أوراق من ملحمة نصر العاشر من رمضان

اللواء العشماوى: السادات كلفنى فى مؤتمر السلام بالنمسا بأن أقول:: «الريس مش هيحارب»

حرب العاشر من رمضان
حرب العاشر من رمضان

 كتب:أحمد دياب

اللواء العشماوى:

السادات كلفنى فى مؤتمر السلام بالنمسا بأن أقول:: «الريس مش هيحارب»

قال اللواء الدكتور محيى الدين العشماوى: كنت وقت اندلاع حرب العاشر من رمضان برتبة نقيب. مشيرا إلى أن القوات المسلحة بكافة الأفرع الرئيسية كانت فى تدريبات مستمرة واستعدادات من أجل الحرب لاستعادة سيناء.

أوضح  أن المخابرات الحربية كان لها دور بارز فى الحرب من خلال إخفاء نية مصر دخولها ورغبتها فى شن الحرب وذلك  من خلال قيام اللواء فؤاد نصار مدير المخابرات الحربية والاستطلاع آنذاك بالاتفاق مع المشير أحمد إسماعيل على وزير الحربية القائد العام للقوات المسلحة فى عمل خطة من عدة محاور حتى فوجئت إسرائيل بالحرب بدون علم الموساد الإسرائيلى أو المخابرات الأمريكية وكان من ضمنها الاتفاق مع هيئة العمليات وقيادة الجيوش الميدانية أن تتحرك القوات من القصاصين داخل إسرائيل ثم تتراجع مما جعل إسرائيل ترفع حالة الطوارئ وتقول بأن المصريين سيحاربون فتم تكرار هذه العملية عدة مرات حتى جاء يوم العبور الحقيقى، المخابرات الحربية طلبت من كافة الملحقين العسكريين المصريين بالدول أن ينشروا أن القوات المسلحة غير قادرة على الحرب ولا توجد نية لدى الرئيس السادات لقيامه بالحرب لضعف الإمكانيات والمعدات الحربية من التسليح، وتم منح الملحقين العسكريين إجازات خلال شهرى أكتوبر ونوفمبر من كل عام، وعملية لم شمل العائلات الفلسطينية فى مصر، وقيام مصر فى كل عام بمنح الطلاب الفلسطينيين ودخولهم الجامعات المصرية فى شهر أكتوبر ويتم رجعوهم إلى بلدهم فى يوليو للإجازات السنوية وكانت عملية قدوم هؤلاء الطلاب تتم عن طريق الصليب الأحمر الذى كان يحضر لتسليمهم لمصر وكانت تتم عملية التسليم عبر سيارات الشرطة المصرية وتم التنسيق على استقبال أول فوج فى شهر أكتوبر1973م، وقبل الحرب  قامت النمسا بعقد مؤتمر السلام فى الشرق الأوسط ووجهت الدعوة للرئيس أنور السادات لحضور المؤتمر وإلقاء كلمة مصر من خلاله فاعتذر السادات وكُلفت بحضوره بدلا منه وطلب منى أن أقول «إن الرئيس السادات مش هيحارب وخايف على الجيش، وخايف إن الشعب يثور عليه»، وذهبت إلى المؤتمر وقلت ما طلبه الرئيس السادات منى بالحرف الواحد، وأوضح العشماوى أنه كان يوجد بالمؤتمر وحضر وقائع جلساته رئيس لجنة الطوارئ فى مصر «الجنرال ريكي» وتم استدعائى ليلا بحضور مندوب الولايات المتحدة الأمريكية وسهرنا وتحدثنا عن الأوضاع فى المنطقة العربية وكررت نفس الكلام الذى طلبه منى الرئيس السادات، فقال لى كلامك مظبوط يا عشماوى وعندما رجعت إلى مصر نقلت ما حدث إلى الرئيس الراحل السادات. 

اللواء محيى الدين العشماوى

وأشار إلى أنه أثناء حدوث ثغرة الدفرسوار كانت المخابرات الحربية  تتابع عن كثب ما يحدث تفصيلا وقال إن اللواء نصار أبلغوه بأن موشى ديان حضر إلى الثغرة ليلتقى بجنوده فقام بإبلاغ الرئيس السادات فطلب منه الأخير تحديد موقعه على مسافة 30 مترا ويقوم بإصدرا الأوامر إلى القوات الجوية بضرب هذه المنطقة بالنابالم وقامت القوات وتم حرق المنطقة وانتظر الرئيس السادات ونصار موت ديان فى اليوم التالى، ولكن كان ديان فوق نخلة والنار مشتعلة تحت النخلة، وكانت كيفية عبور الساتر الترابى الذى قال عنه الخبراء يحتاج إلى قنبلة ذرية هو من أكثر الصعوبات التى واجهت اللواء نصار نظرا للمواصفات الخاصة التى تتمتع بها قناة السويس من الشواطئ العمودية مما يصعب استخدام المعدات البرمائية فضلا عن التحصينات والدشم المجهزة بالنابالم على سطح القناة بدرجة حرارة 600 درجة بارتفاع أكثر من نصف متر. 

وعن أشهر القضايا التى ضبطتها المخابرات الحربية قبل حرب أكتوبر قال العشماوى: قضية التجسس المعروفة «هبة سليم» وتعتبر أخطر جاسوسة تم تجنيدها من قبل الموساد، أثناء دراستها بالعاصمة الفرنسية باريس نجحت فى تجنيد من أمدها بمعلومات حساسة جداً عن خطط الجيش الدفاعية  «حائط الصواريخ» الذى كان يحمى العمق المصري. وتم إنتاج فيلم الصعود إلى الهاوية الذى تدور أحداثه عن قصتها الفعلية. 

ووجه الشكر إلى الرئيس السادات باعتباره محاربا ورجل سلام تحمل مسئولية الحرب على عاتقه واثقا فى قدرات قواته المسلحة وفى رجالها المخلصين الذين ضحوا بأرواحهم لاستعاده كل حبة رمل من سيناء، وفى النهاية قال إن الشهداء جزاؤهم الجنة مع النبيين، والمصابين يعيشون بكرامة وعزة  لرفعة الوطن.

‭ ‬موقعى‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬الجــانب‭ ‬الأيمـن‭ ‬مـن‭ ‬كتيبـة‭ ‬المشـير‭ ‬طنطاوى

قال اللواء أ.ح محمد زكى الألفى إنه  التحق بالكلية الحربية عام 1968 وتخرج منها عام 1970، وفور تخرجه التحق بالمشاة،  وأثناء اندلاع حرب أكتوبر العاشر من رمضان كان برتبة ملازم أول وكان قائد فصيلة مدافع مضادة للدبابات فى سرية بإحدى الفرق بالجيش الثانى الميدانى وأثناء عملية العبور تـــم استشهاد قائد السرية النقيب محيى الدين أحمد، وأشار إلى أن المقدم أحمد على عطية قائد الكتيبة يعود إليه الفضل فى تحقيق أقل خسائر فى الأسلحة والمعدات لقواته التى شهد لها العدو قبل الصديق واختياره أهم المواقع الحصينة للعدو، كان موفقا فيها مستندا بدفاعات الكتيبة على حافة ترعة جافة فى المنطقة التى أطلق عليها الإسرائيليون المزرعة الصينية، مضيفا أن كتيبته كانت على الجانب الأيمن للواء 16 والجيش الثانى الميدانى وكانت أولى الكتائب فى عبور الضفة الشرقية لقناة السويس، لافتا إلى أن العدو قام بإنشاء 2 نقطة حصينة بجوار ثغرة الدفرسوار ونقطة أخرى بجنوب الكتيبة بحوالى 6 كم أطلق عليها «تل سلام» وتقع على البحيرات المرة وكان يوجد مطار الدفرسوار جنوب منطقة الدفرسوار مباشرة، وكان على الجانب الأيسر كتيبة المقدم أ.ح محمد حسين طنطاوى «رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الأسبق» الذى أبلى بلاء حسنا فى موقعة المزرعة الصينية التى أذاق العدو فيها أشد ألوان العذاب بشهادة كل القادة الإسرائليين إسحاق موردخاى وغيره.

اللواء محمد الألفى

وأشار اللواء الألفى إلى أنه لم يكن يعرف بميعاد ساعة الصفر وعبور القناة  لأن النشاط اليومى كان موجودا من خلال البرنامج العملى ولم يشعر بأى فرد فى الكتيبة بحدوث تغير إلا عنــد الظهر تم إخطارنا بالهجوم والعبور إلى الضفة الشرقية للقناة وقبلها شاهدنا الطائرات تحلق فى السماء التى كانت سببا رئيسيا فى مفتاح النصر، وهذه لحظة تاريخية ظهر فيها معدن الجندى المصرى الذى ظل أكثر من 5 سنوات منتظرا هذه الساعة لتحرير أرضه التى أخذت منه بالقوة وتم نسف الساتر الترابى بخراطيم المياه وتسلقه بالسلالم الحبال وتم تحطيم  نظرية المنظور الإسرائيلى التى رددت وسيلته الإعلاميه بأنه الجيش الذى لا يقهر. 

لافتا إلى أن موقع ثغرة الدفرسوار نظرا لأهميته الاستراتيجية زاره الرئيس السادات والمشير أحمد إسماعيل وزير الحربية والفريق سعد الدين الشاذلى وكبار قادة القوات المسلحة ولقاءاتهم المتكررة مع الجنود لرفع الروح المعنوية لديهم فضلا عن تعرفهم على الموقف ونظرا لأهمية المكان قامت القوات المسلحة بوضع فرقة مدرعة فى الغرب لمنع وصول القوات الإسرائيلية إليه.

وعن أهم المواقف الصعبة التى تعرض لها قال إن استشهاد النقيب محيى الدين أحمد رجب وبعض أفراد مجموعته المصاحبة له أثناء عملية العبور فى النسق الأول وبعدها استشهد الملازم أول محمد الخضرى، ولا ننسى الرائد الشهيد أحمد إبراهيم، والرائد نوارين الذى كان يجلس فى سيارة مدمرة من آثار القصف الجوى ووضع خطابا أسفل زجاج السيارة من والده اللواء سيد جاد الذى طلب منه عدم أخذ إجازة إلا بعد تحقيق النصر.

اللواء‭  ‬انوارين‭ ‬الباسلب‭ ‬سيد‭ ‬جاد‭ ‬شاهد‭ ‬على‭ ‬موقعة‭ ‬المزرعة‭ ‬الصينية‭:‬

شارون‭ ‬قال‭ ‬إننا‭ ‬نحارب‭ ‬عفاريت‭ ‬وليس‭ ‬بشرا

ُلقّن شارون خلال حرب أكتوبر درسا لن ينساه عندما حاول استغلال ثغرة الدفرسوار التى كانت بين الجيشين الثانى والثالث الميدانيين ووصفه بأنه قائد ذكى وفريد لأنه أراد الدخول ليلا بعد فشله بالدبابات البرمائية من جانب البحيرات المرة ولكن تم صد الهجمات وألحقت به خسائر كبيرة فى المعدات وتم أسر العديد من جنوده، فقال شارون إننا نحارب عفاريت وليس بشرا واعتبر موقعة المزرعة الصينية أنها من أشرس المعارك التى خاضها طوال حياته.

 

وأشار اللواء نوارين الدين الباسل إلى المهام التى كُلف بها فى حرب أكتوبر: كنت قائد سرية فى الكتيبة 18 مشاة بالفرقة 16 وكانت السرية فى الجانب الأيمن من الجيش الثانى والبحيرات المرة والدفرسوار واستمرت السرية فى التقدم حتى النقطة الحصينة «تل سلام»  بدون خسائر وجاء قرار بالوقف التعبوى وجاء شارون يوم 14 أكتوبر عندما كانت توجد الثغرة وبدا ليلا يوم 16 أكتوبر، وكان الرئيس السادات فى مجلس الشعب يتحدث فى هذه اللحظة عن الحرب، حضر شارون بأسطول دبابات وبدأت فى التقدم وتم كتم نيران المدفعية حتى وصلت الدبابات إلينا وأعطى المقدم أ.ح  أحمد إسماعيل عطية الأوامر بفتح نيران المدفعية فتفرقت الدبابات مما سهل اصطيادها، وعند الصباح حضر قائد الفرقة العميد عبدرب النبى حافظ  ووجد أكثر من 100 دبابة  ومجنزرة محترقة ومدمرة تماما، وأوضح إن قادة إسرائيل فى معركة المزرعة الصينية قالوا إننا كنا نحارب عفاريت وليس بشرا وكانت أشرس المعارك التى خضتها، وعلى الرغم من هذا لم يتعد الشهداء سوى 5 أو 6 فقط من أفراد الكتيبة بعد أن تم إصابة شارون فى فروة رأسه. 

 وعن حجم الخسائر التى لحقت بشارون قال كانت كبيرة فى الدبابات وشنت بالفعل إسرائيل هجوما ليلا على الكتيبة 16 مشاة التى يقودها المقدم حسين طنطاوى، فأصدر أوامر بحبس نيران قواته لحين وصول القوات الإسرائيلية وفى الساعة 11،30 مساءً بدأ المظليون تحركاتهم على الطريق وعندما قطعت حوالى ثلث الطريق ووصلت إلى أضيق منطقة يتقارب فيها طريق الحافش وطرطور فوجئت الكتيبة بسيل من نيران مدفعية كتيبة 16 مشاة واكتشف المظليون أن أكثر من 10 رشاشات جرينوف فى مواقع حصينة تحيط بالمنطقة بطوفان من النيران وتبعثرت عشرات من جثث الإسرائيليين الممزقة وانتشرت سرايا لواء المظلات فى المنطقة يحاول أفرادها التقدم للأمام دون جدوى.