الأسبوع الماضي تواصلت مع الفنان حسن الجريتلي المخرج ومؤسس فرقة الورشة بالمسرحية، وتخيلت أنه سيكون محبطا أو على الأقل حزينًا بسبب مشكلات التمويل التي تعاني منها مؤسسته، لكنني وجدته متمسك بالأمل ويتحدث بكل الحيوية عن المسرح وأحواله، وعن المستقبل وضرورة العمل بجدية من أجله ليكون الفن مكونا أساسيا من مكوناته.
هذا هو حسن الجريتلي، الذي جعله حبه للمسرح مقاتلا عنيدا على كل الجبهات، فربح الجمهور والمسرح المصري أعمالا رائعة ومختلفة، وقدم لنا نجوما من أجيال مختلفة مثل عبلة كامل و عارفة عبد الرسول وأحمد كمال وسيد رجب ودنيا ماهر وغيرهم.
حسن الجريتلي مواليد 1948 في أمريكا حيث كان يعمل والده، ودائما ما يذكر الجريتلي في أحاديثه تأثره بتجربة أبيه وحكى لي أنه انتقل للعمل في إندونيسيا، حتى يتمكن الجريتلي الإبن من دراسة المسرح في جامعة بريستول بانجلترا، وحصل على درجة الامتياز في الدراما والأدب الفرنسي، وكانت فرنسا محطته الأولى في العمل، وهناك حصل حسن الجريتلي عام 1981 على دبلوم دراسات عليا من جامعة السوربون في الإخراج.
عمل حسن الجريتلي ممثلا ضمن فرقة مسرحية في مقاطعة ليموزان بفرنسا، ثم مساعد مخرج ثم مخرجا، وقدم أعمالا لمسرحية شكسبير، والبير كامو، وبريخت وغيرهم، ثم كون بعد ذلك في نفس المقاطعة فرقة مسرحية باسم مسرح الأرض عرضت أعمالا من تأليفها تركز على قضايا تتصل بثقافة وتاريخ مقاطعة ليموزان؛ وهي التجربة التي كان لها أثرا كبيرا في تكوين ورؤية حسن الجريتلي فيما بعد.
عاد حسن الجريتلي إلى مصر وأسس فرقة الورشة المسرحية عام 1987 كفريق عمل يضم هواة ومحترفين في المسرح والسينما، ويعتمد بشكل أساسي على تأهيل الهواة ليكونوا محترفين؛ وتقوم فلسفة عمله على شكل جديد من العلاقة بين الفن والجمهور، قدمت الورشة أعمالا لكبار كتاب المسرح العالميين وأبرزهم ألفريد جاري الذي يعد أبو المسرح الحديث ومسرحيته "أوبو ملكاب" التي قامت فرقة الورشة بتمصيرها تحت عنوان" اداير دايرب" التي استمر عرضها لما يقرب من 3 أعوام ومثلت مصر في عدة مهرجانات دولية في أفينيون وزيورخ وتونس.
تحولت الورشة بفضل حسن الجريتلي إلى مؤسسة فنية مستقلة وعملاقة تعمل في كل محافظات مصر تقريبا؛ عبر تدريب وتأهيل الهواة في فنون الحكي والرقص والتمثيل والغناء اعتمادا على أسم حسن الجريتلي التنمية، و تعاني الورشة مؤخرا من صعوبات كبرى بسبب غياب الدعم في ظل الأوضاع العامة المتواصلة منذ نحو عامين، لكن حسن الجريتلي وكعادته مازال يقاتل.
