عودة مسلسلات الـ15 حلقة فقر فى الإنتاج أم ضعف فى التأليف؟

يسري الشريف
يسري الشريف

كتب: شريف عبد الفهيم

كانت بداية الأعمال الدرامية فى الستينيات والسبعينيات بل والثمانينيات أيضاً تتمثل فى إنتاج أعمال السباعيات المسلسلات ذات السبع حلقات، والثلاث عشرة حلقة، وربما تصل فى بعض الأحيان إلى 15 حلقة، إلا أن دخول الفضائيات الساحة والمنافسة فى العرض والإنتاج أفسح مجالا كبيراً للإعلانات للدخول فى سياق التركيبة الدرامية، فاستغل المنتجون شهر رمضان لينتجوا أعمالاً بعدد أيامه ولا مانع من تخفيض زمن الحلقة من 45 دقيقة بدون فواصل إلى 25 وربما أقل، حتى يتسنى عرض أكبر كم من الإعلانات من خلال اختراع الفواصل الإعلانية فى وسط المسلسل.. فجأة قررت شركات الإنتاج أن تعود مرة أخرى إلى مسلسلات الـ15 حلقة والسباعيات بل وصل الأمر إلى حكايات ضمن مسلسلات لا تزيد على 10 حلقات وتصل إلى خمس فى بعض الأحيان.

"آخر ساعة" فتحت ملف عودة مسلسلات الحلقات القليلة لتتعرف على رأى النقاد والجمهور وتطرح السؤال هل هو فقر فى الإنتاج أم فقر فى الكتابة أم عودة للمسار الصحيح، وكان هذا التحقيق.

طارق‭ ‬الشناوي‭:‬ عودة‭ ‬للمسار‭ ‬الصحيح

نادر‭ ‬عدلى‭ :‬تنوع‭ ‬الدراما‭ ‬يصب‭ ‬فى‭ ‬مصلحة‭ ‬الصناعة

البداية كانت عندما أعلنت شركة سينرجى عن تعاقدها مع المؤلفة إنجى علاء لتقديم مسلسل "كوفيد 25" من بطولة زوجها الفنان يوسف الشريف، وبعد أن بدأت الكتابة وإعلان تفاصيل المسلسل، فجأة أعلنت أن العمل سيكون فى 15 حلقة فقط، وسيعرض فى أحد نصفى شهر رمضان، على أن يستكمل النصف الثانى مسلسل آخر، لتختمر الفكرة فى رأس الشركة المنتجة لتبدأ تجربة جديدة وهى عرض عملين دراميين فى نفس التوقيت يكملان بعضهما طوال الشهر حتى يخرج المشاهد من حالة الملل بسبب المط والتطويل فى الأحداث وبسبب كم الإعلانات التى تعرض خلال الفواصل حيث يصل طول مدة الفاصل فى بعض المسلسلات إلى ثلث الساعة مقابل خمس دقائق فقط للأحداث ما يدفع المشاهدين إلى الذهاب لمواقع عرض المسلسلات من دون فواصل إعلانية وهو ما يكبد الشركات خسائر كبيرة.

كوفيد 25

هو استكمال للنمط الذى اتخذه الفنان يوسف الشريف فى العام الماضى بمسلسل «النهاية» حيث تدور الأحداث فى زمن لاحق لزمننا وإن كان الفارق الزمنى ليس كبيراً كما كان فى «النهاية»، إلا أنه لا يعد ضمن أعمال الخيال العلمي، حيث أكدت المؤلفة إنجى علاء أن المسلسل وإن كان يدور فى حقبة زمنية تالية إلا إنه يعتبر مسلسلاً اجتماعياً فى المقام الأول ولا علاقة له بمسلسل النهاية ولا يعد من الخيال العملى لكنه يعتمد فقط على النظريات العلمية المؤكدة فى زمن لاحق لنا.
مسلسل «كوفيد 25» من بطولة يوسف الشريف، وأحمد صلاح حسني، وآيتن عامر، وإدوارد، وإيناس كامل، وراندا البحيري، وميدو عادل، وأمير صلاح الدين، وميرنا نور الدين، وديانا هشام، وإسلام جمال، وزكى فطين عبد الوهاب، وعماد رشاد، وغيرهم من النجوم، وإخراج أحمد نادر جلال، ومن إنتاج سينرجي.

بين السما والأرض

مسلسل مأخوذ عن الفيلم الشهير الذى قامت ببطولته فاتنة السينما هند رستم والعملاق محمود المليجى وعبد السلام النابلسى وعبد المنعم إبراهيم ومجموعة من النجوم كانوا فى وقتها وجوهاً جديدة، وهو يدور فى يوم واحد داخل مصعد إحدى البنايات يتعطل بمجموعة من الشخصيات المختلفة لنتعرف على حكاية وقصة مختلفة لكل واحد من بين هذه الشخصيات، ويحدث لهم العديد من المواقف المختلفة ما بين الكوميديا والإنسانية.
والمسلسل بطولة مجموعة كبيرة من النجوم منهم هانى سلامة وسوسن بدر، درة، أحمد بدير، محمد لطفي، ندى موسى، وغيرهم من النجوم.

أحسن أب

مسلسل من تأليف محمد محمدي وأحمد محيي، وإخراج معتز التونى وإنتاج شركة سينرجي، حيث قررت المتحدة للخدمات الإعلامية دفع الملل، والحفاظ على الإيقاع السريع للمسلسلات التليفزيونية التى باتت وجبة رئيسية للجمهور فى موسم رمضان من كل عام، من خلال تقديم هذا العام 4 مسلسلات، كل منها 15 حلقة فقط، ويقوم ببطولتها كبار نجوم الدراما التليفزيونية.

وهو من بطولة على ربيع الذى وضع اسمه بجوار النجوم الذين يحرصون على التواجد كل عام فى السباق الرمصاني، ويشاركه البطولة هاجر أحمد وأحمد الشامى وسليمان عيد وسامى مغاورى وهالة فاخر، وعدد آخر من الفنانين.

المدينة

وهو يمثل تواجداً جديداً للفنانة دنيا سمير غانم، والتى أصبحت علامة من علامات شهر رمضان بما تقدمه من أعمال كوميدية، كان آخرها مسلسل "بدل الحدوتة 3" والذى يعد أول عمل ينتهج نمط المسلسلات ذات الحلقات القليلة حيث يعد العمل ثلاثة مسلسلات فى عمل واحد كل واحد منها عشر حلقات فقط.

"المدينة" بطولة دنيا سمير غانم وتأليف هشام جمال، وعمرو وهبة، وإخراج هشام جمال.

وعن رأى الجمهور حول عودة الأعمال المكونة من 15 حلقة فى رمضان، قالت سعاد محمود، مدرسة ابتدائي، إنها تعد خطوة جيدة لإخراج المشاهدين من حالة الملل التى تصيبهم فى رمضان وتصرفهم عن الشاشات بسبب المط والتطويل فى الأحداث وكم الفواصل الإعلانية الذى يجعلنا نخرج من حالة التركيز مع المسلسل وربما ننسى أحداثه، فكنت فى العام الماضى أشاهد أحد المسلسلات وجاء فاصل إعلانى فدخلت المطبخ لإعداد الطعام وبعد حوالى ربع الساعة عدت لأسأل الأولاد عن الأحداث التى فاتتنى فضحكوا وقالوا لى إن الإعلانات مازالت مستمرة منذ ذهبت لإعداد الطعام، وهو ما أصابهم بالملل فتوجهوا جميعاً إلى يوتيوب لمحاولة رؤية المسلسل من دون فواصل إعلانية.

أسماء أسامة طالبة جامعية أكدت أن الوضع أصبح سيئاً جداً فى الدراما بعد زيادة المساحة الإعلانية فى الحلقة الواحدة والتى تصل إلى 75% من الوقت المحدد للعمل، بل إن هناك مسلسلات تعرض الحلقة الواحدة منها على مدار ساعة ونص الساعة وربما ساعتين بسبب الإعلانات فيما تكون مدة الحلقة لا تتعدى 30 دقيقة، الأمر الذى يدفعنى لمشاهدة المسلسل بعد طرحه على أحد المواقع دون إعلانات، وأعتقد أن عودة المسلسلات ذات الـ15 يعد فى صالح الدراما وليس نابعاً من فقر إنتاجي، وإنما هو محاولة لجذب الجمهور للشاشة من جديد وهو ينم عن ذكاء صناع الدراما فى الوقت الحالي.

رأى النقاد

الناقد طارق الشناوى أكد أن الموضوع عودة للصواب، بمعنى أن ارتباط المسلسلات كونها 30 حلقة إنما هو نوع من الارتباط بالتسويق، ففكرة أن تختلف أعداد الحلقات هى فى حد ذاتها عودة لأصل الدراما، فأتذكر أن الكاتب الراحل وحيد حامد كتب مسلسل أحلام الفتى الطائر" لعادل إمام، وكان المسلسل قد أحدث ضجة كبيرة فى الدراما ذلك الوقت فطالبوا الكاتب الراحل بكتابة حلقتين أخريين حيث كان المسلسل مكوناً من 13 حلقة فقط، إلا أن الكاتب وحيد حامد رفض ذلك رغم أنه كان سيأخذ مقابلاً مادياً لذلك، وهو كان فى احتياج له، معتبراً أنه أخرج ما لديه فى الحلقات الثلاث عشرة التى كتبها.

وأضاف عدد الحلقات هو رد فعل للحالة الدرامية وكذلك زمن الحلقات، فلا نقول سننفذ 30 أو 60 حلقة مثلاً ولكن يجب أن نرى ماذا سيفرض علينا الوضع الدرامى ولذلك أرى أن هذا عودة للطريق الصحيح فى الدراما، وأننا أصبحنا نحترم المحتوى.

الناقد نادر عدلي أكد أن الأمر ببساطة أن عدد المسلسلات فى رمضان قل عن السنوات ما قبل كورونا، فكان عدد المسلسلات التى تعرض فى رمضان لا يزيد عن 35 مسلسلاً لكن وصلنا فى العام الماضى إلى 23 مسلسلاً وما أعلن حتى الآن أن المعروض فى رمضان القادم 22 مسلسلاً منها 4 مسلسلات تتكون من 15 حلقة لكن أفضل ما تم هو الاتجاه إلى الأعمال الكبيرة إنتاجياً وهى مفيدة لأنها تأتى بالأفضل فى التمثيل والإخراج ومختلف العناصر المشتركة فى الدراما، وهو الذى يتمثل فى مسلسلات "أحمس" و"الاختيار 2" و"القاهرة كابول"، ونفس الأمر مع هجمة مرتدة مع أحمد عز، والذى تدور أحداثه فى المخابرات.
وأضاف: "المحصلة أن لدينا مسلسلاً فرعونياً من أوله لآخره عن الفراعنة فهو شيء مهم وتنويري، بمعنى أن تكفير الفراعنة وأن ما تركوه من آثار يستحق الهدم لأنه نوع من الكفر، وخلافه فنحن بذلك نقول أنا تاريخى منذ بدايته فى هذه الحضارة، هذا الإنتاج الضخم حمل مجموعة كبيرة من الفنانين والفنيين، وفى نفس الوقت خرج عدد كبير من الفنانين والفنيين من السباق الرمضاني، لذلك رأت الشركة المنتجة أن تنتج مسلسلات الـ15 حلقة أولاً لإرضاء أكبر عدد ممكن منهم، بما أنها الشركة الراعية، ثانيا ما نشكو من تطويل وضعف بعض السيناريوهات للخروج من حالة التطويل الممل".

وأكد عدلي أن التنوع الذى تم فى مسلسلات رمضان ما بين الأعمال الضخمة إنتاجياً، وأعمال الـ15 حلقة والتى غيرت شكل الدراما وإن كانت أيضاً تضم نخبة من النجوم، وهناك النوع الثالث وهو المسلسلات الاجتماعية العادية، والمتمثلة فى مسلسلات يسرا ونيللى كريم وياسمين عبد العزيز، فيكون بذلك التنوع فى مصلحة الدراما ككل.