بعد رحيله.. السبب الحقيقي لإقالة حسني مبارك لـ«الجنزوري» من رئاسة الوزراء

مبارك والجنزوري - أرشيفية
مبارك والجنزوري - أرشيفية

ودعت مصر، اليوم الأربعاء، رجلا من رجالها الأوفياء الدكتور كمال الجنزوري، رئيس وزراء مصر الأسبق في حكومة الرئيس مبارك، والذي تولى رئاسة مجلس الوزراء عقب أحداث يناير، وذلك بعد صراع طويل مع المرض داخل مستشفى القوات الجوية.

 

وقد نعاه الرئيس عبد الفتاح السيسي، قائلا «فقدت مصر اليوم رجل دولة من طراز فريد، هو الدكتور كمال الجنزوري رئيس وزراء مصر الأسبق، كان الراحل بارًا بمصر، وفيًا لترابها وأهلها، وصاحب يدٍ بيضاء في شتى مجالات الحياة السياسية والاقتصادية، وكانت له مكانته العلمية، ورؤيته الحكيمة، وقدراته القيادية المتميزة والناجحة، فضلًا عن أخلاقه الرفيعة العالية، وتفانيه وصدقه وإخلاصه في مراحل مصيرية وحاسمة من تاريخ هذا الوطن، رحم الله الفقيد الغالي، وخالص عزائي لأسرته وأهله، داعيًا المولى عز وجل أن يلهمهم الصبر والسلوان» .

 

وقد تولى «الجنزوري» رئاسة مجلس الوزراء أثناء فترة حكم الرئيس مبارك في من 4 يناير 1996، وعمل على وضع تصورات وخطط بعيدة الأمد، لتنفيذ عدة مشروعات حيوية منها مشروع مفيض توشكى الذي يقع في أقصى جنوب مصر وشرق العوينات وتوصيل المياه إلى سيناء عبر ترعة السلام، ومشروع غرب خليج السويس، بالإضافة إلى تدشين الخط الثاني لمترو الأنفاق بين شبرا الخيمة والمنيب مرورًا بمحافظة القاهرة للحد من الازدحام المروري في القاهرة الكبرى.

 

واستمر في المنصب حتى جاءت إقالته في 5 أكتوبر 1999، وهي التي تسببت في حالة من الجدل حول وجود خلافات بين الرئيس مبارك والجنزوري، تسبب فيها المحيطون بالرئيس مبارك وعلى رأسهم زكريا عزمي.

 

وفي مذكراته التى صدرت تحت عنوان "طريقي" روى الجنزروي كواليس إقالته، قائلًا: في آخر 1999 كان يوم الأربعاء أذكره جيدًا فكانت زيارة إيهود باراك رئيس وزراء إسرائيل، وفي ذات اليوم، كانت زيارة السيد سليمان ديميريل رئيس جمهورية تركيا، وكان الرئيس عائدًا من الجزائر صباح ذات اليوم، وأخبرنا أنه لم ينم في الليلة السابقة، وقال لي الدكتور زكريا: “سيكون عليك استقبال باراك حال وصوله لقصر التين، وسيلتقي به الرئيس ثم تنضم للاجتماع بعد 40 دقيقة”، فعلقت على مرافقة باراك من المطار إلى القصر، هل هذا مطلب الرئيس أم يرجع إلى رأيي، فإذا كان لي رأي، فلا أحب هذا ويكفي أحد الوزراء للمرافقة .

 

ويضيف: هنا أخبر زكريا عزمي، الرئيس، أن الدكتور كمال، رفض، حتى يزيد من غضبه، وعند الوصول إلى القصر ذهب باراك إلى الحمام، وهنا طلبني الرئيس، وبمجرد دخولي ثار علي، وقال: ”كيف هذا، لقد جاء بيجين رئيس وزراء إسرائيل إلى الإسماعيلية لمقابلة السادات، وكنت نائبًا للرئيس ولم أحضر الاجتماع"، فقلت: لم أعترض على هذا، ولكنه لم يعطني فرصة لذكر حقيقة الأمر، وانتهى اللقاء، وغضبه شديد، حتى أيقنت أن إقالتي ستتم اليوم أو غدًا، لكن العجيب قابلني في الأيام التالية ودودًا أكثر من أي فترة مضت .

 

وأشار الجنزوري في مذاكرته إلى أنه في صباح الثلاثاء 5 أكتوبر 1999، حدث لي ما لم يكن متوقعًا، وكنا في صالون مجلس الشعب، قبل الدخول إلى قاعة المجلس لإلقاء الرئيس خطابه في الاجتماع المشترك لأعضاء مجلسي الشعب والشورى، إذ طلب السيد أشرف بكير كبير الأمناء أن ندخل جميعًا إلى القاعة قبل الرئيس، وقلت للرئيس: "بعد الجلسة سيعقد مجلس الوزراء جلسة لتقديم الاستقالة، فهل ترى أن أحضر لمقر الرئاسة لتقديمها، أم ماذا أفعل؟!"، فقال: "لا سيأتي إلى مجلس الوزراء من سيأخذها لأنني سأغير الوزارة، وسأراك الأسبوع المقبل”، فقلت: "شكرا، بصوت به كل الهدوء، ورضا لم يتوقعه".

 

وتابع: "بعد أن انتهى خطاب الرئيس، ذهبت إلى مجلس الوزراء لعقد جلسة لتقديم الاستقالة، فوجدت اللواء عمر سليمان، مدير المخابرات العامة، منتظرًا بالصالون الملحق بالمكتب، وسألته: ماذا حدث؟! فقال لي: "لقد أقنعه الذين حوله أنك أصبحت ندّا له".. بحسب مذكرات الجنزوري .