تأجيل الانتخابات الفلسطينية يخدم إسرائيل والسلطة معًا

فلسطينيون يتابعون إعلان الرئيس عباس تأجيل الانتخابات
فلسطينيون يتابعون إعلان الرئيس عباس تأجيل الانتخابات

جاء قرار الرئيس الفلسطينى محمود عباس بتأجيل الانتخابات البرلمانية الفلسطينية التى كان من المقرر إجراؤها الشهر المقبل متوافقًا مع التقديرات الإسرائيلية، التى واصلت مؤسستها الأمنية الاستعداد لاحتمال حدوث مزيد من التصعيد جراء إلغاء الانتخابات −حسب جريدة معاريڤ− فأجرت القيادة المركزية مناورات حربية.

وناقشت خططًا لاحتمال أن تنعكس مسألة انتخابات السلطة الفلسطينية على الوضع الأمنى ​​فى الضفة الغربية وركز الجيش الإسرائيلى على الاستعدادات لإلغاء الانتخابات بما يؤدى إلى زيادة العنف على الأرض، وتناقضت التفسيرات الفلسطينية لدوافع قرار عباس، إذ رأى المعارضون أن الرئيس سعى لتأجيل الانتخابات خوفا من أن تواجه فتح صعوبة فى الحصول على أغلبية تسمح له بتشكيل حكومة، وأنه سيعلقها رسميا على رفض إسرائيل السماح بالتصويت فى القدس الشرقية.

قال المؤيدون فى حديث مع صحيفة "هآرتس" إن الاتجاه هو بالفعل تأجيل الانتخابات وليس إلغاءها، من أجل الاستمرار فى الضغط على إسرائيل للسماح بإجراء الانتخابات فى القدس الشرقية، نظرًا للرد البارد من المجتمع الدولى هذه المرة على الحملة الانتخابية فلم يمارس ضغوطًا حقيقية على السلطة الفلسطينية وإسرائيل لإجراء الانتخابات "وكأنها قضية فلسطينية داخلية".

كما أن التنازل عن الانتخابات فى القدس الشرقية يعنى الاستسلام، وقبول إملاءات الخطة السياسية للرئيس الأمريكى الأسبق دونالد ترامپ، "حتى لا تسجل كتب التاريخ أننا تخلينا عن القدس".

وفى المقابل رأت عميرة هيس محررة الشئون الفلسطينية بجريدة هاآرتس أن تأجيل الانتخابات يخدم كلًا من إسرائيل والسلطة الفلسطينية، فمن ناحية يسمح الوضع الراهن الزائف لحركة فتح بالاستمرار فى تولى مناصب فى السيطرة الاقتصادية والإدارية والسياسية والسلطة فى جيوب الضفة الغربية. ويسمح لكبار المسئولين غير المنتخبين، الذين يعيشون على شهرتهم السابقة كمقاتلين ضد الاحتلال فى المنفى أو فى أراضى 1967، أو الذين تم انتخابهم فى انتخابات انتهت بالفعل، بالاستمرار فى تطوير والحفاظ على طبقة واسعة من كبار المسئولين.. بالإضافة إلى ذلك، يسمح الوضع الحالى لحركة عباس بالسيطرة إلى حد كبير على أعمال ومبادرات القطاع الخاص، مع تعزيز وتفضيل المنتسبين.. كما أن التزام قيادتى فتح والسلطة الفلسطينية باتفاقات أوسلو، وخاصة التنسيق الأمنى مع إسرائيل، يحافظ على بعض الاستقرار فى المنطقة بما يترجم بشكل أكثر دقة على أنه أمن إسرائيل على حساب الأمن والحقوق الفلسطينية.. وترى هيس أن إجراء الانتخابات الفلسطينية الآن أمر سيئ لإسرائيل وأيضًا للطبقة الحاكمة الفلسطينية غير المنتخبة فالوضع الحالي يكرس الانقسام الحكومى بين قطاع غزة والضفة الغربية.

ويعد هذا الانقسام بين غزة والضفة الغربية أحد الأركان الأساسية للسياسة الإسرائيلية منذ عام 1991.. كما أن تأجيل انتخابات المجلس التشريعى الفلسطينى يعوق محاولة إعادة تأهيل المجلس الوطنى الفلسطينى، الهيئة التى من المفترض أن تمثل الشعب الفلسطينى بأسره، فى إسرائيل والشتات. كان من المقرر أن تكون المرحلة الثالثة من الانتخابات للمجلس الوطنى، برلمان منظمة التحرير الفلسطينية، على أن يكون جزء منه أعضاء فى المجلس التشريعي، يتم انتخابهم من قبل سكان غزة والضفة الغربية، بما فى ذلك القدس الشرقية.

وفى سنوات أوسلو، تمت الإطاحة بالمبدعين، وأصبحت السلطة الفلسطينية قوقعة فارغة. فى هذه السلطة الفلسطينية، فتح هى الحركة المهيمنة، وعباس ودائرة صغيرة من رفاقه هم المتحكمون الوحيدون. من المريح جداً لإسرائيل أن تدار السياسة الفلسطينية من قبل هذه المجموعة الصغيرة من كبار المسئولين، تحتجزهم امتيازاتهم والأفق الاقتصادى لهم ولأسرهم كرهائن.