ضحيت بالأمومة من أجل «الرشاقة»!

أوراق من حياة «نجمة مصر» .. نبيلة عبيد «4»:

 نبيلة عبيد
نبيلة عبيد

عصام عطية

نبيلة عبيد.. الإنسانة والحالة الفنية الجميلة فى عالمنا السينمائى، صنعت تاريخها السينمائى بحرفية شديدة، مشوار ممتد لأكثر من نصف قرن، لكن لا أحد يعرف أن بلبلة السينما عاشت قصة حب خارج الوسط الفنى، وخرجت منها بخسائر، لم تفكر فى الارتباط بالفنانين لأسباب تبوح بها فى هذه الحلقة..

< سألناها عن حكايات المعجبين ومجنون نبيلة عبيد؟
ـ ردت بضحكة أفلامها فى الراقصة والسياسى، الدنيا كلها كانت معجبة بي، أتذكر عندما كنت ساكنة فى المهندسين، كان هناك مجنون نبيلة، ولم أكن أعرف كيف أتصرف مع هذا المجنون، كان يقف أمام سيارتى، فكنت أسير بالسيارة بسرعة شديدة، وعندما أنظر من شرفتى أراه يقف عند عمود النور، فأضطر أن أمكث فى بيتى ولا أنزل، كنت مرعوبة، أخذت فترة لا أنزل الشارع بسبب وقوفه المتكرر أمام العمارة التى أسكن بها.
< كان المعجبون فى العقود الماضية يرسلون خطابات للنجوم فما أغرب خطاب وصلك؟
ـ وصلتنى خطابات المعجبين من كل الدنيا، هناك معجبون كانوا يطلبون الزواج، ويقول إنه أحبنى عند مشاهدة أفلامى، كانوا معجبين محترمين يعرفوننى بأنفسهم، وفى نهاية الخطاب يطلبون الزواج منى، أنا كنت عاملة صندوق أحتفظ فيه بخطابات المعجبين، بس خلاص راح.
وفوجئت ببلبلة السينما وهى تحدثنى تبكى بحرقة شديدة، وتقول: "الأيام الحلوة راحت حتى الفنانين كلهم راحوا، كنت خايفة على يوسف شعبان وعزت العلايلى وشويكار، مبقاش فيه فنانين خلاص".
< هل معجبو زمان غير معجبى الآن؟
ـ ليس لديَّ أفلام الآن، لكن السوشيال ميديا تتكلم عن تاريخ أفلامى كله، وكل التعليقات التى تصلنى جميلة، كل السوشيال ميديا تتكلم جيداً عن أفلامى، يكفينى فخراً أننى عشت حتى أسمع هذا الآن، حتى لو كنت ضحيت بحاجات كبيرة.
< ماذا تفعلين الآن؟
ـ أعيش الآن على المزيكا الحلوة أسمع أم كلثوم، وفايزة أحمد، وعبد الحليم حافظ، طوال النهار شغال فى البيت عبد الحليم حافظ، الأغانى الحلوة هى التى تجعلنى أعيش الوقت الحلو، إحنا عشنا وقت حلو لن يتكرر.
< نفهم من كلامك أنك لا تستمعين لموسيقى الشباب الجدد؟
ـ لا بالعكس فهناك مطربون مثل عمرو دياب، وتامر حسنى وأنغام، ولطيفة، ومحمد منير، وشيرين عبد الوهاب، "كل وقت وله أدان"، لكن عندما أسمع عبد الحليم وأم كلثوم هؤلاء النجوم كنا نعيش معهم، وكانوا يأتون البيوت عندنا فى سهراتنا الخاصة، عايشين معانا واحنا عايشين معاهم.
وأتذكر كلمه قالها لى أنيس منصور عندما توفيت أم كلثوم هى ماتت بالنسبة لأهلها وعائلتها، أما بالنسبة لجمهورها هى عايشة نفتح الراديو ونسمعها كأنها عايشة لسة معانا.
أم كلثوم تعيش معى الآن لأنى أسمع "أغداً ألقاك"، أكون فى غرفتى والراديو شغال على صوتها لم أفكر أنها ماتت، ولم أقل إنها ماتت أسمعها الآن، وأدخل غرفة نومى أجد فايزة أحمد ومحمد سلطان، وردة وبليغ حمدى، عبد الحليم، من كثرة متابعتى للأغانى سامعة الأكورديون لفاروق سلامة، بعد شوية هيطلع هانى مهنا، بعد شوية يدخل عمر خورشيد،  بقينا حافظين الحاجات ده، لأن الفن فى الدم، ولو مزيكا حلوة أقوم أرقص عليها لأنه ده اللى جوايا أنا كفنانة، من أول ما فتحت عنيه على المزيكا.
أنا كان لى الحظ أن أحضر حفلة لأم كلثوم، كنت وقتها متزوجة من عاطف سالم، وفاجأنى وحصل على تذاكر لحفلة أم كلثوم الشهرية، سمعت فيها أم كلثوم أنا سعيدة جدا بالذكرى ده لأنى حضرت لأم كلثوم حفلة فى سينما قصر النيل، وكنت فى بداياتى الفنية كنت لسة عاملة رابعة العدوية، المماليك.
كنت أعرف أن أم كلثوم كانت بتعمل حفلة كل أول شهر، الناس فى البيوت قاعدة مستعدة تسهر مع أم كلثوم، أنا اتعلمت كده أسمع من أمى الراديو طوال النهار، من بداية زواجى من عاطف سالم، كانت سهرة أم كلثوم نسهرها فى البيت، ويهيئ الجو لذلك وبشاهدها فى التليفزيون، فتحت عنيه وأذنى على الموسيقى الحلوة الصوت الحلو الألحان الجميلة، أغانى عبد الحليم أستطيع أنا مستعدة أقول لك إنه ده لحن الموجى هذا الطويل لا هذا بليغ  أو لحن عبد الواهاب، مجرد سماعى للموسيقى.
< هل أغنيتك المفضلة هى أغداً ألقاك؟
ـ نعم هى الأغنية المفضلة ولها ذكريات جميلة معى.
< هل أنت رومانسية؟
ـ نعم رومانسية بطبعى، لكن الآن اختلف الوقت باختلاف متطلبات الحياة، احنا كان وقتنا التضحية فى سبيل الفن، أنا بضحى بحياتى علشان الفن، بضحى بوقتى بضحى إنى أرتبط ولا فيه بيت أو أولاد عايزه كله للفن، عايزه عطائى كله للفن.
< نعلم أنك ضحيت بأمومتك من أجل السينما فهل قدمت تضحيات أخرى؟
ـ مفيش تضحية أكتر من الأمومة، الآن الكل بيجرى ويسعى علشان الأمومة، أنا كان كل تفكيرى كيف يبقى جسدى رشيقا جميلا، كيف أحافظ على شكلى، كل حاجة عملتها كانت فى سبيل الفن.
< تعنين من كلامك أنك رفضت الأمومة لكى يبقى جسدك جميلا؟
ـ مقدرش أقول رفضتها، لان كلمة رفضتها صعبة جداً، ولكن أستطيع أن أقول إن كل تركيزى كان على الفن، من فيلم لفيلم، مكنتش عايزة أعطل نفسى أبدا ولا أقعد فى البيت.
< خلال مشوارك الفنى كم عريسا تقدم للزواج منك؟
ــ كتيير...
< ألم يتقدم فنان من جيلك للزواج منك؟
ـ لا لم يجرؤ فنان على التقدم للزواج منى، لأنى كان كل تركيزى فى العمل وعمرى مادخلت وأنا بشتغل فى علاقة مع زميل، أنا علاقتى كانت بالكاميرا والفيلم والموضوع حاجة تانى لا.
< ولكن دائما ارتبط النجوم بنجمات السينما؟
ـ هؤلاء كان يوجد تبادل حب بينهم، أنا لم يستحوذ هذا التفكير على عقلى نهائيا، ولم أعط الفرصة لأى فنان من الأول للتفكير فى هذا الشعور، هم يعرفون أن نبيلة دخلت علشان تشتغل، لا أعطى فرصة لأى حاجة تانية نهائياً.
< تعنين أنك كنت جبروت لدرجة ألا يقترب فنان من نبيلة عبيد؟
ـ لا متفهمنيش غلط، كنا نتحدث فى الشغل وكانوا يأتون إلى منزلى للعشاء وأخرج معهم، لكن أنا كنت معروفة فى الوسط أن تركيزى فى العمل فقط.
< هل كنت تخافين الاقتراب من نجوم الوسط الفنى؟
ـ بحترم الشغل وأحترم العمل ولا أريد خلط هذا بهذا، يمكن أنا الوحيدة التى تفكيرها كان هكذا، هو ليس خوفاً مش عايزة أخلط، الشغل حاجة وعلاقتى كانت خارج الفن، كان فى ذهنى حاجة تانية شغل يعنى شغل.
< هل كان زملاؤك يرون أنك متعالية عليهم فى موضوع الحب؟
ـ لا، يقولون هى مركزة فى الشغل، كل المخرجين كانوا أصدقاء لى يعنى أقول لعلى عبد الخالق يا بابى، ومن أعز أصدقائى، وباقى المخرجين كلهم والكتَّاب كانت هناك صداقة بيننا، أما الفنانون كنت من البداية أضع علامة أنه لا يصح.
< كم طلب زواج تلقته نبيلة خلال مشوارها الفنى؟
ـ كثيرون تقدموا طبعا، ولكن المشكلة هى هتقعدى فى البيت وأعتذر لهم وأقول لا، حتى لو وافق على شروطى، بعد الزواج هيتقلب شخص تانى وكنت أتوقع بعد الزواج أن يمنعنى طيب إنتى لابسه كده ليه، فكنت أرفض من البداية.
< هل حقيقى تزوجت خمس مرات؟
ـ هذه شائعات أيضاً أنا تزوجت ثلاث مرات فقط، كان أول زواج واستمر أربع سنوات وانفصلنا لانه كان يريد أن أجلس فى البيت وأبطل شغل، أما ثانى زواج كان من المخرج أشرف فهمى أثناء تصوير فيلم "ولا يزال التحقيق مستمرا"، 1979، وانفصلت عقب انتهاء الفيلم.
أنا حبيت من خارج الوسط الفنى ومش عايزة أتكلم فى هذا الموضوع، فأنا ارتبطت به وتزوجته، واتعرفت قصة زواجنا بين الناس، ممكن أكون لقيت الحب خارج الوسط الفنى، بس مش حبه أجيب سيرته خالص فى هذه الأوقات، لكن قصة الحب هذه خرجت منها بخسائر ولا أريد الحديث عنها، ارتبطت واتعرفت قصتى برجل السياسة، لكن انتهت نهاية أنا تعبت فيها، وطالما أنا تعبت منها مش عايزة أفتكرها، هذا غير حب المراهقة أيوة كان هناك حب لكن الظروف لم تسمح، هو طريقه اختلف وأنا طريقى اختلف، هو تزوج أنا لم أتزوج، أما يقولوا الزواج الثالث والرابع هى إشاعات هم يقولوا اللى عايزين يقولوه.
< أسوأ شائعة فى مشوارك الفنى؟
ـ كل أسبوعين بيطلعوا شائعات، أنا اتعودت، واتعلمت ألا أرد على هذه الشائعات، لكن أصعب الشائعات هى قراءة الفنان خبر وفاته وهو حي، وأنا شاهدت خبر وفاتى وأنا عايشة.
< دور والدتك فى حياتك؟
ـ ماما زعلانة منى لأننى لم أحقق أمنيتها، لأن الأمنية التى كان نفسها فيها أن أتزوج وأنجب، حتى الآن أقول أنا لم أحقق أمنية أمى، كان هناك خلافات بيننا بسبب هذا الموضوع، نفسها أكون زوجة وأم، أنا لما باقعد مع نفسى واسرح أقول أنا ماحققتش لماما الأمنية بتاعتها، رغبتها فى التحقيق، لم يكن فى استطاعتى مش قادرة أعملها.
< ألم تندمى على تلك التضحيات؟
ـ ندمانة لأنى معرفتش أعمل لماما حاجة تبسطها وتسعدها، كان نفسى أحقق أمنيتها بس معرفتش، مقدرتش بمعنى أصح لأن السينما كانت مسيطرة عليا، من أول ما فتحت عنيا على الدنيا مفيش حاجة كنت بفكر فيها فى حياتى إلا أن أقضيها فى السينمات، ده غير اليوم الذى تعطف علينا أمى فيه وتاخدنا سينما صيفى، كل يوم أول مشوار أعمله أو عندما أعود من المدرسة أقفز فى السينما اللى جنبا أشوف حتى مشهد واحد وأرجع تانى ولم أكن أقول لها إننى أفعل ذلك، كانت بالخرزانة تجرى ورايا اتأخرتى ليه.
< وبماذا تشعرين الآن؟
ـ وحدتى من غير أمى، مفيش أغلى من الأم فى الدنيا كانت ماليا عليَّ الحياة، كانت تسافر معى كل مكان، كنت أصحى على صوتها، وعندما رحلت شعرت بالوحدة، والوحدة الشديدة جداً من غير أمى لأن الأم لن تعوض، واحدة زى أمى أنا علاقتى بها كنا أصحاب، كانت أمنيتها أن ترى أطفالى، ولكن كان عندى عقيدة أننى خائفة على جسدى وحتى هذه اللحظات أخاف عليه، وحتى الآن محافظة على جسدى وقوامى على نفسى على لبسى على شكلى حاسة بروحى على طول أننى نجمة، ومطلوب المحافظة عليه.
< أغلى هدية تلقتها نبيلة للزواج فى وقتها فيلا مثلا؟
ـ فيلا ده إيه كانت بتتعرض حاجات أكبر من الفيلا، وماما كانت هتجنن ولكن أنا بالنسية لى لم أشعر بهذا العرض وحاسة به وبعد كده يقولى بطلى تشتغلى وأنا مش هقدر أبطل.
< ما سبب كرهك للبحر؟
ـ لا أحب البحر، وأنا طفلة كانت هاغرق، لذلك أخاف من البحر، أخاف من غدر البحر لأن الحادثة مازالت فى ذاكرتى.