فى المليان

مـصر تعانق المجد مجدداً بتـكريمها مومياوات ملوك وملكات الفراعنة

حاتم زكريا
حاتم زكريا

عاشت مصر ليلة السبت الماضى 3 أبريل ليلة من أسعد لياليها، واستطاعت كدولة بكل أجهزتها وقدراتها أن تقدم إلى العالم جانبا كبيرا من تاريخ ملوكها القدامى الذين يحظون بشعبية هائلة فى كافة بقاع العالم.. ولا شك أن الرئيس عبد الفتاح السيسى بحسه وإيمانه بتاريخ ملكات وملوك مصر التاريخيين وتأثيرهم الواسع المدى هو الذى دفعه إلى إصدار التوجيهات والتعليمات بإزالة كافة المعوقات وتوفير كل الإمكانات لاستكمال منظومة تحديث المتاحف المصرية جميعها وخاصة المتحف القومى للحضارة بالفسطاط. وكانت آخر تلك التوجيهات فى المرحلة الأخيرة أن يتم نقل مومياوات ملوك وملكات مصر من المتحف المصرى بالتحرير إلى المتحف القومى للحضارة بالفسطاط بالصورة التى تليق بهم وتليق بتاريخ مصر العريق ولن نكون أقل من فرنسا التى استقبلت مومياء الملك رمسيس الثانى بمراسم استقبال ملكية تليق بأحد ملوك مصر العظماء القدامى بمطار شارل ديجول وفقاً للتقارير الرسمية، حيث حظى باستقبال مهيب تقدمه حرس الشرف وأطلقت المدفعية 21 طلقة احتفالاً بقدوم فرعون مصر العظيم واستخرجت له وثيقة سفر رسمية وأدرج فى خانة الوظيفة « ملك متوفى «.. ومن هنا جاءت تعليمات القيادة السياسية باستقبال المومياوات بمراسم استقبال ملكية مهيبة تليق باسم مصر، وهى المنقولة من المتحف المصرى بالتحرير وكان الرئيس عبد الفتاح السيسى بنفسه فى استقبال موكب المومياوات الملكية لدى وصولها إلى مقرها الدائم بالمتحف القومى للحضارة المصرية بالفسطاط والذى ضم 22 مومياء ملكية ترجع إلى عصور الأسر الـ 17 و18 و19 ومن بينها 18 مومياء لملوك و4 مومياوات لملكات.. ولكى تكتمل عظمة الاستقبال ففور وصول موكب المومياوات أطلقت المدفعية إحدى وعشرين طلقة وسط تشريفة تليق بالملوك وتحيطهم مواكب الشباب بالورود والموسيقى والأغانى ويشدو كورال الأوبرا باللغة المصرية القديمة..
وأعتقد أن ما سطره الرئيس السيسى فى حساباته بمواقع التواصل الاجتماعى المختلفة يعبر بصدق عن الحدث قبل بدايته وقال : « بكل الفخر والاعتزاز أتطلع لاستقبال ملوك وملكات مصر بعد رحلتهم من المتحف المصرى بالتحرير إلى المتحف القومى للحضارة المصرية. إن هذا المشهد المهيب لدليل جديد على عظمة هذا الشعب الحارس على هذه الحضارة الفريدة الممتدة فى أعماق التاريخ. إننى أدعو كل المصريات والمصريين والعالم أجمع لمتابعة هذا الحدث الفريد مستلهمين روح الأجداد العظام الذين صانوا الوطن وصنعوا حضارة تفخر بها كل البشرية لنكمل طريقنا الذى بدأناه طريق البناء والإنسانية «.
وأرى أيضا أن هذا المعنى تضمن ما قالته أودرى أزولاى مدير عام منظمة اليونسكو وهى فرنسية الجنسية بعد لقائها مع الرئيس السيسى فى اليوم التالى لموكب المومياوات المهيب وأكدت أن تاريخ الحضارة المصرية يتجلى أمام انظارنا بحدث نقل المومياوات الملكية، وأعربت عن إعجابها البالغ بالصورة التى تمت عليها عملية النقل وهى رسالة للعالم بجهد مصر للحفاظ على تراثها الثرى..
ورغم متابعتى للاحتفال الأسطورى لنقل مومياوات ملوك وملكات الفراعنة على القنوات التليفزيونية إلا انى اشعر فى قرارة نفسى أنى لم أحقق رغبتى الشخصية جدا فى متابعة موكب المومياوات على الطبيعة لارتباطى الخاص جدا بتاريخ أجدادى الفراعنة وإحساسى بالفخار فى التعرف على نشاطهم الإعجازى بإيجابياتهم وسلبياتهم وتقدمهم العلمى وتسخيره لمعتقداتهم الدينية من خلال رحلاتى المتعددة للأقصر والأهرامات وكافة الآثار، ولشعورى أنى لم أكتب عنهم ما ينصفهم رغم أن هناك من يعشق الفراعنة داخل وخارج البلاد. ولعل ما رأيته بمدينة لاس فيجاس بالولايات المتحدة الأمريكية كان مفاجأة لى ففى إحدى زياراتى لأمريكا انتقلت من لوس انجلوس إلى لاس فيجاس بالسيارة وهناك نزلت بفندق الأقصر وهذا الفندق تم تصميمه ليكون متحدثاً ونموذجاً حيا للحضارة المصرية القديمة فمدخله عبارة عن أبو الهول والتحركات بين أرجائه يحكون لك فيها عن قصور شبيهة بقصور الفراعنة وعدد غرفها المتعددة وهناك متحف للآثار الفرعونية المستنسخة المنقولة إلى هناك من القرية الفرعونية بالجيزة ويتم بيعها بأسعار خيالية باعتبار أنها قطع أصلية..
> > >
إن التاريخ المصرى القديم بعراقته ثروة لم نستطع استغلالها، وقد تكون الثورة الجديدة والاهتمام بالآثار فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى وافتتاح المتحف الحضارى القومى المصرى بالفسطاط وتجديد المتاحف الأخرى بالمحافظات فرصة للنهوض بما سبق أن فشلنا فى تحقيقه واستغلال هذه الثروة القومية التى تحتاج إلى عقلية منفتحه وقادرة على التفكير خارج الصندوق..