همسة هشام
مرت ستة وثلاثون عاما على وفاة شكوكو، وكتب على عمارته حكمة قال فيها «مشينا فى الجد ملقناش تمن السجارة مشينا فى الهلس بنينا عمارة».
فى مشهد مألوف الشاب فلان اتعين جديد فى شركةً ما، والمطلوب منه انه يشتغل جامد جدا، يثبت نفسه فى أسرع وقت ممكن ويسعى لكى يصل لحلم التعيين بشكل رسمى، فلان كان أمين اوى على حد قولنا «ماشى ع الصراط المستقيم» لم يكن يعلم ان الواقع الوظيفى يختلف تمامًا عن كلام الكتب والقوانين الأخلاقية.
مرت الأيام وفلان قابل العصفورة، كان فى البداية التعارف جميل جدًا ولذيذ، ومرت الأيام أكثر بس فلان اكتشف ان العصفورة لها مهام اكبر وأهم بكتير من انها تحقق التارجت المطلوب منها، نقل الكلام للمدير ومراقبة الموظفين كانت الوظيفة الحقيقية للعصفورة.
اكتشف فلان مع الأيام انه فى حدود لابد من عدم تجاوزها، واحتياطات لابد من وضعها على رأس القائمة، وانه لابد كمان يبقى صديق للعصفورة، فى حال أن العلاقات توترت بعد ما رفض فلان أنه مثلاً يتجاوز ويراقب زمايله، يسمع ليهم ولشكواهم وينقلها للمدير.
الوضع تطور وفلان اكتشف انه ممكن «نخنصر» من خزنة الشركة فى سبيل قرشين زيادة فى جيب الموظف، ناخد يومين اجازة بشهادات طبية متلفأة من اصحابنا الدكاترة فى أحد المستشفيات، فلان مصدوم وفى حالة صمت طويل، أصبح مابين نارين يقدم استقاله أم يتقمص دور العصفورة ويكمل ويتثبت.. إلى ان حدث ما لايحمد عقباه، فى مكتب الشئون المالية:
المسئول: حضرتك مخصوم منك ثلاثة أيام.
فلان: ليه؟!! انا متأخرتش ولا يوم ولا استأذنت، خصم ليه بأه.
المسئول: والله ده اللى عندى تقدر ترجع للمسئول بتاعك وتتكلم معاه.
فلان انتابه شعور انه الستار هينسدل اخيرًا وقريب اوى اوى هيعمل «باى.. باى» للشركة والموظفين والعصفورة..
وفى حوار خبيث بينه وبين العصفورة
فلان: انا معملتش حاجة ليه الخصم بأه؟!
العصفورة: كفاية مثالية منك، بصراحة انت مش نافع فى الشغلانه دى، واخطاءك كتير وكلامك من دماغك..
فلان يقاطعه: انا ماشى ع اللوائح والقوانين.
العصفورة تضحك باستهزاء: اللوائح والقوانين... طيب ده نظام شركتنا وان كان عاجبك.
فى هذا الموقف افضل ما يمكن ان يقال كما قال اسماعيل ياسين
«متستعجبشى.. متستغربشى.. فى ناس بتكسب ولا تتعبشى وناس ببتعب ولا تكسبشى.. متستعجبشى.. متستغربشى»
خلاصة الحكاية ان الهلس له اشكال متعددة منها حكاية فلان، غالبًا هى موجودة وبنقابلها فى كل الوظائف، لكن ده مش معناه انك تكون العصفورة، فلان نموذج بنقابله وانه فى الواقع هو خير الموظفين، لكن لابد انك تتحلى ببعض الخبث «خد حذرك» ولا أنكر انه سيبقى السؤال محل دراسة كيف تكون موظف مثالى وتتجنب شر العصفورة؟!
