أبوالحجاج، الأمين العام للجمعية سابقا، شرح موقف مصر فى قضية طابا، استنادا إلى الوثائق والخرائط التى تملكها الجمعية، والتى تثبت مصرية طابا، "وهو دور للجمعية نعتز به ونفتخر".

بنت الخديو 

إذا قلنا إن تاريخ الجمعية يواكب تاريخ مصر فى الـ150 سنة الأخيرة، ويعبر عنه فلا نكون قد بعدنا عن الحقيقة، فالجمعية تأسست فى وقت كانت مصر تسعى لتكون دولة من دول الصف الأول عالميا ورائدة فى مجال الكشوف الجغرافية على نفس الصف مع كبرى الدول الأوروبية، لذا لم يكن غريبا أن يعهد الخديو إسماعيل للرحالة وعالم النبات الألمانى جورج شفاينفورث بتولى رئاسة الجمعية فور تأسيسها، ووضع نظامها الأساسي، وكان اختيار شفاينفورث فى محله فالرجل عرف برحلاته الاستكشافية لمجرى نهر النيل فى السودان وإثيوبيا ووسط أفريقيا، إذ تأسست الجمعية بشكل أساسى من أجل تتبع منابع نهر النيل، وإلقاء الضوء على البلدان المجهولة فى قلب القارة الأفريقية.

هدف الخديو إسماعيل إلى اكتشاف منابع النيل وتأمين وجود مصر قبل أى دولة أوروبية أخرى، ففى منتصف القرن التاسع عشر، كانت الدول الأوروبية تتصارع فيما بينها لاحتلال معظم أنحاء القارة الأفريقية، لذا سارع حاكم مصر إلى تأسيس الجمعية الجغرافية لتكون القاعدة العلمية لمشروع الكشوف المصرية فى قلب القارة الأفريقية، وقد جاء فى المادة الثانية من النظام الأساسى المصاحب لمرسوم التأسيس، أن الجمعية سيكون دورها مقتصرا على دراسة علم الجغرافيا بجميع فروعه، وإلقاء الضوء على البلدان الأفريقية وتنظيم الجهود الكشفية فيها، لتنطلق الرحلات الكشفية من مقر الجمعية تخترق القارة الأفريقية.

رؤية الخديو إسماعيل السابقة لعصرها جعلت الجمعية الجغرافية الخديوية تاسع جمعية جغرافية على مستوى العالم، وأول جمعية جغرافية خارج أوروبا والأمريكتين، فقد تأسست فى فرنسا أول جمعية جغرافية فى العالم العام 1821، ثم تلتها الجمعية الجغرافية الألمانية العام 1828، ثم الجمعية الجغرافية الفلكية فى بريطانيا العام 1830م، ثم تأسست أول جمعية خارج أوروبا فى المكسيك العام 1833، ثم جاءت جمعية فرانكفورت الجغرافية العام 1836، تلتها الجمعية الجغرافية الروسية العام 1845م، والجمعية الجغرافية الأمريكية 1851، ونظيرتها البرازيلية العام 1863م، لتأتى الجمعية المصرية الخديوية العام 1875م، كتاسع جمعية من نوعها فى العالم.

وواكبت الجمعية الجغرافية التطورات السياسية التى مرت على مصر على مدار عقود، فقد عرفت لحظة التأسيس باسم الجمعية الجغرافية الخديوية عندما كان نظام مصر الحاكم هو الخديوية، لكن مع تولى السلطان حسين كامل حكم البلاد، تم فصل مصر عن الدولة العثمانية وأصبحت سلطنة، تغير اسم الجمعية إلى الجمعية الجغرافية السلطانية العام 1917، ثم الجمعية الملكية المصرية، مع تغير وضعية البلاد السياسية بعد العام 1922، وتحولها إلى النظام الملكى فى عهد الملك فؤاد الأول، ثم استقر المسمى على الجمعية الجغرافية المصرية بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952، والتحول إلى النظام الجمهوري.

حكاية مبنى  

كل ركن فى مبنى الجمعية الجغرافية يجبرك أن تقف أمامه تتأمل الجمال وتستنطق الحكايات، فالمبنى يعود إلى  بواكير حلم الخديو إسماعيل الذى رغب فى إقامة قاهرة أوروبية على ضفاف النيل، فكان مبنى الجمعية أحد المبانى الأصلية التى تعود إلى بدايات الخديوية، فإذا كانت المدينة عرفت طريقها للوجود بداية من العام 1869، فإن مبنى الجمعية يعود إلى نفس الفترة وتحديدا العام 1865، عندما أسس فى البداية ليكون مقرا لمدرسة مخصصة لتعليم بنات الخديو وصديقاتهن، ثم شغلته وكالة حكومة السودان، فى بداية القرن العشرين ولمدة 20 عاما.

ثم أصدر الملك فؤاد قرارًا عام 1922، بتخصيص المبنى ليكون مقرا للجمعية الجغرافية الملكية، لذا خضع المبنى لعملية تأهيل شاملة لاستقبال الجمعية، وبالفعل انتقلت الجمعية إلى المبنى التاريخى بداية من 2 أبريل 1925، بالتزامن مع الاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيس الجمعية، واستقبال الجمعية للمؤتمر الجغرافى الدولى الثانى عشر، وهو أول حدث عالمى غير مسبوق، رسخ السمعة العلمية للجمعية المصرية دوليا، ومن الطريف أنه لم تحظ أى جمعية جغرافية عربية بهذا الشرف باستثناء الجمعية الجغرافية التونسية التى نظمت نسخة المؤتمر عام 2008، أى بعد أكثر من 80 عاما على تنظيم الجمعية المصرية لهذا المؤتمر.

لم تأت الجمعية التاريخية إلى مقرها الحالى والتاريخى من العدم، بل سبق ذلك خمسة عقود عاشتها الجمعية متنقلة بين أكثر من مكان حتى ألقت عصا التسيار فى المبنى الداخل فى حرم البرلمان بوسط القاهرة، ففى البداية مع قرار الخديو إسماعيل بتأسيس الجمعية فى 19 مايو 1875، وتقرر أن يكون مقرها فى قصر محمد بك الدفتردار زوج الأميرة زينب هانم ابنة محمد على باشا، وهو القصر الذى أقيم مكان قصر الألفى باشا فى منطقة الأزبكية، بحسب الدكتور حمادة حسنى أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة قناة السويس.

ثم انتقلت بعدها الجمعية عام 1878، إلى مقر جديد فى مقر المحكمة المختلطة القديمة فى حارة العسيلى المفضية على شارع الجيش (الأمير فاروق سابقا)، وقد ظلت الجمعية فى هذا المقر حتى عام 1895، ومن ثم انتقلت الجمعية إلى مقر جديد عند ناصية شارعى قصر العينى ومجلس الشعب، وقد تم هدم هذا المبنى فيما بعد وحل محله المبانى المحلقة بالبرلمان المصري، أما الجمعية فقد انتقلت إلى مكانها الحالى الذى ارتبطت به لـ96 عاماً.

 

مقتنيات الجمعية الجغرافية فى متاحفها الخاصة .. كنوز تحكى تراث مصر

ويتميز مبنى الجمعية الجغرافية بأنه تحفة معمارية من الخارج والداخل، فهو سليل عمارة عصر الخديو إسماعيل، التى تتميز بالبناء غير المرتفع الذى لا يتجاوز الدورين غالبا، وهو ما نجده فى مبنى الجمعية الممتد على مساحة 1440 مترا مربعا، ويتكون من جناحين بينهما بهو تم إعداده عام 1925 ليكون قاعة المحاضرات الرئيسية للجمعية، وهى القاعة التى استضافت المؤتمر الجغرافى الدولي، وتنقلك القاعة الموجودة فى الطابق الثاني، إلى أجواء ألف ليلة وليلة بكل سهولة فهى تمتد لـ 35 مترا طولا و24 مترا عرضا، ويرتفع سقفها إلى 10 أمتار ونصف المتر، وهو محمول على 12 عمودا من الحديد صنعت خصيصا فى باريس، ويتزين كل عمود بشعار الملكية المصرية الهلال والثلاث نجوم بالخلفية الخضراء رمز النماء، أما سقف القاعة فهو تحفة فنية فردية، لما يمتاز به من رسومات هندسية إسلامية يغلب عليها اللون الأزرق بدرجاته، والتى تتناغم مع الاستخدام المكثف للخشب بلونه البنى الداكن فى تزيين القاعة، وقد قسم السقف إلى 15 مربعا من الخشب البغدادى الملون، الذى يتدلى منه نجف من البرونز، وتضم القاعة 436 كرسيا.

أجواء أفريقية

خلال جولتنا فى مقر الجمعية، التقينا مرشدها، على شرف، أحد أقدم موظفى الجمعية، وخلال سنوات عمله التى قاربت على الثلاثين، صاحب المكان وحفظ مقتنياته، وساعد فى الحفاظ على خرائطه وكتبه النادرة، هذا المجهود تجد أثره خلال حديثه معك، فهو يتحدث معك عن مقتنيات الجمعية كصوفى فى محراب الحب، أو عاشق متيم، يعامل الخرائط القديمة التى تعود لما قبل قرنين والكتب القديمة التى كتبت فى عصر غير العصر، بحرص والدة على ولديها، يحمل كل شيء فى حرص بالغ ويضعه أمامك وبريق عينيه يفضح سعادته بما يضعه أمامك.

قادنا على شرف بين أركان الطابق الأول من الجمعية الجغرافية، وهو الطابق الذى يضم المتاحف وقاعات الخرائط والأطالس، ففى مكتبة الخرائط توجد كنوز مصرية وأفريقية لا تقدر بثمن ولا مال، فمن هذه القاعة خرجت الخريطة التى أثبتت حقوق مصر التاريخية فى طابا، وأنهت التحكيم الدولى مع إسرائيل لصالح مصر فعادت المدينة عام 1989، كما تضم المكتبة مجموعة كبيرة من خرائط الاكتشافات الجغرافية فى قلب أفريقيا، والتى تعود إلى الربع الأخير من القرن التاسع عشر، كما تضم مجموعة نادرة من الخرائط التى أهداها الملك فؤاد للجمعية، وهو من أشهر المهتمين بالجمعية خاصة أنه تولى رئاستها قبل تولى الحكم.

ومن نوادر الخرائط التى تمتلكها الجمعية، خريطة تم رسمها بناء على أوامر الخديو إسماعيل عام 1877 لحصر جميع الكشوف الجغرافية لمنابع نهر النيل، فضلا عن خريطة جوردن باشا لنهر النيل، أما أقدم خريطة فى الجمعية فتعود إلى عام 1567، وهى مخصصة لدولة إيطاليا، وقد طبعت فى أمستردام الهولندية، ويوجد بالمكتبة نحو 12500 خريطة، بها مجموعة من الخرائط تغطى معظم أركان العالم فى عصور مختلفة، لتكشف عن تطور فن رسم الخرائط، كما تضم المكتبة 350 خريطة لمصر تعد من أندر ما يكون، فضلا عن مجموعة خرائط لمدينة القاهرة فريدة من نوعها تعود إلى القرن التاسع عشر.

أما الأطالس فحدث ولا حرج، إذ تمتلك الجمعية ثروة لا تقدر بثمن، والتى تنقسم إلى أطالس الخرائط وأطالس اللوحات، فهناك 328 أطلس خرائط، و128 أطلس صور ولوحات، وتعد درة هذه المجموعة أطلس الأمير يوسف كمال، وهو أحد أحفاد محمد على باشا، والذى عرف برحلاته واهتمامه الشديد بالجغرافيا، فخصص ثروته الضخمة لشراء الكتب النادرة والخرائط الفريدة، وأودع مكتبته فى الجمعية الجغرافية، ويتكون أطلس الأمير من 14 مجلداً، ولا يتفوق عليه فى الأهمية إلا أطلس الحملة الفرنسية لمصر والشام والذى تمت طباعته فى باريس عام 1821، وهناك أطلس الأمير عمر طوسون بعنوان "أطلس أسفل الأرض− الدلتا المصرية" الذى يتميز بكونه من الأطالس التاريخية التى تتعقب المراحل الزمنية المختلفة التى مرت بها الدلتا المصرية، كما تضم الجمعية الجغرافية ثورة من الصور تصل إلى أربعة آلاف صورة، من ضمنها مجلد توثيقى لجامع السلطان حسن من إعداد العالم الأثرى ماكس هرتز.

وخلال الجولة اكتشفنا أن مقتنيات الجمعية الجغرافية لا تقتصر على الخرائط والكتب بل تضم متحفا فريدا من نوعه وهو "المتحف الاثنوغرافى" الذى يعد الأول من نوعه على مستوى العالم العربي، والذى يركز على عادات وتقاليد المصريين على مدار قرنين، وينقسم هذا المتحف إلى أربع قاعات عرض رئيسية، والبداية من قاعة القاهرة− عادات وتقاليد، والتى تضم مجموعة من النماذج التى تحكى تفاصيل الحياة اليومية فى قاهرة القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، من ووسائل الإنارة وعدة الحلاقة وأدوات التدخين، فضلا عن محمل الكسوة الشريفة وهو تحفة أثرية، وكذلك التختروان الذى كانت تزف فيه العروس فى زمن ما قبل السيارات، كما يتواجد صندوق الدنيا الذى اشتهرت به القاهرة قبل زمن انتشار السينما.

أما قاعة القاهرة− حرف وصناعات، فهى مخصصة للكشف عن الصناعات الحرفية السائدة فى العاصمة المصرية قبل منتصف القرن العشرين، وتعرض القاعة نماذج للصناعات الحديدية والنحاسية والزجاجية فضلا عن الصناعات المرتبطة بالخدمات المنزلية والمخصصة لحفظ المواد الغذائية، كما توجد قاعة أفريقيا، وهى قاعة تضم مجموعة نادرة من المقتنيات التى تم إهداؤها للجمعية من قبل مجموعة من المستكشفين، وتضم المجموعة أسلحة بدائية وأدوات منزلية، فضلا عن أنياب أفيال ضخمة وحيوانات محنطة، وطبول تستخدم فى الحروب بين القبائل الأفريقية.

ولا يمكن اختتام جولة فى الجمعية الجغرافية إلا بزيارة مكتبتها الشهيرة التى تضم من الكتب كنوزها ومن المجلدات أقيمها ومن الطبعات أندرها، وتعود هذه المكتبة العريقة فى نواتها إلى مجموعة من 2500 كتاب أهداها خديو مصر إسماعيل إلى المكتبة لحظة تأسيسها، وتوالت بعدها الإهداءات من قبل أبناء الأسرة العلوية على المكتبة، وكانت أشهر هذه الإهداءات مكتبة الأمير يوسف كمال، لتصل مجموعة الكتب التى تقتنيها الجمعية إلى 40 ألف كتاب، تعد درة التاج فيها النسخة الأصلية والكاملة من كتاب ∩وصف مصر∪ تأليف علماء الحملة الفرنسية.

مستقبل غامض!

كل هذا التراث العظيم لا ينفى أن الجمعية الجغرافية تواجه وقتا صعبا لمواجهة كلفة العناية بكل هذا التراث الضخم الذى لا يعد جزءا من التراث المصرى فقط بل من التراث العالمى أيضا، وهو أمر مكلف ويحتاج إلى ميزانية ضخمة للرعاية بالمقتنيات من ناحية والعمل على ترميم المبنى الأثرى.

ويحكى الدكتور السيد الحسيني، أزمة التمويل التى تعانى منها الجمعية، إذ تعتمد الأخيرة على عائد الوقف الذى أوقفه محمد راتب باشا الجركسي، سردار الجهادية المصرية، على الجمعية فى 1930، إذ خصص 538 فدانا من الأراضى الزراعية بمحافظة الغربية للإنفاق على الجمعية، وتحصل الجمعية على عائد تأجير الأرض من وزارة الأوقاف، لكن فى عام 2004، تعرضت الأرض لعملية احتيال من مجموعة زعمت أنهم أحفاد راتب باشا، وزوروا مجموعة من الأوراق لمحاولة الاستيلاء على الأرض، واستمر النزاع القانونى حتى حصول الجمعية على حكم قضائى نهائى وبات فى 2015، والذى أثبت أحقية الجمعية فى الوقف الخيري، ومع مماطلة وزارة الأوقاف فى تحويل العوائد المستحقة للجمعية، تم اللجوء إلى القيادة السياسية وتم حل الأمر بانتظام :الأوقاف" فى تحويل الأموال المستحقة.

 

محرر "آخرساعة" مع الدكتور علاء الدين محمود عضو مجلس إدارة الجمعية

ولا تتوقف آلام الجمعية الجغرافية عند هذا الحد، بل إن المبنى يحتاج إلى عملية ترميم واسعة، بعدما صمدت الجمعية أمام زلزال عام 1992، كما نجت بأعجوبة من الحريق الذى التهم مبنى مجلس الشورى (الشيوخ حاليا) فى عام 2008، وهو المبنى الذى لا يبعده عن مبنى الجمعية الجغرافية إلا أمتار قليلة، لكن بعض أجزاء سقف المبنى الأثرى سقطت بفعل الأمطار الغزيرة التى تعرضت لها القاهرة فى مارس الماضي، وقام رئيس الجمعية بمخاطبة وزارة الآثار لترميم المبنى، لكن يقف عائق أمام تنفيذ هذا الأمر توفير التمويل اللازم، إذ تتمسك وزارة الآثار بتحمل الجمعية الجغرافية تكاليف عمليات الترميم، فيما لا تمتلك الأخيرة المقدرة المالية لتوفير التمويل اللازم لإنجاز عملية ترميم تحتاج إلى ملايين الجنيهات، لذا تطالب الجمعية ورئيسها بقرار دولة لإنقاذ الجمعية الجغرافية من أزمة قد تتسبب فى ضياع كنوز لا تعوض وتاريخ لا يمكن شراؤه.

 

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي

 
 

 
 
 

ترشيحاتنا