نجل الشيخ محمد سيد طنطاوي: والدي تمنى أن يدفن في البقيع فأكرمه الله بذلك

عمرو سيد طنطاوي
عمرو سيد طنطاوي

الحديث عن فضيلة الإمام الأكبر الراجل د.محمد سيد طنطاوي حديث ماتع خاصة عندما يكون من واحد من أقرب المقربين منه وهو ابنه المستشار عمرو سيد طنطاوي، الذى يكشف الكثير عن دقائق حياة والده الشخصية وكيف حقق الله أمنيته فى أن يدفن بالبقيع مع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

< ...................؟
فى الحقيقة لم يكن يريد والدى تقلد منصب المفتي لشعوره بأنها مسئولية كبيرة وأمانة وكان يقول: إنه متخصص فى التفسير وعلوم القرآن «مالى أنا ومال الإفتاء دى مسألة صعبة» هذا كان كلامه لفضيلة الامام جاد الحق شيخ الأزهر عندما رشحه لتولى مسئولية دار الإفتاء، ليرضح بعدها لهذه المسئولية بعد أن اخبره الإمام الأكبر بأن هناك نية لإلغاء هذا المنصب وبالفعل وافق وظل فى منصب الإفتاء ما يقرب من عشر سنوات.

< ...................؟
كان والدى خلال توليه مسئولية دار الإفتاء لايتسنى لنا الجلوس معه بشكل منتظم، فلم يكن ليفطر معنا فى رمضان سوى يومين لنلتقى بعدها على إفطار العيد لكن بعد توليه مشيخة الأزهر كان هناك متسع من الوقت.

< ...................؟
التفسير الوسيط للقرآن الكريم صدر فى خمسة عشر مجلدًا وأكثر من سبعة آلاف صفحة وقد طبع هذا التفسير عدة طبعات أولها عام 1972م،وقد بذل فيه أقصى جهده ليكون تفسيرًا محررًا من الأقوال الضعيفة والمعانى السقيمة والآراء التى لا سند لها وكان منهج فضيلته البدء فى شرح الألفاظ القرآنية ثم بيان سبب النزول ثم ذكر المعنى الإجمالى للآية ثم تفصيل ما اشتملت عليه الآية من أحكام شرعية وتوجيهات حكيمة.

< ...................؟
كان يعانى من مرض القلب ولكنه كان بصحة جيدة قبل السفر للسعودية وحرص على أخذ حقيبة يده فقط وهناك وافته المنية بعد أداء صلاة فجر الأربعاء فى مارس إثر أزمة قلبية أصابته خلال صعوده الطائرة،التى ستقله من الرياض إلى القاهرة، بعد مشاركته فى حفل توزيع جوائز الملك فيصل ومؤتمر بعنوان :»صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم» وعلى الفور وافق الملك عبدالله بنقل جثمانه إلى المدينة المنورة بعد أن علم بانه كان يتمنى الدفن بالبقيع وتمت صلاة الجنازة عليه بالمسجد النبوى بعد صلاة العشاء وقد حرص المشيعون على حمل جثمانه بدلا من وضعه على سيارة ليشارك عدد كبير من المواطنين.

< ...................؟
نعم كان يتمنى ان يدفن فى البقيع وقد أخبرنا بها بعد الوفاة الشيخ على الهاشمى المستشار الدينى لرئيس الإمارات وأيضا أنس الكتبى الحسينى أحد أشراف المدينة وأكد أنه كان دائم التحدث عن أمنيته ودعائه بهذه الأمنيه خلال إعارته فى المدينة المنورة حيث كانت تدمع عيناه عندما يمر بالبقيع ويقول اللهم ارزقنا صحبة أصحاب رسول الله فى هذا المكان ليرد عليه الشيخ أنس: وهل نحن أهل لهذا يا دكتور سيد، ليجيبه إن الله عند حسن ظن عبده، ليتحقق له ما تمنى ومن المفارقات أيضا أن يلحق عمى بوالدى بعد أداء فريضة الحج التالية ليدفن هو أيضا بالبقيع.

< ...................؟
كان والدى شديد الحب لصحابة رسول الله ومن أكثر المدافعين عنهم بعد تعرضهم لهجمة من التطاول من جانب البعض وكان يقول إن حب الصحابة الركن السادس من أركان الإسلام فهم كما قال رسول الله:«أصحابى كالنجوم بأيهم اهتديتم اقتديتم».
< ...................؟
كانت أهم هذه السلوكيات هى عدم الإسراف فى المياه بدليل ان كان يضع بجواره إناء يتوضأ منه حتى لا يسرف فى المياه وعندما كان يشاهد أحداً يغسل سيارته بالماء كانت تقوم الدنيا ولا تقعد،القيمة الثانية هى الحفاظ عى المال العام باعتباره نارا تحرق من يستحله وكان يحرص على عدم الذهاب بسيارة العمل إلى مشاويره الخاصة حتى إنه لم يكن ليسمح لأحد بأن يركب معه سيارة العمل.

< ...................؟
بمجرد دخوله إلى المنزل كان سيد طنطاوى الأب يعيش بكل بساطة بعيدا عن أى نوع من التكلف حتى مع من يعاونوننا فى المنزل وكان شديد الحرص على دعوة أشقائه للحضور إلى منزلنا على مدار الأسبوع حبا فى لمة العائلة،وكان لديه درجة كبيرة من التسامح ضد خصومه وعندما كنت أقوم برفع قضية ضد من ينال منه بشىء كان يذهب إلى الأستاذ رجائى عطية ويطلب منه التنازل عن الشكوى ويقول له أنا مسامح فى حقى ولماذا أشغل نفسى بعداءات محسومة تكفل الله بردها.
< ...................؟
كان من أشد المعجبين بالشيخ محمد الغزالى وشاء القدر أن يدفن إلى جواره بالبقيع بعد عشر سنوات من وفاة الشيخ الغزالى وكأنهماعلى موعد باللقاء فى مثواهما،كما كان يعتبر الشيخ جاد الحق الأب الروحى له وكان للشيخ الشعراوى رصيد كبير من حب والدى له،أما الدكتور أحمد الطيب فقد كان يحرص على زيارة والدى بشكل دورى بمنزلنا بمدينة نصر وكان يراه والدى شخصية متواضعة وكان يعتبره رمزا دينيا يسعى للسلام وهذا بالفعل ماتحقق،لذلك كان لزاما علينا بعد وفاة والدنا أن نقوم بإهدائه عمامة والدى وكأنه كان على يقين بأنه من سيخلفه فى مشيخة الأزهر.