محمود بائع الخضار: «سأعيش في جلباب أبي»

 محمود الشاب الذى ينادى على بضاعة والده
محمود الشاب الذى ينادى على بضاعة والده

كتب : عمر يوسف

البعض يهرب من عباءة والده ويتنصل من مهنته التى كانت سببا فى نضج لحم أكتافه، إلا أن البعض الآخر وجد الدفء داخل جلباب والده وفى عمله شرف كبير وتاريخ ينقله لأبنائه.. هذه الكلمات جزء من مشهد يومى يراه المترددون على سوق الخضار بالمنشاة محافظة سوهاج.. حيث أب على مشارف الستين من عمره تنطق ملامح وجهه بالكثير من أعباء الزمن وحكايات رُسمت بحرفية فى تجاعيده، يبسط أمامه الخضرة والنعناع الجاف الذى يخطف أنوف وعقول كل من يمرون عليه.

وبجواره يجلس ابنه محمود الشاب الذى ينادى على بضاعة والده ويتعامل مع الزبائن والبسمة تشكل ملامح وجهه إلى أن كون ألفة كبيرة بينه وبين الزبائن.. وكلما نجح فى بيع كمية كبيرة أو كسب زبون جديد ينظر إلى والده العم أشرف لينال نظرة رضا كمكافأة كبيرة على إتقانه عمله ورواج تجارة والده الذى بذل كل عمره فى العمل بها وكانت سببا فى زواجه هو وإخوته بالكامل دون أن يبدى الأب أية شكوى أو تذمر.

كان محمود منذ صغره يهرب من المدرسة ليساعد والده فى السوق ويحمل عنه كل ما هو ثقيل حتى عندما انتهى من دراسة الدبلوم قرر العمل بصحبة والده إلا أن الأب كان يرغب الأفضل لابنه وتحقيق ما لم ينجح هو فى الوصول إليه لذلك كان يحثه طوال الوقت على البحث عن وظيفة تليق به وبأسرته الصغيرة حتى لا يذوق من كأس الشقاء الذى لم يتذوق الأب سواه طوال عمره.. أخذ الابن بنصيحة والده وعمل فى أكثر من مصنع إلا أنه كان سريعا ما يحدث مشكلة وينفصل إلى أن قرر أن يعود إلى رحاب والده وفرشته التى لا يعرف سواها وزبائنه الذين يعرفهم أكثر من جيرانه وأقاربه.