قنابل جاهزة للانفجار.. غياب معايير السلامة والصحة المهنية يهدد العمال

 معايير السلامة والصحة المهنية
معايير السلامة والصحة المهنية

◄ 2: 4 مليون منشأة لا تخضع للتفتيش بسبب العجز في القوى البشرية

◄ غرامات عدم تطبيق معايير السلامة لا تزيد عن 120 ألف جنيه

◄ تجهيز المنشأة لتطبيق الاشتراطات يحتاج لـ ٢ مليون جنيه

 

يجلس أحمد فتحي ناظرا إلى موضع ساقه غير الموجودة بعد أن تم بترها قائلا بحسرة: «لو أخذت مال الدنيا مش هتعوض اللي حصل»، قصة هذا العامل لها آلاف الأمثلة لصنايعية وفنيين فقدوا جزءًا من جسدهم خلال رحلتهم مع لقمة العيش في مصنع أو ورشة.. واليوم انقطع الدخل ولا يوجد أمان لهم حيث كانوا يعملون بدون تأمينات أو معايير سلامة مهنية.

 

حوادث كثيرة يتعرض لها العمال بمواقع العمل من المصانع أو المحاجر أو أماكن التنقيب والتعدين، لعدم توفير حماية أو التزام بمعايير السلامة والصحة المهنية، وكان أقرب مثال لذا ما وقع في حادث الحريق بمصنع الملابس بالعبور.

 

 

مأساة أحمد

أحمد فتحي العامل بمحاجر المنيا بُترت ساقه بالكامل بسبب إصابته أثناء العمل، إذ قال إنه «أثناء عمله بالجبل على ماكينة لتكسير الطوب الأبيض دخلت ماكينة أخرى بسرعة شديدة وأصابت ساقه حتى الركبة، ولم يكن مجاورا لهم سيارة إسعاف حتى تم نقله لمستشفى المنيا التي رفضت استقباله لعدم توفر إمكانيات علاجه».

 

 

ويكمل: «تم تحويلي لمستشفى أسيوط الجامعي وفشلت كل محاولات تثبيت الساق مما دفع الأطباء لبترها حتى فوق الركبة».

 

 

يقول فتحي: «لا يوجد أي شيء يؤمنا أثناء العمل في المحاجر ومن يصاب تحمله عربة المصنع  ولو لم تتواجد يبحثوا عن مواصلة تنقلهم ورغم أن إصابته تحولت لعاهة مستديمة إلا أن المجلس القومي للإعاقة اعتباره من ال٥ بالمائة المخصصة للمعاقين  ولا يملك الا ان يحصل على ال٤٥٠ جنيه من وزارة التضامن الاجتماعى.

 

السقالة الطائرة

«أكثر العمال يتعرضون للخطر خاصة الذين يعملون على السقالة الطائرة، فمن المفترض أن العامل يكون مربوط بحبل بحيث لو حدث خلل بالسقالة لا يسقط العامل».. عامل البناء باليومية سعيد سليمان، وصف أخطر ما يواجه خلال عمله.

 

ويقول إن بعض شركات المقاولات تعطي للعامل بدلة واقية "كفروول" وخوذة دون التأمين على العامل من أي مخاطر.

 

وتابع سليمان قائلا «إنهم يعملون على سقالات عالية وكثيرا ما يحدث كوارث سقوط للعمال في المناور وأقصى ما يحدث هو أن يضع المقاولون ساتر خشب لسد تلك المناور.

 

وأضاف سليمان: «العامل يتعرض أيضا أن تسقط عليه خلاطة، رفع الخرسانة لأن الحبال التي ترفعها تكون ضعيفة وعند سقوط هذه الخلاطة يصاب أكثر من عامل فأعمال المقاولات لابد من وضع معايير للسلامة المهنية بها لتقليل الحوادث التي تقع فيه».

 

 

وأكد أن العمال بقطاع المقاولات لا يتم التأمين عليهم ضد كل هذه المخاطر، ولكن إذا أصيب العامل قد يصرف له المقاول تعويض مادي وإذا لم يقم المقاول بذلك يضطر العامل لرفع دعوى قضائية ليحصل على تعويض مالي.

 

ويقول محمد فوزى عامل بمصنع الالومنيوم بنجع حمادى. : انه يتم توفير حذاء واقى للعمال مستورد وقفازات شهريا اما العمال الذين يتعاملون مع الحرارة فى افران الصهر وخلايا صهر الالومنيوم يتم صرف مريلة حرارية وقفاز حرارى وغطاء وجه وراس للوقاية من حرارة الصهر والتى تصل ل٩٠٠ درجة مئوية

واضاف فوزى انه يوجد التزام من ادارة المصنع بمعايير السلامة المهنية وبالتامين على العمالة غير المنتظمة من صاحب شركة توريد العمالة كما تتوافر ادارة للسلامة المهنية بالمصنع  تراقب التزام العمال بارتداء الملابس الواقية والنظارة وسماعة الاذن لحماية العمال من الاصابة بالصمم بسبب اصوات المعدات العالية وتراقب ارتدائهم للكمامات للوقاية من ادخنة صهر الالومنيوم  وتوجد لجان للتفتيش على توافر هذه الملابس وتطبيق هذه التعليمات 

عمال المحاجر فى خطر دائم

ويقول سمير طوسه : ان عمال المحاجر مظلومين بكل شئ فهم يعملون بالجبل لذا اصابات العمل صعبة جدا لعدم وجود اى معايير للسلامة المهنية وهؤلاء العمال غير مؤمن عليهم صحيا ولا اجتماعيا فكثير من العمال. يصابون بالعمى او ارجلهم يتم بترها اقناء العمل وعند نقله اثناء الحادث لمستشفيات المنيا والقصر العينى باسيوط وياخذ العامل المصاب من ساعة ونصف لثلاثة ساعات حتى تستقبله مستشفى يكون المصاب نزف قدرا كبيرا من دمه واذا توفى العامل فليس له اى شئ عند الحكومة لانه ليس له تامين صحى ولا اجتماعى  رغم انهم يكفون الدولة شر البطالة و اعمارهم من ٢٠ :٣٠ سنة وكان عددهم اكثر من ٣٠ الف عامل والان عددهم اقل من ١٠ الاف عامل بالاضافة لاصابتهم بامراض المهنة ومنها التحجر الرئوى من اتربة الخامات التى يقومون بتكسيرها بالاضافة للاصابة بصمم بالاذن من صوت الات الحفر

واكد  طوسه : انه لا يوجد مؤسسات للمجتمع المدنى لرعاية عمال المحاجر  والذى كان. يعمل منهم بهذا المجال توقف كما ان العمال بهذا المجال عند وفاتهم ترفض التامينات صرف اى مستحقات لهم وبالتالى لا تحصل اسرته على معاش لانه غير مؤمن عليه رغم اعتراف اصحاب المحاجر بعمل هؤلاء العمال بالمحجر الذى  يؤجره 

وتابع طوسه قائلا " يا سيادة الوزيرة انتى مسئولة عن العمالة غير المنتظمة ..شوفى حل للناس دى تاكل عيش " فرغم ما تقوم به القيادة السياسية من اجل المواطنين لابد ان يتم عمل تامين صحى لعمال المحاجر وان تتوافر نقطة اسعاف او سيارات اسعاف دوارة. بالجبل او يتم بناء مستشفى من عائد اموال التراخيص لخدمة عمال المحاجر

 

احتياطات «البترول» بالمليارات

يؤكد قول الدكتور احمد الغمري خبير السلامة والصحة المهنية على أهمية تدريب العاملين بعمليات استكشاف خام البترول على مخاطر هذه العمليات واتخاذ احتياطات السلامة المهنية لأنه يصعب تطبيق معايير السلامة بأنابيب البترول لأنها تحتاج لمليارات الجنيهات.

وأوضح «الغمري» أن بوجه عام المواسير التي يمر بها خام البترول تكون مبطنة بحيث تجفف نفسها تلقائيا ولا يتسرب خام البترول خارجها ويتعرض للهواء وتحدث بسببه حرائق أو انفجارات، ولذلك يتم تبطين الماسورة بمادة عازلة بنوع معين من مواد العزل.

 

المهندس محمد عزب خبير السلامة والصحة المهنية ورئيس لجنة السلامة بنقابة المهندسين يقول إن عدم الالتزام بمعايير الأمان والسلامة المهنية يهدد حياة العاملين على خطوط إنتاج البترول، وهذا الأمر خطير للغاية لأن خام البترول عندما يدخل للمصانع يتم فصل مكوناته "مازوت، جاز، .. إلخ"، ولكن قبل ذلك هو خام إذا خرج لسطح الأرض وعند مرور السيارات فوقه حرارة شكمان السيارة تشعل هذا الخام كما يحدث اشتعال لهذا الخام اذا خرج «شرز» الكهرباء من السيارة.

 

ويوضح أن أحد توصيات مؤسسة «مكافحة الحريق الأمريكية» أن يتم عمل الكشف الدوري على أنابيب البترول، والتأكد من صلاحياتها بالكشف عليها بالموجات فوق الصوتية وأشعة جاما والتأكد من عدم تآكل الأنابيب فلا يحدث تسريب للخام ثم انفجار فيشكل خطورة على العاملين لأن خام البترول بوجه عام يكون مخزن بمكان مغلق.

 

كارثة مصنع العبور

اما عن مصنع العبور للملابس الجاهزة  فالكارثة أكبر لأن حادث مصنع العبور حدث بسبب خلل وإهمال متراكم بمعايير السلامة المهنية فالمصنع متخصص في الملابس الجاهزة وبنفس العقار الموجود به المصنع يوجد مخزن للمواد البترولية فالعقار مكون من ٤ أدوار منهم دورين لمصنع الملابس والدورين الأخرين مخزن للمواد البترولية، ولذا عندما وقع الحادث وحدث الخلل بالتوصيلات الكهربية حدث شرر واشتبك بالتينر والجلود والأقمشة وازداد حجم الحريق وكانت نيرانه كثيفة بسبب احتراق المواد البترولية الموجودة بالدور الواقع أسفل مصنع الملابس.

 

وكشفت التحريات أن مصنع الكيماويات والغازات الذي يشغل الطابقين الأرضي والأول واشتعلت فيه النيران بسبب انفجار في الغاز وامتدت ألسنة اللهب للطابق الثالث الذي به مصنع الملابس الجاهزة والأزمة أن صاحب العقار خزن في البدروم مواد بترولية وصاحب مصنع الملابس لم يتخذ اى اجراءات للسلامة المهنية.

 

غياب معايير السلامة بمصانع الملابس:

كما أوضحت المعاينة الأولية للمصنع بعد الحادث ان سبب الحريق نتيجة لخروج غازات من مواد كيميائية بمخازن المصنع تسببت في حدوث انفجار هائل مما أدى لارتفاع أعداد الضحايا حيث بلغ عدد القتلى أكثر من ٢٠ قتيلا واكثر من ٢٤مصابا.

 

 

ويرى محمد عبدالرحمن مدير قطاع الصحة والسلامة المهنية السابق بإحدى الشركات الحكومية للملابس الجاهزة أن بمصانع القطاع العام للملابس يوجد بها إدارة للأمن الصناعي لتراقب تسليم المصبغة والتي يوجد بها المواد الكيماوية التي تسبب الحريق كما يتوافر مكن ليملا طفايات الحريق وبإحدى المرات انفجرت طفاية الحريق في عامل الصيانة وتوفى في الحال وتم محاسبة قطاع الامن الصناعي بالشركة.

 

واوضح عبد الرحمن أن العمل بقطاع النسيج لا يسبب أي حرائق إلا إذا حدث ماس كهربي أما المصبغة فتحتاج لالتزام أكبر بمعايير السلامة لأن بها مواد كيميائية وأكسجين مستورد لتبييض الملابس ولا تأتي إلا بموافقة الأمن العام والكلور، ولذا معظم مواد الصباغة يستلمها الأمن الصناعي وليس العمال أما مصانع الملابس الخاصة ليس لديهم قطاع للأمن الصناعي، ولكن يتم الاكتفاء بإحضار طفايات حريق ولكن لا يتم توفير حاويات للمواد الكيماوية المستخدمة في الصباغة، كما أن أصحاب مصانع القطاع الخاص لا يدفعون تأمينات على عمال المصابغ عكس القطاع العام الذي يقوم بعمل بوالص تأمين.

 

واضاف عبدالرحمن: ان مصنع العبور صغير وأغلب مصانع الملابس الصغيرة تعمل بدون رقابة عليها من السلامة والصحة المهنية وتتولى الأمن الصناعي، التابع لوزارة القوى العاملة  والمطافئ الإشراف على هذه المصانع مع  التأمينات واذا كانت مصانع القطاع العام تقدم هدايا للعاملين بقطاع الأمن الصناعي بالقوى العاملة حتى لا يكتبوا تقرير سلبي بالمصنع فيتم اغلاقه فما بالنا بالقطاع الخاص.

 

وأوضح أن أي مصنع لابد وأن يضع ثلاثة طفايات حريق ودلو به رمل ويسجل ذلك برخصته.

 

 

أما المهندس حسام مصطفى صاحب مصنع ملابس وخيوط فقال إن المصانع ليس كلها ملتزم بإجراءات السلامة المهنية فالمصانع لابد وأن توفر طفايات حريق أوتوماتيكية وملابس للعمال ضد الحريق لحماية العامل إذا أغلق الفرن عليه أثناء العمل كما يتم وضع أنظمة امنية بها حساسات ترش ماء تلقائيا من السقف وهذه الانظمة لضمان سلامة العمال اثناء العمل ويجب توافرها باى مصنع صغير او كبير كما يجب توفير كيميائيين بالمصنع طالما ان به مصبغه ليستخدموا المواد الكيميائية بالملابس بشكل صحيح وليتخلصوا منها بشكل أمن  مخاطر صناعة الالومنيوم.

 

 

ويقول المهندس ايمن ربيع وكيل اول وزارة بادارة السلامة والصحة المهنية بوزارة القوى العاملة سابقا ووكيل مدير المركز القومى لدراسات السلامة والصحة المهنية : انه يوجد من ٢.٥ لـ ٤ مليون منشاة صناعية ويتم متابعتهم سنويا وبسبب وجود ضعف فى الموارد البشرية على مستوى مصر وضعف في القوى الوظيفية لذا تحتاج مصر من ١٥ :٢٠ سنة لتستوي شروط السلامة والصحة المهنية.

 

وأضاف المهندس ربيع أن مصنع العبور تم التفتيش عليه مرتين ولم ينه المخالفات وتم تحرير محضر بـ ١٢ مخالفة الواحدة منها بـ 10 آلاف جنيه أي 120 ألف جنيه لذا صاحب المصنع سدد هذه المخالفة بدلا من قيامه بدفع ٢ مليون جنيه لتوفير معايير السلامة بالمصنع.

 

وأوضح المهندس ربيع أن وزارة القوى العاملة اتخذت كافة الإجراءات القانونية ضد المصنع والمفروض ان هيئة التنمية الصناعية تقوم بالتفتيش على هذه المصانع فمصنع الملابس انتهت رخصته من عام ٢٠١٧  ونفس المشكلة حدثت بمصنع الكاوتش بفيصل والمشكلة ان هذه المصانع تحصل على رخصتها من الهيئة العامة للتنمية الصناعية بالاخطار دون اى تقييم للرخصة من الهيئة.

اقرأ أيضا: محافظ أسيوط يطمئن رئيس الوزراء على استعداد المحافظة لاستقبال شهر رمضان