بسبب كلمتين.. هكذا اشتعل الجدل بين «هو وهي» تحت قبة البرلمان

النائبان دينا عبد الكريم وأشرف رشاد
النائبان دينا عبد الكريم وأشرف رشاد

حالة من الجدل سادت داخل أروقة مجلس النواب، بسبب قانون ختان الإناث الذي طال انتظاره، وانقسم النواب إلى فريقين ما بين مؤيد ومعارض بسبب كلمتين في مشروع قانون ختان الإناث.


وقدم كل فريق، المبررات التي تؤيد رأيه وتدعمه واستشهد بما يدلل عليه، حتى أغلق البرلمان الباب على كل النقاشات التي تدور في فلك هذا الموضوع، معلنا تغليظ العقوبة ما يمثل ردعًا لكل من تسول له نفسه القيام بهذا السلوك، الذي يصاحبه العديد من الأمراض للفتاة.


«العاهة المستديمة».. كلمتان أسدل الستار عليهما بعدما وافق مجلس النواب خلال جلسته العامة اليوم برئاسة المستشار حنفى جبالى، على المادة 242 مكررا من مشروع قانون العقوبات والتى تضمنت تشديد العقوبة لمن قام بختان أنثى لتكون خمس سنوات، فإذا نشأ عن ذلك الفعل عاهة مستديمة تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن سبع سنين أما إذا أفضى الفعل إلى الموت تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن عشر سنوات وجرمت سلوك كل طبيب أو مزال لمهنة التمريض يجرى جريمة الختان.


كما وافق البرلمان على طلب الحكومة بشأن حرمان الطبيب والمزاول لمهنة التمريض من وظيفته في جريمة ختان الإناث، بالإضافة إلى باقى العقوبات المنصوص عليها بمشروع قانون تعديل قانون العقوبات.
وتشبثت النائبات برأيهن منذ البداية وأصروا على تغليظ العقوبة إلى السجن المشدد واعتبار ختان الإناث كجريمة عاهة مستديمة  حتى لا يفلت المتسبب فيها من العقاب. 

 

نائبة: جريمة ختان الإناث أشد من الاغتصاب


في البداية، قالت النائبة دينا عبد الكريم عضو مجلس النواب، إن جريمة ختان الإناث أكبرمن جريمة الاغتصاب  في الأثر النفسي والجسدي، وتابعت: "لابد من التعامل معها كعاهة مستديمة لأنها بالفعل تترك عاهة نفسية وجسدية وعاهة نفسية تترك أثر نفسيا أكبر من الأثر النفسي لجريمة الاغتصاب".


وأضافت: "تعريف العاهة المستديمة في قانون العقوبات ينطبق على ختان الإناث والهدف أو المشكلة التي يجب أن يواجهها القانون تتمثل في منع  الإفلات من العقاب  والنص على أن الختان يسبب عاهة نفسية وجسدية يضمن ذلك".

 
ومن ناحية أخرى أيدت النائبة  دميانه لويس عضو المجلس، نفس طلب النائبة دينا عبد الكريم  بضرورة اعتبار الختان جريمة عاهة مستديمة، مؤكدة أن ختان الإناث جريمة مكتملة الأركان.

 

زعيم الأغلبية: تغليظ العقوبة سيجعل الأطباء متخوفين من الاقتراب من العضو 


وعلى الجانب الآخر، أكد النائب أشرف رشاد، زعيم الأغلبية والهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن، أنه لا اختلاف على أن ختان الإناث جريمة، مضيفا أن العاهة المستديمة جريمة موجودة في القانون بالفعل والقاضي من يقرر هل هي عاهة مستديمة من عدمه. 

وأضاف أن تغليظ العقوبة سيكون في منتهى الخطورة وسيجعل الأطباء متخوفين من الاقتراب من العضو نهائياً أو التعامل معه، متسائلاً: "وهنعمل أيه في عمليات التحول الجنسي ، يا تري هتبقي معاقب عليها أم ستبقي علي وضعها؟".

 

نائب: تغليظ العقوبة وحده ليس الحل


ومن جانبه نددَّ النائب فريدي البياضي، عضو اللجنة العامة لمجلس النواب وعضو الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، بجريمة ختان الإناث وخطورة هذه الممارسة غير الأخلاقية وغير الطبية ومدى تأثيرها العضوي والنفسي على الفتيات ضحايا هذه الجريمة، مؤيداً تغليظ العقوبة.


وطالب "البياضي"، فى تصريح للمحررين البرلمانين، بضرورة التركيز على الحملات الإعلامية والتوعوية للتعريف بخطورة هذه الممارسة وخطأها من الناحية العلمية والدينية، مشيراً إلى أن تغليظ العقوبة وحده ليس الحل لمنع هذه الممارسة، لافًتا إلى أن هناك مشكلة في الثقافة وبعض المعلومات المغلوطة لدي الشعب.


وأوضح "البياضي" أن بعض الأطباء الذين يمارسون هذه الجريمة يقومون بتبرير فعلها بأن الأهل سوف يقومون بممارستها مع شخص آخر غير طبيب ومن الممكن أن يكون ضررها أكثر علي الإناث .


وأشار عضو اللجنة العامة للبرلمان، أن هؤلاء الأطباء يقومون باختيار أقل الضررين وممارسة هذه العملية بطريقة أقل خطورة، مؤكداً أن هذا مُبرر غير مقبول ولكنه المبرر الذي يستخدمه الأطباء الذين يقومون بهذه الممارسة.

 

برلماني: نعمل أيه في عمليات التحول الجنسي؟


بدوره وجه النائب أحمد حمدي، انتقادات للقانون، موضحا أن تغليظ العقوبة سيكون في منتهى الخطورة وسيجعل الأطباء متخوفين من الاقتراب من العضو نهائياً أو التعامل معه، متسائلاً: "وهنعمل أيه في عمليات التحول الجنسي ، يا تري هتبقي معاقب عليها أم ستبقي علي وضعها؟".


وبرر حمدى  موقفه، قائلا: :"إن كتب الفقه ذكرت أن هناك نوع من أنواع الختان، له مبرر، وكل علماء الإسلام قبل عام  ١٩٩٤ كانوا يقرون ذلك الختان، مضيفًا أن كل المذاهب الفقهية أكدت أن هناك ٨ أنواع من الختان، ومنها نوع من الأنواع له مبرر طبى عند الضرورة والاحتياج". 

 

اللجوء للداية!


وأشار "حمدى"، إلى أنه حال تطبيق تلك العقوبات المشددة، سيؤدي ذلك إلى لجوء المواطنين إلى الداية وهو أمر خطير لما له من آثار سلبية بسبب التلوث.


وطالب بالنص في مشروع القانون على السماح بالقيام بالختان حال وجود مبرر طبي، وانتقد تشديد العقوبة، قائلا: "اللى بيعمل عاهة مستديمة متعمدا، مش بياخد العقوبة دي، أزاى أعاقب الجاهل بهذا الامر اكتر من المتعمد بعمل عامة مستديمة؟".

 

استثناء التدخل الطبي


وطالب الدكتور أيمن أبو العلا، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، بإضافة تعديل فى المادة 242 مكرر أ بمشروع قانون تعديل قانون العقوبات بشأن ختان الإناث، يسمح باستثناء التدخل الطبي وفقا لقرار لجنة مشكلة من وزارة الصحة.


وقال أبو العلا ، إنه لاخلاف على تشديد العقوبة في جريمة ختان الإناث، وهناك حادثة مؤخرا تسببت في وفاة فتاة ولم يسجن الطبيب، ولكني أحذر من النص الحالى بأنه قد يؤدي إلى هروب أو عزوف الأطباء عن التدخل الطبى اللازم في الحالات الحرجة والخطيرة، مثل وجود أكياس وأورام في تلك المنطقة تحتاج إلى استئصال، وأخشى أن يهرب الأطباء من التدخل فى ذلك بسبب عقوبة السجن التى تصل إلى السجن المشدد للأطباء.


وتابع: "لا أقصد أن يكون ذلك مخرج للجريمة، ولكن سيكون ذلك من خلال وزارة الصحة التي يمكنها تشكيل لجنة ثابتة لتحديد الحالات التى يكون مسموح فيها التدخل الطبي فى هذه المنطقة"، مشيرا إلى ضرورة التوازن في الأمر.

 

رئيس مجلس النواب: تم أخذ رأى الأزهر الشريف

 

ومن جانبه قال المستشار حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب إن الهدف المتفق عليه هو أن سواء كانت جريمة ختان الإناث عاهة أو جريمة بذاتها فالعقوبة مشددة في الحالتين وإنها جناية وليست جنحة، مضيفا أن الجميع متفق على أنها جريمة .


  وأضاف "جبالي" أن العاهة المستديمة يحددها الطب الشرعي والقضاء قد لا يكتفي بتقرير واحد ويطلب أكثر من تقرير، مشيرا إلى أن هناك إجراءات عديدة  وفنية الجريمة في كل الأحوال تكون جناية ولها عقوبة مشددة.


وأوضح المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس المجلس، أنه تم أخذ رأى الأزهر الشريف والمجلس القومي لحقوق الإنسان والمجلس القومي للمرأة حول مشروع القانون .

 

الإفتاء:  لم يرد نص شرعي يأمر المسلمين بأن يختنوا بناتهم


أما دار الإفتاء، فقالت إن بعض المسلمين يظنون أن قرار «منع ختان الإناث» يعد مخالفة للشريعة الإسلامية، والحقيقة غير ذلك، فقضية «ختان الإناث» ليست قضية دينية تعبدية في أصلها، وإنما هي عادة انتشرت بين دول حوض النيل قديما، فكان المصريون القدماء يختنون الإناث.


وأوضحت خلال منشور عبر صفحتها الرسمية على موقع «فيسبوك»، أنه قد انتقلت هذه العادة إلى بعض العرب، كما كان في المدينة المنورة، أما في مكة فلم تكن هذه العادة منتشرة.


ولفتت إلى أنه لم يرد نص شرعي يأمر المسلمين بأن يختنوا بناتهم، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يختن بناته الكرام عليهن السلام، فكان استمرار تلك العادة من باب المباح، حتى قرر الأطباء أن ختان الإناث له أضرار خطيرة قد تصل إلى الموت، فيحرم ختان الإناث لهذا الضرر.