«صواريخ» بيونج يانج تضع بايدن أمام أول اختبار خارجى

جو بايدن
جو بايدن

أثارت الاختبارات الصاروخية التى أجرتها كوريا الشمالية، الأسبوع الماضى، تساؤلات حول قدرة الإدارة الامريكية على التعامل مع بيونج يانج وإنهاء الصراع فى شبه الجزيرة الكورية، ومثلت الاختبارات التى تم إطلاقها فى بحر اليابان التحدى الأول الذى يواجهه الرئيس الأمريكى، جو بايدن، فى سياسته الخارجية، خاصة أنه لم يحدد بعد استراتيجيته تجاه التهديد النووى الكورى وسط استفزازات مستمرة من بيونج يانج.

ويرى المحللون أن الاختبارات تعد تحديًا مباشرًا للإدارة الأمريكية، كما أنها وضعت ضغوطا متجددة على بايدن لتطوير استراتيجية حاسمة لمواجهة التهديد النووى الكورى الذى أربك الإدارات الأمريكية السابقة على مدى عقود.. وكانت وزارة الدفاع الأمريكية حذرت، خلال الأسابيع الماضية، من أن معلومات استخباراتية تبين أن كوريا الشمالية قد تجرى تجارب صاروخية.

توشك إدارة بايدن على الانتهاء من مراجعة استراتيجيتها تجاه بيونج يانج، ومن المتوقع أن تتضمن هذه السياسة جوانب وأدوات جديدة لم تستخدمها الإدارات السابقة فى تعاملها فى الملف الكورى، ولعل هذا ما جاء على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية، نيد برايس، عندما أشار إلى إن إدارة بايدن تعمل على سن نهج جديد تجاه كوريا الشمالية.

وأوضح مسئولون أمريكيون أن الاستراتيجية الجديدة ستختلف كليا عن نهج الرئيس السابق دونالد ترامب، الذى اعتمد على مبدأ التقارب الشخصى مع الزعيم الكورى، كما ستختلف أيضا عن نهج الرئيس باراك أوباما، الذى اعتمد على الضغط من أجل تغير سلوك بيونج يانج.

وفشلت كلتا السياستين فى منع كوريا الشمالية من تطوير أنظمة أسلحتها، كما لم تغير من سلوكها شىء، ولعل المكسب الوحيد الذى تحقق من سياسة ترامب هو توقف بيونج يانج عن تفجير أى صاروخ نووى، أو إطلاق صواريخ بعيدة المدى منذ أن التقى ترامب بكيم فى سنغافورة فى عام 2018.

وبصرف النظر عما تتضمنه استراتيجة بايدن الجديدة، سيستمر الضغط على الإدارة الأمريكية حتى يتم استكمال مراجعة سياستها للحد من المخاطر فى شبه الجزيرة الكورية. ويتمثل التحدى الأكبر هنا فى كيفية حث دول المنطقة على التعاون للضغط على كوريا الشمالية لنزع السلاح النووى.. وهناك تسريبات تشير إلى أن المسئولين الأمريكيين أجروا بالفعل اتصالات مع كوريا الشمالية عبر عدة قنوات ابتداء من منتصف فبراير الماضى، لكنهم لم يتلقوا ردًا.

وهناك أيضًا مخاوف من أن قبضة كيم على السلطة أقل هشاشة مما توقعه بعض المحللين، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كان يمكن إجبار النظام ببساطة على التخلى عن أسلحته من خلال فرض العقوبات الاقتصادية، وهو تكتيك جربته كل إدارة أمريكية سابقة، وفشت، فعلى الرغم من العقوبات، تمكنت كوريا الشمالية من بناء اقتصاد قوى نسبيًا لنخبة بيونج يانج، على عكس الحرمان الذى عانى منه النظام فى أواخر التسعينيات بسبب العقوبات.

أدركت إدارة بايدن مبكرا أن ملف كوريا الشمالية سيكون التحدى الأقرب فى الظهور، خاصة أن استفزازات الأخيرة لم تتوقف. وزادت هذه المخاوف هذا الشهر عندما اكتشفت المخابرات الأمريكية أن كوريا الشمالية قد تستأنف اختباراتها النووية، كما أثارت صور الأقمار الصناعية لحالة النشاط فى مركز يونغبيون للأبحاث النووية فى كوريا، قلق المسئولين الأمريكيين.


من ناحية أخرى، تضغط كوريا الجنوبية من أجل استئناف مبكر للحوار بين الولايات المتحدة وجارتها الشمالية، ويخشى المسئولون الجنوبيون من أن تكرر إدارة بايدن مشاكل عام 2009 فى التعامل مع أزمة شبه الجزيرة الكورية التى كانت الولايات المتحدة بطيئة فى رد الفعل بشكل كبير.

وترفض كل من كوريا الجنوبية واليابان استئناف المحادثات السداسية مع بيونج يانج، وهى إطار متعدد الأطراف تم تطويره خلال إدارة جورج دبليو بوش، شمل الصين واليابان وكوريا الشمالية وروسيا وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة. ويرى المسئولون اليابانيون والكوريون أن التعامل مع كوريا الشمالية بشكل مباشر سيكون الشكل الأكثر إنتاجية، وهى نصيحة يبدو أن إدارة بايدن تضعها فى الاعتبار فى بلورة استراتيجة التعامل مع بيونج يانج.