مساجد تاريخية| حكاية أصل مسجد «محب الدين أبو الطيب»

مسجد محب الدين أبو الطيب
مسجد محب الدين أبو الطيب

محب الدين أبو الطيب، هو أحد رجالات الوالي العثماني على مصر حينذاك سليمان باشا الخادم؛ الذي تولى عرش مصر من قبل السلطان العثماني سليمان القانوني لفترتين؛ الأولى من سنة 931 هـ إلى سنة 941هـ «1525-1535م» والثانية من سنة 943 هـ إلى سنة 945هـ «1536-1536م»، وقد قام أثناء ولايته على مصر بالعديد من أعمال التشييد والبناء، كما يروي لنا الباحث الآثارى حسين دقيل الباحث المتخصص فى الآثار اليونانية والرومانية.

أما مسجد محب الدين أبو الطيب، فهو مسجد أثري يحمل رقم 48 بسجلات الآثار الإسلامية.

ويوضح الدكتور حسين دقيل أن شارع «الخرنفش» وهو يقع مع تقاطع خان أبو طاقية، بشارع المعز لدين الله الفاطمي بمنطقة الجمالية بالقاهرة، وقد تم إنشاؤه أوائل القرن العاشر الهجري/ أوائل القرن السادس عشر الميلادي، وهو مبنى ضخم له إيوانان وصحنه مفروش بالرخام، ومنبره دقيق الصنعة مرصع بالعاج والأبنوس. 

وللمسجد ثلاث واجهات؛ أهمها الواجهة الرئيسية التي تقع بالجهة الجنوبية الشرقية الذي يشغلها المدخل الرئيسي، أما الواجهتين الآخرتين فهما فرعيتين؛ وهما الجنوبية الغربية والشمالية الشرقية.

وهذا المسجد يتبع في تخطيطه تخطيط المدارس التي تتكون من درقاعة وسطى كانت مخصصة لاستعمال المنشئ وأولاده، والدرقاعة محاطة بإيوانين وهما: الإيوان الجنوبي الشرقي وهو مستطيل المساحة، وبجواره منبر خشبي، دقيق الصنعة مرصع بالعاج والأبنوس. أما الإيوان الشمالي الغربي فهو مستطيل المساحة أيضا ويتصدر جداره الشمالي الغربي دكة مبلغ خشبية، وسدلة مستطيلة تقع الجهة الشمالية الشرقية.

أما قبلة المسجد؛ فعبارة عن عقد مخموس كبير من الحجر؛ وهي التي مازالت باقية من آثار المسجد الحقيقية التي لم تتغير، أما محرابه فمكسو بالرخام النفيس وبه منبر؛ وكانت لجنة حفظ الآثار العربية قد طلبت بتسجيله ضمن الآثار منذ عام 1891م؛ حيث ذكرت أنه لطيف مطعم بالعاج والأبنوس؛ وأنه يستحق ترميمه. كما ذكرت أن للمسجد حجة محفوظة بوزارة الأوقاف مؤرخة في 18 ذو القعدة سنة 934هـ، عقب عمارته في هذا التاريخ، ولكن هذه الحجة لا تتضمن القسم الذي فيه اسم المنشئ. ولم يبق الآن مما وصفته هذه الحجة إلا إيوان القبلة.

ومئذنة المسجد كانت مبنية بالطوب الآجر، ولكنها اختفت خلال القرن التاسع عشر فقد خربت وانهارت، قبل دخول الحملة الفرنسية التي ذكرته على خريطتها باسم «مسجد الطابية»، دون ذكر للمئذنة.

وكانت تقع بالجهة الشرقية في الواجهة الشمالية وكانت تتكون من ثلاثة أدوار، كل دور منها محاط بدرابزين خشبي، ويعلو ذلك خوذة مركبة، بها ثلاثة صواري من الخشب النقي، بكل منها بكرة تعلق القناديل بها، ويعلو ذلك هلال نحاس.   

اقرأ ايضا|«بعد مجازر التتار».. كيف أنقذ الأزهر العرب من الضياع؟

ويلقي خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار الضوء توابع أخرى زالت مع مرور الزمن، موضحًا أن المسجد لم يعد منها سوى بعض أثار ملاصقة للجدار الجنوبي، وسبيل يعلوه كتاب لتعليم الأيتام، وجدران المسجد الآن تعاني من تلف شديد وتشققات واضحة، ودورات المياه تكاد أن تتهاوى فهي آيلة للسقوط. 

وينوه الدكتور ريحان إلى أن ورد المسجد في الخطط التوفيقية لعلي مبارك، كالتالي: «هذا المسجد على يمنة السالك من الخرنفش إلى باب سر المارستان المنصوري، برأس الزقاق بشارع خان أبي طاقية، وهو عظيم البنيان ذو إيوانين، وصحنه مفروش بالرخام النفيس، ومنبره دقيق الصنعة مرصع بالعاج والأبنوس، وشعائره مقامة، وله أوقاف تحت نظر ديوان الأوقاف، وصاحبه محب الدين أبو الطيب».