كتب: محمد إسماعيل
منذ سنوات عديدة شهدت المحطات الإذاعية تطورا ملحوظا في الخريطة البرامجية، وخلال عامين زادت أيضا المسلسلات الإذاعية، وشارك فيها نجوم الصف الأول وعلى رأسهم محمد هنيدي وأحمد عز ومحمد رمضان هاني رمزي.
وتخطت المسلسلات الإذاعية المعتاد، وظن البعض أن المسلسلات الإذاعية في طريقها لمنافسة الدراما التليفزيونية، إلا أنه بمرور الوقت تلاشى الأمر تدريجيا، وتراجعت الدراما الإذاعية بقوة.. أخبار النجوم استطلعت أراء المتخصصين من أساتذة الإعلام ونقاد الدراما عن أسباب هذا التراجع فى الدراما الإذاعية.
البداية مع الناقدة خيرية البشلاوي، والتي أرجعت الهبوط فى أسهم المسلسلات الإذاعية إلى المسئولين عن إدارة المحطات الإذاعية، حيث ترى أن تلك الدرام الإذاعية لا تقل عن نظيراتها التليفزيونية التي يتم إنفاق الملايين على إنتاجها، مضيفة بالقول: امسئولو الإذاعات لا يستغلون الجمهور الكبير لمستمعي الراديو فى مصر، خاصة فى فترات الذروة باليوم، والأمر هنا لا يتوقف على مديري الإذاعات الخاصة، بل وأيضا الحكومية، وقد يعتقد البعض أن الراديو تراجع منذ سنوات جماهيريا، لكن الحقيقة أنه يمتلك جمهور كبير من سائقي السيارات على مدار اليوم، وأيضا ربات اليوم فى في الفترة الصباحية، كما أنه وسيلة تسلية أكثر حمامية من التليفزيون لفئة كبيرة من المثقفين وكبار السنب.
وتستكمل خيرية حديثها قائلة: اغير صحيح أن الراديو مهنة من لا مهنة له، والدليل إتجاه كبار النجوم فى السنوات الأخيرة إلى الإذاعات لتقديم مسلسلات إذاعية، حتى لو كانوا مشغولين بأعمال تليفزيونية يربحون من وراها الملايين، لكن سبب تراجع الدراما الإذاعية هو قلة الأصوات الفنية المميزة إذاعيا، خاصة أن أغلب النجوم حاليا لا يملكون أصوات تليق بالإذاعةب.
على جانب آخر يرى الناقد محمد قاسم أن سبب التراجع هو المعلنين، حيث تبحث شركات الإعلان عن الترويج التليفزيوني أولا، حيث يحقق من خلاله نسب تواجد أكبر من تلك التي يحققها إذاعيا، الجانب الآخر للمشكلة هي أن ميزانيات الإذاعات ضعيفة، حتى الخاصة منها، وهو ما يضطرها إلى إنتاج عمل درامي واحد على الأكثر سنويا، وتحاول عرضه فى رمضان حتى تظهر بخريطة قوية، والأمر يزداد سواءً فى الإذاعات الحكومية، التي تعاني من ضعف الموارد والإمكانيات، وتحاول بشتى الطرق الاعتماد على الميزانيات المتاحة، وهو ما لا يتيح لها التعاقد مع نجوم (سوبر ستار) لتقديم مسلسلات إذاعيةب.
ويضيف قاسم: اهناك عامل آخر هو سياسة المحطات الإذاعية، فالمحطات الآن تحولت إلى مشاريع تجارية أكثر منها وسيلة إعلامية خدمية، ورغم أن الإذاعة تملك جمهور كبير من سكان الأقاليم والأرياف وربات البيوت وكبار السن ومرتفعي الثقافة وقائدي السيارات، لكن لا يتم استغلال وصول الإذاعة لهذه الشريحة الكبيرة للتأثير فيهم، بل أصبحت الإذاعات تسعى وراء
أصحاب الثقافة السطحية أو المعدومة، وتهتم بالبرامج الهزلية والأغاني فقط، وذلك بناءً على رغبة المعلنين، وبالتالي خسرت بمرور الوقت قطاعات أخرى أكبر وأهمب.
د. سهير عثمان ذ الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة ذ ترى على عكس الأراء السابقة، حيث تؤكد أن سبب تراجع الإذاعات بشكل عام يعود إلى ذوق الجمهور، حيث أتجهت الإذاعات إلى تلبية نظرية االجمهور عايز إيه؟ب، وبما أن الشريحة الأكبر من الجمهور هو الشباب، وهم فئة لا تزال سطحية المعرفة والخبرة، ينجذب للبرامج الترفيهية ويهرب من البرامج الإخبارية والسياسية والإجتماعية التي تتحدث عن هموم المواطن وتحديات الدولة، فهذه الأمور لا تشغل بال أغلب الشباب، كما أن الشباب ينتظر مشاهدة بطله المفضل فى التليفزيون، أفضل من سماع صوته فى الراديو.
وتضيف د. سهير أن الإعلانات أحد الأسباب أيضا، لأن تراجع المعلنين أدت إلى تراجع المسلسلات الإذاعية، لأن المعلن حاليا يهتم بالوسيلة الإعلامية التي ستحقق أكبر استفادة له، وهو ما لا يتوافر للراديو كوسيلة إعلانية، بالإضافة أن الفنانين أيضا عليهم عامل، لأن ليس كل الفنانين يصلحوا للمسلسلات الإذاعية، لأن الراديو يحتاج صوت مميز ومؤثر ويرتبط به المستمع، كما أن انشغال الفنانين بأعمال سينمائية وتليفزيونية جعل الراديو آخر إهتماتهم، عكس عقود سابقة كانت الإذاعة ضمن أولويات الفنانين، رغم انشغالهم بالسينما، ومن أبرز هولاء النجوم الراحل محمود ياسين وميرفت أمين والراحلة فاتن حمامة وغيرهم.
وفي ختام حديثها تؤكد د. سهير عثمان أن الصورة ليست بهذه القتامة، وأن الأمل فى الإذاعات لا يزال قائم، ولابد من وقفة لعودة الإذاعة إلى مكانتها مرة أخرى، وأهمها زيادة ميزانية المحطات الإذاعية، خاصة فى الإنفاق على المسلسلات، على أن تكون قادرة على جذب النجوم الـبسوبر ستارب، لجذب قطاع أكبر من الجمهور، كما أن المسلسلات لابد وأن يتم توزيعها على مدار العام، وليس رمضان فقط، خاصة أن ميزان المتابعة لن يكون فى صالح الإذاعة خلال رمضان مقارنة بالتليفزيون، بالإضافة أن اليوم الرمضاني قصير بطبعه.. وتضيف د. سهير: االعامل الأخير هو اختيار فريق تسويق قادر على تسويق المسلسلات الإذاعية، وهو أمر يحدث فى كل العالم، كما يجب اختيار سيناريوهات جيدة وموضوعات مختلفة وجديدة لتناولها، بعيدا عن نمط المسلسلات الإذاعية السطحية التي تميل إلى الكوميديا، فهناك موضوعات يمكن تناولها ويحتاجها الجمهور الإذاعي حاليا، مثل الأعمال الوطنية، والتي تشهد إزدهار فى الدراما التليفزيونية، مثل (الزيبق وهجمة مرتدة والقاهرة كابول والاختيار)، وأعتقد أن الإذاعة يمكن أن تدعم هذا الدور التوعوي ضد الإرهاب.