«البريد الجوى» وقصص «الحمام الزاجل » في العصور الإسلامية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

دراسة جديدة للباحثة آية وليد باحثة ماجستير عن البريد فى العصور الإسلامية ألقت الضوء على البريد الجوي وحكايات الحمام الزاجل.

وتشير الباحثة آية فريد  إلى أن البريد الجوي في العصور الإسلامية، كان يتم عن طريق "رسائل الحمام الزاجل" أو "بطائق الحمام" وقد أطُلق عليه هذا الاسم، لأنه كان يحمل الرسائل الصغيرة، وهذا الحمام يشتهر بسرعة الطيران واستخدمت الطيور في حمل الرسائل منذ عصر سيدنا نوح عليه السلام عندما أرسل حمامة من الفلك أثناء الطوفان فعادت إليه بغصن من شجر الزيتون في منقارها.  

ويلقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار الضوء على هذه الدراسة، موضحًا أن رسائل الحمام الزاجل وسيلة من وسائل المخابرة، وكان له شأن عظيم عندهم، وكان يُرسل من أبراج القلعة في العصر الأيوبي، وكان بقلعة الجبل بالقاهرة أقدم مطار وهو "برج المطار" الذي كان يُرسل منه الحمام، وقد بلغ عدد الحمام المستخرج لهذه الغاية فيها ألف وتسعمائة طائر، وكان لها عمال يناط بهم أمر العناية بها.

 وكان بكل مركز برج للحمام في سائر أنحاء المملكة بمصر والشام والعراق، ومن أسوان إلى الفرات، كما كانت في الثغور والطرقات الشامية والمصرية، وجميعها تُدرج وتنقل من القلعة إلى سائر الجهات.

وينوه الدكتور ريحان من خلال الدراسة إلى كيفية الترسل بالحمام فكانت رسائل الحمام تُشد تحت جناح الحمامة أو إلى ذيلها، ولزيادة الثقة كانت تكتب الرسالة مرتين تُرسلان مع حمامتين تُطلق أحدهما بعد ساعتين من إطلاق الأخرى حتى إذا ضلت إحداهما أو قتلت أو افترستها إحدى الجوارح أمكن الاعتماد على الأخرى، وجرت العادة على ألا يُطلق الحمام في الجو الماطر ولا يُطلق قبل تغذيته التغذية الكافية.

وبالنسبة للترسل الحربي بواسطة الحمام، فقد اتبع الأقدمون طريقة وضع الرسالة ضمن كيس من الجلد الرقيق أو ضمن قارورة من الورق الذهبي لحفظ الرسالة من العوارض الجوية وتُعلق بعنق الحمامة أو رجلها، أما المتأخرون فيضع بعضهم الرسالة ضمن غلاف صغير من الورق ويعلقونها في عنق الحمامة وبعضهم يضعها في جوف ريشه، وهذه الطريقة أكثر سرية.

ويؤكد الدكتور ريحان على اكتشاف أحد أبراج الحمام الزاجل فى طريق مصر السويس وبرج شهير بقلعة صلاح الدين الأيوبى بجزيرة فرعون بطابا، وقد عثر به على بيوت الحمام "بنانى الحمام" عثر بها على بقايا حبوب من طعام الحمام وبقايا رسائل فى حفائر القلعة عام 1988 وكان للحمام الزاجل دور كبير فى صد حملة  الأمير الصليبى  أرناط "رينودى شاتيون"  عام 577- 578هـ ، 1182م حين محاصرته لجزيرة قلعة أيلة (قلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون) وأرناط  حكم إمارة انطاكية من 547 - 554هـ ، 1153 – 1160م ثم بزواجه الثاني أصبح حاكمًا للأردن وكان أميرًا لحصن الكرك والشوبك وقت الحروب الصليبية وكان له نية سوداء فى الوصول إلى المدينة المنورة وسطا على قوافل الحجاج وقتله صلاح الدين بنفسه بعد معركة حطين.

ولفت الدكتور ريحان إلى أن أرناط حاصر قلعة صلاح الدين بجزبرة فرعون بطابا مانعًا حاميتها من الوصول إلى مصادر مياه الشرب، فيما أكمل باقي الأسطول طريقه إلى عيذاب، ووصل بعضهم إلى باب المندب وعدن، وأحرق الأسطول ستة عشر مركبًا للمسلمين. واستولوا على مركبًا لنقل الحجاج في عيذاب، كما استولوا على مركبين محملين بتجارة وبضائع من اليمن، ودمروا مؤن الحجاج في ساحل عيذاب.

بعث قائد الحامية بالقلعة إلى القيادة بقلعة صلاح الدين بالقاهرة عن طريق الحمام الزاجل فتم بناء أسطول في الإسكندرية، وقام قائد الأسطول حسام الدين لؤلؤ بحل المراكب مفككة على الجمال وأشرف على تجميعها في يناير 579هـ ، 1183 م ، قسم حسام الدين لؤلؤ الأسطول إلى قسمين، الأول غادر إلى قلعة أيلة واستولى على المركبين والقسم الثاني ذهب إلى عيذاب، لنجدة الحجاج المسلمين، ثم عاد لؤلؤ إلى رابغ، ليواجه الصليبيين في ساحل الحوراء، وكان عدد رجال أرناط أكثر من ثلاثمائة بقليل، ولدى وصول لؤلؤ، قتل معظم رجال أرناط  وتم صد أكبر حملة هددت القلعة وموكب الحجاج .

اقرأ أيضا| طريقة صنع معطر من قشر البرتقال وزيت النعناع في المنزل