عاجل

نجمات يكتبن تاريخًا جديدًا وينتظرن «الأوسكار»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

كتب: خالد محمود 

شهدت شاشة السينما العالمية خلال الفترة الأخيرة، مجموعة من الأدوار النسائية الملهمة التي قدمتها بعض الممثلات اللاتي استطعن أن يمنحن النجمات دروسا في الأداء، ليس فقط في قوة التمثيل، ولكن أيضا لتمكنهن من اختراق عمق الشخصيات التى يجسدونها، واختيارهن نماذج بشرية تلهب مشاعرنا وتجعلنا نغوص فى وجدانها.. منها ماهو قصص حقيقية وسير ذاتية، ومنها ما لعب الخيال السينمائي دورا مؤثرا فيها لنشاهد فى النهاية تحفا سينمائية ممتعة تروى قصصا وحكايات مركبة وهادفة تطيح بعنصرية المجتمع والسياسة والفن أيضا.

هؤلاء الممثلات ينتظرن التتويج بالأوسكار في أبريل القادم.. والجميع يستحق تلك الهدية بجدارة، لكن بالقطع واحدة منهن فقط ستحظى بالجائزة. 

فيولا‭ ‬ديفيس

‮«‬قاع‭ ‬مارينى‭ ‬الاسود‮»

من بين هؤلاء الممثلات خمسة أسماء تنافس بقوة على نيل جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة، فى مقدمتهن "فيولا ديفيس".

التى تنتظر الجائزة الكبرى الثانية فى مسيرتها الفنية هذا العام بفيلمها الجديد "Ma Raineys Black Bottom" أو "قاع ما رينى الأسود"، حيث تتصدر قوائم التوقعات والترشيحات، بأدائها المتميز فى الفيلم وإذا حدث ذلك ستكون أول ممثلة من أصول أفريقية تحصل على أربعة ترشيحات للأوسكار وتجمع بين جائزتى الأوسكار لأفضل ممثلة وأفضل ممثلة مساعدة التى حصلت عليها فى عام 2017 عن دورها فى فيلم اسوار "Fences" الذى أخرجه وشاركها فى بطولته النجم الأمريكى دينزل واشنطن.

فيولا ديفيس سجلت نفسها فى التاريخ أيضا كأفضل ممثلة من أصول أفريقية تحصد أهم جوائز الدراما التليفزيونية فى الولايات المتحدة بحصولها عام 2015 على أفضل ممثلة رئيسية فى مسلسل درامى عن دورها فى "How to Get Away with Murder".

فيلم " قاع مارينى الاسود " تدور احداثه فى يوم واحد فى شيكاغو عن مطربة بلوز سوداء حقيقية اشتهرت فى العشرينيات اسمها (ماريني) تجسدها فيولا ديفيس، أثناء تسجيلها لأحد أعمالها مع فرقتها فى عام 1927 بكل ما سينتج عن ذلك من صراعات وانعكاسات للعنصرية وقتها، فالفيلم يروى قصة الانقسامات العرقية فى الولايات المتحدة فى عشرينيات القرن الماضي، وكتبت قصته قبل نحو 40 عاما لكنه يخرج للنور فى توقيت يقول فيه الكثير عن عالم اليوم.

وهو مقتبس عن مسرحية لأوجست ويلسون تحمل ذات الاسم وجرى تصويره فى يونيو 2019 قبل اندلاع احتجاجات فى الشوارع بأنحاء الولايات المتحدة بسبب عمليات قتل مواطنين سود على أيدى الشرطة.

وقالت ديفيس عن الفيلم: "السبب فى أنه يلقى صدى واسعا اليوم يعود إلى أن العنصرية لم تنته بل تطورت".

وأضافت "لا يمكنك أن تنظر إلى 400 عام من العنصرية الممنهجة والسياسات والممارسات ولا تجد لها صدى اليوم فى التعليم وفى الطريقة التى تتحدد بها أجور النساء وأجور السود وقيمتنا فى عيون الآخرين".

خلال أدائها الذى نال استحسان النقاد تشير ديفيس أن هذا الإنجاز للسود كان يجب أن يتم منذ فترة طويلة.

وتقول لمجلة "فارايتي" الأميركية: "بالنسبة لي، هذا انعكاس لنقص الفرص وإمكانية الوصول إلى الفرص المتاحة للأشخاص الملونين" مضيفة "كونى أكثر ممثلة سوداء ترشيحًا فى التاريخ، فهذا دليل على النقص الهائل فى الأعمال الموجودة لفنانين ملونين".

وتقول ديفيس " اننى ممتنة بالتأكيد لأننى وصلت إلى هذا الإنجاز فى حياتى بعد كل شيء مررت به، لكننى لا أستطيع أن أعبر بما يكفى عن مدى أهمية أن نعيش حياة تتسم بالرؤية والهدف".

وتشرح قائلة: "العجز الهائل والتناقض الهائل الذى لا يزال موجودًا بالنسبة للفنانين الملونين، هو السبب فى عدم وجود مقعد لنا فى كثير من الأحيان على الطاولة، ليس لأننا لا نمتلك الموهبة، أو لا نعمل بجد، لكنه بسبب أننا لا نُمنح نفس الأدوات وكل ما نحتاجه للبدء على نفس المستوى مع الآخرين".

أندرا‭ ‬داى

«‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ضد‭ ‬بيلى‭ ‬هوليداى‮»

النجمة الثانية التى تنافس على الأوسكار بأدائها المتميز هى أندرا داى بفيلمها " The United States vs. Billie Holiday"، الولايات المتحدة ضد بيلى هوليداى، والتى حصدت به ايضا الجولدن جلوب واستطاعت ان تبهر الجميع، واتذكر قول أندرا داى فى كلمة عقب حصولها على جائزة أفضل ممثلة "أنا فى حضور عمالقة مع فيولا ديفيس وفرانسيس مكدورماند وفانيسا كيربى وكارى موليجان، لقد ألهمتنى كثيرًا شخصية ورحلة بيلى هوليداى المدهشة، الديناميكية، التى غيرتنى للتو بهذا الدور، وبوجودها وروحها".

قدمت أندرا داى أداء تمثيليا ملهما وهى تجسد ايقونة موسيقى الجاز بيلى هوليداى، التى يروى الفيلم سيرتها الذاتية استنادا إلى كتاب مطاردة الصرخة الأولى ويوم آخر من الحرب على المخدرات عن طريق يوهان هارى، من إخراج لى دانييلز، اندرا التى تظهر للمرة الاولى فى دور مغنية اسطورية وجدت نفسها فى مواجهة مكتب التحقيقات الفيدرالية بسبب رفضها التوقف عن اداء اغنية البلوز المؤثرة التى قدمتها للمرة الاولى عام 1939، وهى من الأغنيات التى تقدمها هوليداى بشكل دائم فى حفلاتها والقت الضوء على عمليات الإعدام الغير قانونية والقتل العنصرى التى لم يكن كثير من الأمريكيين البيض يلقون لها بالا فى السابق، وتتحدى هوليداى التهديدات وتنهار فى الخفاء تحت وطأة إدمانها الهيروين، ويعترف مخرج الفيلم دانليز " لقد صدمت مما كنت قادرا على صنعه كشخص محترف تماما، اعتقد انه عمل صنع فى حالة صحيان " شعرت اننى لن اوفى بيلى حقها الا اذا كنت صاحيا وصممت على سرد تلك القصة، وانا اجعل الممثلين لا يخشون شيئا يعلمون ان هذا الامر فى غاية الجدية، واندرا كانت كذلك.

" على الناس أن يفهموا أولاً أن هذا مرض وليس رذيلة"، هكذا قالت الأمريكية اندرا داى عن دور أيقونة موسيقى الجاز بيلى هوليداى التى أدمنت المخدرات.

فانيسا‭ ‬كيربى  

‮«‬بقايا‭ ‬امرأة‮»

النجمة الثالثة فى قائمة المبدعات المنافسات على الاوسكار هى فانيسا كيربى بفيلمها Pieces of aWoman، " بقايا امرأة " للمخرج كورنيل موندروشو،وقد اثنى نقاد العالم على اداء كيربى المذهل لامرأة تكافح للحفاظ على الزخم فى صورة مؤثرة للحزن

وأن أفضل ما يحمله الفيلم هو أداء فانيسا كيربي، وإحساسها باللحظات الدقيقة التى مرت على شخصية "مارثا"،وطريقة تعبيرها للحزن الشديد والنظرات المليئة بالرعب والتعاطف معاً، حيث جسدت الأمر كأن خيوط حياتها تتلاشى أمام أعينها، فكان أداؤها صدى شاعرياً لعنوان الفيلم. وكتبت الجارديان " انها تقدم تمثيلاً متميزاً فاق سقف التوقعات ولهذا فإن الفيلم مثير للإعجاب".

قال بيتر ديبروج، الذى يكتب لفارايتي، "هذا هو فيلم كيربى فى النهاية، تقدم أكثر أدائها على الشاشة إثارة للإعجاب حتى الآن، وليس فقط الاحساس الرائع لمشهد الولادة، ولكن الطريقة التى تتعامل بها مع عدم اليقين فى الشخصية لبقية الفيلم " وقال ديفيد روني، مراسل هوليوود ريبورتر إن "أولئك الذين يتمتعون بالقدرة على التمثيل القوى للتأثير المؤلم والآثار بعيدة المدى لموت فى الطريق سيكافأون بلحظات قوية ومؤثرة".

، بشكل عام أعجب النقاد بالتجربة السينمائية الكاملة لكل شيء، سواء كان ذلك فى تسلسل مروّع للولادة مدته 30 دقيقة أو لحظات أكثر هدوءاً فى باقى الأحداث المترقبة.

تسلط مثل هذه اللحظات العميقة الضوء على تعقيدات الأداء الرئيسي، وستؤثر على المشاهدين بطرق مختلفة اعتماداً على تجارب حياة الفرد، بصرف النظر عن الجانب العاطفي.

وفى الفيلم المأخوذة قصته من تجربة حقيقية حدثت لكاتبة الفيلم كاتا ويبر، تنتظر "مارثا فايس " التى تقوم بدورها فانيسا كيربى طفلها والتى قررت أن تنجبه فى المنزل بدلا من المستشفى، ما جعل مشهد الولادة الافتتاحى مهيبا، يعلق فى أذهان كل من يشاهده خاصة مع تصويرها فى لقطة واحدة منذ بداية الولادة حتى نهايتها المدمرة، وتقضى مارثا عاما كاملا فى محاولة التعامل مع هذا الموقف، بعد لوم زوجها شون ووالدها القاسية، كما تتعرض للتشهير والمحاكمة أمام القضاء، ولكن هذا الفيلم ليس فقط عن موت الاطفال بل عن تقبل الحزن والفقدان وسط لوم الجميع.

فرانسيس‭ ‬ماكدورماند

ساحرة‭ ‬‮«‬نو‭ ‬مادلاند‮»

النجمة الرابعة التى تنتظر التتويج بالأوسكار هى فرانسيس ماكدورماند بدورها المدهش فى التحفة السينمائية "ارض الرحل" او "نوماد لاند"، للمخرجة كلوى تشاو، والتى جسدت فيه شخصية أرملة محطمة تبلغ 63 عاما تقوم بجمع متعلقاتها فى سيارتها الفان والذهاب لجولة فى الغرب الامريكى بعد الانهيار الاقتصادى عام 2008، وتحول سيارتها إلى منزل صغير متنقل وتعمل بوظائف موسمية على امتداد الرحلة، حيث تعكس دراما تصور حياة الترحال داخل مقطورة على هامش المجتمع الأمريكي.

وقال بيتر برادشو من صحيفة الجارديان " إن أداء ماكدورماند الهادئ فى الفيلم قد يكون الافضل فى حياتها المهنية".

بل واقول ان أداءها فى هذا الفيلم أظهر بعدًا جديدًا فى موهبتها، وقد اعتبر الفيلم بمثابة قصة رمزية خفية عن تراجع الولايات المتحدة، حيث تمسك ابطالها المتواضعون بالخيوط الاخيرة من الحلم الامريكى.

ماكدورماند الحاصلة على الأوسكار مرتين منها فيلم "فارجو" قالت "هذا شئ آخر جميل عن التقدم فى العمر∪،واتذكر كلماتها عقب فوزها السابق حينما دعت النجمات المرشحات للوقوف "انظرن حولكن لأن لدينا الكثير من القصص نود أن نرويها ومشاريع نحتاج أن تمول، دعونا إلى مكاتبكم خلال أيام وسوف نخبركم بتلك القصص، ولابد وأن يضع وكيل أعمال الفنان مبدأ المساواة بين الجنسين فيما يتعلق بالأجر والمساواة العرقية".

كارى‭ ‬موليجان 

‮«‬امرأة‭ ‬شابة‭ ‬واعدة‮»

النجمة الخامسة التى منحت الجميع درسا فى الأداء وتتنافس على جائزة أفضل ممثلة هذا العام هى كارى موليجان عن فيلم Promising Young Woman"امرأة شابة واعدة " للمخرجة اميرلاند فينيل، التى تجسد فيه دور "كاسندرا توماس "امرأة تسعى للانتقام من اغتصاب صديقتها المقربة عبر إغواء الرجال ثم فضحهم،وذلك بعد تعرضها لصدمة كبيرة أو حادث مأساوى فى الماضي.

كاساندرا الشخصية الرئيسية التى يتمحور حولها الفيلم، كانت طالبة متفوقة فى كلية الطب. ينتظرها مستقبل واعد. لكنها أصيبت بأزمة نفسية بعد وفاة صديقتها المقربة وزميلة دراستها نينا فيشر بعد تعرضها للاغتصاب من طالب فى الكلية وهى ثملة دون إدانة لمغتصبها. فتحتج كاساندرا على تلك الجريمة بترك الدراسة بالكلية.

لكن الأثر النفسى عليها من الحادث امتد ليجعلها تسلك سلوكيات غريبة أقرب للفصام: بالنهار تعمل بمقهى، وفى الليل تجوب الشوارع وأماكن السهر متظاهرة بالانفلات والثمالة لتترك الرجال يقتادونها واضعة الفرصة أمامهم باستغلالها جنسيًا، ومن ثم تفاجئهم بالخدعة تواجههم بحقيقة أنهم مغتصبون منتهكون لعرض امرأة ليست فى وعيها لتقبل بالجنس أو ترفضه.وبذلك تصب غضبها على المجتمع المتصالح مع ثقافة الاغتصاب بصفة عامة، وتنتقم من ذكور بعينهم دمروا حياتها وأنهوا حياة صديقة عمرها.

اختيار الممثلة كارى موليجان لأداء دور كاساندرا اختيار موفق يتماشى مع تركيبة شخصية أصولها رقيقة ملائكية لكن الظروف حولتها للأنثى الخطرة

كارى موليجان انصهرت ببراعة لهذه التركيبة المتناقضة، قدمت أداءً نسائيًا يصنف بين الأفضل فى سينما 2020، وهى إحدى الأسباب الرئيسية فى نجاح الفيلم بإيصال رسائله ومشاعره، ولن يكون غريبًا أن تحظى بترشيح جائزة الاوسكار.

وسوف ننتظر من ستفوز بالاوسكار يوم 25 أبريل القادم.

 أندرا داى

 

 

فرانسيس ماكدورماند 

 كارى موليجان 

 

‬