رفعت الجلسة| موعد مع قاضى الأرض

موعد مع قاضى الأرض
موعد مع قاضى الأرض

أنا هنا.. عدت قوية.. أسمع وأتكلم، أخاطب وأجادل، لست صماء، أو مستسلمة، بل أملك جسدا وعقلا واعيا حتى ولو لساعات فقط.

أنا هنا لأخبرك يا زوجى أنك لم تكسب رهانك، فالمرأة التى اتهمتها بالجنون وأودعتها فى مستشفى الأمراض النفسية، وتجاهلت أنها على قيد الحياة، بل أخذت منها فلذة كبدها.. عادت، لكن أقوى مما كانت.. عادت لتنتقم منك.. بكل ما أوتيت من قوة.. عادت لتأخذ ابنتها التى حرمتها منها 3 سنوات كاملة.

هل تعلم أين ستقف قدماى قريبا بعد أن أجمع أوراقى وأستعيد وعيى كاملا.. سأكون على سلالم محكمة الأسرة، تهفو روحى إلى لقائك وجها لوجه فى قاعة المحكمة، أمام قاضى الأرض، وقتها لن تصدق كيف عدت، وماذا أخبئ لك من مفاجآت.. وستعلم أن المرأة التى وضعتها بيدك فى مستشفى الأمراض النفسية رغم صرخاتها وتوسلاتها.. ستكون سببا فى فقدان حريتك..

دعنى يا زوجى أذكرك بما سأقوله لقاضى الأرض، هل تتذكر ماذا فعلت بى، لقد حولتنى إلى جسد دون روح، إلى صماء ليس مطلوبا منها أن تتكلم.. فقط ما عليها سوى الصمت والطاعة غير ذلك جزاؤه الضرب والإهانة والحبس.

هل تتذكر كم مرة حبستنى فى غرفتى، وحرمتنى من ارضاع صغيرتى، هل كنت تعلم كم أعانى، وكيف أننى كنت أتمنى أن أموت حتى أرحم من عذابك؟.

وحتى أفاجأك بأننى عدت إلى كامل قواى العقلية.. سأذكرك بالحوار الذى دار بينى وبينك قبل أن تقودنى إلى مستشفى الأمراض النفسية وتتركنى هناك عامين دون زيارة أو سؤال.. أتذكر أنك حضرت إلى المنزل غاضبا لا أعلم ما السبب، وكنت وقتها قد أطلقت سراحى من الغرفة التى حبستنى فيها أياما، بعدها قررت مع نفسى ألا أغضبك ثانية، وأن يكون السمع والطاعة لك هو طبيعة تعاملك معى.. لكنك لم تنتبه إلى تغيرى، جذبتنى من شعرى بسبب بكاء ابنتى، وبعدها أنهلت عليا بالضرب واللكمات.. هل تتذكر ما دار.. سأخبرك.. بما حدث.

أنا: سأتغير ولن أجادل ثانية.. سأقول حاضر ونعم.

أنت:  زوجة  مجنونة.. وأخشى على ابنتى منك.

أنا: أنت من حولنى إلى شبح.. حبس وضرب وتجاهل ومعاناة.. كيف سأكون عاقلة معك؟
أنت: لن أتحمل هذا الجنون.. ولا أطيق العيش معك.. لقد أخبرنى الطبيب أنك تعانين من انفصام فى الشخصية.. تتحدثين مع نفسك وتميلين للعزلة وتعشقين إثارة المشاكل.. حتى ابنتك لا ترضعينها ومرات أشعر أنك ستقتلينها.

أنا: دعنا نبدأ من جديد.. ألا يكفيك الدماء التى تسيل منى كل يوم بسبب ضربك لى.. لقد اسودت عيناى من الحبس.. طفلتى لم استطع إرضاعها أو حتى احتضانها.. أنا أقضى معظم أيامى سجينة فى غرفتى.

أنت: الحل أن تبتعدى عنى وعن ابنتى..

هناك تقارير الأطباء النفسيين، وصورك وأنت تهيمين فى الشوارع، والشهود الذين احضروكى أكثر من مرة من منازلهم تائهة.. كلها تؤكد أننى أعيش مع زوجة مجنونة.

أنا: رجاء لا تحرمنى من ابنتى وعندما تشعر أننى أصبحت غريبة اغلقى علىّ الحجرة كما تفعل دائما.

أنت: لم يعد لهذا الكلام أهمية.. سأتحرك الآن وأغير كل هذا الوضع.

بعدها يا زوجى، ذهبت إلى مستشفى الأمراض النفسية بتقارير الأطباء التى كانت سببا فيها، وأودعتنى هناك، وتركتنى لا حول لى ولا قوة، ثم اختفيت ولا أعلم عنك شيئا حتى الآن.
والآن هل تريد أن تعرف كيف عدت قوية..

الأمر أبسط مما تتخيل.. ساءت حالتى وعندما تجاهلت السؤال على وأنت تعلم أننى يتيمة وليس لى أحد..

أطلقوا سراحى، سكنت الشوارع، أصبحت مشردة، استسلمت لوضعى المأساوى، فقدت بالفعل وعيى وإدراكى لعام كامل، لكن أهل الخير انتشلونى من الشوارع، وأدخلونى مؤسسة إيواء..

أعادوا تأهيلى نفسيا واجتماعيا.. حتى عدت أقوى مما كنت معك.

ورغم معاناتى من بعض المضاعفات، إلا أن هذا لن يعيقنى من رؤية ابنتى، تمهيدا لحضانتها عندما تتحسن حالتى وأعود إلى طبيعتى.

لا تفزع يا زوجى العزيز عندما تشاهد صورى وأنا فى عصمتك، وصورى اليوم وأنا بعيدة عنك، لقد عادت الابتسامة إلى وجهى، أصبحت أكره الحبس، وأريد أن أنطلق فى الفضاء..

وأعلم جيدا أننى أتذكر كل ما فعلته بى، قد أعانى من هزات نفسية اخترقتنى بسببك، لكننى قادمة فى الشفاء..

وانتظر أن نقف سويا أمام قاضى الأرض لينطق حكمه وينشر عدله على من ظلمنى.