وحى القلم

مصر والسودان قلب واحد

صالح الصالحى
صالح الصالحى

ليست قضية السد الإثيوبى هى المرة الوحيدة التى تتوحد فيها مصر مع شقيقتها السودان.. فالبلدان قلب واحد ينبض بالعروبة الأفريقية، لا ينفصلان أبدا .. علاقات الأخوة والمصاهرة ممتدة عبر آلاف السنين.. باختصار مصر والسودان أخوة ممتدة عبر الزمن.. ومصير مشترك وحوار دائم.. وحينما يشتد الخطر على البلدين فلابد أن يضع الأشقاء أيديهما فى أيدى بعض لمواجهة التحديات والوقوف أمام أى خطر يهدد مصير الشعبين الشقيقين.. وعندما يصل الخطر لتهديد حياة البلدين.. لابد أن تكون هناك وقفة واحدة، فكر واحد ورؤية واحدة للتغلب على هذا الخطر.
لقد حبانا الله بقيادة سياسية حكيمة واعية تتسم برؤية مستقبلية متفردة.. تتخذ من التعاون أسلوبا وشعارا فى جميع علاقات مصر الخارجية ينبع ذلك من منطلق أننا أصحاب قضية عادلة سواء كانت هذه القضية تمس الصالح الوطنى أو حتى تمس دولة أخري.. فمصر لن تكون أبدا دولة معتدية.. ولكنها فى نفس الوقت قادرة على حماية حقوقها.. تبعث بالرسائل الكفيلة بحسم الأمور قبل انفجارها.
ومن هنا كانت لزيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للسودان أهميتها.. حيث حظيت باهتمام بالغ من المراقبين والسياسيين باعتبارها الزيارة الأولى بعد سقوط نظام عمر البشير.. كما أنها تأتى فى ظل فشل مفاوضات السد الإثيوبى وتوقفها تماما.
وعلى الرغم من انكشاف الموقف الإثيوبى المراوغ والمتعنت الذى عمدت فيه اثيوبيا لفرض الأمر الواقع واهمة بأنها بذلك ستهيمن على المنطقة، وكأنها قوة عظمى لا رادع لها!!.. إلا أن مصر لازالت تمد يدها لاستئناف المفاوضات بشكل جدى يحفظ حقوق الدول الثلاث مصر والسودان واثيوبيا.. والتمسك بتوقيع اتفاق ملزم يرضى جميع الأطراف قبل الملء الثانى للسد فى يوليو القادم.
زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للسودان تهدف إلى توحيد المواقف ليس فى قضية السد الإثيوبى فقط وإنما فى العديد من القضايا الإقليمية نظرا للأهمية الاستراتيجية للسودان. وكذلك الارتباط الوثيق والحوار الدائم حول أمن البحر الأحمر.. فهذه الزيارة تأتى أيضا فى إطار دعم استقرار السودان والتنسيق المستمر سياسيا واقتصاديا واستراتيجيا.
أعود إلى قضية السد الإثيوبى باعتبارها الأبرز فى المشهد.. وبعد هذا التطور والتوافق على رؤية واحدة والتمسك بالرباعية الدولية الممثلة فى الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.. وهو ما رفضته اثيوبيا بشكل رسمى بعد عدة أيام من هذه الزيارة، راوغت قبلها بخطاب ناعم مطاطى برغبتها فى استئناف المفاوضات مرة أخري.. إلا أنها عادت وتشددت معتبرة أن نهر النيل من مواردها المائية مدعية أنها صاحبة الحق الوحيد فى استغلالها ووصفت المواثيق مع مصر بأنها تعود لفترة الاستعمار!
الأيام القادمة ستكشف عن تطورات الموقف.. وكلى ثقة أن الحل بات قريبا بسبب التحركات المصرية الواعية فى التوصل لاتفاق مرض للأطراف الثلاثة.