الأسرة على كرسى الاعتراف...

«رفقاً بالمطلقات».. لماذا ترفضون زواج أبنائكم من المنفصلات؟

صورة موضوعية
صورة موضوعية

كتب : همسة هشام و ميادة عمر

 

الشباب يصرون : لسنا ضد المطلقة.. لكن ليه نتجوز واحدة ليها تجـــــــــــــــــارب سابقة وفشلت؟

والحموات تختلف:

هناء: «تبعد عن ابنى أفضل طبعاً وتشوف حد يناسبها اجتماعياً»

عزة: «أيوة أنا متزوجة من مطلق ومش هعترض لو ابنى اختار مطلقة»

 

«بقى ليها عين تتجوز تانى.. ما تشوفلها واحد شبه ظروفها».. تعد هذه واحدة من عشرات الجمل الأليمة التى تتعرض لها المطلقة بشكل متكرر داخل المجتمع، فدائمًا ما تواجه الانتقادات اللاذعة، لمجرد أن تجربة الزواج لم تكتمل، ليصبح الطلاق جريمة تعاقب عليها وحدها دون ذنب، فيرفض الشاب الأعزب الزواج منها وكأنها بمثابة سلعة مستخدمة من قبل ولا تصلح مرة أخرى.


ومن هنا قررنا فى ملحق «ألف عيلة وعيلة» مواجهة المجتمع بتلك القضية الشائكة فى محاولة لتغير نظرة المجتمع للمرأة المطلقة ورفع الظلم عنها.. وطرحنا السؤال الاجرئ لماذا مازالت الأسرة المصرية تعترض على زواج الشاب الأعزب من مطلقة ؟ !!

 

فى بداية حديثنا توجهنا لصاحبات القضية اللاتى مررن بتجارب زواج انتهت بالانفصال، عاشت ميادة أشرف أياما ليست بهينة «عشت معاه على المر بس مكنش فى حلو» لم يدوم الزواج كثيرا، كانت الأهانة والضرب هى عنوان الأيام التى جمعت ميادة بطليقها محمود، ازدادت الأمور تعقيدا وسوءا بينهم وصلت لحد سرقة أموالها الخاصة.


أنجبت ريم بعد أن حملت أكثر من مرة، انتهى الأمر بالخيانة وأقامت طليقها لعلاقات غير شرعية مع آخريات «كان لازم أحط حد للمهزلة».
تتابع ميادة فى حزن شديد، كلام الناس ليس بهين بين التلميحات السخيفة والوقاحة، ابتسمت ميادة بحسرة «حلفت ما فيها جواز.. عشت قصة حب.. وخلفت.. كفاية على كده» تتضحك على نفسها، «واتطلقت». 


رفضت ميادة على الزواج من زميلها الأعزب بسبب معارضة أهله بشدة على زواجه منها، بل وهددوا أن يتم حرمانه من الميراث، والفضيحة فى عمله.
أما أميرة غنيم فانتهت قصة زواجها بشكل أشبه بالأفلام القديمة، واضطر والدها وأخوها لحبسها خوفا من نظرات الناس ومن تعرض طليقها لها.
وأوضحت أميرة قائلة : «أنا صعب أتجوز تاني.. ومين هيقبل بيا أصلا بعد اللى حصل... خلاص أنا اتحكم عليا أشيل ذنب قرارغلط خدته طول عمرى، وولادى حاليا هما نور عيونى وهما اللى هعرف أواجه الناس بيهم من حواليا».


معاناة أميرة دامت ست سنوات وكانت قصة حبها مثل التى تعرض فى الأفلام، هى من عائلة مرموقة من أشهر عائلات الدقهلية، وهو سائق ميكروباص قابلته فى طريقها اليومى للجامعة، وبعدها تعارفهما شعرت أنه المطلوب، فهو رجل محترم وظروفه لن تكون الحائل بينها، وأضافت: «عمل لى غسيل مخ لحد ما أقنعت أهلى».


إلا أن أميرة بعد الزواج لم يواجهها إلا «الضرب بالحزام»، ومع ذلك تحملت وأنجبت طفلين، ومع زيادة الخلافات اضطرت «بنت الحسب» أن تنزل لتعمل على «فرشة الخضار» مع والدة زوجها، لتوفير أتعاب محامٍ لزوجها الذى تورط فى مشاكل وتم حبسه، لكن سرعان ما فاض بها الكيل وطلبت الطلاق، لتنتهى قصة كانت أشبه بالكابوس، وتبدأ أميرة معاناتها مع نظرات المجتمع النارية.


بنت بنوت
كانت وجهتنا الثانية للشباب الأعزب، فهو صاحب البطولة فى ترسيخ فكرة «أن المطلقة استعمال ثاني»، وبالفعل صدمنا أسامة الحلواني،عند الحديث معه، ليصف مشهدا حضره على أحد «المقاهي» حيث دار حديث بين مجموعة من الرجال عن سيدة معينة تم طلاقها مؤخرًا، ومحاوله أحدهم إقامة علاقة غير شرعية على أساس انها «ست مطلقة وفاضية» و«مفيش حد يحكم عليها»، فهذه ببساطة نظرة العديد من الرجال للمطلقات.


أما أسامة نفسه فهو أيضا يفضل الزواج من فتاة عزباء «بنت بنوت» على حد وصفه، للتناسب مع تفكيره، وأسلوبه، وتشابه الظروف الاجتماعية فى وداع العزوبية والبدء معًا حياة جديدة فى عش الزوجية.


لم يختلف رأى إسلام فهمي، فهو يرى أن ارتباطه بفتاة لم تتزوج من قبل حق مكتسب كونه رجلا أعزب لم يخض تجربة الزواج من قبل، ويجد إسلام ان زواجه من مطلقة مثيل لزواجه بمن هى أكبر منه فى السن، موضحا أن العائلة عادة ما ترفض تزويج ابنهم بمطلقة من منطلق : «انها هى اللى كانت غلطانه.. وأكيد وحشه فى معاشرتها».


 لكن أحمد عبد الرحمن استغرب بشدة مبدأ المجتمع الثابت حول المطلقة فى أنها عار، ولكن تعاطفه هذا لم يمنعه من رفضه هو الآخر من الزواج منها، فيدور فى نفسه صراع ما بين أنها إنسانة مظلومة بالفعل ومن حقها الحصول على فرصة ثانية، وما بين التقاليد والعادات التى تربى عليها والتى ترفض الارتباط بمطلقة.


الحموات
لم يكن الرفض وحده من قبل الشباب بل جاء أيضا من الحموات، فصدمت السيدة هناء عندما طلب منها ابنها الكبير أن يتزوج من زميلته فى الشغل «المطلقة» وبعد مجادلات كثيرة مع الابن وافقت، وعلى الرغم من تعاطفها والموافقة فى النهاية إلا أنها قالت ضاحكة : « بس كانت تبقى بعيدة عن ابنى احسن».
على جانب آخر استعدتنا السيدة علا على بحديثها فقالت « طبعا أقف جنب المطلقة وأساعدها.. يمكن أكون طوق النجاة ليها من المجمتع دا»، موضحة أنها لن ترفض زواج ابنها بمطلقة ففى رأيها أن المطلقة خاضت تجربة وتابعت بشئ من الغضب والحزن: «فين القضية.. فين الفضيحة» كل سيدة لم يحالفها الحظ، وجُرمت فى عيون المجتمع فى طلبها لحقها الشرعي.
أما السيدة عزة ففاجأتنا أنها من الأساس متزوجة من رجل مطلق، وكان كل همها أن يكون حسن العِشرة والكلمة الطيبة،ولم تهتم لكونه مطلقا وأبا لطفل، لذلك هى لا تمانع إذا جاء ابنها وطلب أن يتزوج من مطلقة.

 

د. أحمد كريمة: بكراً أو مطلقة المرأة لها كامل الاحترام.. والانفصال قضاء وقدر

د.أحمد كريمة

 يوضح د.أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن هناك فرقا بين العرف السائد، وبين النصوص والمقاصد الشرعية من الطلاق، فالنظرة المتوازنة للمطلقة أنها إنسانة آدمية لها كامل الاحترام، والطلاق أمر بغيض بلسان الشرع، فى قوله تعالى (كان أمر الله مقدورا) ففى صدر الإسلام فإن المرأة المسلمة سواء أكانت بكرًا ام متزوجة ام مطلقة لها كل الاحترام والتقدير.. ووصف كريمة الفلكلور الشعبى الذى ينظر للمطلقة على أنها مستباحة العِرض بوصف «المتخلف» فالطلاق فى النهاية قضاء وقدر ونصيب.

 

أروى جودة للشباب: كفاية ظلم للمطلقة.. والأخلاق أهم من اللقب

أروي جوده

دافعت الفنانة أروى جودة عن كل مطلقة و كان لها رأياً حاسمًا فى هذا الأمر فقالت لألف عيلة وعيلة: «لابد من إلتماس العذر لكل سيدة إنفصلت تحت ظروف خارجة عن إرادتها فلا يوجد فتاة تريد خراب بيتها وتشتت أبنائها بينهما، فالجميع يريد حياة مستقرة بدون قلق وتوتر واضطهاد من الأخرين».
ووجهت «جودة» رسالة لكل شاب أعذب قائلة: «قد تتزوج من عزباء وتنصدم فى سلوكها.. كفاية ظلم للمطلقة والأخلاق أهم من اللقب»، ونصحت كل أسرة بأن تمنح نفسها الفرصة الكافية للتعرف على شريكة حياة ابنهم جيدًا قبل أن يتهمونها بالباطل لمجرد كونها مطلقة.. وتابعت: «أتمنى لكل سيدة مطلقة ان تتمتع بأبسط حقوقها وهو أن تعيش فى جو أسرى ملئ بالألفة والحب و هناك فئة بمجتمعنا بدأت بالفعل تغيير نظرتها للمطلقة ولكن نتمنى ان تعم هذه النظرة لتشمل المجتمع كله وان يصبح المجتمع اكثر نضجًا وأن يتفهم تلك الامور بصورة عقلانية ولا يأخذ الأشياء من الظاهر دون النظر للمضمون والجوهر، وألا نتسرع فى الحكم على اى انسانة سواء مطلقة او لأ».