المشهد

«سبايك لي» يغير فكر مهرجان «كان»

خالد محمود
خالد محمود

بقلم/ خالد محمود

يأتى اختيار المخرج الأمريكى الأسود الكبير سبايك لى لرئاسة لجنة تحكيم مهرجان كان السينمائى الدولى، بمثابة تغيير فى فكر ومنهج المهرجان الأشهر فى العالم، والذى كان دائما ما ينحاز للسينما الأوربية، حتى فى جوائزه، إذ سيكون أول مخرج أسود يتولى هذا الدور المرموق. كانت دائما سينما هوليوود بمثابة ضيف شرف، فى مسابقات مهرجان كان، حيث كان يدافع على هوية السينمائيين الأوروبيين ويعتز بإبداعهم فى مواجهة الآلة الهوليوودية المسيطرة على السوق العالمية.. باختصار كانت شاشة مهرجان كان المتنفس الحقيقى للمخرجين الأوروبيين وكافة المناطق الأخرى كآسيا والمغرب العربي، لتقول للعالم إن هناك سينما أخرى تستحق الظهور والإشادة بتوهجها وتميزها، ويحسب للمهرجان اكتشافه لعديد من المخرجين الذين عرفوا طريق الشهرة فيما بعد وأصبح عشاق السينما فى العالم يترقبون أعمالهم.

 

ونعود لسبايك لى صاحب "مالكوم اكس" و" دا فايف بلودز " ذلك المخرج الذى اعتبره استثناء فى منظومة السينما الأمريكية، فهو ينحاز دائما فى أعماله إلى قضايا الأقلية ويواجه بشراشة التفرقة العنصرية داخل المجتمع الامريكى، ويدين الحروب الأهلية، موضوعات جريئة، اتجاه حاد، حوارات قوية، إتقان إيقاع مستمر، وموسيقى تصويرية مثالية لمرافقة كل فيلم. إنه بحق واحد من أعظم المخرجين فى جيله، بالإضافة إلى أنه كاتب سيناريو وممثل ومنتج لمدة 30 عامًا، لقد كان سبايك لى مؤرخًا ذكيًا لتساؤلات عصره، ويعتبر نفسه كاتبًا أولاً وقبل كل شيء − يعمل بشكل حصرى تقريبًا على سيناريوهاته الخاصة لنرى مزيجا رائعا من الأنواع التى يعكسها فيلمه السينمائى باستمرار منذ فيلمه " افعل الصواب " فى عام 1989، و" الفتى العجوز " 2013، وعاد المخرج سبايك لى إلى المنافسة بمهرجان كان مع فيلمه " بلاك كلانسمات، وقدم دليلًا صارخًا على غضبه وذكائه بتناول قضية التفرقة العنصرية، وحصل الفيلم على الجائزة الكبرى تلاه أول أوسكار. خلف نظارته الضخمة، تلتقط نظرة سبايك لى الحازمة قضايا عصره، مثل الرجولة وغريزة القطيع " صيف سام " عام 1999، وتمثيل الأفرو أمريكيين فى وسائل الإعلام )The Very Black Show( أو فقدان القيم الأخلاقية )هى تكرهني(.

 

على الرغم من أنه يضع قصصه فى المجتمع الأمريكي، إلا أنه يتجاوز حدودها ويقدم خطابًا عالميًا حول التسامح والاخوة، كفيلم " اصعد إلى الحافلة " سواء كان ذلك فى سيرة ذاتية )مالكولم إكس(، أو قصيدة )25 ساعة( أو فيلم إثارة فى أنقى تقاليد هوليوود )رجل داخلي(، يؤكد سبايك لى خبرته ليس فقط فى الأدب الخيالى ولكن أيضًا فى الفيلم الوثائقى )4 ليتل جيرلز، كاترينا، دا 5 دماء( وذلك الأخير يدور حول مجموعة من قدامى المحاربين فى الجيش الأمريكى العائدين إلى فيتنام. كرائد، مهد سبايك لى الطريق لجيل جديد من المخرجين الأمريكيين الأفارقة مثل ريان كوجلر )النمر الأسود(

جوردان بيل )Get Out(، وبارى جينكينز )ضوء القمر( وأفا دوفيرناى )سيلما(. وعرض للمخرج سبعة أفلام افتتاحية للمهرجان. وقال فى رسالة بالفيديو "سيكون لمهرجان كان مكان عميق فى قلبى دائما ".