أدوار فاعلة ورؤية واضحة وبرامج محددة

مصر تقود مسيرة التنمية فى أفريقيا

الرئيس السيسي خلال المؤتمر الصحفى مع الرئيس عمر سيسكو إمبالو رئيس غينيا بيساو
الرئيس السيسي خلال المؤتمر الصحفى مع الرئيس عمر سيسكو إمبالو رئيس غينيا بيساو

مثلما لعبت مصر دوراً محورياً فى مساندة الثورات التحررية وحققت فى ذلك الوقت المصالح الاستراتيجية فى العمق الأفريقي، فإنها تقوم الآن بدور لا يقل أهمية عن الذى لعبته فى ستينيات القرن الماضى أثناء حكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ويمكن القول بأنها تدعم وتقود التحرر الثانى فى أفريقيا والذى يتمثل فى تنمية القارة السمراء وتقوم بدور محورى فى توفير الأمن الإنسانى الذى تحتاجه بلدان أفريقيا بعد التخلص من حقبة الاستعمار.

جمال‭ ‬بيومى‭:‬ مصر‭ ‬جسر‭ ‬يربط‭ ‬أفريقيا‭ ‬بالدول‭ ‬العربية‭ ‬وحشدت‭ ‬دعم‭ ‬القارة‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية

هبة‭ ‬البشبيشى‭ :‬نقلة‭ ‬فى‭ ‬حياة‭ ‬شعوب‭ ‬القارة‭ ‬عبر‭ ‬مشروعات‭ ‬النقل‭ ‬والربط‭ ‬الكهربائي

تشكل الكلمات التى وجهها الرئيس عمر سيسوكو إمبالو، رئيس جمهورية غينيا بيساو، إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي أثناء زيارته المهمة للقاهرة، الأسبوع الماضي، قائلا: "أنت أفريقى ونتذكر كفاح الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وأنتم تسيرون على هذا الدرب"، توصيفاً دقيقاً للحضور المصرى الحالى فى القارة السمراء بعد أن استطاعت مصر أن تستعيد زخم العلاقات مع غالبية بل كل العواصم الأفريقية.

واستقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى، الرئيس عمر سيسوكو إمبالو، رئيس غينيا بيساو، حيث عقدا جلسة مباحثات منفردة أعقبتها مباحثات موسعة بين وفدى البلدين، ووفقًا للمتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، السفير بسام راضى، فقد أكد الرئيس السيسى، استعداد مصر لتعزيز التعاون الثنائى مع غينيا بيساو على جميع الأصعدة لدعم جهود التنمية بها، خاصةً التبادل التجارى والاستثمار وتطوير البنية التحتية، بالإضافة إلى استقبال الكوادر الغينية للمشاركة فى برامج بناء القدرات والدعم الفنى التى تشرف على تنفيذها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية فى المجالات المختلفة، وذلك وفقًا لاحتياجات الجانب الغيني، بينما أعرب الرئيس عمر إمبالو عن خالص الشكر والتقدير على حسن الاستقبال وكرم الضيافة، مؤكداً تطلع بلاده المتبادل لتطوير العلاقات الثنائية مع مصر على مختلف الأصعدة، لاسيما فى مجالات التبادل التجارى وجذب الاستثمارات المصرية المباشرة والدعم الفنى والتنسيق الأمنى والعسكرى المشترك، ومشيداً فى هذا الصدد بالتجربة المصرية الملهمة ودورها المحورى فى المساهمة فى تحقيق التنمية الشاملة والنمو الاقتصادى وصون السلم والأمن بالقارة من خلال المشاركة بالخبرات المصرية المتنوعة وتسخير إمكاناتها المتميزة. 

وفى مؤتمر صحفى مشترك للرئيسين السيسى وإمبالو، أعرب الرئيس السيسى عن تقديره العميق للعلاقات التاريخية التى تجمع مصر وغينيا بيساو من خلال روابط تاريخية مشتركة، ترجع إلى فترات التحرر الوطنى فى بلدان قارتنا الأفريقية إبان القرن الماضي، مُشيرًا إلى أنه أجرى مع الرئيس إمبالو مباحثات ثنائية مثمرة وبناءة، عكست الإرداة السياسية المشتركة نحو تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين فى مختلف المجالات، بما يسمح بالاستغلال الأمثل لقدراتهما لخدمة مصالح البلدين، وقال الرئيس: "أكدنا عزمنا على الانطلاق بالعلاقات بين البلدين إلى آفاق أرحب للتعاون الثنائي، من خلال زيادة معدلات التبادل التجاري، وتشجيع الاستثمارات بين البلدين، واتفقنا كذلك على تكثيف التعاون فى مجال نقل الخبرات المصرية وتوفير الدعم الفنى وبناء قدرات الكوادر الوطنية فى غينيا بيساو، كما تناولنا القضايا الإقليمية التى تهم الطرفين وعلى رأسها موضوع مكافحة الإرهاب، وملف سد النهضة، حيث أوضحت محددات الموقف المصرى فى إطار مفاوضات سد النهضة، مع التأكيد على استمرار حرص مصر على التوصل إلى اتفاق عادل وملزم لملء وتشغيل السد، بما يراعى عدم الإضرار بدولتى المصب".

وتسير رؤية مصر فى أفريقيا وفقاً لبرامج محددة ومتفق عليها بين جميع بلدان القارة من خلال الاتحاد الأفريقي، وتقدم جهودها لدعم برنامج "أفريقيا 2063"، إلى جانب برنامج التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030، وتشارك فى مجالات حيوية عديدة على أرض الواقع، تتنوع ما بين الاقتصادى والعسكرى والسياسى والثقافي.
ونتيجة للجهود المصرية فى مجالات التنمية، أعاد المجلس التنفيذى للاتحاد الأفريقى انتخاب مرشحة مصر الدكتورة أمانى أبوزيد فى منصب مفوض الاتحاد الأفريقى للبنية التحتية والطاقة والمعلوماتية والسياحة لفترة ثانية لمدة 4 سنوات.

وظفت القاهرة فترة رئاستها للاتحاد الأفريقى خلال العام 2019، كما ينبغى أن يكون وركزت على قضايا التبادل التجارى بين بلدان القارة، وتبنّت خطابا مستقبليا يدعم التكامل التنموى بين دول القارة، ودعمت خروج منظمة التجارة الحرة الأفريقية إلى النور قبل عامين تقريبا، كما أنها احتضنت أكثر من عشرة مؤتمرات أفريقية على أراضيها.

قال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن مصر لم تغب عن أفريقيا، مُشيرًا إلى أن ما يحدث منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسي، يؤكد أن هناك دبلوماسية رئاسية تولى اهتماماً بالتواجد المستمر فى القارة، وهو ما انعكس على زيارات الرئيس المتعددة إلى غالبية العواصم الأفريقية وآخرها العاصمة السودانية الخرطوم، وحالة النشاط هذه حققت زخماً سياسيا واقتصادياً نحصد نتائجه فى الوقت الحالى، بحسب ما أوضح بيومى.

وأضاف، أن الرئيس السيسى استطاع أن يحظى بثقة القادة الأفارقة، وعدَ سبباً مباشراً فى منافسة مصر لقوى إقليمية عديدة تسعى للوجود بقوة للاستثمار فى القارة والاستفادة من ثرواتها، وهو أمر ليس بالسهل فمن يريد أن يكون حاضراً فى القارة عليه أن ينحت فى الحجر وهو ما يفعله الرئيس حالياً.

تابع، وعلى المستوى السياسي، فإن مصر أضحت تشكل جسراً للربط ما بين الدول العربية والأفريقية واستطاعت أن تحشد القارة لدعم القضية الفلسطينية، وذلك من خلال مشاركة الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبو مازن فى مؤتمرات الاتحاد الأفريقى والتى يحضرها بصفة شرفية بطلب من مصر، ما يجعل الكلام الذى يتردد عن نفوذ إسرائيل داخل القارة درباً من الخيال وليس له وجود على أرض الواقع.

من جانبها، قالت الدكتورة هبة البشبيشي، أستاذ العلوم السياسية بمركز الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، إن مشروعات الربط الكهربائى وكذلك مشروعات الطرق تبرهن على أن القاهرة فى طريقها لإحداث نقلة فى حياة المواطنين فى تلك المناطق، لأن الكهرباء تحديداً تشكل الاحتياج الأساسى لشعوب القارة التى تعانى من عدم قدرتها على تحلية المياه بسبب ندرة الكهرباء.

وأضافت أن أى مشروع تشارك الدولة المصرية فى تدشينه يكون له مردود إيجابى على علاقتها بدول القارة، وأن وصول المنتج المصرى للعديد من البلدان الأفريقية يساهم فى تعريف مواطنى القارة بالهوية والثقافة المصرية، وذلك يكون له انعكاسات مباشرة على علاقة القارة بالمنطقة العربية.

وأكد العميد خالد فهمى محمد، مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية، والمتخصص فى الشأن الأفريقي، على أن عودة مصر إلى عمق القارة الأفريقية يرجع للعمل الدءوب للرئيس عبدالفتاح السيسى والقيادة السياسية، بعد فترة من المتغيرات التى مرت بها مصر والقارة وكان لها تأثير سلبى على علاقة القارة بأشقائها فى القارة، وأن ترتيب البيت الداخلى المصرى ساهم فى الانطلاق بسرعة نحو العلاقات الخارجية وبدا أن الاهتمام موجها بالأساس إلى أفريقيا.