«الملك مرنبتاح» لم يثبت أثريًا علاقته بفرعون موسى

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

فى إطار احتفالية مصر والعالم بنقل المومياوات الملكية من المتحف المصرى بالتحرير إلى متحف الحضارة بالفسطاط، أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية، أنه لا يوجد دليل أثرى واحد على اتهام أحد ملوك مصر بأنه فرعون نبى الله موسى وأشار إلى أن الدراسات المختلفة أجنبية وعربية وجهت اتهامات لعددًا من ملوك مصر بأنهم فراعنة نبى الله موسى وهم أحمس وتحتمس الأول وحتشبسوت وإخناتون وحور محب وسيتى الثانى ورمسيس الثانى ومرنبتاح وقد نفى فى ثلاث تقارير سابقة علاقة أحمس وتحتمس الأول وحتشبسوت وإخناتون وحور محب وسيتى الثانى ورمسيس الثانى بوجود بنو إسرائيل فى مصر .
ويشير الدكتور ريحان إلى أن اتهام مرنبتاح بأنه فرعون الخروج جاء للقراءة الخاطئة والمقصودة بالطبع للوحة أثرية عثر عليها الأثرى البريطانى فلندرز بترى مؤرخة بالعام الخامس من حكم مرنبتاح أى قبل وفاته بخمس سنوات، وجاءت اللوحة بمناسبة انتصار مرنبتاح على الليبيين الذين هاجموا غرب الدلتا وهددوا استقرار منف وعين شمس، وأشارت اللوحة إلى سحق شعوب كثيرة "سحق "يزريل" ولم يبق له نسل".
وقد ترجم معظم العلماء كلمة "يزريل" على أنها إسرائيل والترجمة الصحيحة "يسيراو" والمقصود بها مكان قبائا سبهل "جزريل" التى ذكرت فى التوراة تحت اسم "اسدرالون" وهو مرج بن عامر من الناحية الشرقية الشمالية عند جبل الكرميل ويمتد من حيف غربًا إلى غور وادى الأردن، كما أن ترجمتها بإسرائيل يخالف الحقائق التاريخية حيث تعنى وجود مملكة إسرائيل على أرض فلسطين فى بداية الأسرة التاسعة عشرة، ولو أن مملكة إسرائيل وجدت فى فلسطين قبل عصر مرنبتاح لذكرت فى نصوص عصر تحتمس الثالث الذى قام ب17 حملة فى بلاد الشرق، كما نجد أن نقوش الأسرة التاسعة عشرة مليئة بالحملات الحربية الذى قام بها ملوك هذه الأسرة ضد بدو سيناء، ولم تذكر هذه النقوش أية إشارة إلى مملكة إسرائيل ومنها نصوص سيتى الأول بالكرنك ونصوص رمسيس الثانى.
ويوضح أن هناك قراءات مختلفة لهذه الكلمة حيث ذكر الدكتور عبد الوهاب المسيرى ترجمة أخرى لهذا النص "يسرائيل شعب صغير لقد دمرته وانمحت ذريته فلا وجود له " ويقال أن كلمة يسرائيل هنا تشير إلى إحدى المدن أو القبائل الكنعانية وليست لها علاقة بالعبرانيين.
ويتابع الدكتور ريحان بأنه خص كاتب النص إسرائيل بعدم كتابة المخصص المعروف الذى يعبر عن البلاد الأجنبية وهو أمّا أن يكون علامة الأفق أو علامة العصا واكتفى كاتب النص بوضع مخصص الرجل والسيدة وأسفلهما ثلاث شرطات للدلالة على أن هؤلاء قوم لا يوجد لهم مكان جغرافى محدد وقد تواتر استخدام مخصص البلاد الأجنبية مع المدن الشامية خلال عصر الدولة الحديثة مثل مدن مجدو وقادش، وهذا ما دعا جون ويلسون إلى القول أن الإسرائيليين فى تلك الفترة لم يكن لهم موطنًا محددًا ولم يستقروا بعد فى مكان ما، وقد نفى كيتشن أن يتوافق اسم إسرائيل فى لوحة مرنبتاح مع اسم إسرائيل الذى ورد فى اللغة العبرية  
ويرى ألستروم أن إسرائيل التى وردت فى لوحة مرنبتاح تشير إلى منطقة جغرافية ويوضح الدكتور رمضان عبده الأستاذ بكلية الآداب- جامعة المنيا وصاحب مقالات وأبحاث معروفة فى هذا الموضوع منها ما نشر فى كتابه "تاريخ مصر القديم" أن ما جاء فى السطر 25 بلوحة مرنبتاح بخصوص قيامه بحملة تأديبية ضد بعض القبائل فى جنوب فلسطين يؤكد أنه لا علاقة بين هذه اللوحة وخروج بنى إسرائيل.
وينوه الدكتور ريحان إلى أن إسم إسرائيل لم يرد إلا فى مصادر التوراة فى منتصف القرن التاسع قبل الميلاد حين ذكر أن ميشع ملك مؤاب حارب إسرائيل، وأن لوحة مرنبتاح ترجع إلى القرن 13ق.م. أى بفارق أربعة قرون كما أن خروج بنى إسرائيل ارتبط باحداث معينة مثل غرق فرعون ونجاة بنى إسرائيل وهو ما لم يرد نهائيًا فى هذا النص.
وأشار الدكتور على رضوان رئيس الاتحاد العام للآثاريين العرب السابق أن إطلاق البعض على لوحة مرنبتاح لوحة إسرائيل هو نوع من التزيد لا محل له، فلم يكن هناك بلد اسمه إسرائيل أو دولة أو كيان او حتى موقع بل كانوا قبيلة صغيرة قضى عليها .
ويشير الدكتور عبد المنعم عبد الحليم سيد إلى أن سياق نصوص لوحة مرنبتاح يدل على أن مرنبتاح حارب إسرائيل فى فلسطين، أى لم يكن لهم أثر داخل مصر فى عهده، وهذا يعنى أنهم خرجوا قبل عهده.
ولفت الدكتور ريحان إلى أسباب عدم ذكر بنو إسرائيل فى النقوش المصرية القديمة رغم أن وجودهم وخروجهم من مصر واقع دينى من خلال القرآن الكريم والتوراة ، ويبرر ذلك بأنه كان من الأمور العادية أن لا تذكر النصوص المصرية القديمة أسماء الأعداء المناوئين لمصر خلال عصر الدولة الحديثة، فعلى سبيل المثال ما ورد فى حوليات حملة تحتمس الثالث على مدينة مجدو اكتفى النص بذكر ملك قادش دون ذكر اسمه، وفى لوحة عمدا التى شيدها الملك أمنحتب الثانى حيث ذكر وقائع النص وقائع الانتصار على قادة النوبة دون ذكر أسمائهم، ويبدو أن المصريين لم يعتادوا تسجيل أسماء الأعداء خلال عصر الأسرة الثامنة عشرة إلا فى حالة وقوعهم فى الأسروكذلك كان الحال فى عصر الرعامسة، وفى حوليات رمسيس الثانى التى نقشت على جدران الكثير من المعابد فى عصره ودونت بها تفاصيل المعارك التى خاضها ضد مملكة الميتان، فقد اكتفت النصوص بذكر قائد الميتان والعدو الخيتى دون ذكر الإسم، وفى لوحة مرنبتاح ذكرت الشعوب الأجنبية دون أسماء قادتها باستثناء اسم واحد فقط وهو الذى تم أسره وهو المدعو "مرى" .

اقرا ايضا|حملة ترويج كبرى لموكب المومياوات الملكية من التحرير إلى الفسطاط