بعد هزائمه المتتالية فى سوريا والعراق .. داعش يتجه لأفريقيا

تنظيم داعش
تنظيم داعش

بقلم/ مرام عماد المصرى

رغم سقوط دولة الخلافة التى اعلنها تنظيم داعش وتفرق مقاتليها ومقتل زعيمها أبوبكر البغدادى.. إلا أنه بعد عامين من معاناتها من هزائم لاذعة فى سوريا والعراق وجدت الجماعة الإرهابية شريان حياة جديدًا فى أفريقيا حيث يقول محللون إنها أقامت تحالفات مع جماعات مسلحة محلية فى علاقات تكافلية عززت من ملفاتها وجمع الأموال وتجنيد افراد جدد.. وترتبط العديد من حركات التمرد المحلية هذه ارتباطًا وثيقًا بتنظيم داعش. ومع ذلك، على مدار العام الماضى، مع وصول العنف من المتطرفين فى القارة الأفريقية إلى مستوى قياسى، أشاد تنظيم داعش بهذه الانتصارات فى ساحة المعركة لإبراز صورة القوة وإلهام أنصارها فى جميع أنحاء العالم.

وفى الآونة الأخيرة، أعلن تنظيم داعش مسئوليته عن الهجمات الذى استمرت أياما فى شمال موزمبيق، حيث نصب مسلحون تربطهم صلات بعيدة بالمنظمة الإرهابية كمينا لبلدة ساحلية رئيسية. وأسفر الهجوم عن مقتل العشرات، واعلان داعش على شبكة الانترنت عن إقامة خلافة جديدة هناك.

ولأكثر من عقد من الزمان، حذر المسئولون العسكريون الأمريكيون ومسئولو مكافحة الإرهاب من أن أفريقيا تستعد لأن تصبح الحدود التالية للمنظمات الإرهابية الدولية مثل القاعدة ومؤخرًا داعش. وأقامت المنظمتان تحالفات مع الجماعات المتطرفة المحلية فى السنوات الأخيرة وأنشأت معاقل جديدة فى غرب وشمال ووسط أفريقيا يمكن أن يشنوا منها هجمات واسعة النطاق، وفقًا لخبراء ومسئولين فى الولايات المتحدة وأوروبا.

وفى الآونة الأخيرة، حذر المسئولون الأمريكيون من أنه حتى فى حالته الضعيفة، فإن تنظيم داعش لا يزال منظمة متماسكة فى معاقلها السابقة فى العراق وسوريا، مع ربما 10 آلاف مقاتل سرا.. ويقول مسئولو مكافحة الإرهاب فى الولايات المتحدة والأمم المتحدة إنه فى حين أن الهزائم فى ساحة المعركة وجائحة كورونا قد أضعفت الدعاية وعمليات التجنيد عبر الإنترنت، لايزال لدى داعش صندوق حرب بقيمة 100 مليون دولار وشبكة عالمية من الخلايا خارج الشرق الأوسط، من الفلبين إلى أفغانستان.. وفى الوقت الذى تحاول فيه داعش استعادة السيطرة على الشرق الأوسط، تحولت إلى موطئ قدم جديد فى أفريقيا حيث أدى الغضب ضد الحكومات الفاسدة وقوات الأمن المحلية غير المجهزة إلى ظهور جماعات مسلحة، وفقًا لمحللين..

وعبر منطقة الساحل، الممتدة من السنغال للسودان، توغلت الجماعات المسلحة فى مناطق لم يمسها العنف المتطرف فى السابق. على طول ساحل المحيط الهندى فى الصومال، فرض المسلحون المرتبطون بالقاعدة سيطرتهم على أجزاء كبيرة من المناطق الريفية. وفى أقصى الجنوب فى موزمبيق، تصاعد التمرد الذى شارك فيه بضع عشرات من المقاتلين قبل ثلاث سنوات إلى حرب شاملة.

ويقول جوزيف تى سيجل، مدير الأبحاث فى مركز أفريقيا للدراسات الإستراتيجية: "لا تتمتع أى من هذه المجموعات بقوة غير عادية، إنها فقط لديها القدرة الكافية لزعزعة استقرار هذه الدول الهشة غير القادرة على الحفاظ على وجود أمنى".

وأقام تنظيم داعش علاقات مع العديد من حركات التمرد المحلية هذه فيما وصفه المحللون بأنه زواج مصلحة: بالنسبة للمتمردين، فإن علامة داعش تجلب الشرعية والاعتراف من الحكومات المحلية حيث تتوق إليها حركات حرب العصابات المحلية منذ فترة طويلة.. وارتفع عدد الهجمات التى أعلن تنظيم داعش مسئوليته عنها فى أفريقيا بأكثر من الثلث بين عامى 2019 و2020، وفقًا لمسئولين فى مجال مكافحة الإرهاب.

وفى بعض الأماكن مثل شمال شرق نيجيريا، تمارس داعش نفوذها على فرعها المحلى، حيث قدمت المدربين والتمويل لداعش فى غرب أفريقيا، وفقًا لمجموعة الأزمات الدولية. لكن الباحثين يقولون إن داعش تحتفظ بعلاقات أكثر مرونة مع الجماعات المسلحة الأخرى مثل التمرد فى موزمبيق، التى لا تزال حركة محلية إلى حد كبير ولدت من مظالم محلية.

على مدى عقود، كان يعانى السكان المحليون من الفقر فى الوقت الذى تنهب فيه النخب فى العاصمة منطقة كابو ديلجادو الغنية بالموارد على طول المحيط الهندى بموزمبيق، والتى كانت بمثابة مركز غير قانونى للأخشاب وكذلك تهريب المخدرات والعاج.. ثم فى عام 2009، تم اكتشاف أحد أكبر رواسب الياقوت المعروفة فى العالم فى المقاطعة، وبعد ذلك بعامين، كشفت شركات النفط عن رواسب غاز طبيعى تبلغ قيمتها عشرات المليارات من الدولارات. توافد المضاربون على المنطقة، وأجبر السكان المحليون على ترك أراضيهم وتعرض بعض عمال المناجم الصغار للضرب والقتل.

ربما ساعدت حملة القمع العنيفة من قبل الجيش الموزمبيقى، والتى تورطت فى انتهاكات خطيرة ضد المدنيين، التمرد على كسب المزيد من الزخم مع السكان المحليين.

لكن خلال العام الماضى، تغيرت طبيعة الحرب. وتقول منظمات مراقبة إن الجماعة المتمردة دمرت بلدات بأكملها وشردت 670 ألف شخص وقتلت ألفى مدنى على الأقل وخطفت العشرات. فيما يعيش مئات الآلاف من النازحين من كابو ديلجادو على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة.

ومنذ أن أعلن التمرد ولاءه لتنظيم داعش فى عام 2019، حظى الصراع أيضًا باهتمام دولى. وفى الشهر الماضى، صنفت الولايات المتحدة رسميًا الجماعة على أنها كيان إرهابى عالمى وفرضت عقوبات على زعيمها، الذى حدده المسئولون الأمريكيون باسم أبوياسر حسن.