حوادث القطارات.. دماء على قضبان السكة الحديد

حوادث القطارات
حوادث القطارات

«الإهمال» و«السرعة الزائدة» و«تعاطي المخدرات» أسباب كثيرة كشفت عنها تحقيقات النيابة العامة في حوادث القطارات المتتالية التي تحدث بين الحين والآخر ليفقد الوطن أغلى أبنائه.

وتنشر «بوابة أخبار اليوم» في هذا التقرير ما توصلت إلية تحقيقات النيابة العامة بشأن حوادث قطارات المتعاقبة والتي حدثت في أقل من شهر.

«حادث قطار منوف»

كشفت التحريات الأولية في حادث اصطدام قطار منوف بـ«لودر» أنه أثناء مسير قطار رقم 546 «طنطا / منوف / القاهرة» أمس الأربعاء 28 أبريل 2021 فوجئ قائد القطار أثناء المسير في المسافة بين أشمون والحلواصي، بـ«لودر» يعبر الخطوط من مكان غير معد للعبور ما بين اشمون والحلواصي، وتمكن قائد القطار ومساعده من الرباط السريع أمام اللودر وتفادي وقوع الإصطدام بالقطار وحدوث احتكاك بشبكة الجرار مع شوكة اللودر وتم فك الاشتباك.

«حادث قطار السويس»

استجوبت النيابة العامة في تحقيقاتها للكشف عن ملابسات وقوع حادث تصادم القطار رقم 115 بسيارة نقل أمام مزلقان بقرية «عامر» بدائرة نيابة السويس الكلية، والذي أسفر عن وفاة عامل بالسيارة من جراء الحادث، وإصابة قائدها واثنين من مستقلي القطار، قائد القطار ومساعده فأنكرا ما نُسب إليهما من اتهامات وقررا أنهما فوجئا بالسيارة النقل تعبر المزلقان فسحب قائد القطار مكابحه وأطلق نفيره لتنبيه السيارة ولكن ذلك لم يوقفه ولم يمنع اصطدامه بالسيارة ووقع الحادث، وأكدا أن حواجز المزلقان لم تكن مغلقة وقتئذ مما سمح للسيارة بالمرور.

وقرر قائد السيارة النقل عبوره من المزلقان وقت الحادث بعد تأكده من عدم غلقه، ففوجئ باصطدام القطار بالسيارة من يساره، وأكد قائد حافلة «ميكروباص» كانت تسير خلف السيارة وأحد مستقليها أنها عبرت المزلقان لعدم غلق حاجزه، مما أدى لاصطدام القطار بها ودفعها لنحو أربعين مترًا حتى توقفا، وكذا أكد الاثنان المصابان من مستقلي القطار أنهما فوجئا بعبور السيارة النقل المزلقان لعدم غلقه، مما أسفر عن وقوع الحادث وإصابتهما من جرائه.

وأكدت النيابة في بيان لها، أنها لم تعثر على أية إشارات ضوئية أو أجراس إنذار بالمزلقان ولاحظت بدائية إنشائه، مما يوجب على عامل المزلقان فتح وغلق الحواجز «الشواديف» يدويًا، وقد عثرت النيابة العامة على شادوف منها أعلى مقطورة السيارة النقل وآخر مفتوح به جنزير ملقى أرضًا دون إغلاقه، وناظرت النيابة العامة أشلاء المتوفى بمسرح الحادث، وسألت النيابة العامة ملاحظ بلوك الجناين، فشهد بإخطاره عمال المزلقانات بقريتي «العمدة» و«عامر» بضرورة غلقها لقرب قدوم القطار ومروره بها، إذ تأكد من تلقيهم إخطاره وقدم صورة ضوئية من دفتر قيد القطارات ثابت ببنوده هذا الإخطار.

واستجوبت النيابة العامة فني المزلقان فأنكر ما نُسب إليه من اتهام وادعى أنه حين أُبلغ بقدوم القطار، أغلق حواجزه ولكنه فوجئ بالسيارة النقل تصدم حاجزًا في محاولة لعبور المزلقان مما أسفر عن وقوع الحادث، وبمواجهته بما ناقض تلك الرواية من أقوال الشهود والمصابين وقائد القطار ومساعده اعتصم بقالته، وأمرت النيابة العامة بحبس فني المزلقان 4 أيام على ذمة التحقيقات، وجارٍ استكمالها.

«حادث قطار طوخ»

أكدت التحريات الأولية في حادث قطار طوخ الذي راح ضحيته 23 شخصًا، وإصابة 139 آخرين من ركاب القطار، أن السبب الرئيسي وراء وقوع الحادث أن المتهمين زوروا في التأشير في الدفتر الخاص بعملية استعداد القطار، التي تشمل عددا من الفنيين بورش أبو غاطس، والخاصة باستعدادات قطارات الوجه البحري وخاصة قطار 949 خط القاهرة المنصورة، وقيام أحد الفنيين بالإمضاء بالدفتر بدل الأشخاص المعنيين بفحص القطار والتأشيرة.

ومن جانبه، أمر النائب العام بحبس 23 متهمًا في حادث قطار طوخ، وضمت القائمة الأسماء التالية: «قائد القطار» و«مساعده» و«عامل» و«ملاحظ صيانة سكك الحديد بالمنطقة محل الحادث» و«مدير عام تجديدات تلك السكك»، و«مدير عام الصيانة» و«مهندس ميكانيكا» و«مجموعة من العاملين والفنيين المختصين بصيانة الجرارات والعربات»، و«فني بمحطة شبرا الخيمة»، و«عاملين بمحطة مصر»، وأمر بإخلاء سبيل كل من «مدير عام صيانة البنية الأساسية»، و«رئيس الإدارة المركزية لصيانة الوحدات»، إذا سدد الأول ضمانًا ماليًّا قدره مائة ألف جنيه، وسدد الثاني ضمانًا ماليًّا قدره خمسون ألف جنيه، وإلا يستمر حبسهما، وأمر بضبط وإحضار «مدير إدارة هندسة السكك الحديدية بمنطقة الحادث»، و«مهندس بورش أبوغاطس».

 وتسبب بعض المتهمين بالخطأ في موت ثلاثة وعشرين شخصًا وإصابة مائة وتسعة وثلاثين آخرين من ركاب القطار رقم 949، وكان ذلك ناشئًا عن إهمالهم وعدم مراعاتهم القوانين والقرارات واللوائح والأنظمة نتيجة إخلالهم إخلالًا جسيمًا بما تفرضه عليهم أصول وظائفهم، وتسببهم بغير عمد في حصول حادث لإحدى وسائل النقل العامة البرية عرَّض الأشخاص الذين بها للخطر ونشأ عنه موت وإصابة بعضهم، فضلًا عن إهمال البعض الآخر من المتهمين في صيانة واستخدام أموال عامة معهود لبعضهم بها وتدخل صيانتها واستخدامها في اختصاصهم على نحوٍ عطَّلَ الانتفاع بها وعرض سلامتها وسلامة الأشخاص للخطر، ما ترتب عليه وقوع حادث نشأ عنه وفاة وإصابة أكثر من شخص، وارتكاب آخرين جرائم تزوير في محررات رسمية واستعمالها والاشتراك فيها.

كانت النيابة العامة قد توصلت إلى تصورٍ مبدئي لوقوع الحادث هو سقوط عدة عربات من القطار رقم 949 أثناء سيره أمام قرية سندنهور بمركز بنها بمحافظة القليوبية؛ لخروجها من شريط السكة الحديدية وانفصال بعض قواعد عجلاتها عنها ما أدى لانقلابها، وقد أسفر الحادث عن وفاة ثلاثة وعشرين من مستقلي القطار وإصابة مائة وتسعة وثلاثين منهم.

وفي إطار تحقيق «النيابة العامة» في الحادث كانت قد انتقلت لمعاينة موقعه فتبينت التلفيات اللاحقة بالعربات المنقلبة وقواعد عجلاتها، وعاينت شريط السكة الحديدية بالموقع وأثبتت ما تبينته من ملاحظات عليه لتفسيرهًا فنيًّا، وكذا عاينت أبراج المراقبة على طول شريط السكة بالموقع لبيان حالة الإشارات الضوئية فيها قبل وقوع الحادث، وكذا غرف رصد حركة التحويلات بالشريط لبيان إذا ما كان قد لحق بها أي أعطال قُبيل وقوع الحادث، وتحفظت على بيان بخطط الصيانة والتجديدات للبنية الأساسية والجرارات والعربات المتحركة الخاصة بالمنطقة محل الحادث لعامي 2020/ 2021؛ لفحصها فنيًّا، وكذا تحفظت على بطاقة ذاكرة جهاز المكابح والتحكم الآلي ATC الخاص بالقطار لفحصه فنيًّا.

وسألت «النيابة العامة» تسعة وعشرين من «مسئولي الهيئة القومية لسكك حديد مصر»، وسمعت شهادة نحو مائة وأربعة من المصابين بالحادث، وصرحت بدفن الجثامين المتعرف عليها، وشكلت لجنة فنية من المختصين "بالهيئة الهندسية للقوات المسلحة" و«المكتب الاستشاري بالكلية الفنية العسكرية» و«عضو بهيئة الرقابة الإدارية»؛ لفحص القطار وأجهزة الأمان والسلامة فيه، وبيان مدى صلاحية خطوط السكة الحديدية بموقع الحادث، وصلاحية أجهزة تحويل القطارات بين تلك الخطوط، وأجهزة غرف التحكم بالإشارات الضوئية، كل ذلك وصولًا لكيفية وقوع الحادث وتحديد المتسببين فيه والمسؤولين عن وقوعه مسئولية مباشرة أو غير مباشرة.

وأمر النائب العام  باستدعاء «رئيس الهيئة القومية لسكك حديد مصر» لسماع أقواله أمام «غرفة العمليات المشكلة بالمكتب الفني للنائب العام»، وفي ضوء القرار الصادر بندبه في وظيفة أخرى، أمر باستدعائه واستدعاء مَن شغل هذا المنصب حاليًّا لسؤالهما أمام غرفة العمليات، وجارٍ استكمال التحقيقات.

«حادث قطار منيا القمح»

كشفت تحقيقات النيابة العامة في حادث قطار منيا القمح ان هناك تصور مبدئي لوقوع الحادث هو خروج العربتين الخامسة والسادسة من القطار رقم 339 المتوجه من محافظة القاهرة إلى محافظة الدقهلية عن قضبان السكة الحديدية لمسافة نحو ثمانين مترًا، قُبيل وصوله إلى محطة سكة حديد منيا القمح؛ وذلك لتجاوز القطار السرعة المقررة - وهي ثمانية كيلومترات في الساعة - بمنطقة أعمال الإصلاحات والتطوير الجارية في المساحة ما بين محطتي بنها ومنيا القمح، مما أسفر عن إصابة أربعة عشر شخصًا من مستقلي القطار، وأحد العاملين في الإصلاحات.

وكشفت التحقيقات عن بدء أعمال الإصلاحات والتطوير بتلك المنطقة اعتبارًا من تاريخ 16 مارس 2021 واعتياد سائق القطار 339 المرور بها، حيث كان آخر مرور له فيها بتاريخ 5 أبريل 2021، وأنه بالرغم من التزام «ناظر محطة بنها» بوجوب تسليم قائد القطار نموذج «67 حركة» الموضح به المناطق الواجب تهدئة السرعة فيها وبيان السرعات المقررة بها، ومنها وجوب المرور في منطقة الإصلاحات المشار إليها بسرعة لا تجاوز 8 كيلومترات في الساعة، إلا أنه لم يقدمه إلى سائق القطار يومَ الحادث حال توقفه برصيف المحطة، حيث أقر «ناظر محطة بنها» في التحقيقات بعدم تسليمه سائق القطار النموذج المشار إليه أو تحذيره بوجوب التهدئة خلال مروره بتلك المنطقة، وقد ضبطت «النيابة العامة» من محطة بنها هذا النموذج موقعًا عليه بتوقيعات منسوبة إلى «مساعد سائق القطار» و«ناظر المحطة» في محاولة لدرء إخلال المحطة بمسئوليتها عن إخطار السائق وتحذيره.

 وأكد كل من «مساعد سائق القطار» و«ناظر المحطة» في التحقيقات عدم توقيعهما على النموذج، وأثبت تقرير «قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي» عدم صحة التوقيعات المنسوبة إليهما فيه.

كما كانت قد توصلت التحقيقات إلى أنه بالرغم من وضع عامود يسمى «ديسك الخطر» قُبيل منطقة الإصلاحات يُلزِم قائدي القطارات بالتوقف عنده ليستقل القطارَ موظفٌ يسمى «المعداوي» يختص بإرشاد سائق القطار بكيفية المرور بحذر في تلك المنطقة، إلا أن «المعداوي» المذكور لم يكن متواجدًا وقت الحادث كما أقر هو بذلك في التحقيقات، فضلًا عن عدم توقف سائق القطار عند هذا العامود وعدم التزامه بما توجبه اللوائح في حالة تغيب «المعداوي» بضرورة الاستعانة «بمشرف القطار» لإرشاده أثناء المرور بمنطقة الإصلاحات، وقد تحققت «النيابة العامة» من خلال معاينة موقع الحادث من تواجد هذا العامود في موضعه.

وأقر «سائق القطار» في التحقيقات بعدم تشغيله جهاز المكابح والتحكم الآلي ATC بالقطار طوال الرحلة ووقت وقوع الحادث متذرعًا بصدور تعليمات من «الهيئة القومية لسكك حديد مصر» بضرورة غلق هذا الجهاز في مناطق التهدئة التي تشمل مناطق الإصلاحات والتطوير وغيرها؛ لتلافي تأخير مواعيد وصول القطارات، وقد شهد «مدير عام التشغيل على الشبكة بالزقازيق» في التحقيقات بعدم صدور تعليمات مكتوبة من «الهيئة القومية لسكك حديد مصر» حتى تاريخه بضرورة تشغيل هذا الجهاز على خلاف التعليمات الصادرة سلفًا في 8 نوفمبر 2021 بجواز إيقاف تشغيله بمناطق فك الارتباط التي منها مناطق الإصلاحات والتطوير، وقد كشفت التحقيقات عن تحكم هذا الجهاز حالَ تشغيله في سرعة القطار آليًّا أثناء مروره بمناطق الإصلاحات والتطوير لوجود أجهزة على طول شريط السكة الحديدية بتلك المناطق ترتبط بهذا الجهاز بإشارات كهربائية تخفض السرعة هذا، وقد توصلت التحقيقات حتى تاريخه إلى أن كل تلك الأخطاء قد أسفرت عن مرور القطار بمنطقة الإصلاحات والتطوير المشار إليها بسرعة تجاوز السرعة المقررة مما أدى إلى خروج العربتين من القطار عن قضبان السكة الحديدية ووقع الحادث، وجارٍ استكمال التحقيقات.

«حادث قطار سوهاج»

قدمت النيابة العامة، فيديو تضمن عرضًا تفصيليًا لما تم في التحقيقات بحادث قطاري سوهاج، وكشفت من خلال الفيديو نتائج التحقيقات مستعينة برسم كروكي لكيفية وقوع الحادث.

كشف الفيديوعن  محاكاة تصويرية من قبل النيابة العامة، داخل كابينة القيادة من محطة المراغة حتي محطة سنوسي، فعلت خلالهما المكابح والتحكم الالي بالجرار لبيان مدي سلامة فعاليته وقدرته على توقيف القطار، وتبادل الإشارات بينه وبين أبراج المراقبة بموقع الحادث.

وأعلنت النيابة العامة نتائج التحقيقات فيحادث تصادم قطارين بسوهاج، حيث كانت التحقيقات قد كشفت عن توقف «القطار المميز» قبل مزلقان «السنوسي» الكائن ما بين محطتي سكة حديد «المراغة»، و«طهطا» لعدةدقائق، ثم تحركه متجاوزا المزلقان، وتوقفه مرة أخرى حتى قدوم «القطار الإسباني» من محطة سكة حديد «سوهاج»، واصطدامه بالقطار المتوقف، فوقع الحادث الذي أسفر - حتى تاريخه - عن وفاة عشرين شخصًا، وإصابة مائة وتسعة وتسعين، ونتج عنه تلفيات بالقطارين بلغت قيمتها خمسة وعشرين مليونًا، وثمانمائة وتسعين ألفًا، وخمسمائة وثلاثة وثمانين من الجنيهات.

وكان سائق «القطار المميز» ومساعده قد ادعيافي التحقيقات ظهور إشارات ضوئية بشاشة التحكم بكابينة القيادة، تفيد انخفاض معدلضغط الهواء بالأنابيب الواصلة بين عربات القطار مما أوقفه آليًا، وأحالا أسباب هذاالانخفاض إما إلى سحب أحد مقابض الخطر بأي من العربات، أو غلق أحد صمامات تحويل الهواء المضغوط بالمكابح -الجزرات- وأنه مع بدء ارتفاع معدل ضغط الهواء تحركالقطار متجاوزًا «مزلقان السنوسي»، ثم توقف آليًا مرة أخرى بموقع التصادم، فتبينمساعد السائق غلق أحد الصمامات بين العربتين الثالثة والرابعة وصورها بهاتفه،بينما شهد من سُئل من المصابين والركاب والعاملين بالقطار من الكمسارية وأفرادالأمن؛ بعدم رؤياهم سحب أي من مقابض الخطر أو سماعهم الصوت المميز الصادر عنسحبها، وأضاف كمساري تأكده من عدم سحب المقابض بأربع عربات. 

وقدمت «النيابة العامة» تلك الأقوال والصورإلى اللجنة الهندسية المشكلة لبحث حقيقة الأمر فنيًا، بينما أكد سائق القطارالمميز في التحقيقات إيقافه جهاز المكابح والتحكم الآلي (ATC) أثناء الرحلة،بدعوى تعطيله حركة القطار وتأخير مواعيد وصوله إلى المحطات.

بينما قرر مساعد سائق القطار الإسباني توليهالقيادة إبان وقوع الحادث، مدعيًا سيره على سرعة تسعين إلى خمسة وتسعين كيلومترًافي الساعة، وتأكده من إضاءة جميع الإشارات الضوئية «السيمافورات» باللون الأخضرعلى طول شريط السكة الحديدية قبل موقع التصادم، مما يسمح له بالمرور، ولكنه علىمسافة خمسمائة إلى ستمائة مترٍ من موقع التصادم رأى توقف «القطار المميز» فاستخدمالمكابح اليدوية لإيقاف الجرار والعربات، ولكنها لم توقفها فوقع التصادم، بينمانازع سائق القطار في تلك الرواية، مؤكدًا توليه هو القيادة وقت الحادث، وسيره علىسرعة تسعين كيلومترًا في الساعة، ومشاهدته توقف «القطار المميز» على مسافة مائةمتر، حيث استخدم ذات المكابح المشار إليها دون تمكنها من إيقاف القطار، وقد أقرالسائق ومساعده بإيقاف جهاز المكابح والتحكم الآلي (ATC) بالقطار،وأحال السائق سبب ذلك إلى تأخيره الحركة مدعيًا إصدار الهيئة القومية للسكك الحديدية تعليمات شفاهية بعدم تشغيل هذا الجهاز، وسماعه بها بـ«معهد تدريب السائقين بوردان».

وأكدت التحقيقات ترك «رئيس قسم المراقبةالمركزية بأسيوط» مقر عمله وقت وقوع الحادث، بالرغم من مسئولية هذا القسم عنمراقبة حركة القطارات بموقع التصادم، بينما أسفرت التحقيقات مع اثنين من المراقبين بالقسم عن إخلالهما بمهام عملهما؛ حيث تأخر أحدهما عن تنبيه سائق «القطارالإسباني» بتوقف «القطار المميز»، وأخطأ في رقم هذا القطار حال بدئه في تنبيهسائقه، بينما لم يوال الآخر محاولات الاتصال بسائق «القطار الإسباني» لتنبيهه، بعدإخفاق محاولتين فقط ادعاهما للاتصال به، وقد أكدت سجلات الاتصالات التي أجراهاالمذكور المستخرجة من شركة الاتصالات عدم إجرائه المحادثتين اللتين ادعاهما، وكانت«النيابة العامة» قد استمعت إلى محادثات لاسلكية سجلتها أجهزة الاتصالات بمقرالقسم، فتبينت منها تأخر محاولات التنبيه واستمرارها بالرغم من وقوع الحادث. كما انتقلت «النيابة العامة» إلى برجيمراقبة محطتي «المراغة» و«طهطا» - الواقع الحادث بينهما - وشاهدت بشاشات المراقبةإضاءات «السيمافورات» بشريط السكة الحديدية بين المحطتين قبل وقوع الحادث، فتبينت إضاءة سيمافورين يقعان قبل موقع التصادم بنحو كيلومترٍ وثلاثمائة وعشرة أمتار،أحدهما مضيء بلون أصفر يعني وجوب تهدئة السرعة، والآخر بالقرب من محل التصادم مضيء بلون أحمر يعني لزوم التوقف، وذلك على خلاف ما زعمه مساعد سائق «القطار الإسباني».

وعاينت «النيابة العامة» النقطة التي تُرى منهاإضاءة «السيمافور الأحمر» والقطار المتوقف بشريط السكة الحديدية؛ وحددت - بالاستعانة بخبراء هيئة المساحة المصرية - وقوعها على مسافة خمسمائة وخمسة وثلاثينمترًا من موقع التصادم، وأجرت من تلك النقطة ثلاث عشرة محاكاة لاستخدام كافة أنواع المكابح اليدوية بجرار مماثل للمستخدم بـ«القطار الإسباني» حال سيره على سرعة تسعين كيلومترًا في الساعة، فأسفرت النتائج عن توقف الجرار في كل مرة قبل نقطة التصادم، وستعرض «النيابة العامة» تلك النتائج على اللجنة الهندسية المشكلة لبحثهامن الناحية الفنية واستخلاص النتائج النهائية. 

وتلقت «النيابة العامة» إفادة من كل من مديرعام صيانة البنية الأساسية ومدير عام التشغيل على الشبكة بالهيئة القومية لسكك حديد مصر بمنطقة أسيوط؛ تضمنت تأكيد أن منطقة الحادث ليست من مناطق فك الارتباط التي يمكن فيها إيقاف جهاز المكابح والتحكم الآلي (ATC) بمحافظة سوهاج، وأكدا مُقدما تلك الإفادة في التحقيقات أن تلك المنطقة تعمل بنظام التقاطرالكهربائي الذي يستلزم تشغيل هذا الجهاز -على خلاف ما زعمه سائقا القطارينومساعداهما-.

وأسفرت مشاهدة «النيابة العامة» لتسجيلاتآلات المراقبة بمحطة «سوهاج» الكائنة قبل محل الحادث يوم وقوعه عن جلوس مساعد سائق«القطار الإسباني» بمقعد القيادة، واستلامه بدلًا عن السائق النموذج «67 حركة» الصادر من المحطة، والثابت فيه السرعة المقررة بمنطقة الحادث والتيكانت لا تجاوز تسعين كيلومترًا في الساعة، فتحفظت «النيابة العامة» على النموذج وتبينت فيه الإمضاء باسم السائق بما يفيد الاستلام، فاستكتبت السائق ومساعده علىهذا الإمضاء وأثبت تقرير «قسم أبحاث التزييف والتزوير» بـ«مصلحة الطب الشرعي» كتابة المساعد الإمضاء بدلًا من السائق، وبمواجهة الاثنين بتلك النتيجة  أقرا بواقعة التزوير، وتمسك كل منهما بقيادتهالقطار وقت الحادث.

وكلفت «النيابة العامة» «الإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية» بفحص نتائج مشاهدة آلات المراقبة المشار إليها للتأكد من صحة ظهور مساعدسائق القطار الإسباني فيها باستخدام تقنية القياسات البيومترية، فتأكد ظهوره بها.

وكان تقرير «مصلحة الطب الشرعي» وسؤال محررهفي التحقيقات قد أسفرا عن عدم تناسب الإصابات المشاهدة والموصوفة بسائق القطارالإسباني ومساعده، مع ما ادعياه في التحقيقات من بقائهما بالكابينة الأمامية للجرار إبان التصادم، وأنه من الجائز تصور مغادرتهما الكابينة قبل وقوعه، وعلى هذا شكلت «النيابة العامة» لجنة ثلاثية من أطباء «مصلحة الطب الشرعي» للتأكد من صحة تلك النتيجة، فانتهت اللجنة - بعد معاينة موقع الحادث في حضور السائق ومساعدهوبإشراف «النيابة العامة» - إلى صحة ما انتهى إليه التقرير السابق، مُضيفة تصورين آخرين لما حدث هما إما تواجد السائق ومساعده بالممر الفاصل بين الكابينتين الأمامية والرئيسية وقت التصادم، أو تواجدهما بالكابينة الرئيسية -اللاحقة علىالأمامية- في ذلك التوقيت، قاطعة بعدم جواز بقائهما بالكابينة الأمامية حسبما زعما.

وأسفرت نتائج تحليل تعاطي المواد المخدرة الصادرة من وزارة الصحة عن تعاطي كل من مراقب برج محطة «المراغة» جوهر الحشيش المخدر، وتعاطي مساعد سائق القطار المميز ذات الجوهر وعقار«الترامادول»،  وجارٍ التصرف في الدعوى فور استكمالها.

 

اقرأ ايضا||السكة الحديد عن حادث قطار منوف: «اللودر» عبر من مكان غير معد للعبور